بعد عرض مسلسل «سفاح الجيزة» وظهور بطل العمل الفنان أحمد فهمي، في دور عكس الاعتياد الفني الخاص بظهوره بشكل كوميدي، وتجسيده لشخصية سفاح يتبع جرائم متتابعة من القتل المتتالي، وتلاها تصريحاته طوال الوقت في البحث عن الخروج من الكوميديا إلى التنوع الفني بين كافة الشخصيات الفنية، ولكن «فهمي» لم يكن النجم الكوميدي الأول الذي يكسر تابوت الضحك، ويتمرد على الحبس داخل قالب فني، وفي التقرير التالي نرصد لكم أبرز أسماء الفنانين الذين حولوا بوصلة الكوميديا إلى إبداع التراجيديا.
أحمد فهمي.. «من الكوميديا إلى الجريمة»
قدم أحمد فهمي الكثير من الأعمال الفنية الكوميدية، وظهر بالشكل الثلاثي مع النجوم هشام ماجد وشيكو، ولم يكن التمرد على الأدوار الكوميدي هو البداية لدى فهمي، فكان كسر القيود هواية لديه وبدأ بالخروج من الأعمال الفنية مع الثلاثي الفني سالف الذكر، رغم حجم النجاحات منقطع النظر التى تحققت مع بعضهم البعض مثل “سمير وشهير وبهير، الحرب العالمية التالتة، بنات العم”، إلا أن فهمي شق طريقه وخاض مغامراته الفنية منفردًا.
ثم توالت أعماله الكوميدية حتى وصل إلى محطة فيلم “ليلة هنا وسرور” والتى حاول معها فى بداية التمرد على أدوار الكوميديا وقدم شخصية نصاب ومحتال يطارد بطل العمل الفنان محمد إمام، إلى أن جاءت محطة فيلم “العارف” مع الفنان أحمد عز، والتى أعلن من خلالها فهمي أنه يريد أن يغير جلده فنيًا، وكان فى منتهى السعاده للاستفادة من جمهور عز وقدم سجال فني بينه وبين عز طوال أحداث الفيلم حيث قدم شخصية راضي والتى تقود فريق من الهاكرز لصالح الجماعات الإرهابية والمشوبة.
وبعد الشخصية المختلفة التي قدمها فهمي من خلال الفيلم، ظلت تصريحاته تبحث عن التنوع الفني، حتى تحقق من خلال مسلسل “سفاح الجيزة”، والتى يقدم من خلالها أحمد فهمي شخصية سفاح يقوم بأعمال القتل المتتالي، بشخصية مركبة من أول التفاصيل الشخصية والأداء والتحركات والبعد النفسى، ليحقق فهمي خطوة جديدة من خطوات التنوع الفني خلال رحلته الفنية.
عادل إمام «زعيم التنوع الفني»
الفنان والاسم الأبرز الذي استطاع أن يخلق رحلة فنية لنجم هو المصنف الكوميديان الأشهر على مدار التاريخ الفني، وبالرغم من ذلك هو المتمرد الأكبر على أن يظل حبيس هذا اللون الفني.
قدم عادل إمام فى بداياته العديد من الأعمال الكوميدية والتى جعلته نجم شباك سينمائي من الدرجة الأولى، ثم حجز مقعدًا فى عالم المسرح، وقدم العديد من الأعمال المسرحية، وكان يأتي لها جمهور من كافة الشخصيات والملوك والأمراء والرؤساء العرب.
وبالرغم من ضمان الزعيم التربع على عرش الكوميديا، إلا أنه قرر أن يجازف بلون فني مختلف ومتنوع، وقدم العديد من الأعمال الفنية ذات الطابع المجتمعى، والتى تشغل بال المواطن وتقدم رسالة إلى الجميع، ودخل ملفات شائكة مثل الإرهاب فى فيلم “الإرهابى، طيور الظلام”، والفتنة الطائفية فيلم”حسن ومرقص”، وأزمة الإسكان للشباب بشكل عام وأزمة المساكن بعد أحداث الزلزال بشكل خاص فى فيلم “كراكون فى الشارع”.
وقدم الروتين والبيروقراطية فى فيلم “الإرهاب والكباب” وقدم أيضاً فساد بعض رجال الأعمال فى الكثير من الأعمال أبرزها “الغول، بوبوس، مرجان أحمد مرجان”، ليقدم الزعيم عادل إمام واحدة من أهم ملامح التحول الفنى والخروج بذكاء شديد سجن اللون الفنى الواحد، والتناغم والعزف بين ألوان كافة الأدوار الفنية.
كريم عبد العزيز “جوكر الجيل الحالي”
أحد أهم رهانات نجوم الشباك الفنى لهذا الجيل، ويكفي أن يتم الإعلان عن أكثر ثلاثة أفلام إيرادات فى تاريخ السينما المصرية، ويكون النجم كريم عبد العزيز صاحب البطولة للأفلام الثلاثة.
ورغم البداية الفنية للشاب كريم عبد العزيز كبطل سينمائي كانت الأفلام تمتاز بالطابع الكوميدي، مثل “ليه خلتنى احبك، حرامية فى كى جى تو، حرامية فى تايلاند، الباشا تلميذ، أبو علي، فى محطة مصر”، ورغم كل تلك الأعمال الكوميدية والمتتالية، وبالرغم من تحقيق كل منها نجاح كبير وضع كريم فى مصاف نجوم السينما بين جيله، إلا أنه قرر أن يخرج من هذا القالب الفنى.
