بقلم/ ناجح إبراهيم
- حينما أكتب عن الرسول أكتب بوجد قلبي ودفق مشاعري نحو النبي الكريم “محمد” العطوف الودود الرحيم العفو الشجاع.. وإنه ليؤسفني أن بعض الجهال من أتباعه يسيئون إليه أكثر من إساءة خصومه له .
- هذا الرسول كان قائداً عظيماً؛ ولذلك استطاع اكتشاف العظماء والنابهين في زمانه.. وحرص على أن يكونوا حملة لرسالته وامتداداً لعهده.. فالعظيم لا يهاب أن يكون العظماء إلى جواره.. والضعيف يريد أن يجمع الضعفاء حوله.. والصفر يريد أن يجمع الأصفار ولا يريد أن يرى الأرقام الكبرى حوله.
- والقوي المحب لأمته ودعوته ورسالته يريد أن يجمع الأقوياء والحكماء والعلماء والأفذاذ والشجعان والكرام من حوله فيزيدهم قوة وحكمة ويزيدونه مثلها.
- والقوي هو الذي يسمح بالتعددية من حوله ويطلق ملكات التباين المحمود الذي يدعو للتكامل لا التباغض.. أما الضعيف فهو الذي يقهر من حوله من الأقوياء ليبقى وحيداً فريداً كالأعور بين العميان.. يظنه الناس متفرداً بالرؤية دون أن يدركوا أنه قتل ملكات أمته وقهرها.
- لقد كان الصحابة رضوان الله عليهم حول النبي كمجموعة من الأزهار والورود متباينة الشكل والرائحة الزكية كباقة رائعة متناسقة متمازجة متكاملة الشكل والرائحة.. فخالد في العسكرية وعمر في العدل وأبوبكر في الحكم والسياسة وعثمان في الكرم والحياء وابن عباس في العلم ومعاذ في الفقه وعلي بن أبي طالب في الشجاعة والعلم وأبو عبيدة في الأمانة وسلمان الفارسي في البحث عن الحق وخالد في العسكرية وهكذا.
- فإذا بأبي بكر تلمع مواهبه يوم وفاة النبي ويوم الردة حتي قيل”ردة ولا أبا بكر لها”.
- ويلمع عمر في العدل السياسي والاجتماعي ومحاسبة نفسه وأسرته وولاته وفي العدل مع أهل الأديان الأخرى.. وفي منظومة إقامة الدولة.
- ويلمع عثمان في التضحية بنفسه حفاظاً على الدولة من الفتن والاحتراب الداخلي..
- ويلمع الحسن في فقه الصلح وبيع جاهه وسلطانه وخلافته من أجل حقن دماء الناس.. ويلمع خالد يوم اليرموك وسعد في القادسية وعلي بن أبي طالب في محاربة الخوارج والعدل معهم وعدم تكفيرهم رغم أنهم كفروه.
- لقد كان رسول الله “r” يعرف أقدار الرجال ويختار لدعوته معادن الذهب والفضة ويكتشف الأفذاذ منهم.. فقد اكتشف عبقرية خالد العسكرية فمنحه أعظم وسام عسكري “سيف الله المسلول” في معركة انسحاب وليس في معركة هجومية أو دفاعية.. ورفض قدح البعض فيه بقولهم “يا فرار يا فرار” فقال “بل هم الكرار إن شاء الله”.. وقد سبق العسكرية الحديثة في اكتشاف قيمة معارك الانسحاب الناجحة .. وإذا بخالد لا يخيب ظن النبي في كفاءته فلا يكر فحسب بل يهزم أكبر إمبراطوريتين في زمنه “الفرس والروم” ويكيل لهم الهزائم المتوالية.. حتي أنه لم يهزم في معركة قط.
- وحرص رسول الله “r” أن يكون حوله أكثر الناس خلقاً وحياءً وأدباً وكرماً أمثال عثمان بن عفان، وعبدالرحمن بن عوف.
- وحرص أن يكون حوله الزهاد والعباد والمتفرغين للعلم والعبادة من أمته حتى وإن كانوا فقراء أمثال: أبي ذر وأبي هريرة وأهل الصفة وكان لا يخجل أن يكون بينهم وأن يأكل معهم وأن يبشرهم بجوائز السماء في الآخرة.
- وهذا لم يمنعه من احتضان الصالحين من الأغنياء والأثرياء الذين جمعوا المال من الحلال وأنفقوه في الحلال وبذلوا الكثير من أموالهم في أوجه الخير والمعروف.. وكان يقول: “نعم المال الصالح للعبد الصالح” فقرب إليه أبابكر الصديق الذي كان مليونيراً بلغة العصر فأنفق ماله كله في سبيل الله وعثمان بن عفان الذي جهز جيشاً كاملاً من ماله الخاص ووسع المسجد الحرام علي نفقته الخاصة.
- ثم جاء أقوام من الخوارج لم يفهموا الإسلام فاعتبروا أن غنى المسلم عار عليه.. وأن المؤمن لابد أن يبقى في أغلال الفقر والجوع كي يظل قريباً من الله والدين فمنعوه من الصلاة في المسجد الذي وسعه بحر ماله.. ومنعوه من الشرب من بئر رومه الذي اشتراه بماله الخاص ووهبه للمسلمين ليموت صائماً عطشاناً يشكو إلى الله ظلم العباد الذين لم يقدروا أمثال عثمان قدره.
- وكذلك قرب النبي إليه المليونير الصالح عبدالرحمن بن عوف الذي كان عبقرياً اقتصادياً متفرداً وكريماً عظيماً من كرماء العرب .
- ورغم أن الرسول”r“كان فقيراً وكانت تمر علي بيوته ثلاثة أشهر ولا يوقد في بيته نار وليس فيها سوي التمر والماء إلا أنه لم يقص الأثرياء أو يربي أصحابه علي الحقد عليهم أو كراهيتهم أو يؤمم أموالهم واثقاً في عطائهم .
- ورغم شجاعته وإقدامه إلا أنه كان يوقر الضعفاء هاتفاً:”الضعيف أمير الركب”و”إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم”وأعرض مرة عن عبد الله بن أم مكتوم الأعمى لأنه كان يخاطب سادة قريش فعاتبه ربه في ذلك .
- فصلاة وسلاماً عليك يا سيدي في الأولين والآخرين من محب ضعيف مقصر مذنب مسرف علي نفسه .. يرجو شفاعتك يوم تطيش الصحائف
نقلا عن بوابة الأهرام