بقلم محمد رأفت فرج
باحث في مقارنة الأديان
عجيب أمر هؤلاء الذين يبدعون الدعوة التى أُطلقت للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم جهرًا عقب صلاة الجمعة القادمة، ولا أدري ما هي البدعة في الصلاة على حضرة النبي صلى الله عليه وسلم، فتارة يقولون بدعة، ومرة يقولون تسييس الصلاة على النبي صلى اله عليه وسلم، وذهبوا نحو كل صوب يفتشون في النوايا، وكأن الله سبحانه وتعالى جعلهم أوصياء على الدين، فيضيقون كل واسع، ويتهمون كل متقرب إلى الله بقربى بدعوى البدعة، خاصة أنهم اختزلوا البدعة في كل أمر قبيح، ولم يفهموا أو يفقهوا أن هناك بدعة حسنة، فيستمعون إلى شيوخ يرددون عنهم بدون فقه أو علم، فجعلوا العلم حفظًا دون فهم أو فقه.
إن أفضل الأعمال في يوم الجمعة هي كثرة الصلاة والسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم، بنص أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، فعن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله ﷺ: ( أَكْثِرُوا عليَّ مِنَ الصَّلاةِ في يومِ الجمعةِ ؛ فإنَّ صَلاةَ أُمَّتي تُعْرَضُ عليَّ في كلِّ يومِ جُمُعَةٍ ، فمَنْ كان أكثرَهُمْ عليَّ صَلاةً ؛ كان أَقْرَبَهُمْ مِنِّي مَنْزِلَةً )، وعن أوس بن أوس قال: قال رسول الله ﷺ (إنَّ من أفضلِ أيَّامِكُم يومَ الجمعةِ فيهِ خُلِقَ آدمُ وفيهِ قُبِضَ وفيهِ النَّفخةُ وفيهِ الصَّعقةُ فأكْثِروا عليَّ منَ الصَّلاةِ فيهِ فإنَّ صلاتَكُم معروضةٌ عليَّ قالَ قالوا يا رسولَ اللَّهِ وَكَيفَ تُعرَضُ صلاتُنا عليكَ وقد أرِمتَ – يقولونَ بليتَ – فقالَ إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ حرَّمَ علَى الأرضِ أجسادَ الأنبياءِ).
كما أنه لم يجمع الله سبحانه وتعالى ملائكته في عبادة وفي أمر إلا في الصلاة على الحبيب صلى الله عليه وسلم فقال تعالى “إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا” (الأحزاب – 56)، فالصلاة على النبي عبادة، ودليل محبة لحضرته صلى الله عليه وسلم، وطريق القرب إليه يوم القيامة، وعلامة رفع ذكر الرسول صلى الله صلى الله عليه وسلم الواردة في قوله تعالى ” وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ” (الشرح- 4)، وهي زكاة كما ورد في حديثه صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “صلوا علي فإنها زكاة لكم، وسلوا لي الوسيلة من الجنة”، كما أنها قربة القربات، والمحروم الحقيقي بل البخيل هو الذي يذكر اسم النبي أمامه ولم يصلي عليه.
إن فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عظيم وثوابها كبير، ونفعها جزيل، بها تنشرح الصدور، وتزكى النفوس، وترتقي الأرواح إلى مراتب القبول عند الله سبحانه وتعالى، وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة أن يتزودوا من التقرب إلى الله بالصلاة عليه، فمن فعل ذلك فقد أزاح الله همه وفرج كربه، فروى الترمذي عن أبي بن كعب أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: «يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: ما شئت، قال: قلت: الربع؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: النصف؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قال: قلت: فالثلثان؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذًا تكفى همك ويغفر لك ذنبك».
لهؤلاء نقول: سنصلي على النبي صلى الله عليه وسلم سرًا وجهرًا، سنصلي على النبي صلى الله عليه وسلم تعبدًا وقربة ومحبة، سنصلي على النبي جماعات وفرادى، سنستجيب للدعوة والحملة والمبادرة، ولن نلتفت لترهاتكم، ولغوكم في رمينا بالبدعة، وإن كانت بدعة فنعمت البدعة، ويكفينا أنها محبة في حضرة النبي، وطمعًا في القرب منه مجلسًا يوم القيامة فهو القائل صلى الله عليه وسلم: “إن أقربكم مني يوم القيامة أكثركم صلاة عليِّ”، سنزين الكون بالصلاة على الحبيب، ونملأ السموات والأرض بهجة بنور الصلاة على الحبيب،
ولله در القائل
إذا ما شئت في الدارين تسعد * فأكثر من الصلاة على محمد
وإن شئت القبول في الدعوات * فتختم بالصـــلاة على محمد
فلا صوم يصـــح ولا صــــــــلاة * لمن ترك الصلاة على محمد
وإن كانت ذنوبــك ليس تحصى * تكفر بالصـــــلاة على محمد
فما تتضاعف الحسنـــــــات إلا * بتكرار الصـــــلاة على محمد
وعند المــــــــــــوت ترى أمورًا * تسرك بالصـــلاة على محمد
وعند القـــــبر تحظى بالأمانى * وترحم بالصـــلاة على محمد
ولا تخشى من الملكيــن رعبـا * إذا سألاك قل لهمــــا محمد
رسول الله حقــــًا اتبعنــــــــــا * وآمنـــــا وصدقنـــــــــا محمد