الْحَمْدُ للهِ الذِي جَعلَ لنَا مِنَ الأنبيَاءِ والصَّالحِينَ قُدوَةً وَمَثَلاً، الحمدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ (آل عمران: 164).
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وليُّ الصالحين، وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وصفيُّهُ من خلقهِ وخليلُهُ ,القائلُ كما في صحيحِ مسلمٍ مِنْ حديثِ جابرِ بن عبدِ اللهِ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “إنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّتًا، وَلَا مُتَعَنِّتًا، وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا“فاللهم صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ المختارِ وعلى آلهِ وصحبهِ الأطهارِ الأخيارِ وسلم تسليمًا كثيرا إلى يومِ الدينِ.
يا سيدَ العقلاءِ يا خيرَ الورَى*** يا مَنْ أتيتَ إلى الحياةِ مبشرًا
وبُعثتَ بالقرآن فينا هاديًا ***وطلعتَ في الأكوانِ بدراً نيرًا
واللهِ ما خلقَ الإلهُ ولا برى ***بشرًا يُرى كمحمدٍ بين الورى
أما بعدُ ….. فأوصيكُم ونفسي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (أل عمران :102)
أيها السادةُ: ((النبيُّ صلى الله عليه وسلم معلمًا ومربيًا )) عنوانُ وزارتِنا وعنوانُ خطبتِنا
عناصرُ اللقاءِ:
أولاً: نبيُّنَا صلى الله عليه وسلم خيرُ معلمٍ للبشريةِ.
ثانيًا: أساليبُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في التربيةِ و التعليمِ .
ثالثًا: كيف اقْتَدِي بالنبيِّ العدنانِ صلى الله عليه وسلم كمعلمٍ ومربِّي ؟
أيها السادةُ : بدايةً ما أحوجنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ أنْ يكونَ حديثُنَا عن النبي المختارِ القدوةِ الحسنةِ والمثلِ الأعلى ، فكان صلى الله عليه وسلم خيرَ معلمٍ ومربٍّى للبشريةِ كلِّها وخاصةً ونحن في شهرِ مولدِه صلى الله عليه وسلم .
وأيضاً نعيشُ زمانًا فَقَدَ فيه شبابُنَا وأبناؤُنَا القدوةَ والمثلَ الأعلى في كلِّ ميادين الحياةِ وخاصةً في ميادين التربيةِ والتعليمِ ، فبحثوا عن القدوةِ في التافهين والتافهاتِ والساقطين والساقطاتِ ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله ،وما أجملَ وما أحلى أنْ يكونَ الحديثُ عن رسولِ اللهِ ، وهو الذي علَّمَ الدنيا كلَّها، بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم .
وكيف لا؟ وهو إمامُ الأنبياءِ وإمامُ الأتقياءِ و الأصفياءِ وكيف لا؟ وهو قدوتُنَا وأسوتُنَا ومعلمُنَا ومرشدُنَا بنصٍّ من عند اللهِ . والحديثُ عن رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم حديثٌ جميلٌ رقيقٌ رِقرَاقٌ طويلٌ لا حدَّ لمنتهاه .
ففي الجمعةِ الماضيةِ عشنَا سوياً مع الحبيبِ المصطفى عشنَا معه في بيتهِ في تعاملهِ مع أهلهِ وخدمهِ عشنا معه في حياتهِ كلِّها ، ولازلنا نواصلُ لقاءَنا اليومَ مع الحبيبِ المصطفى صلى الله عليه وسلم لنتناولَ جانبًا آخرَ من حياتهِ، جانبًا مهِمّا وعظيمًا نحن في أمسِّ الحاجةِ إليه كآباءٍ ، وفي أمس الحاجةِ إلية كمعلمين وكمربين في أمس الحاجةِ كدعاةٍ ومصلحين ، الكلُّ فينا يحتاجُ إلى أنْ يقتبسَ من حياةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم عطرًا وعبيرًا فهو عطرٌ يفوحُ شذاهُ وعبيرٌ يسمو في علاه .
هديتُنا لسبيلِ الحقِّ نسلكُهُ ****مسّكتنَا حبلَ هدى غيرَ منصرمِ
أنت الإمامُ الذي نرجو شفاعتَهُ***وأنت قدوتُنا في حالكِ الظلمِ
أولاً: نبيُّنا صلى الله عليه وسلم خيرُ معلمٍ للبشريةِ.
