الشعر يعني الحضور اليومي، والتوهج الشفيف والموسيقى التي تأخذك إلى عالم الهدوء والصفاء والنقاء، والقصيدة بالذات هي التي تتفاعل مع الوجود الإنساني ليتحدا معا على خط واحد وطريق واحد من أجل المتعة والراحة والنضوج الفكري لكي يسمو القارئ ويحلق عاليا في ربيع الكلمات والحروف والجمل.
ويقال دائما أن التعبير الجمالي والحضور الزمكاني، والمفردات الأخاذة هي مفتاح السعادة بين الشاعر والمتلقي.
فالشعر يعبّر عما في خاطره من افكار وانزياحات شعورية لكي يرضي القارئ، وخصوصا ا ذا كان الشاعر يحس ويعاني بآلام الفرد والمجتمع والحياة بكل مكوناتها وكينونتها، فلطالما كانت القصيدة هي المحرك والمغيّر في المجتمع، وهي ممتدة بأواصر قوية لاتنقطع بين الاثنين الشاعر والقارئ ، وشاعرنا الاستاذ محمد الشحات مسكون بالالم واللوعة دائما، وهو المأخوذ بأدق تفاصيل الحياة على الرغم من تناقضاتها وصيرورتها وتفاصيلها، كتب عن الحزن والتوتر والألم والتوجس والحب،
وفي ديوانه (رجفة المقامات)، تأخذنا قصائده مبهورين بعالمه الخاص الذي دونه بمداد قلمه الذي يحاكي الواقع بكل مافيه، ففي قصيدته (رباعية الحياة) يطلق عنان كلماته بألم لعلَّه يرى تفاصيل حياته وقد تغير كل شيء نحو حياة جميلة هادئة ليقول، مرَّ على وجهي مامرَّ وكنت أراقبُ كل تفاصيلي لاأعرف كيف تغيرَّ أخطأَ من كان يظنُّ بأن ملامحه حين تدور الايّام ستأخذهُ منه ماتأخذه ولن تتركَ إلا ماقديجعله يتذكرُه .
وفي لحظة التفردينقل لنا بقصيدته(الحياة في زمن الزيف) حين يصرخ بأعلى صوته من ألم الواقع ويثأر ضد الزيف بتوحد وحسرة لعل هناك بارقة من الأمل لتحقيق الحلم الذي يتمناه في هذه الحياة ليقول، كل شيءٍ تعثر حين انتهيت من الصمت لم اتمالكَ ان ارتدي حلّةَ القولِ ها جفَّ حلقي وماعاد حرفي يطاوعني كلُّ شيء تبدّلَ مات على ساحة الصمت ماعاد بُجدي الزمانُ بكل مافيه يسقط في بركةِ الخوفِ إن الشوارع تأكلنا حين نعبرها والبيوت تكادُ تضيقُ.
وفي قصيدته (لحظة سمو)، يتهجد شاعرنا بمحراب الحب حين يغتسل بماء الورد ويخاطب قلبه وروحه للوقوف بثبات أمام معترك الحياة فيقول، اغتسلَ بماء الورد لكي يتطهر شعر بثقلِ ذنوبٍٍ حاول أن يسقطها فأبت زادت رعشتهُ وأرتبكت كل فرائصه والتويت قدماه فما امكنه ان ينهض فتحامل شعر بأن مفاصله قد حُلّت فأرتكن بزاويةٍ كان يظن بأن الماء إذا مافاض عليه سيأخذ منه مساوئهُ .
وفي قصيدته (تقاعد) ينهض من المجهول يقف وبقوة رغم الارتباك حتى ولو استعصى عليه القول، عاد بلا حنين واستعصى عليه القولُ فحاولُ ان ينهض فأرتبكت قدماهُ تحايل كي لا يسقط نظر بعينه فلم يبصر إلاّ ماأمكنه .
وهكذا تشعّبت قصائد شاعرنا محمد الشحات الغارق في بحر الكلمات، والذي يجيد العوم متى شاء (ففي ديوانه هذا رجفة المقامات) نرى كل شيء يختلح في هذه الحياة حين ينقل إلينا صور زاهية جميلة مفعمة بالحب والأمل والوقوف بثبات أمام التحديات والمصاعب وعهدناه دائما انه ثائر، متمرد، غاضب، بصورة دائمة، ونحن إذ نقف أمام قصائده بكل احترام نقول له شكرا على هذه الكلمات التي اخذتنا إلى عالم الصفاء والنقاء والجمال والمتعة وانت تتحفنا في كلِّ مرةٍّ من ديوان جميل إلى آخر أجمل.
قراءة ومتابعة/رزاق مسلم الدجيلي /العراق