اقتصاد
شهدنا خلال زيارتنا للصين كيف تطورت الزراعة بشكل كبير في سعي الحكومة والحزب الحاكم للوصول الي إحدى أقوى الدول اقتصاديا في العالم، ومن أكبر الدول المساهمة في النمو العالمي، كما أنها الدولة الأولى في التصدير في العالم، ويعد القطاع الزراعي في الصين أهم العوامل المساهمة في تطورها.
ولهذا الهدف الكبير تم إنشاء مركز للتقنية الزراعية في الصين في عام 2009، بمساحة تقدر بـ26 كيلو متر مربع، لتحسين كافة التقنيات المستخدمة في العمليات الزراعية والمساعدة في عمليات التوزيع والإنتاج الزراعي والمحافظة على سلامة الأمن الغذائي وتقديم الدراسات البحثية في الزراعة من قبل خبراء زراعيين.
ومثلت الزراعة والقطاعات ذات الصلة 16.47 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020 وهي قطاع مهم للاقتصاد الصيني، يعمل بها حوالي 400 مليون مزارع تقريبا وهي تمكن الصين من احتلال المرتبة الأولى في الإنتاج الزراعي في جميع أنحاء العالم، وتم تطوير طرق مختلفة باستخدام التكنولوجيا الحديثة والتي ساعدت في زيادة الإنتاج الزراعي.
تعهدت الصين بالحفاظ على أمن الحبوب وحماية الأراضي الزراعية، وهي تشتهر بانتاج الأرز، والقمح، والذرة البيضاء، وفول الصويا، والشاي، والشعير، والقطن، والزيت النباتي والبطاطس والطماطم والذرة الرفيعة والفول السوداني والبذور الزيتية والذرة وغيرها.
ولجأت الصين إلى إدخال التكنولوجيا الحديثة والمتطورة إلى الأنظمة الزراعية، لتلبية الطلب المتزايد على المحاصيل الزراعية في الحاضر والمستقبل، وتحسين جودة الإنتاج الزراعي، حيث ركزت الصين على الابتكارات الحديثة لتحديد أنظمة الزراعة، واستخدمت أنظمة الذكاء الاصطناعي في مجال الزراعة، من خلال التجارب على المناطق الزراعية، ونجحت تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وخوارزميات التعلم الآلي لعملية الزراعة، في زيادة انتاج محصول الفراولة إلى 196% أكثر من إنتاج العام السابق، وأطلقت الحكومة منصات تجارية ضخمة، لربط الفلاحين والموزعين والمستهلكين بشكل مباشر، وكذلك تم انتاج نوع جديد من التفاح، يسمي “فائق الجودة”، وهو أحلى مذاقا من التفاح العادي وقبل الوصول إلى الأسواق، خضع هذا المنتج لأكثر من 500 اختبار للفحص والتحقق والاختبار والاعتماد، ولم تظهر أي علامات لبقايا مبيدات آفات حشرية زراعية، على المنتج.
كما تمكنت الصين من استثمار 6.6 ملايين فدان من التربة المالحة القلوية في إنتاج الأرز، وهو ما عزز إجمالي محصول الأرز في البلاد بنحو 30 مليون طن وتتحد التكنولوجيا في الإنتاج الزراعي حيث يتم زراعة البذور من خلال معالجة الماء الساخن ذاتية التحكم، لتقصير وقت زراعة شتلات الأرز بشكل كبير وتقليل كمية البذور المستخدمة بنسبة 10%.
وعبر التكنولوجيا يراقب المزارعون عن بعد تشغيل كل قطعة أرض ويتم نقل الشتلات من إلى آلة غرس الشتلات بواسطة عربة نقل الشتلات بدون سائق فقط عبر الضغط على زر على تطبيق بالهاتف المحمول، وبذلك يمكن لعشرات آلات غرس شتلات الأرز آليا وكذلك تبدأ آلات الحصاد عملها الكترونيا بدون سائق وهذا أيضا يشمل محصول القمح المحل عب أجهزة استشعار عن بعد وربوتات وأجهزة للكشف عن الشوائب، وبالتالي يمكن خفض نسبة الهدرة من الحصاد بمعدل 15% مقارنة بالآلات العادية ويتم تحديد درجة الحرارة والرطوبة وتركيز ثاني أكسيد الكربون وغيره بواسطة التكنولوجيا.
وفى مدينة أوروميتشي فى إقليم شينجانج رأينا كيف تم تطوير تكنولوجيا زيادة إنتاج الأعلاف والمنتجات الزراعية والأعشاب الطبية بأقل قدر ممكن من المياه وباستخدام الطاقة الشمسية داخل حاويات مغلقة تماثل عمليات البناء الضوئى، للمساعدة على زراعة أعلاف الماشية والدواجن وحصدها فى 7 أيام فقط، من خلال وضع أنوار مضاءة بالطاقة الشمسية تماثل الشمس، وخراطيم لتنقيط المياه على ألواح الأعلاف وتستغرق عملية نضوج الأعلاف لتصبح جاهزة لإطعام الحيوانات 7 أيام فقط، ويتم الحصاد بشكل يومي ما يضاعف الإنتاج عشرات الأضعاف فضلا عن تقليل كميات المياه المستخدمة للثلث.
زتستعد الصين لتغير المناخ من خلال هذه التكنولوجيا لضمان الإنتاجية وتوفر المحاصيل الزراعية على مدار العام كما يتم استخدام التكنولوجيا فى تعزيز المواد الغذائية التى تقدم للحيوانات لضمان صحتها وجودة لحومها وزيادة إنتاجيتها من الألبان.
وفى مدينة ” تايسان” فى مقاطعة جوانجدونج، رأينا زراعة الأرز عالي الجودة فى أرض تزيد فيها نسبة الأملاح عن 6 فى الألف وبذلك حققت المقاطعة الأكتفاء الذاتى من الأرز منذ عام 1995، وتعرف بأرزها الصحى وعالى الجودة والغنى بالمواد الغذائية بالضافة الي زرع ثعابين البحر والمحار فى مزارع الارز ويتم تصديرها للخارج.
كما نجحت الصين في استخدام التكنولوجيا الحديثة لزيادة حجم المحاصيل وراينا إنتاج خيار يزيد وزن الواحدة منه عن 40 كيلو جرام وتتم الزراعة دون الحاجة لاستخدام الكيماويات، وتم عمل متحف بالمقاطعة لسرد تاريخ تطور الأرز فضلا عن تنظيم مهرجانات سنوية.
ويحث الرئيس الصيني شي جين بينغ، دوما على المضي قدما بزخم القضاء على الفقر وتسريع تحديث الزراعة والمناطق الريفية وتعزيز النهوض الريفي بطريقة شاملة، ورفع القدرة الشاملة للإنتاج الزراعي.
وفي هذا الاطار نقول، أنه يمكن لقطاع الزراعة المصري الاستفادة من الصين، وخاصة في تكنولوجيا الزراعة، لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية كالقمح وأعلاف الماشية والدواجن وغيرها، فلم تتوان الشركات والمؤسسات الصينية عن بذل كل الجهد لتطوير تقنيات حديثة للزراعة الصحراوية، وتغلبت بها على صعوبات نقص المياه وقلة الأراضي الصالحة للزراعة بهدف توفير الأغذية للمواطنين ولم تؤت هذه التقنيات والتجارب والتكنولوجيا الزراعية الحديثة ثمارها داخل الصين لتغذية 1.4 مليار انسان فحسب بل حققت أيضا نتائج طيبة في بعض الدول العربية التي توجد بها مساحات شائعة من الصحاري.