أيها السادةُ: نبيُّنا صلى الله عليه وسلم كان خيرَ معلمٍ للبشريةِ كلِّها وأعظمَ مربٍّي عرفتُه الإنسانيةُ كلهَا وكيف لا؟ وهو الذي ربَّى أصحابَه على الهدى والتقى والعفافِ والغنى ، فالنبيُّ لم يؤلِّفْ كُتُبَاً ولكنه ألّفَ وربَّى رجالاً لم يعرفْ لهم التاريخُ مثيلاً ، وأخرجَ منهم جيلاً قرآنيًا فريدًا ، وكوّنَ منهم أمةً وصفَها ربُّها بوصفٍ فريدٍ متميزٍ ودقيقٍ بأنها خيرُ أمةٍ أخرجتْ للناس قال جل وعلا ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ )(آل عمران:110) ،وأقامَ بهم دولةً قادت الشرقَ والغربَ و نشرتْ العدلَ والأمنَ في مشارقِ الأرضِ ومغاربِها ، فأخرج منهم قادةً منتصرين وعلماءَ ربانين ومجاهدين مخلصين ومربين عظماء ، وكيف لا؟ وهو الذي ارتقى بأمتهِ التي كانت قبلَهُ تأكلُ بعضُها بعضًا ،ويقتلُ بعضُها بعضاً ، أمةٌ تغدرُ أمةٌ لا تعرفُ ربَّها أمةٌ تسجدُ للحجر من دون اللهِ، فأرادَ اللهُ أن يرفعَ قدرَها ويعلى شأنَها فأرسلَ إلينا رسولَ الإنسانيةِ مبشرًا ونذيرًا، ومعلمًا وميسرًا، ومربيًا ومزكيًا، قال جل وعلا: ] يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا [(الأحزاب:45-46)، وقال جل وعلا: (( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ)) (الجمعة:2)، وعن جابر رضي الله عنه أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ” إنّ اللهَ لم يبعثنِي معنِّتاً ولا متعنتاً، ولكنْ بعثني معلماً ومُيسرًا ” رواه مسلم. بل بعثه اللهُ تعالى في أمةٍ سيطرَ عليها الجهلُ والظلامُ والضلالةُ، واستولتْ عليها البدعُ والخرافةُ والانحرافاتُ ، فصنعَ منها بفضل اللهِ أمةً حاملةً لرسالة العلمِ والتعليمِ حول فيها رعاةَ الإبلِ إلى زعماء وقادةٍ للبشر وكيف لا؟ ولقد أُوتِيَ صلى الله عليه وسلم جوامعَ الكلمِ، وأُعْطِيَ حكمةً وعلمًا لا يدانيه فيه أحدٌ من الناس، قال الله تعالى: ( وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا)) النساء: 113 (وكيف لا ؟ ولقد قضى النبيُّ صلى الله عليه وسلم ما عليه، وبلَّغَ ما عُهد إليه، وما مات صلى الله عليه وسلم حتى علَّم الناسَ كُلَ شيءٍ ، فعن أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: ” لقد تركنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم وما يحركُ طائرٌ جناحَيه في السماء إلا ذكر لنا عنه علمًا “. رواه أحمدُ في مسندهِ . و عن عائشةَ رضي اللهُ عنها أنها قالت: ” مَن حدثكَ أنّ محمدًا صلى الله عليه وسلم كتم شيئًا من الوحي فقد كذب ” أخرجه مسلم ، ويقول العباسُ: “والله ما مات رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حتى ترك السبيلَ نهجًا واضحًا، وأحلَّ الحلالَ، وحرم الحرامَ، ونكحَ وطلقَ، وحاربَ وسالمَ ” رواه الدارمي، وقال بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم: ” تركتُكم على بيضاءَ نقيةٍ، ليلها كنهارِها لا يزيغُ عنها إلا هالك ” أخرجه أحمد في مسنده
وكيف لا؟ ولقد أفنى رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم عُمرَهُ كُلَّه في سبيل تبليغِ رسالة ربهِ وعلَّم أمتَه كلَّ شيءٍ حتى إنّ بعضَ المشركين قال لسلمان الفارسي: إنا نرى صاحبَكم يعلمُكم كُلَّ شيءٍ حتى الخَراءَة، قال سلمان: نعم ، لقد نهانا أنْ نستقبلَ القبلةَ بغائطٍ أو بولٍ ، أو أن نستنجي برجيعِ دابةٍ أو عظمٍ ” أخرجه مسلم .
