Site icon الكيان الاقتصادى – Alkaian

الشاعر عبدالستار سليم عن “صلاح جاهين”:صلاح جاهين كتب كل أنواع الشعر وقوالبه خاصة الشعر الشعبي وكان شعره الشعبي (طالع من القلب)

تحدث الشاعر الكبير عبدالستار سليم ، في ندوة” رباعيات صلاح جاهين ” بالقاعة الرئيسية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب : : تأخرنا كثيرا أن نتحدث عن صلاح جاهين في ندوات معرض الكتاب، ونتحدث في ندوته الآن عن مربعاته في الشعر العاميّ .
أوضح، كان صلاح جاهين شاعرا منذ البداية، كان داخله إنسان ثائر، ولمع اسمه في مجلة صباح الخير، وكانت الناس تبحث دائما عن رباعياته ورسوماته.
وأضاف، صلاح جاهين كتب كل أنواع الشعر وقوالبه، خاصة الشعر الشعبي، وكان شعره الشعبي (طالع من القلب)، وأول رباعية كتبها صلاح جاهين لم تأخذ الشكل الطبيعي للرباعيات، وأول كلمة يقولها كانت عجبي والتي استمر في كل رباعياته بعد ذلك.
واستهل عبد الستار سليم حديثه بأن قرأ قصيدته التى أبدعها بعنوان (آخر الرباعيات ) ، والمكوّنة من أربعة مقاطع ، و أهداها إلى روح الشاعر صلاح جاهين ، ذكر فيها أسماء دواوين وإصدارات الشاعر صلاح جاهين ، ومطلع القصيدة يقول :

” كلمة سلام ” يابو بهاء يا جاهين
كالتمْر حِنّة على خدود “القمر والطين ”
جِـنِّـيّـة صادها الولد ، طِلْعِت على بختُه
طَـرْحَة وِ عُقْد وْ حلق وِ لْبان و حُقّ دَهِـين )

وبعدها – وقبل أن يسرد مطالع من قصائد وأعمال صلاح جاهين ويقرأ بعض مقاطع منها – ذكر الاسم الكامل للشاعر، وهو (محمد صلاح الدين بهجت أحمد حلمى جاهين ) و نوّه إلى أن كلمة “جاهين ” ليست لقبا كما يظن البعض، بل هى اسم للجد الأعلى له..، وكان فتحى غانم أول من كتب عن صلاح وقدمه للقراء مع صدور ديوانه ” كلمة سلام” الذى أصدره فى سن مبكرة و منذ صباه الباكر، كان صلاح يتسم بالرقة والهدوء والتفاؤل
وسرد عبد الستار أسماء دواوين صلاح ، وبعض أسماء مسرحياته وأغانيه ، وبالأخص ” أوبريت الليلة الكبيرة ” التى لحنها سيد مكاوى ورسم لوحاتها ناجى شاكر، وذكر عبد الستار أن بعض الأسماء – التى ذكرها صلاح فيها – كانت لشخصيات حقيقية فى الحياة ، قابلها صلاح ، ورصدها وأثبتها – مثل
” الريّس حنتيرة ” الذى قال عنه صلاح ( سمّعنا ياريّس حنتيرة .. للصبح معاك السهّيرة ) –
ثم انتقل عبد الستار سليم فعرّج على بعض الشخصيات التى أثرت فى حياة صلاح جاهين ، مثل شخصية أحمد بهاء الدين مؤسس مجلة ” صباح الخير ” ورئيس تحريرها ( وبالمناسبة ، فقد أسمى صلاح مولوده الأول باسم أحمد بهاء الدين ، و هو الآن الشاعر الكبير بهاء جاهين ) ، ومثل شخصية الفنان والكاتب الشعبى زكريا الحجاوى الذى تعرف عليه صلاح فى مقهى عبدالله بالجيزة – الذى كان ملتقى مشاهير الثقافة حينذاك – فأشار عليه بالتوجّه إلى عالم التراث الشعبى المصرى وثرائه ، كما وجّهه إلى الصحافة ، بالانضمام إلى أسرة “روز اليوسف” الصحفية ..
وكذلك شخصية والدته التى كانت تحكى له القصص والحكايات المحلية والعالمية ، وشخصية والده الذى دفعه إلى حب الشعر ، فقد كان يتخيّر له نماذج شعرية من عصور الشعر المختلفة ، مما دفع صلاح جاهين إلى كتابة القصيدة الفصحى العمودية ، عندما بدأ فى كتابة الشعر، وكان صلاح يعترف أنه كان أكثر ميلًا لأمير الشعراء شوقى
كتب صلاح فى رثاء البطل أحمد عبد العزيز قصيدة من شعر الفصحى وعمودية
أقبل الجَـلْـدُ و ولّى الجـبناء = وبدا طيفُ المنايا فى الفضاء
وقال معارضا ألفية ابن مالك، مازجا بين الفصحى والعامية ، وعاتبا على من أسماهم أوصياء الشعر
يا مَن فقدتم عمرَكم هَـبَـا = أهـــلا بكم وألــــف مـــرحـــــــبَـا
قُــل إنّ فَـنّ غيرِنا حـرام = واتْفَضّلوا بْـقَـبُولْ فائقْ الاحترام

