إن سألت أي شخص في إفريقيا من هم كبار القارة سيجيبك على الفور مصر والكاميرون وغانا ونيجيريا، هؤلاء هم الأربعة الكبار على مدار التاريخ.
لما لا وهؤلاء الأربعة فيما بينهم حصدوا اللقب الأغلى في القارة 19 مرة من أصل 33 نسخة أقيمت.
في المقابل توزعت الـ14 نسخة الأخرى بين 11 منتخبا آخر.
إن شاركت نيجيريا في أمم إفريقيا فأنت ستضمن على الأقل رؤية النسور الخضراء في نصف النهائي على أقل تقدير.
شاركت نيجيريا في أمم إفريقيا 19 مرة من أصل 32 ووصلت إلى نصف النهائي 15 مرة، رقم ضخم أليس كذلك؟
لكن ذلك الإعجاب سيتحول إلى استغراب شديد حينما تدرك أن نيجيريا توجت بأمم إفريقيا ثلاث مرات فقط.
على الناحية الأخرى مصر على سبيل المثال وصلت إلى نصف النهائي 16 مرة من 25 مشاركة، وخلال تلك المشاركات ظفرت بميدالية في 13 مناسبة مختلفة.
بحسبة بسيطة فإن مصر ظفرت باللقب في 44% من نسبة وصولها إلى نصف النهائي.
أما نيجيريا فتوجت باللقب في 20% من نسبة وصولها إلى نصف النهائي.
الأمر ذاته لو طبقناه على الكاميرون (55%) وغانا (28%) فالأرقام ستوضح مدى ضعف نيجيريا في تلك المرحلة.
فيظل السؤال هل مجرد الوصول إلى نصف النهائي يعد إنجازا لمنتخب بحجم نيجيريا؟ أم أن استمرار العقبة الأزلية بعدم عبور ذلك الدور يعد فشلا؟
أزمة جديدة أمام طموح “لنفعلها مجددا”
في الناحية الأخرى يعاني منتخب نيجيريا الأمرين في الوقت الحالي وتطول الانتقادات المدير الفني للمنتخب جوزيه بيسيرو.
تولى بيسيرو قيادة نيجيريا في عام 2022 ومنذ ذلك الحين خاض 14 مباراة فاز ست مرات وهُزم في خمس وتعادل في ثلاثة لقاءات.
سجل النسور الخضراء تحت قيادة المدرب البرتغالي 31 هدفا واستقبلوا 19.
لكن ما عرض بيسيرو إلى انتقادات لاذعة وصلت إلى حد المطالبة بإقالته قبل أمم إفريقيا بأقل من شهرين هو بدايته المخيبة للآمال للتصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026.
فقد بدأ منتخب نيجيريا مشواره من أجل الوصول إلى المونديال بالتعادل بالنتيجة ذاتها بهدف لمثله مع ليسوتو وزيمبابوي.
ووفقا للتقارير النيجيرية فإن بيسيرو عقد اجتماعا مع شريف أهلان رئيس اللجنة الفنية في اتحاد الكرة وقال له: “تصبح مشغولا حينما نطلب منك دفع مستحقاتي ولا تصبح مشغولا لتخبرني بما يجب علي فعله”.
وبناء عليه فإن الاتحاد النيجيري كان يرغب في إقالة بيسيرو في شهر نوفمبر الماضي لكن وزير الرياضة أوقف القرار.
وقال وزير الرياضة جون إينوه: “قرار إقالة المدرب لا يكون بسبب العواطف، أشعر بالقلق من أن المنتخب لا يقدم أداء يلبي توقعاتنا ولكن الجولة المقبلة من تصفيات كأس العالم ستقام في شهر يونيو 2024 وهذا يمنحنا المزيد من الوقت لاتخاذ القرارات في المستقبل”.
وأكمل “كأس أمم إفريقيا ستنطلق في 13 يناير المقبل، هل سنطلب إقالة بيسيرو؟ أعتقد أن الإجابة ستكون مثل إجابتي”.
فهل سيظهر منتخب نيجيريا بقوة ويصل لنصف نهائي على أقل تقدير مثل عادته ويرفع بيسيرو الضغط عن نفسه؟ أم أنه سيودع مبكرا لتكون الإقالة مصيره المحدد سلفا؟
حسنا ما هي قصة “لنفعلها مجددا”؟
قرر الاتحاد النيجيري لكرة القدم قبل شهر إطلاق حملة تحت اسم “لنفعلها مجددا” لحث الجماهير على دعم المنتخب والتذكير بأمجاده السابقة في البطولة.
وتضمنت تلك الحملة كلمة لرئيس الاتحاد النيجيري لكرة القدم إبراهيم موسى في حفل ليحث الجماهير على تشجيع اللاعبين وقال: “ما نحتاجه هو التشجيع وأعرف أننا نستطيع القيام بالأمر، نستطيع فعلها معا”.
كل ما سبق يواجهه أزمات فنية في المنتخب النيجيري وعلى بيسيرو حلها.
الأزمة الأولى: حراسة المرمى
طوال 13 عاما كان فيكتور إنياما هو حارس العرين لمنتخب نييجيريا، غاب أحيانا لخلافات مع أحد المدربين لكنه ظل في مركزه عوضا عن ذلك.
لكن خلال الثماني سنوات الأخيرة تعاقب على حراسة مرمى نيجيريا سبعة حراس.
وحتى الآن لا يبدو بيسيرو حدد حارسه الأول في المنتخب في ظل كثرة الأخطاء التي يرتكبها اللاعبين وافتقاد نظرائهم المحليين للخبرات الدولية المطلوبة.