فقد كان – صلوات ربي وسلامُه عليه – يعلِّمُ الناسَ على جميع أحوالهِ ، في مسجدِه ، وفي بيتهِ، وفي حلِّهِ وترحالِه، يقول عبدُ الله ابنُ مسعود رضي الله عنه: إني لأتخوَّلُكم بالموعظةِ كما كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يتخوَّلُنَا بالموعظة مخافةَ السآمةِ علينا) متفق عليه….اللهُ أكبرُ كان بيتُهُ صلى الله عليه وسلم مدرسةً للتعليم والتربيةِ ، ولهذا كان الصحابةُ إذا اختلفوا في أمرٍ، ذهبوا إلى بيوتِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يسألون زوجاتِهِ عن هديهِ وعَملِه في بيتهِ.
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلِّمُ الناسَ وهو واقفٌ على ناقتهِ أو على دابتهِ، يقولٌ عبدُ اللهِ بنُ عمروِ بن العاص ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ : لقد رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو واقفٌ على ناقتهِ في حَجَةِ الوداعِ بمنى للناس يسألونَه ، فما سُئلَ عن شيءٍ قُدِّم ولا أُخِّر إلا قال: “افعل ولا حرج” [رواه البخاري].
وكان لا يدعُ فرصةً للتعليم إلا اغتنمَها ، يقول عبدُ اللهِ بنُ عباسٍ رضي اللهُ عنهما: كنتُ يومًا خلفَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم على الدابةِ ، فقال: “يا غلام ، إني أعلّمُك كلماتٍ: احفظ اللهَ يحفظْك ، احفظ اللهَ تجدْهُ تجاهَك.. ” الحديثُ [رواه الترمذي].
ويقُولُ أنسُ بنُ مالكٍ رضي الله عنه: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم على حمارٍ ، وكان معاذٌ رديفَهُ ، فقال: “يا معاذ بن جبل” ، فقال معاذ: لبيك يا رسولَ اللهِ وسعديك (ثلاثا) ثم قال: “ما من أحدٍ يشهدُ أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسولُ الله صدقًا من قلبه إلا حَرَّمَه اللهُ على النار” [متفق عليه].
فمبلغُ العلمِ فيه أنه بشرٌ *** وأنه خيرُ خلقِ اللهِ كلهم
أغرٌ عليه للنبوة خاتمٌ *** من نورٍ يلوحُ ويشهدُ
وضم الإلهُ اسمَ النبيِّ لاسمهِ *** إذ قال في الخمسِ المؤذنُ أشهدُ
وشق له من اسمهِ ليجلَّهُ *** فذو العرشِ محمودٌ وهذا محمدٌ
ثانيًا: أساليبُ النبيّ صلى الله عليه وسلم في التربيةِ والتعليمِ .
أيها السادةُ: تعالوا بنا لنرى الأسسَ التربويةَ التي ربي بها النبيُّ صلى الله عليه وسلم أصحابَه لنستفيدَ منها نحن كآباءٍ في تربيةِ أبنائِنا ، ونستفيدَ منها كمعلمين في تربيةِ وتعليمِ طلابِنا ، لنستفيدَ كدعاةٍ في توجيه وتعليمِ مجتمعاتِنا ومن هذه الأسسِ على سبيل المثالِ لا الحصرِ لضيق الوقتِ:
