منذ القديم الأزلى ، فى عهد كل بدائى ، ترك لنا أجدادنا فى إرث الأولين عظيم أخبارهم ، وجل علومهم ، حين وجدنا رموزهم ونقوشهم على جدران الكهوف ، فعلمنا منها وبها مناحى حياتهم.
وليس أقدر فى ذلك من آباءنا الفراعين حين ورثونا العلوم والفنون على جدران معابدهم فكان ذلك مبتدءاً للتحول الرقمى ، وبداية خطوات المنظومة ، فسلام على الأجداد فى العالمين ، فى كل مكان وحين .
إختراع التلغراف
كان العام ١٨١٠ هو عام التحول فى شكل المعلومة من نقوش مرسومة إلى رموز مترجمة حين إخترع صمويل مورس جهاز ( التلغراف ).
وأصبحت المعلومة مجرد طقطقات ونبضات كهربية تسرى عبر الأسلاك ، وتعبر الوديان والأفلاك ، وتترجم عبر جداول تبادلية إلى صنوف معلومات وعظيم موضوعات .
الإشارات السلكية واللا سلكية
ثم تمر السنوات ليستلهم القادة العسكريون فى الحرب العالمية الأولى من صمويل مورس طبيعة جديدة لنقل المعلومات عبر أجهزة الإشارة سلكية ولاسلكية ، حين تحولت المعلومة لمجرد رقم ، فردى أو ثنائى أو ثلاثى ، يتم إستقباله وترجمته عبر جداول رموز وأرقام إلى بلاغات قتال بين القادة وأوامر حرب ليس بها هوادة .
نواة المعلومات الرقمية
من هنا كانت نواة المعلومات الرقمية ، وتحولات مستقبلية علمية ، مكنت العلماء منذ ١٨٣٧ م وحتى بدايات سبيعينيات القرن الماضى من إختراع الحاسوب وتطويره عالماً تلو الآخر وجيلاً بعد جيل.
تمكنوا جميعاً من تحويل كل ماهو معلوماتى مقروء ومسموع ومرئى إلى مصفوفات لانهائية من الأرقام وعدد لانهائى من تباديل ، فأوصلتنا إلى مانحن عليه اليوم من تحول رقمى
معنى التحول الرقمي
إن التحول الرقمى فى معناه العلمى البحت هو تحويل المعلومة الوثائقية إلى صيغة رقمية ، يمكن قراءتها وتخزينها وتبادلها عبر الحواسيب.
ومن ثم يمكن تحويلها مجدداً إلى الصورة الورقية والوثاقية من خلال طباعتها من حديد ، وإن أكثر مايعنينا فى التحول الرقمى هو المعنى الشمولي لذلك العلم فى دعم تحول العلاقات الإدارية والخدمية من خلال القنوات الرقمية بين المؤسسات فيمت بينها من جهة وعلاقتها بالمواطنين من جهة أخرى .
من هنا نجد أن التحول الرقمى الذى تسعى إليه الدول كافة ودولتتا على سبيل الخصوص فى العلاقات المؤسسية ينقسم فى أفرعه إلى أربع قنوات :
– علاقة الدولة أو الحكومة (Government ) بمواطنيها ( Citizen ) وهو مانطلق عليه نظام ( G – C )
– علاقة الحكومة ( G ) بالأعمال والمشروعات ورجال الأعمال ( Business ) وهو مانطلق عليه نظام ( G – B )
– علاقة الحكومة ( G ) ومصادر الإقتصاد ( Economy ) وهو مانطلق عليه نظام ( G – E )
– أو حتى علاقة مؤسسات الدولة الحكومية بعضها ببعض وهو نا يسمى ( G – G )
ولكننا فى كل ذلك كله نجد أن الرهان الحقيقى والتحدي الأكبر يكمن فى تأمين المعلومات ذاتها حين وتحولها الرقمى وإنتقالها عبر الفضاء الإليكتروني الشاسع الغير قابل للسيطرة بل ويقبل الهجوم السيبرانى من جميع النواحى والإتجاهات .
أهداف التحول الرقمي
فإلى جانب أهداف التحول الرقمى من تحقيق المرونة والسرعة فى الأداء ، وتحسين الكفاءات ، والقضاء على البيروقراطية والفساد ، وتنمية الإبتكارات وخلق التنافسية .
وإلى جانب فوائده العلمية والتجارية والإقتصادية مما ينعكس على حالة الرضا لدى المواطن ذاته.
تهديد الأمن القومي
و نجد تهديدا ً قوياً للأمن القومي ، ورغم ما يخلقه التحول الرقمى من دعائم أساسية للإستقرار بدءا من إستقرار المواطن وعلاقاته الطبيعية اليومية وحال الشارع والمدن إلى العلاقات الدولية التبادلية.
إلا أنه يبقى مهدداً رئيسا ً للأمن القومي للدول حال عدم أخذها تلك التهديدات السيبرانية فى الحسبان
إنها قصة صراع يمتد لأكثر من نصف قرن بين مجهودات تحول رقمى تسعى لخدمة الوطن والمواطن محلياً ودولياً .
ومجهودات أخرى معادية تسعى لإجهاضها ، فمنذ أن أضحت المعلومة مصدر القوة المطلقة اضحت شبكاتها مصدر الضعف المطلق والثغرة المتوقعة
الحروب السيبرانية
وهذا كله يعيدنا إلى أول وثيقة سرية تعلن التصدى للحروب السيبرانية قبل ظهورها ، تلك الوثيقة التى وقعها الرئيس الأمريكى رونالد ريجان فى ١٩٨٤ حينما أصابه الإرتباك من مشاهدة أحد أفلام السطو السيرانى ( War game ) فبادر بسؤال وزراءه ومستشارية عن إمكانية حدوث ذلك وأجابوه بالإجابة الأشهر عير التاريخ فى ذلك المقصد :
– سيدى .. بل الأمر أسوأ من ذلك بكثير
فكانت وثيقة التوجه الرئاسى السرية لمواجهة الحروب السيبرانية
فمن حرب المعلومات التى مورست على الإتحاد السوفيتي وتسببت فى تفككه ، إلى حرب العراق وسوريا ، مروراً بحرب هاييتى وصربيا ، وصولاً لما تعاينة الكرة الأرضية جميعها الآن ، ومن ماضٍ مبهم غير معلوم ، ومجهول معتم غير مفهوم .
نجد عوالم افتراضية تلقى على مستقبلنا بمجهول مخيف ، وتبعث شعاعاً مظلماً يشق عباب نور نسعى إليه ، ملقياً بمخاوف غير محسوبة ، تصب جميعها فى بوتقة أمن وطمأنينة العالم ، مهددة الأمن القومى بلا رحمة