دمروا 11 طائرة للعدو الإسرائيلي ودمروا مطار بالوظة.. وقتلوا المئات من الجنود الإسرائيليين
سالم الهرش تحدى موشيه ديان وأكد مصرية سيناء وانتماء أبنائها للوطن مصر
وقعت على أرض سيناء 3 حروب خلال القرن العشرين، الحرب الأولى عام 1956، والثانية عام 1967 والحرب الثالثة عام 1973، وجميع تلك الحروب راح الآلاف من الشهداء مقابل أرض سيناء العزيزة.
و اشترك أبناء قبائل سيناء في كل تلك الحروب، واصطفوا جميعًا ودافعوا عن أرض الوطن رغم ما كانوا يتعرضون له من تنكيل وضغوطات من جانب سلطات الاحتلال الإسرائيلي الذي اشترك في كل تلك الحروب على سيناء.
بعد نكسة 1967، ساعد كثير من بدو سيناء أفراد القوات المسلحة الشاردين في صحراء سيناء الواسعة، إذ قام الشباب والشيوخ من البدو بإرشاد أفراد الجيش بعد حرب يونيو 1967، فضلًا عن إخفاء شيوخ البدو مبلغا قُدر بنحو 300 ألف جنيه كانت موجودة بخزينة أحد البنوك المصرية الموجودة بمدينة العريش، وقد استخدم شيوخ القبائل هذا المبلغ في العمليات السرية التي كانوا يقومون بها ضد الاحتلال الإسرائيلي.
و أشار العميد فؤاد حسين عضو جمعية مجاهدي سيناء في كتاباته عن سيناء عن هذه الواقعة، إضافة لوقائع أخرى، على رأسها إخفاء شيوخ القبائل بطاقات الهوية لأبناء القبائل، وإخفاء الأختام الرسمية وشعار الجمهورية من المباني الرسمية التي كانت موجودة بالعريش قبل وصول قوات الاحتلال إليها.
و تقول سلوى الهرش، إن جدها سالم الهرش كان من بين المشاركين في مؤتمر الحسنة عام 1968 والذي كانت تسعى فيه إسرائيل إلى تهويد وتدويل سيناء عبر دعوة كل وسائل الإعلام العالمية مع شيوخ وقبائل سيناء كي تجبرهم على الاعتراف بوضع سيناء تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي.
لكن شيخ قبيلة البياضية سالم الهرش، أفشل المؤتمر الإسرائيلي عبر تحديه موشيه ديان وزير الدفاع الإسرائيلي حينها، عبر تأكيده على مصرية سيناء وانتماء أبناء سيناء للوطن مصر، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي قبض على الشيخ سالم وسجنه فترة قبل أن يُطلق سراحه.
كما يحكي شاب من قبيلة الترابين يدعى “موسى الترباني” للبوابة، أن جده عودة الويمي كان له دور في الاستعداد لحرب أكتوبر 1973، إذ قام جده بإرشاد وإبلاغ القوات المسلحة عن قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي بالتدريب على عبور مانع مائي يشبه قناة السويس.
وفي كتابات العميد فؤاد حسين، فإن هذه العملية تعود لعام 1972، بعدما أبلغهم شيخ بدوي يدعى عودة الويمي على قيام إسرائيل بالتدرب على عبور مانع مائي عند منطقة سد الروافعة في إحدي المناطق عند وسط سيناء.
وسد الروافعة تم إنشاؤه عام 1946 م لتخزين مياه السيول، وتبلغ السعة التخزينية له حوالى 5 ملايين متر مكعب وفى عام 1975 و1981 حدث سيل عالى الشدة بوادى العريش وزاد حجم المياه عن السعة التخزينية لسد الروافعة، مما تسبب فى وصول المياه إلى مدينة العريش.
كما أرسل عودة الويمي بعض الصور الفوتوغرافية لعمليات تدريب قوات الاحتلال الإسرائيلي، وبحسب العميد فؤاد حسين، فإن ذلك من الأخبار المهمة التي نقلها بدو سيناء، إذ كان مؤشرا على احتمال قيام إسرائيل بعبور قناة السويس وذلك قبل نحو عام من قيام قوات الاحتلال بعبور قناة السويس وإحداث ثغرة الدفرسوار.
كما أسست المخابرات العامة بالتعاون مع أبناء سيناء، مؤسسة أطلقوا عليها “منظمة سيناء العربية” وتشكلت من بين أبناء عدد كبير من قبائل سيناء من الترابين والتياها والمساعيد والأخارسة والفواخرية والبياضية، وتخصصت تلك المنظمة في متابعة ورصد تحركات الاحتلال الإسرائيلي، واستهدافه داخل صحراء سيناء.
وقد قسم مجاهدو سيناء أنفسهم إلى فرق عدة، منهم فرق للتصوير، وفرق للعمليات الفدائية، وفرق لعرقلة خطوات العدو، وفرق أخرى لجمع المعلومات، وفرق لتدمير خزانات الوقود.
وشكّلت جهود منظمة مجاهدي سيناء عونًا كبيرًا للقوات المسلحة في جمع المعلومات وتوجيه ضربات للمحتل الإسرائيلي، وتمثلت أولى عمليات للمقاومة في سيناء تسببهم في مقتل 11 طيارًا إسرائيليًا وكانت تلك أول ضربة للمنظمة.