أولها: الرفقُ بالمتعلمِ وتعليمه بالأسلوب الحسنِ وبالحكمة والموعظةِ الحسنةِ والإشفاقِ على المخطئ وعدم تعنيفِه .فعن معاويةَ بن الحكم السُلمي رضي الله عنه قال: بينما أنا أصلي مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذْ عطَسَ رجلٌ في أثناءِ الصَّلاةِ، فقلتُ وأنا في الصَّلاة: يرحَمُكَ اللهُ، فرَماني القومُ بأبصارِهم، أي: نظَروا إليَّ إنكارًا وزجرًا وتشديدًا كما يُرمَى بالسَّهمِ؛ كيلا أتكلَّم في الصَّلاةِ، فقلتُ: واثُكْلَ أُمِّيَاهْ “والثُّكل” فقدانُ المرأةِ ولدَها، وحزنُها عليه لفقدِه، والمعنى: وَافَقْدَها لي؛ فإنِّي هلكتُ، ما شأنُكم؟ أي: ما أمرُكم؟ تنظرون إليَّ نظرَ الغضَب، فجعَلوا يَضرِبون بأيديهم على أفخاذِهم، أي: زيادةً في الإنكار عليَّ، وهذا محمولٌ على أنَّه كان قبل أن يُشرَعَ التَّسبيحُ لِمَن نابَهُ شيءٌ في صلاتِه للرِّجال، والتَّصفيقُ للنِّساء، يُصمِّتونني، أي: يُسكِّتونني، ويُشيرون إليَّ، لكنِّي سكَتُّ، فلمَّا صلَّى رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فبِأبِي هو وأُمِّي، ما رأَيْتُ مُعلِّمًا قبله ولا بعدَه أحسَنَ تعليمًا منه، فواللهِ ما كَهَرني ، أو ما استقبَلني بوجهٍ عَبُوسٍ، ولا ضَرَبني ولا شتَمني، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ هذه الصَّلاةَ، لا يصلُحُ،إنَّما الصَّلاةُ، التَّسبيحُ والتَّكبيرُ وقراءةُ القرآنِ.(أخرجه مسلم) فتأمل هذا الأسلوبَ الرقيقَ الرقراقَ من نبينا المصطفى المعلم الأول صلى الله عليه وسلم، فرغم أنَّ هذا الخطأَ كان خطأً كبيرًا؛ لأنه من مبطلات الصلاةِ التي هي عمادُ الدين، إلا أنه لم يعنفْ صاحبَهُ، ولم يوبخْهُ، إنما علَّمَه برفقٍ ولينٍ وأدبٍ وأسلوبِ حسن.ٍ وفي قصةِ الأعرابيِّ الذي بال في ناحية المسجدِ، فأسرع الناسُ إليه، فنهاهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم وقال: ” إنما بُعِثْتُمْ مُيَسِّرين ، وَلم تُبعَثوا معسرين ، صبوا عليه سَجْلا من ماء” رواه البخاري. وفي رواية قال: اللهم ارحمني ومحمدًا، ولا ترحمْ معنا أحدًا، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ” لقد تحجَّرتَ واسعًا “. قال النووي: ” وفيه الرّفقُ بالجاهلِ، وتعليمُه ما يلزمُه من غيرِ تعنيفٍ ولا إيذاءٍ، إذا لم يأتِ بالمخالفةِ استخفافًا أو عنادًا، وفيه دفعُ أعظم الضررين باحتمال أخفهِمَا”.
ومن الأسسِ التربويةِ التي ربي عليه أصحابَه: تشجيعُ المحسنِ والثناءُ عليه ليزدادَ نشاطًا وإقبالاً على العلم و العملِ ، مثلما فعل الحبيبُ المصطفى صلى الله عليه وسلم مع أبي موسى الأشعري حين أثنى على قراءتِه وحسنِ صوتهِ بالقرآن الكريمِ فعن أبي موسى أن النبيَّ قال له : (لو رأيتني وأنا أستمعُ لقراءتك البارحةَ ، لَقَدْ أُوتِيتَ مَزْمارًا مِنْ مَزاميرِ آلِ داودَ ( رواه البخاري وهذا ما يسميه اليومَ خبراءُ التربيةِ بالتحفيزِ ، تحفيزُ الطالبِ على الاجتهاد والمذاكرةِ بتشجيعهِ والثناءِ عليه ، تحفيزُ العاملِ على أداء عملهِ على أحسنِ وجهٍ ، من خلال شكرهِ وتشجيعهِ. وقد يكونُ التشجيعُ مادياً أو معنوياً ، وأثبتتْ الدراساتُ أن التحفيزَ يدفعُ الإنسانَ إلى الاجتهادِ سواءٌ في عملهِ أو دراستهِ أو حتى عبادتهِ ، أكثر من أتباعِ أساليبِ العقابِ والتأنيب .ِ
ومن أساليب المصطفى العدنانِ صلى الله عليه وسلم : العنايةُ بالمتعلمِ والاهتمامُ به.
