في 36 ساعة فقط، اندلع تمرد مسلح قاده رئيس مجموعة “فاغنر” العسكرية الخاصة يفغيني بريغوجين، لينتهي باتفاق بعد وساطة من الرئيس البيلاروسي ألكساندر لوكاشينكو، وينص على مغادرة بريغوجين، الذي حاول الإطاحة بالقيادة العسكرية الروسية إلى بيلاروسيا.
قبل الاتفاق، تعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسحق “تمرد مسلح” بعد أن سيطرت قوات فاغنر على مدينتي روستوف وفورونيج وزحفت قوة من 5 آلاف رجل باتجاه موسكو.
وقبل تطور الأحداث، اتسمت تصريحات بريغوجين ضد القيادة العسكرية الروسية، وتحديدا ضد وزير الدفاع سيرغي شويغو، بالحدة ووصلت حد الإهانات، وذلك على خلفية تزويد جماعته بالذخيرة والأسلحة.
وإليكم فيما يلي تسلسل زمني لمجريات الأمور التي تكشفت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
قوات فاغنر في روستوف (رويترز)
الجمعة: يوم البداية
يوم الجمعة، نشر بريغوجين مقطع فيديو صعد فيه من نبرة خلافه مع كبار الضباط العسكريين في روسيا، ولأول مرة يرفض مبررات موسكو الأساسية للعملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا.
واتهم بريغوجين القوات الروسية بقصف قوات فاغنر الأمر الذي تسبب بمقتل الآلاف من رجاله، وتعهد بالرد، وفي سلسلة من التسجيلات الصوتية اللاحقة على تلغرام، قال بريغوجين إن “شر” القيادة العسكرية الروسية “يجب أن يتوقف” وإن قوات فاغنر سيقودون “مسيرة من أجل العدالة” ضد الجيش الروسي.
ومن جانبه رد جهاز الأمن الفيدرالي الروسي بفتح قضية جنائية ضد بريغوجين، قائلا إنه دعا إلى “تمرد مسلح”.
كما حث نائب قائد الحملة الروسية في أوكرانيا الجنرال سيرغي سوروفكين مجموعة فاغنر على التوقف عن معارضتها للقيادة العسكرية والعودة إلى قواعدها.
تسارع وتيرة الأحداث
يوم السبت، قال بريغوجين إن رجاله عبروا الحدود من أوكرانيا إلى روسيا وهم على استعداد للذهاب “إلى أبعد مدى” في معارضتهم للجيش الروسي، ودخل مقاتلو فاغنر مدينة روستوف بجنوب روسيا، حسبما قال بريغوجين في تسجيل صوتي نُشر على تلغرام.
وقال البيت الأبيض إنه يراقب الوضع بين روسيا ومجموعة فاغنر، وسيتشاور مع الحلفاء والشركاء بشأن التطورات، أما المدعي العام الروسي إيغور كراسنوف فأبلغ بوتين رسميا بالقضية الجنائية ضد بريغوجين بتهمة التمرد المسلح.
وحاكم منطقة روستوف المجاورة لأوكرانيا بجنوب روسيا نصح السكان بالالتزام بالهدوء والبقاء في منازلهم حيث أصبح من الواضح أن قوات فاغنر قد سيطرت على مدينة روستوف.
أما وزارة الدفاع الروسيةفأصدرت بياناً ناشدت فيه مقاتلي فاغنر التخلي عن زعيمهم، قائلة إنهم “خدعوا وجُروا إلى مغامرة إجرامية”، فيما قال مصدر أمني روسي لرويترز إن مقاتلي فاغنر سيطروا على جميع المنشآت العسكرية في مدينة فورونيج الواقعة على بعد نحو 500 كيلومتر جنوبي موسكو.
وألقى الرئيس بوتين خطابا عبر التلفزيون تعهد فيه بسحق “التمرد المسلح” واتهم بريغوجين “بالخيانة” وبتوجيه “طعنة في الظهر” لروسيا.
ومن جانبه، رفض بريغوجين اتهام بوتين له ولجماعته بالخيانة، وجاء في بيان منسوب لقوات فاغنر أنه “سيكون لروسيا رئيس جديد”.
أما الزعيم الشيشاني رمضان قديروف، حليف بوتين، فقال إن قواته مستعدة للمساعدة في إخماد تمرد بريغوجين واستخدام أساليب قاسية إذا لزم الأمر.
والحكومات الأوروبية بما في ذلك بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا أصدرت بيانات تقول إنها تراقب عن كثب التطورات في روسيا، فيما فتحت طائرات هليكوبتر عسكرية روسية النار على قافلة من متمردي فاغنر بعدما قطعوا أكثر من نصف الطريق نحو موسكو في تقدم خاطف بعد الاستيلاء على روستوف خلال الليل.
ومن جانبه، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن “ضعف روسيا واضح” وإنه كلما احتفظت موسكو بقواتها ومرتزقتها في أوكرانيا لفترة أطول، زادت الفوضى التي ستدعوها للتراجع.
وتواصل رئيس بيلاروسيا ألكساندر لوكاشينكو مع الرئيس الروسي، وعرض الوساطة لإنهاء التمرد المسلح، وقبلها بريغوجين وأمر مقاتليه بالعودة إلى قواعدهم السابقة في لوغانسك لتجنب إراقة الدماء.
اتفاق للتسوية
وفي الساعات الأولى من اليوم الأحد، قال الكرملين إن بريغوجين سينتقل إلى بيلاروسيا “كما سيتم إسقاط التهم الجنائية ضده”، وكشف المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن الرئيس الروسي هو الضامن لاتفاق التسوية الذي تم التوصل إليه بوساطة من لوكاشينكو.
وأعلن الحاكم الإقليمي لمدينة روستوف فاسيلي غولوبيف، عبر تلغرام، أن مقاتلي فاغنر غادروا المدينة بعد أن سيطروا عليها السبت وتوجهوا نحو معسكراتهم.
وذكرت وسائل إعلام روسية أنه تم رفع جميع القيود المفروضة على الطرق السريعة في البلاد، وقالت وكالة تاس الروسية إنه تم إبقاء الإجراءات الأمنية على حالها على الطريق السريع بين موسكو وتولا.