رحم الله طارق البشري المفكر الإسلامي، والفقيه القانوني، نائب رئيس مجلس الدولة الأسبق، وصاحب الّسفر العظيم “المسلمون والأقباط في إطار الجماعة الوطنية” .
وعودٌ إلى برنامجي الإذاعي “أنوار من القرآن” الذي قدمته على موجات صوت العرب في رمضان عام 1998 ، والذي استضفت فيه على مدى ثلاثين حلقة كوكبة من المبرزين في مجالات متفرقة من الفن التشكيلي إلى علم النفس، ومن الاقتصاد إلى الأدب، ومن القانون إلى الفلسفة، باحثًا في حياتهم عن أثر القرآن فيها من خلال آية واحدة أو أكثر، ارتبطت بهم وارتبطوا بها.
“قال رب بما أنعمت عليّ فلن أكون ظهيرًا للمجرمين” الآية رقم 17 من سورة القصص كانت هي اختيار طارق البشري رحمه الله. فلقد كان لهذه الآية معه قصة:
حكى لي القاضي الجليل أنه فور تعيينه في السلك القضائي وكان حينها في العشرينيات من عمره، تهيب المهمة الثقيلة، فهرع إلى مسجد السادة المالكية بجوار مسجد السيدة نفيسة، وصلى ركعتين، ثم دعا بدعاء موسى الكليم : رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرًا للمجرمين.
وعاهد الله أن يوفي زكاة قدراته بألا تكون قدراته تلك في غير الحق، وسأل الله ألا يجعله يستخدم السلطة والقوة التي منحها إياه إلا في صالح الحق والحق وحده، وأنه لن يألو جهدًا في أن يسترد الحق لصاحبه مهما كانت الظروف والملابسات والمغريات.
يقول البشري: لقد صاحبتني هذه الآية طوال مسيرتي القضائية، وقبيل انتهاء حياتي القضائية في رمضان الماضي (1997) ذهبت لأداء العمرة شاكرًا لله سبحانه أن مكنني طوال تلك السنين ألا أكون ظهيرًا للمجرمين.
رحم الله طارق البشري الذي عاهد الله ألا يكون ظهيرًا للمجرمين، وأظنه وفَّى بعهده مع الله .