Site icon الكيان الاقتصادى – Alkaian

السد العالي.. مشروع غير وجه الحياة في مصر.. بناة المشروع: فخورون بمشاركتنا في إنجاز عملاق خدم مصر كلها.. ما تعلمناه لم ندرسه في مدارس ولكن رأيناه على أرض الواقع

السد-العالي-مشروع-غير-وجه-الحياة-في-مصر-بناة-المشروع:-فخورون-بمشاركتنا-في-إنجاز-عملاق-خدم-مصر-كلها.-ما-تعلمناه-لم-ندرسه-في-مدارس-ولكن-رأيناه-على-أرض-الواقع

محافظات

تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق

سطر المصريون ملحمة وطنية بإنشاء أكبر مشروع هندسي في القرن العشرين وهو مشروع السد العالي، الذي تفوق على 122 مشروعا عملاقا فى العالم، وشيد السد العالي بين عامي 1960 و1970 ويبلغ طوله 3600 متر، وعرض قاعدته 980 مترًا، أما عرض قمته فيبلغ 40 مترًا، ويبلغ ارتفاعه 111 مترًا، واستخدم في بنائه 43 مليون مترٍ مكعبٍ من الأسمنت والحديد ومواد الإنشاء الأخرى، وبلغت تكلفة إنشائه تقريبًا مليار دولار، ساهم في دفع ثلثها الاتحاد السوفييتي، وشارك في بنائه قرابة الـ400 خبير من السوفييت، إذ تم افتتاحه رسميًا في عام 1971م وفي الذكري الـ53 عاما علي افتتاح السد العالي في 15 يناير والذى تحتفل فيه أسوان بعيدها القومى، حيث اتخذت المحافظة من تاريخ هذه المناسبة رمزا للاحتفال بعيدها القومى وفي هذه الذكري الخالدة التقت “البوابة” بناة السد العالي.

قال الحاج فخرى أحمد حماد، 80 عاما أحد بناة السد العالي لـ”البوابة” إنه شهد جميع مراحل المشروع من بدايته حتى انتهائه، لافتا إلي أنه جاء إلي أسوان مصطحبا أسرته والتحق بالعمل فى مشروع السد العالى عام 1960، وكان يتقاضي 7.50 جنيه شهريا مشيرا إلى أنه كان يعمل “عتال معدات” ويتعامل مع معدات العمل والحفر في السد العالى “التصبين” حيث كان يقوم برفع المعدات التي تحتاج إلي الصيانة علي عربيات النقل الثقيل “اللوري”.

وأضاف الحاج فخري أنه كان يحكي لأطفاله الذين كانوا صغارا في ذلك الوقت عن أمجاد زملائه فى العمل بهذا المشروع العملاق وعن المشقة والتعب وأن مشاركته كانت لخدمة مصر وكله فخر بأنه أحد بناة السد العالي الذين تتلمذوا علي يد خبراء كانوا يسافرون إلي روسيا لأخذ الخبرة قائلا تعلمنا في مدرسة السد العالى ما بين خبراء روس ومصريين. 

وأشار فخري إلي أن الأجواء بين العمال بعضهم البعض كانت تسودها المحبة والألفة، مضيفا أن ربنا كرمنا بالرئيس عبدالناصر، وهو صاحب فكرة هذا المشروع والذى أصر على إنشائه بأياد مصرية خالصة بعد أن رفض الغرب تمويل المشروع، وكنت أنا ضمن الذين التقوا بالرئيس الراحل واتصورت معه وكان اليوم الذي يزور فيه موقع العمل هو يوم عيد بالنسبة لجميع العمال بالمشروع، لافتا إلى أن الرئيس عبدالناصر كان فخورا بمشروع السد العالي ودائم الزيارة له وحريصا علي لقاء العمال للسؤال عنهم والاطمئنان علي أحوالهم وتشجيعهم على مواصلة واستكمال هذا الإنجاز القومى.

وقال الحاج إبراهيم محمد حامد: عملت مسعفا في مشروع السد العالي حيث عملت في المشروع قبل تحويل مجرى النيل 1964، وتم تخصيص كشك لى فى هذه المنطقة أمام القناة الأمامية وكنت أعالج المرضى والمصابين من عمال السد وكنت أتابع حماسهم وهمتهم فى العمل وإصرارهم على استكمال المشروع حتى وهو فى جراحه أو تعبه.

كانت الحياة بسيطة ورواتبنا 20 جنيها فى الشهر وكان العمل 12 ساعة متواصلة تقسم ورديات بين العاملين الذين واصلوا الليل بالنهار دون توقف حتى استكملوا بناء السد وقهروا كل الظروف والصعوبات وصنعوا المستحيل بأياد مصرية وخبرة روسية، موضحًا كانت العمالة المصرية منقسمة ما بين لحام وميكانيكى وخرام وسائقين وفنيين كهرباء وسباكين، ورغم العمل فى هذه الظروف الصعبة إلا أن الروح المعنوية مرتفعة حيث كان يتجمع العمال فى فترات انتهاء العمل لقضاء السهرة مع بعضنا البعض في الطرب والغناء للترفيه عن أنفسنا لأن كثيرا من العمال ترك أهله وأولاده وسافر إلى أسوان للمشاركة فى هذا المشروع القومى العظيم.

