تطرّق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شخصياً للاعتداءات العنصرية، التي واجهها السيّاح الأجانب في بلاده خلال الموسم السياحي هذا الصيف متعهّداً بمعاقبة مرتكبي ما أطلق عليها أخيراً بالاعتداءات “الدنيئة” بحق ضيوف البلاد، فما الذي أرغم الرئيس التركي على الاعتراف بحصول تلك الاعتداءات؟
ورجّح أكاديمي وخبير تركي في العلاقات الدولية أن انتقاد وسائل إعلامٍ عربية للاعتداءات التي حصلت بحق سيّاحٍ عرب في تركيا واتهامها البلاد بالعنصرية إلى جانب وجود دعواتٍ على مواقع التواصل الاجتماعي لمقاطعة السياحة في تركيا، هو ما أرغم الرئيس التركي على التطرّق لتلك الحوادث.
أردوغات يتحرك
وقال إلهان أوزغل الأكاديمي التركي وخبير العلاقات الدولية لـ”العربية.نت” إن “الاعتداء على سائح كويتي تعرّض لهجوم خلال شجارٍ في الآونة الأخيرة ومن ثم قيام قائد الشرطة المحلية بزيارته في المشفى، وما تلاه من تغطية ناقدة من قبل وسائل إعلامٍ عربية اتهمت تركيا بالعنصرية، هو ما دعا أردوغان إلى التحرّك خاصة مع وجود حملات لمقاطعة السفر إلى تركيا”.
وأضاف أن “الرئيس التركي استبق تفاقم الأمور وتطوّرها عندما تعهّد بمحاسبة مرتكبي تلك الاعتداءات لاسيما وأن الحكومة التي يقودها بحاجة إلى المال وأي تراجع في عائدات السياحة سوف يؤثر سلباً على الحكومة، ولهذا حاول أردوغان حلّ هذه المشكلة بأقل التكاليف”.
وتابع أن “الرئيس التركي من خلال تصريحاته الأخيرة يحاول إرضاء حكوماتٍ ودولٍ في آنٍ واحد، فهو من جهة يتمتع بعلاقات وطيدة مع حكامها، ومن ناحية أخرى لا يود أن تخسر بلاده العائدات السياحية التي تأتي من تلك الدول”.
وبحسب الأكاديمي التركي، فإن هناك عنصريين في تركيا كما في كل المجتمعات، لكنه أشار أيضاً إلى أنه “لا يُنظر إلى العرب بشكلٍ جيد بسبب نظام التعليم الذي يشدد على خيانة العرب المتحالفين مع البريطانيين للعثمانيين واعتبارهم أقل تطوراً”.
وقال أوزغل في هذا الصدد أيضاً: “عندما يتعلق الأمر بالسيّاح تحديداً، لا توجد مشاعر معادية للعرب، أو تكون قليلة للغاية. معظم العرب يزورون منطقة البحر الأسود، والتي هي في الغالب قومية للغاية، لكنهم موضع ترحيب كبير هناك. إنهم يساهمون في الاقتصاد المحلي والجميع يدرك ذلك، لكن المشكلة الأكبر هي مع اللاجئين السوريين الذين يبلغ عددهم نحو 4 ملايين في تركيا”.
وكان الرئيس التركي، قد أكد الخميس، أن مرتكبي الاعتداءات الدنيئة ضد السيّاح في تركيا سينالون العقوبة اللازمة أمام القضاء.
جاء ذلك في تصريح أدلى به للصحافيين، في ختام زيارته إلى ولاية نيويورك الأميركية للمشاركة في الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقال أردوغان: “تركيا دولة قانون ومرتكبو الاعتداءات الدنيئة ضد ضيوفنا سينالون العقوبات اللازمة أمام القانون”.
وتابع: “الشيء الذي أصر عليه دائماً، هو أننا نحتاج إلى استخدام اللغة التي يفهمها السائحون في اللافتات والإشارات وبالأخص في المناطق السياحية، ولا نستطيع أن نسير بنفس الطريق الذي تسير فيه المعارضة”.
وأردف: “من المؤسف أن العنصرية والعداء للإسلام من بين المشاكل الرئيسية التي يعاني منها العالم، ويؤسفنا أن نرى فيروس العنصرية الذي ينتشر بسرعة في الدول الأوروبية التي تسوق نفسها على أنها مهد الحضارة، قد تحول إلى وباء عالمي”.
وأضاف: “بلادنا أيضاً تتأثر بهذا الوباء لقد نجحت الدوائر التي تريد نشر كراهية الأجانب في الغرب ببعض الأماكن، وفي بلادنا ممثلون لتلك الدوائر، لكن عليهم أن يعلموا أن ألغامهم هذه لن تتفجر في تركيا”.
وأكد أن الجهات الأمنية في تركيا تتخذ أقصى الحذر من مثل هذه الاستفزازات وتكثف إجراءاتها يوماً بعد يوم.
واستطرد: “هناك محاولة لخلق تصور بأن الأحداث الفردية التي تغذيها الفئات المهمشة، يتم تنفيذها ودعمها من قبل المجتمع بكامله”.
وأدى خطاب “الكراهية” ضد الأجانب في الأشهر الأخيرة لاسيما خلال فترة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية على تنامي الاعتداءات الجسدية على السيّاح واللاجئين، على حدّ سواء.
وكانت الاعتداءات الجسدية تتكرر بحق اللاجئين السوريين في تركيا في ظاهرة تكاد تبدو اعتيادية، لكنها باتت تستهدف السيّاح الأجانب أيضاً في الآونة الأخيرة. ويعود السبب في ذلك بحسب منظمات تعنى بحقوق اللاجئين إلى حملات التحريض التي تشنها وسائل إعلامٍ محلّية إلى جانب أحزاب سياسية تطالب بترحيلهم إلى بلدهم، كما يفعل حزب “النصر” اليميني المتشدد.