وقدم فيلم “واحد من الناس”، ليمثل نقلة كبيرة فى تاريخ كريم كبطل سينمائي يقدم بشكل جديد، تناول الفيلم جرعة من الظلم والقهر عاشه البطل، مع طرح سؤال فلسفي حول الصدق والهلاك أم الكذب والنجاة، ثم رحلة الانتقام من البطل فى دراما أحدثت صدى فنى كبير حينها، وأكدت ميلاد نجم سينمائى سيسطر تاريخا فنيا بشكل مختلف، وهو ما حدث وتلاها أفلام مهمة مثل “أبناء العم، الفيل الأزرق ١، الفيل الأزرق ٢ ، كيرة والجن” وغيرها من الأعمال المهمة.
وعلى مستوى الدراما قدم كريم عبد العزيز اختلافاً بالمساهمة فى توثيق بطولات المخابرات العامة المصرية بمسلسل “الزيبق”، ثم المشاركة فى العمل الوطنى الأهم خلال السنوات الأخيرة وهو الاختيار بأجزائه الثلاثة والتى ظهر فيها كريم بطل فى جزئين، ليؤكد هذا النجم الكبير أن الكوميديا باب ولون هام ولكن تمثل محطة لا كل المحطات.
أحمد حلمي “من الكوميديا إلى الفلسفة”
ظهر ظهوراً ساحراً فى بداياته، أنبأ عن ميلاد عملاق من عمالقة الكوميديا عبر تاريخها، وكان لشخصية عاطف فى فيلم “الناظر صلاح الدين”، يقين تام بظهور كوميديان كبير، كان أحمد حلمى قادر أن يضحك بطريقة كوميدية جديدة على هذا الوقت، وهى البساطة والسلاسة قبل خروج الموقف أو الإفيه الكوميدى، مما كان يزيد من الضحك للمفاجأة أولا غير المتوقعه نظراً لبساطته، إلى جانب حضوره وكاريزمته فى الكوميديا.
قدم بعدها سلسلة من الأفلام الكوميدية كبطولة مطلقة مثل “صايع بحر، ميدو مشاكل، ظرف طارق، جعلتنى مجرماً، كده رضا” وغيرها الكثير، حتى فاجأ الجميع بفيلم “آسف على الإزعاج”، والذى قدم من خلاله حلمى شخصية بتركيبة نفسية أخرجت قدرات تمثيلية جبارة، وكما اعتاد أن يفاجئ الجمهور قبل الضحك، فاجئهم أيضاً قبل البكاء.
ثم قدم بعدها فيلم “١٠٠٠ مبروك” ببعد فلسفي وهى ليست المرة الأولى أن يصاحب أعمال حلمى رسائل فلسفية، ليؤكد أحمد حلمى خروجه عن النص، ولكن ليس النص الفني ولكن نص النمط والروتين، وتوالت الأعمال مثل فيلم “على جثتى” والذى يصل من خلاله رسالة فلسفية أيضاً عن شخص رحل عن الدنيا ولكن أتيحت له الفرصة أن تظهر روحه وتشاهد ما فعله المحيطون بعد رحيله.
ويقدم أزمة أصحاب “السمنة” فى عمل فنى رائع يناقش قضية مجتمعية مهمة وتمثل شريحة فى المجتمع، ويقدم شخصية المغترب الذي يعود إلى وطنه بعد سنوات كبيرة من الاستقرار فى الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال فيلم “عسل أسود”، ليقدم تناقضات الثقافات والعادات، وبعض سلبيات المجتمع بحرفية وإبداع شديد.
ماجد الكدواني “نجم لكل الألوان الفنية”
بجسد ممتلئ يساعد فى الأعمال الكوميدية، كان ماجد الكدوانى خير بديل بعد رحيل الفنان الكوميدى الكبير علاء ولى الدين، واستطاع الكدوانى أن يظهر رويداً رويداً، دون صخب أو افتعال على العكس كان الظهور الفنى بشكل كوميدى طبيعيا وبسيطا، ولكن لم يكن يتصور أحد أن يكون داخل هذا الفنان، طاقة إبداع فنى كما ظهر فيما بعد.
البداية فى أفلام ذات طابع كوميدى بحت مثل “حرامية فى تايلاند، عسكر فى المعسكر، شباب تيك أواى، جاى فى السريع، الرهينة، شيكامارا”، ورغم كل التسلسل الكوميدى لرحلة الكدوانى، إلا أنه كان كما الصياد بصبر غريب ينتظر الفرصة كفريسته، إلى أن سنحت من خلال دور مختلف تماماً بفيلم كباريه، والذى أبدع من خلاله ماجد الكدوانى بتجسيد الشخص “السكرى” الذى خسر كل أمواله وبعد أن كان شريكاً فى الملهى الليلى “الكباريه” أصبح عاملا للحمامات، وحبيس المكان طوال الوقت.
ومن هنا لفت الكدواني الأنظار وأصبح محط اهتمام للقائمين على صناعة الفن، بمغازلتهم بميلاد نجم شامل ومتنوع، وقيامه بدور الضابط الفاسد فى فيلم “تراب الماس”، والذى أبدع فى تقديمه دون أى تكلف فنى أو انفعالات فى غير محلها، أوصل كل رسائله الفنية ما بين الفساد والشر، بمجرد نظرات وطبقات صوت متزنة بأداء يؤكد عن فنان بدرجة مبدع.
وتوالت الأدوار واحدًا تلو الآخر للدرجة التى جعلت الكدوانى يبدع فى فيلم “برا المنهج” ويكون البطل أمامه طفلاً صغيرًا طوال أحداث الفيلم، ليقدم ليس فقط دور عظيم، ولكن أيضاً درس فني عظيم لنجم قدير ومتنوع.