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ مَتَى السَّاعَةُ فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قَالَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ لَمْ يَسْمَعْ حَتَّى إِذَا قَضَى حَدِيثَهُ قَالَ أَيْنَ أُرَاهُ السَّائِلُ عَنْ السَّاعَةِ قَالَ هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَإِذَا ضُيِّعَتْ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ قَالَ كَيْفَ إِضَاعَتُهَا قَالَ إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ ) رواه البخاري فهو صلى الله عليه وسلم رغم أنه كان مشغولاً بحديثهِ لم ينسَ هذا السائلَ ولم يهملْهُ، إنما كان مهتمًا به فأجابه على سؤالهِ لما فرغَ من كلامه، وهذا الاهتمامُ يكشفُ عن تلك النفسِ الإنسانيةِ العاليةِ، والخلقِ الساميِّ الرفيعِ من رسولنا الكريمِ المعلمِ الأولِ صلى الله عليه وسلم.
ومن أساليب المصطفى العدنان صلى الله عليه وسلم عدمُ التصريحِ والتشهيرِ بالناس والاكتفاءُ بالتعريضِ وذلك في الأمور المذمومةِ ، لما في ذلك من مراعاةٍ لشعورِ المخطئِ ، وعدمِ كشفهِ أمامَ الناسِ ، فعن أبي حٌميد الساعدي قال : اسْتَعْمَلَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَجُلًا علَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ، يُدْعَى ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ، قالَ: هذا مَالُكُمْ وهذا هَدِيَّةٌ. فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فَهَلَّا جَلَسْتَ في بَيْتِ أبِيكَ وأُمِّكَ، حتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إنْ كُنْتَ صَادِقًا ثُمَّ خَطَبَنَا، فَحَمِدَ اللَّهَ وأَثْنَى عليه، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ، فإنِّي أسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ مِنكُم علَى العَمَلِ ممَّا ولَّانِي اللَّهُ، فَيَأْتي فيَقولُ: هذا مَالُكُمْ وهذا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي، أفلا جَلَسَ في بَيْتِ أبِيهِ وأُمِّهِ حتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ، واللَّهِ لا يَأْخُذُ أحَدٌ مِنكُم شيئًا بغيرِ حَقِّهِ إلَّا لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُهُ يَومَ القِيَامَةِ، فَلَأَعْرِفَنَّ أحَدًا مِنكُم لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُ بَعِيرًا له رُغَاءٌ، أوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أوْ شَاةً تَيْعَرُ ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ حتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إبْطِهِ، يقولُ: اللَّهُمَّ هلْ بَلَّغْتُ بَصْرَ عَيْنِي وسَمْعَ أُذُنِي.) رواه البخاري وهكذا هو أسلوبُه عليه الصلاةُ والسلامُ فهو لا يذكرُ اسمَ من ارتكبَ الخطأَ ولا يشهرُّ به أمامَ الناسِ كما يفعلُ بعضُ الناسِ ، الذين ينتقدون ويشهرون ويذكرون الأسماءَ، فلانُ ابنُ فلان فعل كذا وكذا بل وصل التشهيرُ بالعلماءِ والدعاةِ والهيئاتِ والمجتمعاتِ ، وهذا مخالفٌ لمنهجه ِالذي إذا أرادَ أن ينتقدَ أحداّ يقول : ما بال أقوامٌ ؟ ما بال أقوامٌ ؟ ..
أيها الآباءُ أيها المربون أيها المعلمون : ومن أعظم أساليب المصطفى العدنانِ صلى الله عليه وسلم التعليمُ التطبيقيُّ فإن التعليمَ التطبيقيَّ أرسخٌ من التعليمِ النظريِّ وهذا من معالم هديةِ صلى الله عليه وسلم في التعليمِ يقولُ عمرُ ابن أبي سلمةَ رضي الله عنه: كنتُ غلامًا في حِجَر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تَطيشُ في الصَحْفَةِ ، فقال لي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : “يا غلام سمِّ الله ، وكلْ بيمينك ، وكلْ مما يليك” [متفق عليه] وكان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يمشي ومعه الحسنُ بنُ عليٍ ، فوجدَ تمرةً فأخذها الحسنُ فقال صلى الله عليه وسلم: ” كُخْ كُخْ ، أما علِمتَ أنّا لا تحلُ لنا الصدقةُ”. متفق عليه
ومن أعظم الدروسِ التي نتعلمُها من سيرة الحبيبِ : هو تقديمُ البدائل والحلولِ ، وقد كان ذلك من دأبِ الشريعةِ فحين حرمتْ الزنا شرعت النكاحَ ، حيث حرمتْ الربا أباحتْ البيعَ فقد ورد في مسند الإمامِ أحمد أن غلامًا للنبيّ أتاهُ ذاتَ يومٍ بتمرٍ ريان وكان تمرُ النبيِّ بعلاً فيه يبس فقال النبيُّ : أنى هذا لتمر ؟ فقال : هذا صاعٌ اشتريناه بصاعين من تمرنا ، فقال النبي : لا تفعل هذا لا يصلحُ بع تمرَك واشتر من أي تمرٍ شئت .
