توسعت محكمة النقض المصرية ، توسعاً شاذاً متناقضاً ، مع ما قصده المشرع في المادة 39 من قانون العقوبات ، فذهبت محكمة النقض إلي إلصاق صفة الفاعل بكل شخص لم يتعد دوره التواجد علي مسرح الجريمة.
و بذلك تكون محكمة النقض اعتبرت مجرد وجود الشخص علي مسرح الواقعة، دون أن يساهم بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة، فاعلاً أصلياً فيها.
الفاعل وفقا لنص المادة39 عقوبات
عرّفت هذة المادة الفاعل الأصلي بأنه” يعد فاعلاً للجريمة :
أولا: من يرتكبها وحده أو مع غيره
ثانيا: من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أفعال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونه لها”
ووفقا للنص ، تقع الجريمة من جانٍ بمفرده ، أو أن يتداخل معه شخص أو أشخاص آخرين في السلوك المادي المكون للجريمة فيكونوا جميعاً فاعلين أصليين.
وتتحقق الصورة الثانية عندما تتكون الجريمة من جملة أعمال فيأتي عمد عملا من الأعمال المكونة لها.
إذن وفقا للنص من لا يدخل في الأعمال المكونة للجريمة لا يعد فاعلً أصليا فيها بمفهوم المخالفة من نص المادة 39 عقوبات.
أما الأخذ بمفهوم محكمة النقض للفاعل ، يؤدي إلي نتائج شاذة في مجال الإجرام الجنسي
المادة 269 من قانون العقوبات
المادة 269 من قانون العقوبات تجعل من مواقعة فتاة لم تبلغ من العمر ثماني عشرة سنه، ولو برضاها، جنحة هتك عرض.
غير أن الفقرة الثانية من المادة ذاتها تحول هذة الواقعة إلي جناية عقوبتها السجن، إذا كان الفاعل مثلا خادماً بالاجرة عند المجني عليها.
تفسير محكمة النقض
فلو أن الخادم لم يكن هو مرتكب فعل الوقاع مع الأنثي، وإنما كان مرتكبه صديقاً للفتاة أراد الخادم مؤزارته بالتواجد علي مسرح الجريمة.
يكون الخادم وفقا لمفهوم محكمة النقض فاعلا لمواقعه الأنثي، رغم أنه لم يواقعها، وإنما واقعها صديقها ، وبالتالي يستحق عقوبة الجناية.
أما صديق الفتاه مرتكب الوقاع فعلا يؤاخذ علي جنحة.
ولا شك في أن التفسير الذي ذهبت إليه محكمة النقض من القول بأن التواجد المجرد للشخص علي مسرح الواقعه يجعله فاعلا أصلا يؤدي إلي منطق غير سائغ في الواقع والقانون.
والواقع من الأمر، أن النص العقابي يستلزم لاعتبار شخص ما فاعلا للجريمة، أن يكون سلوك هذا الشخص قد تمثل في عمل من الأعمال المكونة للجريمة، ولا يعتبر قياماً بعمل من هذه الأعمال مجرد الحضور علي مسرح الواقعة.
أخيراً: نأمل أن تُعيد محكمة النقض النظر ، في مبادئها التي وسعت من مفهوم الفاعل الأصلي للجريمة ، متجاوزة بها ما قصده المشرع من النص.
د.محمد طلعت
محام و أستاذ القانون الجنائى