جاء الإسلام والعرب يذبحون في شهر رجب ما يسمى بالعتيرة أو الرجبية، وصار معمولًا بذلك في أول الإسلام؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ أُضْحِيَةً وعَتِيرَةً» رواه الترمذي.
لكن الفقهاء اختلفوا بعد ذلك في نسخ هذا الحكم:
فذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أن طلب العتيرة منسوخ؛ مستدلين بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ» رواه مسلم.
وذهب الشافعية إلى عدم نسخ طلب العتيرة، وقالوا باستحبابها، وهو قول ابن سيرين.
قال الحافظ ابن حجر في “الفتح”: ويؤيده ما أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه وصححه الحاكم وابن المنذر عن نبيشة قال: نادى رجلٌ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إنا كنا نعتر عتيرة في الجاهلية في رجب، فما تأمرنا؟ قال: «اذْبَحُوا للهِ فِي أَيِّ شَهْرٍ مَا كَانَ، وَبَرُّوا اللهَ وَأَطْعِمُوا» رواه أبو داود وغيره بأسانيد صحيحة، قال ابن المنذر: هو حديث صحيح.
قال الإمام النووي في “المجموع” (8/ 445): [قال الشافعي: والعتيرة هي الرجبية، وهي ذبيحة كانت الجاهلية يتبررون بها في رجب، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لا عَتِيْرَةَ» أي: لا عتيرة واجبة، قال: وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «اذْبَحُوا للهِ فِي أَيِّ شَهْرٍ مَا كَانَ» أي: اذبحوا إن شئتم، واجعلوا الذبح لله في أي شهر كان] اهـ.
وقال أيضًا (8/ 446): [فالصحيح الذي نص عليه الشافعي واقتضته الأحاديث: أنها لا تكره، بل تستحب، هذا مذهبنا] اهـ.
وعليه: فإننا لا نرى بأسًا فيما يسمى بالعتيرة أو الرجبية؛ لما مر، ولأن مطلق الذبح لله في رجب ليس بممنوع، بل هو كالذبح في غيره من الشهور.