وحريّ بالمعلمين والمعلماتِ والآباءِ والأمهاتِ والمربين والمربياتِ ومَن يتولى هذه المهمةَ الشريفةَ أن يقتفي أثرَهُ ويهتدي بهديهِ عليه الصلاةُ والسلامُ ففيه الخيرُ كلُّ الخيرِ.
اللهم إنا نسألك علماً نافعاً وقلباً خاشعاً ولسناً ذاكراً. أقول قولي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم
الخطبةُ الثانيةُ:الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلا له وبسم اللهِ ولا يستعانُ إلا به، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ …………………… وبعدُ
ثالًثا: كيف اقْتَدِي بالنبيِّ العدنانِ صلى الله عليه وسلم؟
أيها السادةُ: إنّ سيرةَ نبيِّكُم صلى الله عليه وسلم زاخرةٌ بالمواقفِ التربويةِ والتعليميةِ ، التي ينبغي أن يستفيدَ منها المربون والمعلمون بل والمتخصصون في أساليب التربيةِ والتوجيهِ ؛ لأننا قد أُمرنا أنْ نقتَدِيَ به في كل أحوالِنا فهو قدوتُنا وأسوتُنا ومعلمُنا ومرشدُنا بنصٍّ من عند اللهِ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 21]
فنجدُ تربيةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لأصحابهِ على الصبر ويبشرُهم عاقبةَ الأجرِ في الآخرةِ لا في الدنيا نجدُها في مرورِه على آل ياسرٍ وهم يعذبون بمكةَ ، يقابلُ العذابَ الجسديَّ الذي يتعرضون له بكلماتٍ قلائلَ : صبراً آل ياسر فإنّ موعدَكُم الجنة .
نجدُ في سيرتهِ كيف كان يتفهمُ عواملَ الضعفِ البشريةِ ، فيترفقُ بالعاصين ويرحمُ التائهين ، فنراه يتلقفُ الشابَ المستأذنَ في الزنا ، فيتفهمُ دوافعَهُ ويعينُه على أسباب الخلاصِ مما هو فيه : فيخاطبُه برفقٍ فعن أبي أمامةَ (رضي الله عنه) قَالَ: إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا ، فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ وَقَالُوا : مَهْ, مَهْ, فَقَالَ: “ادْنُهْ ، فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا” , قَالَ: فَجَلَسَ قَالَ: “أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ؟” قَالَ : لَا. وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ :”وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ” قَالَ : “أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ؟” قَالَ : لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ : “وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ”قَالَ : “أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ؟” قَالَ : لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ : “وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ”، قَالَ : “أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ؟” قَالَ : لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ . قَالَ: “وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ”. قَالَ: “أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ؟” قَالَ: لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ , قَالَ: “وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ” قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: “اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ” فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ. (رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح)