ويعد الشيخ حسن المسعودى شيخ قبيلة المساعيد، أول شهيد من أفراد منظمة سيناء العربية التي تشكلت بمساعدة رجال المخابرات الحربية بعد هزيمة يونيو 1967.
وقد وقع المسعودي فى كمين للعدو الصهيونى أثناء تهريب ضباط مصريين إلى غرب القناة، وتم على إثره تبادل لإطلاق النار من جانب بعض أفراد المنظمة والجيش الاسرائيلى، واستشهد المسعودى وتم حجز جثته 15 يومًا من جانب الاحتلال الإسرائيلي.
ثم تم تسليمها إلى الصليب الأحمر المصرى، فضلًا عن وقوع عدد من أبناء منظمتي مجاهد سيناء وسيناء العربية في قبضة الاحتلال الإسرائيلي ولم يُفرج عنهم إلا في صفقات تبادل أسرى تمت بين مصر وقوات الاحتلال الإسرائيلي.
كما يقول مسعد أبو غياث، من قبيلة الأحيوات التي تنتشر بين الإسماعيلية والقنطرة وسيناء، إنه تعرف على واحد من أبطال حرب التحرير وهو الحاج “شلاش عرابي”، والذي كان عضوًا في منظمة سيناء العربية.
ويقول مسعد، إنه شلاش كان من أنشط عيون المخابرات في سيناء وقت الاحتلال الإسرائيلي، حتى أن إسرائيل رصدت مكافأة بآلاف الدولارات للوقوع به وبشبكته المخابراتية، وتلقى شلاش تدريبه على أيدي رجال المخابرات في منطقة بورسعيد.
وقبضت قوات الاحتلال الإسرائيلي على “شلاش عرابي” قبل نصر أكتوبر 1973، في آخر عملية قام بها شلاش خلف خطوط العدو وهي العملية بعد مقاومة عنيفة منه وتبادل لإطلاق النار نتج عنه إصابته في الفك وقطع في اللسان وعذبوه بقسوة وهو جريح، وحصل على نوط الامتياز من الدرجة الأولى من رئيس الجمهورية، وتم الإفراج عنه بناء على طلب المخابرات الحربية في مارس 1974 ضمن صفقة تبادل الأسري.
ومن بين صفوف أبناء سيناء الذين خدموا في صفوف جمعية مجاهد سيناء، الشيخ “عبدالكريم أحمود إبراهيم، والذي حصل على نوط الامتياز من الطبقة الأولى من رئيس الجمهورية الراحل محمد أنور السادات.
وهناك عضو منظمة سيناء العربية، عبد الكريم سليمان، الذي كان يرصد تحركات قوات الاحتلال الإسرائيلي داخل سيناء، ونفذ الكثير من العمليات داخل سيناء، على رأسها نسف 11 طائرة من طائرات العدو الإسرائيلي، إضافة إلى كشف جاسوس خطير وسط بدو سيناء ونجح في القبض عليه وتسليمه إلى المخابرات المصرية.
كما ساهم عبد الكريم سليمان في ضرب مطار بالوظة الذي يبعد نحو 35 كيلو مترا عن بورسعيد، حيث كانت قوات العدو تقيم في معسكرات خلف هذا المطار. وبعد عدة عمليات مخابراتية وقتالية شديدة الكفاءة قُبض على سليمان من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلي وحُكم عليه بالسجن بنحو 140 عامًا عام 1971.
ثم أفرجت عنه قوات الاحتلال الإسرائيلي عقب نصر أكتوبر 1973 في صفقة تبادل أسرى مقابل تسليم ضابط إسرائيلي، وحصل على نوط الامتياز من الدرجة الأولى من رئيس الجمهورية الراحل محمد أنور السادات، وقد أُطلق اسمه على أحد شوارع مدينة القنطرة غرب بالإسماعيلية بعد وفاته.
ومن بين أبناء منظمة سيناء العربية، عبد العزيز مرزوقة، والذي كان أحد أبناء سيناء المخلصين الذين كانوا على استعداد للتضحية بأرواحهم مقابل التئام سيناء بالوطن مصر مرة أخرى. وحصل مرزوقة على نوط الامتياز من الطبقة الأولى ودرع المخابرات الحربية من بين أوسمة شرف كثيرة حصل عليها مقابل جهاده ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي.
في النهاية، يمكن القول إن البطولات التى سجلها بدو سيناء خلال حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر المجيدة، والموقف الجماعى لقبائل سيناء فى مؤتمر الحسنة، جميعها تمثل صفحة نضال مجيدة يضمها كتاب كفاح هذا الشعب ضد المحتل الإسرائيلى، وتجسيدًا لصورة مشرقة يجب أن يترجمها الواقع الراهن من خلال المحافظة على ذاكرة الوطن ومعرفة الأجيال المتعاقبة بهذه التضحيات، وأن تمثل هذه التضحيات ومضامينها رسالة وقوة دفع حقيقية لمواجهة التحديات والمخاطر الراهنة التى تواجه سيناء والدولة المصرية بشكل عام.