الأزمة الثانية: قلب الدفاع
حتى الآن لا يبدو بيسيرو مستقرا على قلبي دفاع فريقه الأساسيين.
وعلى الرغم من اعتماده مؤخرا على كالفين باسي وسيمي أجايي لكنه مازال يختبر أكثر من لاعب وأكثر من شراكة في ذلك المركز.
كما أن الفريق يعاني من استقباله للأهداف من الركلات الثابتة والحرة وبيسيرو علق على ذلك الأمر قائلا: “لم نفز بأي كرة في أي ركلة ركنية”.
ليست أزمة ولكن
يملك منتخب نيجيريا خط هجوم جيد للغاية بوجود فيكتور أوسيمين وموسيس سايمون وكيليتشي إيهيناتشو لكن عدم وجود قوة كافية في خط الوسط لإمداد المهاجمين بالكرات يفقد الفريق التوازن المطلوب وبالتالي لا يصنع فرصا بالكم الكافي.
كل ذلك على بيسيرو تخطيه إلى جانب عبور الأزمة الكبرى والمتمثلة في الدور نصف النهائي إن وصل له كي يحافظ على منصبه وإلا فالإقالة هي مصيره الحتمي.
الطريق إلى كوت ديفوار
تأهل منتخب نيجيريا إلى أمم إفريقيا كان سهلا ولم يكن به أي عقبات.
وقع النسور الخضراء في المجموعة الأولى في التصفيات رفقة كل من غينيا بيساو وسيراليون وساو تاومي.
تصدر منتخب نيجيريا المجموعة بفضل انتصاره في خمس مباريات من ستة.
وسجل الفريق 22 هدفا واستقبل أربعة فقط.
وجاءت الهزيمة الوحيدة في ملعبه ضد غينيا بيساو بهدف دون رد ولكنه رد ثأره في الجولة التالية سريعا وعلى ملعب خصمه.
نيجيريا وأمم إفريقيا
ستكون هذه المشاركة رقم 20 لنيجيريا في تاريخ أمم إفريقيا.
توج المنتخب باللقب ثلاث مرات من قبل أعوام 1980 و1994 و2013.
فيما حصل منتخب نيجيريا على المركز الثاني أربع مرات.
أما المركز الثالث فحصل عليه ثماني مرات.
سر اللقب.. النسور الخضراء
لقب منتخب نيجيريا له قصة مثيرة وتحول فيها اسمهم أكثر من مرة.
البداية في سنة 1949 كان اسمهم “سياح المملكة المتحدة” والسبب يعود إلى خوض منتخب نيجيريا لمباريات وديه كثيرة في إنجلترا ولذلك أطلق عليهم ذلك اللقب.
وفي عام 1957 التقى منتخب نيجيريا مع منافسه غانا في كأس جالكو وهي بطولة أقيمت لثماني سنوات بين البلدين فقط، أطلق عليهم لقب “الشياطين الحُمر” وذلك بسبب قمصانهم الحمراء في ذلك الوقت.
وبعد الاستقلال عن الاحتلال الإنجليزي تحول لقب الشياطين الحُمر إلى النسور الخضراء بسبب لون العلم وتواجد نسر عليه.
وظل لقب النسور الخضراء مستمرا حتى عام 1988.
في ذلك الوقت بلغ منتخب نيجيريا نهائي أمم إفريقيا ولكنه خسره ضد الكاميرون بهدف دون رد.
وعلى الرغم من ذلك ومع عودة الفريق إلى العاصمة لاجوس استقبلهم الجمهور استقبال الأبطال.
وفي حفل استقبال للفريق تم تغيير اللقب إلى “Super Eagles” أو “النسور الخارقة”.
أوسيمين وآخرين
يعد فيكتور أوسيمين مهاجم نابولي هو أبرز لاعب في صفوف نيجيريا حاليا وحينما يغيب يتأثر المنتخب بشدة.
أوسيمين هو رابع الهدافين التاريخيين لنيجيريا على مر التاريخ بعدما سجل 20 هدفا في 28 مباراة.
ولا يفصل صاحب الـ25 عاما عن رشيدي ياكيني الهدف التاريخي لنيجيريا سوى 17 هدفا وبالنظر لأن عمره 25 عاما فهو يستطيع كسر ذلك الرقم.
تعرف على قائمة النسور الخضر والتي ضمت 25 لاعبا وعلى رأسهم بطبيعة الحال أوسيمين من هنـــــــــــــــــــــــــا.
مجموعة صعبة
وقع منتخب نيجيريا في المجموعة الأولى في أمم إفريقيا رفقة كل من كوت ديفوار صاحبة الأرض وغينيا الاستوائية وغينيا بيساو والتي فازت على النسور في التصفيات.
يبدأ منتخب نيجيريا مشواره ضد غينيا الاستوائية في 14 ينياير.
ويواجه كوت ديفوار في 18 يناير.
ويختتم المنتخب النيجيري مشواره في البطولة بمواجهة غينيا بيساو في 22 يناير.
لذا أي نتيجة سلبية في المباراة الأولى مع غينيا الاستوائية وتعثر ضد كوت ديفوار قد يعصف بنيجيريا مبكرا من البطولة أو يجعلها تحتل المركز الثالث وتنتظر نتائج باقي المجموعات لمعرفة مصيرها.
فكيف سيظهر منتخب نيجيريا في أمم إفريقيا في كوت ديفوار؟ الإجابة عند بيسيرو وفريقه.