ولمَّا سَلطَ عليه أهلُ الطائفِ عبيدَهُم وصبيانَهُم يرمونه بالحجارةِ ، ولجأ إلى ربه سبحانَهُ وتعالى يدعوه ويضرعُ إليه ، فأرسلَ سبحانه وتعالى إليه ملكَ الجبالِ يقولُ له : يا محمد , إنْ شئتَ أنْ أُطبقَ عليهم الأخشبين ، فقال له رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم): “بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ، لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا” (متفق عليه)، وهنا يقولُ جبريلُ (عليه السلام) : “صدقَ مَن سمّاكَ الرؤوفَ الرحيمَ ) ولما دخلَ (صلى الله عليه وسلم) مكةَ فاتحًا منتصرًا ، قال: يا أهلَ مكة ، « مَا تَرَوْنَ أَنِّى صَانِعٌ بِكُمْ؟ ». قَالُوا: خَيْرًا أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ. قَالَ: ” اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ ) رواه البيهقي ، وذلك حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانه: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) (آل عمران : 159) ، ويقولُ سبحانه: ((لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)) (التوبة : 128( وعندما وجدَ في نفوس بعضِ الأنصارِ شيئًا أنْ زادَ في عطاءِ بعضِ حديثي العهدِ بالإسلام على عطائِهم ، جمعَهُم صلى الله عليه وسلم وقال: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ , مَقَالَةٌ بَلَغَتْنِي عَنْكُمْ؟ وَجِدَةٌ وَجَدْتُمُوهَا فِي أَنْفُسِكُمْ؟ أَلَمْ آتِكُمْ ضُلّالًا فَهَدَاكُمْ اللّهُ بِي؟ وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمْ اللّهُ بِي؟ وَأَعْدَاءً فَأَلّفَ اللّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ؟) قَالُوا: اللّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنّ وَأَفْضَلُ. ثُمّ قَالَ: (أَلَا تُجِيبُونِي يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ؟) قَالُوا: بِمَاذَا نُجِيبُك يَا رَسُولَ اللّهِ؟ لِلّهِ وَلِرَسُولِهِ الْمَنّ وَالْفَضْلُ. قَالَ: (أَمَا وَاَللّهِ لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ فَلَصَدَقْتُمْ وَلَصُدّقْتُمْ: “أَتَيْتَنَا مُكَذّبًا فَصَدّقْنَاكَ، وَمَخْذُولًا فَنَصَرْنَاكَ، وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاكَ، وَعَائِلًا فَآسَيْنَاكَ”، أَوَجَدْتُمْ عَلَيّ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ فِي أَنْفُسِكُمْ فِي لُعَاعَةٍ مِنْ الدّنْيَا تَأَلّفْتُ بِهَا قَوْمًا لِيُسْلِمُوا؟، وَوَكَلْتُكُمْ إلَى إسْلَامِكُمْ، أَلَا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَنْ يَذْهَبَ النّاسُ بِالشّاءِ وَالْبَعِيرِ وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللّهِ إلَى رِحَالِكُمْ؟ فَوَاَلّذِي نَفْسُ مُحَمّدٍ بِيَدِهِ لَمَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ خَيْرٌ مِمّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ، وَلَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَءًا مِنْ الْأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النّاسُ شِعْبًا وَوَادِيًا، وَسَلَكَتْ الْأَنْصَارُ شِعْبًا وَوَادِيًا لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ وَوَادِيَهَا، الْأَنْصَارُ شِعَارٌ وَالنّاسُ دِثَارٌ ، اللّهُمّ ارْحَمْ الْأَنْصَارَ وَأَبْنَاءَ الْأَنْصَارِ، وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ) فبكى القومُ حتى أخضلوا لُحاهُم ، وقالوا : رضينا برسول اللهِ (صلى الله عليه وسلم) قسمًا وحظًّا))مسند أحمد
فليتنا نتأسى أيها الأخيارُ بهذا المعلمِ المربِّي في أخلاقِنا وفي دعوتِنا إلى الله عز وجل
فأيُّ معلمٍ كان.. بل أيُّ إنسانٍ.. كان
أيُّ إيمانٍ كان.. وأيُّ عزمٍ كان.. وأيُّ أسلوبٍ كان .. وأيُّ عطاءٍ كان
وهل يظنُّ ظانٌ أنه يوجدُ أو سيوجدُ على وجه الأرضِ من هو أسمى وأعلى وأشرفُ من الرسولِ صلى الله عليه وسلم معلِّما ومربِّياً؟ فهو الأميُّ الذي علمَ الدنيا كلَّها العلمَ والأدبَ. فالأميةُ في حقِّ النبيِّ شرفٌ وفي حقِّ غيرِه من الناس تلفٌ …فاللهَ اللهَ في العلمِ اللهَ اللهَ في الأدبِ اللهَ اللهَ في التربيةٍ .
عبادَ اللهِ : اذكروا اللهَ يذكرْكم واستغفروه يغفرْ لكم وأقم الصلاةَ
المصدر: وزارة الأوقاف المصرية