العالم
نبهت مصادر أمريكية وغربية وإفريقية إلى خطورة تصاعد الأحداث في جمهورية النيجر إثر المحاولة الانقلابية التي شهدتها، يوم الخميس، وما قد يستتبعه ذلك من اتساع دائرة التداعيات الأمنية لتلك التطورات على دول الجوار.
وأكدت تقديرات الموقف لدى خبراء الأمن ومكافحة الإرهاب أن تفكك الدولة في جمهورية النيجر لن يكون خطرًا عليها في حد ذاته بقدر ما سيكون تهديدا لباقي دول إقليم الساحل والصحراء وغرب إفريقيا؛ لأنه “سيقوي شوكة كافة الحركات المتطرفة في هذا الجزء من العالم”.
وأعرب كبير باحثي الشأن الإفريقي في مؤسسة تشاتام هاوس البريطانية، باول ميللي، عن أسفه على” ضياع بذور الديمقراطية البازغة في جمهورية النيجر”، واصفا نظام الحكم فيها بالتمتع بدرجة معقولة من الانفتاح على الشركاء في داخل النيجر وخارجها؛ وهو ما أعطى الدولة قدرة وصلابة على مواجهة التهديدات الإرهابية المتطرفة المتمددة في إقليم الساحل الإفريقي؛ ومن أخطرها جماعة “بوكو حرام” في نيجيريا وتشاد المجاورتين وتنظيم “داعش” في المناطق الحدودية البرية للنيجر مع مالي وبوركينا فاسو.
وجمهورية النيجر هي أكبر متلقي للمساعدات العسكرية الأمريكية من بين دول إقليم الساحل الإفريقي، وفي مطلع العام 2021 قدمت الولايات المتحدة مساعدات عسكرية للنيجر لدعم صمودها في مواجهة الإرهاب بلغ إجماليها 500 مليون دولار أمريكي، وذلك في إطار برامج تدريب مشتركة بدأت منذ العام 2012. وفي وقت سابق من العام الجاري، أقر الاتحاد الأوروبي حزمة مساعدات عسكرية وتدريبية على مكافحة الإرهاب للنيجر بقيمة 27 مليون يورو (30 مليون دولار أمريكي)، فضلًا عن الاستثمارات الأوروبية اقتصاديًا وبشريًا.
وفي شمال النيجر، حيث تقع مراكز القيادة والسيطرة الأمريكية على عمليات الطيران، يدرس العسكريون الأمريكيون الآن مصير تلك المراكز على ضوء التطورات الأخيرة في النيجر. وفي هذا الصدد، قال جون ميللي، قائد القيادة الأمريكية في إفريقيا “أفريكوم”، أن قوات القيادة قوامها 1200 عسكري يعملون في مهام مكافحة الإرهاب والاستطلاع.
وبحسب البيانات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، تعد منطقة الساحل الإفريقي ومنها جمهورية النيجر أحد أخطر بؤر العالم على صعيد التطرف والإرهاب، موضحًا أنه خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري شهد الإقليم 1800 هجمة إرهابية أسفرت عن مصرع 4600 شخص، وقع غالبيتها في بوركينا فاسو ومالي، وكان نصيب النيجر منها 66 عملية هجومية للإرهابيين.
وقال رئيس مفوضية تعاون دول غرب إفريقيا (إيكواس)، عمر تيمور، إن انفلات الأوضاع في جمهورية النيجر قد يغري تيار العنف في منطقة الساحل على التمدد صوب دول أخرى في غرب إفريقيا مثل غانا وساحل العاج، وتزاد خطورة ذلك بالنظر إلى انسحاب مقرر لنحو 15 ألفا من قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام من جمهورية مالي، التي طلبت حكومتها من الأمم المتحدة رسميا سحبها الشهر الماضي.
وترى تقارير الدوائر الإعلامية الأمريكية وتقديرات خبراء مراكز الأبحاث أن النيجر هي شريك جيد للولايات المتحدة في منطقة الغرب الإفريقي الفرانكفوني في الحرب على التطرف، في بلد يتسم باتساع امتداداته الحدودية مع جمهوريتي مالي ونيجيريا، اللتين تخوضان بالتعاون مع الغرب حربًا ضارية ضد حركات متطرفة مسلحة عالية الخطورة، بعضها متحالف مع القاعدة مثل تنظيم بوكو حرام. كما تكتسب النيجر أهميتها الكبرى من جوارها مع مالي وبوركينا فاسو اللتين خرجت القوات الفرنسية من أراضيهما وبعضها أعاد تمركزه على أراضي النيجر بقوام يصل إلى 1000 مقاتل.
وبحسب البيان الصادر عن الخارجية الأمريكية يوم الخميس، أكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لرئيس النيجر محمد بازوم، في اتصال هاتفي، دعم الولايات المتحدة وشركائها الدوليين للديمقراطية في النيجر ورفضهم لسياسات استخدام القوة، مؤكدين تضامنهم مع شعب النيجر وحقه في الحفاظ على خياراته الدستورية، وكذلك حرصهم على تعزيز علاقات الشراكة السياسية والاقتصادية مع شعب النيجر.
وفي نيويورك مقر الأمم المتحدة ندد الأمين العام أنطونيو جوتيريش بالأحداث التي شهدتها النيجير خلال الساعات القليلة الماضية، داعيا ألا تنال تلك الأحداث دعما من أي نوع من قوات الأمن أو الجيش في النيجر وإنهاء احتجاز رئيس البلاد، كما أعلنت الأمم المتحدة تعليق عملياتها الإنسانية في النيجر.
كما دعا رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فقي، أطراف الأزمة في النيجر إلى ضبط النفس وتغليب المصلحة العليا للبلاد وترسيخ الديمقراطية فيها.
وكان انتخاب بازوم أول انتقال ديمقراطي للسلطة في دولة شهدت أربعة انقلابات عسكرية منذ استقلالها، وقع آخرها في العام 2010.
وتتمتع جمهورية النيجر باحتياطيات هائلة من اليورانيوم الخاص، الذي تعتمد عليه الدول النووية في إنتاج الكهرباء وفي مقدمتها فرنسا، التي استعمرت النيجر حتى عام 1960.
ومنذ حصول النيجر على استقلالها عن فرنسا شهدت 4 انقلابات عسكرية وقع آخرها في العام 2010. ويتواجد على أراضي النيجر نحو 1000 من قوات مكافحة الإرهاب الفرنسية التي أعادت تموضعها في النيجر بعد خروجها من مالي وبوركينا فاسو في العام الماضي.