فيما قال الحاج رشاد خليفة عبدالحليم، من محافظة سوهاج، التحقت بالعمل فى المشروع عام 1964 وكنت أعمل على ونش لرفع الأحمال ورفع التوربينات وصيانتها وكان العمال في تعاون دائم ومودة ومحبة لأن العمل يفرض علينا هذا الود لما نلاقيه من صعوبات فى العمل والتي لا يمكن تخطيها إلا بأجواء يسودها المحبة.

وأوضح الحاج رشاد كنا نستخدم معدات حديثة على أعلى كفاءة فى العالم، والتوربين الواحد يصل وزنه إلى نحو 131 طنا، وكان يدخل إلى مصر عبر مياه البحر ويصل ميناء الإسكندرية ومنها إلى مشروع السد العالى ومن المعدات أيضًا الونش الروسى ذات حمولة 400 طن وكان هذا الونش موجود فقط فى مشروع السد العالى بمصر وروسيا، وكنت أعمل مع خبير روسى ومكث معنا فى المشروع إلى وقت معين وبعدها استكمل المشروع المصريون الذين اكتسبوا الخبرات من المهندسين الروس حتي تم لانتهاء من المشروع بالكامل.

وأضاف الحاج رشاد أن السد مشروع عظيم نفخر أننا شاركنا في بنائه لافتا إلي أنه كان يعمل فيه آلاف العمال يوميًا وكانت مشاهد السد تدل على عظمة هذا المشروع الضخم، موضحا أن السد ينقسم إلى قسمين قناة أمامية وأخرى خلفية، والأمامية كانت أمام مصب بحيرة ناصر، أمامها 6 أنفاق، والخلفية تحتوى على 12 توربينا، مشيرا إلى أن الرئيس عبدالناصر كان حريصا علي تشجيعنا وإعطائنا المنح وفي المقابل كان العمال سعداء ويتفانون في العمل وبذل المزيد من الجهد وكل يؤدي عمله علي أكمل وجه فخورين بمشاركتهم في بناء هذا المشروع العظيم، لافتا إلى أن الرئيس عبدالناصر قام بتكريمنا بعد انتهاء العمل في المشروع.

 وقال الحاج أبوالمكارم زكى عبدالجليل رضوان 83 عاما: عملت فنى تخريم فى السد العالى منذ المرحلة الأولى سنة 1962، حيث كنا نقوم بتثبيت ماكينات التخريم فى الصخور وكنا نضع أعلام “بوارق” فى المنطقة المراد تفجير ألغام بها لإعلام العاملين فى السد العالي بالتفجيرات ليأخذوا حرصهم، لافتا إلى أن رئيسه في العمل أنقذه من الموت قبل دقائق من تفجير أحد الألغام في منطقة كان يعمل بها.

وأوضح “أبوالمكارم” كنت أتقاضى 17 قرشا راتبًا شهريًا، وكرمنا الرئيس عبدالناصر بشهادات تقدير ووسام استحقاق وميداليات تذكارية عليها اسمه ومشروع السد وكانت الحياة بسيطة وغير مكلفة وكان اجتهاد وهمة العمال هما الوقود المحرك لنا فى استكمال مشروع السد العالى.

وقال الحاج هاشم محمد أحمد، كبير فنيي تشغيل السد العالى: إن ما تعلمناه في مشروع السد العالي لم ندرسه في مدارس ولكن تعلمناه علي أرض الواقع علي يد خبراء روس ومصريين فالسد العالي كان مصنع الرجال، وتسود الألفة والمحبة بين العمال، لافتا إلي أن العمال كانوا يستخدمون القطار وكان هو وسيلة المواصلات في ذلك الوقت فكان العمال ينظرون قطار السد في محطة أسوان أو في قهوة ناصر والتي سميت علي اسم الرئيس عبدالناصر وهي بالقرب من المحطة فيستقلون القطار ليذهبوا إلي السد مارا بالسيل وهي المحطة الثانية والتي ينتظر بها العاملون أيضا وصولا إلي السد لبدء العمل في المشروع. 

وقال الحاج محمد عبدالله أحد بناة السد العالي يعمل كبير فنيين بالسد العالى وكان تخصصي تركيبات كهربائية وكنا نقوم بعمل التجهيزات للمعدات القادمة من الاتحاد السوفييتي، لافتا كنا نأخذ رسومات قواعد المعدات التي ستأتي من الاتحاد السوفييتي من الخبراء المصريين والروس لتنفيذها.

وأضاف الحاج: كانت هناك حالة من الحماسة تتملك العاملين حيث كان يجرى العمل فى السد العالى علي قدم وساق وبروح واحدة يلتحم فيها جميع العاملين مسلمين كانوا أو أقباطا أو حتى مهندسين وفنيين من الاتحاد السوفييتى، فالكل كان هدفه هو إنجاز المشروع مشيرا إلي أن الخبراء الروس الذين كانوا يعملون معنا جنبًا إلى جنب ولم يتعالوا على العمل، ولا فرق بين المهندس أو الخبير الروسى أو الفني أو العامل وكان الخبراء والعاملون الروس مجدين جدا ومتفانين فى عملهم وليس لديهم وقت للترفيه، ويعملون 24 ساعة متواصلة، مما هيأنا نفسيا على الجدية في العمل مثلهم.

المصدر

Exit mobile version