ألم نأت إلى هنا لنحاوركم، لنطرح رؤانا، ونستمع لتوجيهاتكم السامية؟ أين سقف الحوار الممنوع تجاوزه؟ أين محرماتكم ، ومحاذيركم التى حدثونا عنها ؟ ما هو المقبول واللا مقبول طرحه؟ ما هي قناعاتكم إذا؟
لا أحد يجيب إلا الصمت والإنصات، وقليل من الإيماءات الجادة التي تعبر عن الاهتمام بكل مفردات الحديث ومحدثيه، وعمقه ودلالاته، ففي الصمت حكمة، وإذا كان الكلام من فضة.. فالسكوت من ذهب.
ونحن متأهبون -وفد حزب أبناء مصر- لتلك المقابلة المهمة، مع الدكتورة رشا راغب، مدير الأكاديمية الوطنية للتدريب، والقاضي الجليل المستشار محمود فوزي، رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني، ذهبت ومعي اليقين، بأن كل شئ قد أُعِّد على ما يرام، المحاور محددة، والشخصيات مختارة، والحوار منمق، ولكنها مقتضيات الواجب التي تحتم على كل منا أن يقدم رؤيته أو يدلو بدلوه..
أعترف أنه قد جانبني الصواب، وأن عقولنا لم تسلم من حالة الشوشرة التي صنعت خصيصاً، وتُصنَع كل يوم للتشكيك في النوايا، وإفشال أية محاولة للتوافق السياسي والمجتمعي، من شأنها أن تنعكس بمزيد من الاستقرار وتدفع عجلة الاقتصاد والاستثمار، داخليا وخارجياً للأمام ، فحالة العبث في اللاوعى المستمرة، لها تأثير السحر، وقادرة على الاختلاق والاختراق من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
والمتابع لشأن الحوار الوطني، لا يخطئه الظن الذي تُغَذيه أبواق الرافضين للحوار، التنظيم الدولي للجماعة الإرهابية من الخارج، وهو ذات الباعث من القلق الذي عبّر عنه حزب التجمع، متخوفاً من عدم وقوف الأكاديمية الوطنية للتدريب، علي مسافة واحدة من كافة الاطراف، والذي سرعان ما تبدد على لسان رئيسه السيد عبد العال، الذي قال بعد أن خاض تجربتنا ولمس بنفسه ما كان قد أخطأه الظن: أكد ثقتنا في قدرة الأكاديمية ومسئوليها على تنظيم الحوار الوطني بكل كفاءة وحيادية وتجرد، كمنسقين لهذا الحدث الوطني الفارق و غير المسبوق.
عودة إلى هذه الحالة الفريدة من الصمت والإنصات، التي ترجمت رغبة الرئيس في الاستماع للجميع، وشكلت لدينا قناعة، بمدى تجرد وحيادية الأكاديمية الوطنية في إدارة ملف الحوار الوطني، بل وأجابت على أسئلة مشروعة عن فلسفة التكليف الرئاسي، ولماذا لم يذهب هذا التكليف للبرلمان بغرفتيه الشيوخ والنواب ؟
تلك هي الحقيقة التي أثبَتَت بُعد رؤية الرئيس في تكليف مَن يدير الحوار، ومن يؤتَمَن على محتواه، ويضمن سلامة مخرجاته، والتي باتت واضحة جَلِيّة، لا لبس بها ولا مجاملة لدى كل الأحزاب والقوى السياسية، التي تم استضافتها والاستماع إلى رؤيتها لأولويات الحوار، دون أدنى تعقيب أو تلميح، بقبول أو رفض، أو حتى منطقية بعض الحلول من عدمها، فمرحلة الفرز والتقييم لم تأتِ بعد، وفاعلية الحوار سوف تتحقق بحالة الزخم التي لن يخلقها إلا ثراء الأفكار وتنوعها.