كما تطرق عبد الستار إلى اللغة الشعرية فى إبداعات صلاح جاهين ، وأشار إلى مطلع القصيدة التى كتبها صلاح جاهين فى رثاء بيرم التونسى
( جايّة عروس الشعر م البغّالة …
بملاية لــفّ وكفّ متْحَـــــنِّى)
وأشار إلى ما فيها من حس شعبى ، وصدق فنى غير مسبوق ، قائلا إن الصدق ، هو المزية الأولى للشعر الشعبى ، وهو الصدق النابض بالحياة ، و المتشح بوشاح ، ناصع السذاجة والعفوية .

و ذكر لصلاح من فن الموال الخماسى ( الأعرج ) الذى مطلعه
(يجعل كلامى فانوس وسط الفرح قايد …
يجعل كلام على السامعين بفوايد ) إلى آخر الموال

والرباعية التى قالها صلاح فى حب الحياة
( أحب اعيش ولو أعيش فى الغابات ..
أَصحــــى كــما ولـدتْـــنى أُمّـى وابات ) إلى آخر الرباعية

و أشاد عبد الستار بنَصّ نشيد (والله زمان ياسلاحى) الذى كتبه للحن ، كان صاغه الملحّن كمال الطويل من قبل ، فغنّته أم كلثوم .. والنشيد بدأ بمقولة شعبية دالة على ” الشوق” وهى ( والله زمان ..! ) و هى “تيمة ” تستنفر الجنود للزحف والتضحية
ثم أضاف ذكر أغنية ” ثــــوّار ” ومطلعها :

( ثــوّار ولآخــر المــــدى ثوار ..
مطرح ما نمشى يفتّح النوار)

والأغنية من ألحان السنباطى ، و غنّته كوكب الشرق أم كلثوم ..
(الشاعر فاروق شوشة كان يعتبر أن صلاح جاهين هو عبقرى شعر العامية ، ومؤرخ ثورة يوليو الشعرى ، وأن كمال الطويل هو مؤرخها باللحن والموسيقى )
و فى مجال ذكْر الرباعيات ، ذكر الشاعر عبد الستار سليم إن كلمة (رباعيات) التى سبق إليها الشاعر عمر الخيام وكتبها من حوالى ألف عام،
فالرباعية قالب شعرى يرجع إلى أصول فارسية – على حد قول جابر عصفور – أشهرها رباعيات عمر الخيام ، وقد انتقل هذا القالب إلى الشعر العربى الحديث وأصبح فنا من فنونه ، ورباعيات الخيام عرفتها الناس من خلال ترجمات ” أحمد رامى” لها – شعرا – ومن خلال صوت أم كلثوم غناءً، والتى قام السنباطى بتلحينها ، ومنها

