تقارير وتحقيقات
لقي شاب مصرعه اليوم الثلاثاء في محافظة الجيزة بعد محاولته الانتحار، حيث قالت أسرته أنه كان يعاني من أعراض نفسية، وتعد حالة هذا الشاب ليست الأولى في مصر والعالم، ففي كل عام يضع 703 ألف شخص نهاية لحياتهم، وفقًا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية، ويحدث الانتحار في أي مرحلة مراحل العمر، سواء في الدول المتقدمة او النامية.
حيث أكدت الصحة العالمية أن الانتحار لا يحدث في البلدان المرتفعة الدخل فحسب، بل هو ظاهرة تحدث في جميع أقاليم العالم. والواقع أن أكثر من 79% من حالات الانتحار العالمية في عام 2019 حدثت في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. وقد صنف في عام 2019 رابع أهم سبب للوفاة بين من تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عامًا على الصعيد العالمي.
وتؤثر حالات الانتحار على الأسر والمجتمعات والبلدان بأكملها وتترتب عنها آثار طويلة الأمد على ذوي الشخص المنتحر.
إحصاءات خطيرة:
تعد مصر من الدول ذات المعدلات المرتفعة في محاولات الانتحار، فوفقا لتقرير لمنظمة الصحة العالمية وضعت مصر على رأس الدول العربية بـ 3799 حالة انتحار في عام 2016، تبعتها عربيًا السودان (3205 حالة انتحار) واليمن (2335 حالة).
وسجلت مصر في 2021 طبقًا لبيانات النيابة العام 2584 حالة انتحار. بينما أوضحت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، أن أكثر الفئات العمرية انتحارًا هم الشباب، خاصة من هم في العقد الثاني والثالث من حياتهم.
ووفق آخر دراسة أعدتها أمانة الصحة النفسية وعلاج الإدمان بوزارة الصحة المصرية، فإن نسبة 29.2% من طلاب المرحلة الثانوية يعانون من مشكلات نفسية، و21.7% منهم يفكرون بالانتحار.
أسباب الانتحار
في دراسة مهمة أعدها مرصد الأزهر الشريف فند بها أبزر المشكلات الاجتماعية والأسرية، التي تسببت في حالات الانتحار بسبب ضغوط ومشكلات اجتماعية ناتجة عن اختلال النظام الأسري في التعامل مع الأبناء، بداية من الشدة في التعامل واستخدام العنف والصرامة في إرشادهم، وممارسة أساليب الضغط عليهم في المراحل التعليمية المختلفة، دون الأخذ في الاعتبار اختلاف درجة استيعاب كل طالب.
وأضافت الدراسة أن انعدام الثقة بالنفس والاكتئاب، والإحباط القاتل قد يدفع بالابناء إلى الانتحار، ويأتي الابتزاز الإلكتروني خاصة للفتيات خلال السنوات الماضية، في قائمة أسباب وقوع بعض حالات الانتحار، باعتباره المخرج الوحيد من هذه الأزمة.
وأضاف مرصد الأزهر أن غياب الوازع الديني والأخلاقي، ينتج عنه اليأس والقنوط والجزع، ومن ثم الانتحار، مضيفا أن المؤمن يدرك تمام الإدراك أن الحياة مزيج من الخير والشر، واليسر والعسر، فحين تواجهه عقبة من عقبات الحياة، فإنه يحاول التغلب عليها بسلاح الصبر على الشدائد وتحمل المكاره.
وأشارت الدراسة أن الظروف المعيشية الصعبة، وفقدان الأحباب، والاضطرابات النفسية، وهو ما يطالب الأزهر بمواجهتها والبحث عن حلول لها مدعومة بالإيمان والصبر.
دور الأهل في اللجوء إلى المتخصصين
من جانبه أكد الاستشاري النفسي د. وائل فؤاد لــ”البوابة نيوز” أن قصة الانتحار تتعلق أكثر بالوصم للمرض النفسي، وقد تساء حالة المريض وتدهوره ومن ثم اتجاهه للانتحار، لعدم وجود دعم نفسي وعلاج سريع.
وأوضح “فؤاد”، أن المفاهيم الخاطئة لدى الأسر والعائلات التي يعاني أبنائها سواء اطفال أو مراهقين أو بالغين أن الادوية النفسية ستسبب الادمان، أو أن الذهاب إلى الطبيب النفسي سيسبب وصم مجتمعي، وقد يلجاون إلى المشايخ في علاج المرض النفسي الذي لا بد أن يشخصه طبيب.
وأضاف “الاستشاري النفسي” في تصريحات للبوابة نيوز، أنه يمكن تلافي حالات الانتحار بين الشباب والمراهقينمن خلال اللجوء إلى الطبيب النفسي وحل الموضوع من البداية عند ظهور اول اعراض نفسيه مثل الاكتئاب.
وكشف “فؤاد” أن اضطرابات الاكتئاب عند الأطفال والمراهقين تتمثل في العصبية الزائدة والميل للعزلة واضرابات الشهية والنوم وعدم القدرة على التركيز، أما في البالغين والكبار في صورة مزاج متقلب وفقدان الشغف واضطرابات الأخري للحساسية المفرطة واضطراب الشهية وزيادة الحساسية للنقد.
مواجهة الدولة للظاهرة
عملت الدولة على تقديم الدعم للمرضى النفسيين من خلال أكثر من جهة بخط ساخن لمساعدة من لديهم مشاكل نفسية أو رغبة في الانتحار، مثل وزارة الصحة وأمانة الصحة النفسية ووزارة التضامن وغيرها من مؤسسات الدولة الدينية والصحية.
ويمكن تتلقي الاستفسارات النفسية والدعم النفسي ومساندة الراغبين في الانتحار، من خلال رقم 08008880700، 0220816831، طول اليوم.
ومن جهتها أكدت دار الإفتاء المصرية أن حفظ النفس مقصد المقاصد العامة للشريعة التى جاء الإسلام لصيانتها، لذلك حرم الإسلام الاعتداء على النفس البشرية بأى صورة من صور الاعتداء، وشددت على أنّ الانتحار حرام شرعًا ومن كبائر الذنوب، مؤكدة أنّ حماية النفس وعدم إزهاق الروح، أو حتى إتلاف عضو من أعضاء الجسد أو إفساده، هو مطلب شرعى.