( سمعتُ صوتًا هاتفًا فى السّحَر …
نادى من الغــيب غُـــفاة البـــشر
هُــبُّوا املــؤوا كاس المُنى قبل أن
تمَـــلأ كاس العُـــــمر كـفّ القَــدَر )

لكن رباعيات صلاح جاهين جاءت مغايرة فى اللون والطعم والرائحة – كما يقولون – منطلقة من قدرته على التعبير عن قضايا فلسفية بالعامية ، فهو فيلسوف البسطاء ، كما تجدر الإشارة إلى أن رباعيات صلاح جاهين وُلدت على يد أحمد بهاء الدين مؤسس رئيس تحرير مجلة “صباح الخير ” ، ولهذه قصة طريفة حكاها صلاح جاهين نفسه ، و ذكر عبد الستار سليم معلومة هامة ، أن الرباعية التى تقول ( مع إن كل الخلق من أصل طين) كانت – كأول رباعية – فهى باكورة الرباعيات ، التى توالت بعد ذلك تباعا، لذا فكانت تحمل خصائص التجربة الأولى ، حيث جاءت شطراتها الأربع بنفس القافية ، فكان شكلها أقرب إلى شكل الموال البغدادى منه إلى الرباعية ، فنحن نعلم أن قالب الرباعية – من حيث الشكل البنائى – عبارة عن مقطوعة تتكون من أشطر أربعة (سمّوها أبيات ، والشطر – هنا – يحل محل البيت)، وفيها الأبيات الأول والثانى والرابع ، مصرّعة فيما بينها ، والبيت الثالث يكون حر القافية ، مثل الرباعية التى تقول :
( ليه يا حبيبتى ما بينّا دايما سفَر ..
دا البعد ذنب كْــبـــير لا يُغـــتـفــــر ..
ليه ياحبـيــــبتى ما بينّا دايما بحور ..
أعــــدّى بحــر ألاقى غــيره اتحفـــر ) عجبى

(على الحجار قام بغناء بعض الرباعيات ،التى قام بتلحينها سيد مكاوى)

وتطرق عبد الستار سليم إلى ذكر قصيدة جاهين الشهيرة ، وهى ” على اسم مصر” ، و مطلعها يقول
( على اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء ..
أنا – مصر عـــندى – أحب وأجمـــل الأشـــياء )
ونوّه عن موقف لجنة الشعر من عامية صلاح جاهين ، فمنذ ظهور تيار شعرالعامية الحداثى ، والذى يؤرّخ له بديوان فؤاد حداد ( أحرار وراء القضبان ) ومن أسماهم صلاح مجموعة “أوصياء الشعر” يعارضون صلاح ،
ومن المفيد أن يُشار إلى أن جاهين عمل على تجديد الأغنية ، وضرب مثلا على ذلك بأغنية ( يا حمام البر سقّف ، من غناء أحلام ) ، وهناك تجربة ثرية وغنية وفى غاية الأهمية ، وهى تجربته فى رئاسته لتحرير مجلة “صباح الخير ” ، فى التجربة النثرية ” فى الفاضية والمليانة ” اسمه (شاعر يعجبنى ) ، قدّم فيه عددا من الشعراء الذين شكلوا صيغة شعر العامية المصرية ، بمقالات نقدية متقنة ، فقدم لعبد الرحمن الأبنودى ، وسيد حجاب ، وفؤاد بدوى ، وفؤاد قاعود ، وفريدة إلهامى ، ومجدى نجيب ، وعبد الرحيم منصور، وغيرهم
اختتم عبد الستار بالمرور على عائلة التربيع ، والتى تضم الموال الرباعى ، والدوبيت ، والرباعية ، والمربع الزجلى ، ومربع فن الواو ، ومربع النميم ، والعدودة ، وقال إن لكل فن منها بحره الشعرىالخاص ، و طريقة الـتقـفية الخاصة به ..!.

المحاضرون بالندوة هم : عبد الستار سليم .. الشاعر والناقد ،محمد بغدادى .. الفنان التشكيلى ،منير الوسيمى . . الموسيقى والملحن
وأدار اللقاء مــىّ منصور .. الشاعرة والصحفية

Exit mobile version