“كرة القدم هي لعبة فوضوية للغاية تتميز بمجموعة متنوعة معقدة بشكل لا يصدق من الاحتمالات غير القابلة للتنبؤ بها ، وهذا ما يجعل القدرة على التعامل مع عامل الصدفة أمر في غاية الأهمية، التحكم وهم!” – من كتاب فريتز شميد المدير الفني لقطاع ناشئين الزمالك الجديد.
تولى السويسري فريتز شميد منصب الإدارة الفنية لقطاع الناشئين بنادي الزمالك منذ أيام وله باع طويل في عالم كرة القدم.
هو مساعد كريستيان جروس –مدرب الزمالك الأسبق- حيث توج معه بلقب الدوري السويسري مع بازل 4 مرات ومثلها كأس سويسرا كما عمل معه في توتنام الإنجليزي أيضا.
كما تولى منصب المدير التقني لمنتخب ماليزيا ثم تولى تدريب منتخب نيوزيلندا الأول، وجاءت محطته الأخيرة في نادي كوتوكو رويالز الغاني.
وفي 2011 أطلق شميد كتابه الذي يحمل اسم “المنظور المنهجي للفوضى وعمليات التنظيم الذاتي في كرة القدم“.
FilGoal.com يصحبكم في جولة سريعة مع الكتاب الذي يتحدث عن الفوضى في كرة القدم.
“نظرا لتعقيد اللعبة، لا يمكن أبدا التأكد مما إذا كان سنجد مفتاح النجاح في كرة القدم. يبدو أننا على بُعد سنوات ضوئية من معرفة كيفية عمل كرة القدم، وعلى بُعد مجرات من معرفة كيفية تحقيق النجاح.
تتميز كرة القدم بثراء الاحتمالات ودرجة هائلة من عدم الاستقرار وعدم القدرة على التنبؤ. لن ننجح أبدا في السيطرة تماما على عامل الصدفة. بدلا من ذلك، يجب أن نحاول إعادة تنظيم الفوضى والبقاء منفتحين لما لا يمكننا التخطيط له. نحن بحاجة إلى تعلم كيفية التعامل مع الصدفة.
يقدم هذا الكتاب نموذجا منهجيا للفوضى وعمليات التنظيم الذاتي في اللعبة، ونركز على سؤال إلى أي مدى يمكن استنباط رؤى للتدريب“، هذا ما جاء في مقدمة الكتاب عبر موقع المدرب الخاص.
الكتاب لا يصل إلى كيف نتحكم في الفوضى، بل يحاول تنظيم عمليات للحد منها، في الأغلب ستجد لكل مثال ما هو عكسه ليعبر على الفوضى.
الرقابة الذاتية
يقول هيلموت شولت وهو مدرب كرة قدم: “أكبر مشكلة في كرة القدم هم اللاعبون. إذا استطعنا التخلص منهم، كل شيء سيكون على ما يرام“.
دائما ما تظهر الصورة النمطية للاعب بأنه “غبي” وذلك بسبب اللقاءات التي يُجريها اللاعب بشكل يومي وبسبب التعليقات المبتذلة التي يدلون بها والتي تُعرض على الجماهير.
إذا سألت مدربا ما هي الصفات الأساسية المطلوبة في اللاعب العصري سيخبرك: السرعة والتقنية. والبعض سيضيف الإبداع والعفوية، وربما يتوقع مدربون أن لديهم لاعبين قادرين على صنع قرارات ذكية والتصرف بشكل مستقل داخل وخارج الملعب.
لكن غالبا ما تكون الحقيقة مختلفة..
في مقابلة صحفية قال دي فليت حارس مرمى نادي فرانك روست: “قد تحاسبني الأندية عن ذلك، إذا عبرت عن آرائك في الأماكن العامة فستحصل على تصريح متداول. لو عبرت عنها داخليا لن يتم شكرك دائما، حتى لو كان النقد بناءً. عليك أن تكون حذرا جدا حول ماذا تقول ولمن تقوله في هذه الأيام. إذا كان الأمر حساسا سيتم اعتبارك غير مخلص ومزعج“.
وفقا لـ أوسكار بيك الصحفي الرياضي الألماني، هذه واحدة من الأسباب التي تجعل لاعبي كرة القدم يميلون بشكل متزايد للحفاظ على أفواههم مغلقة.
انتقد فيليب لام سياسة بايرن ميونيخ في التعاقدات وأسلوب تعامل لويس فان جال مع اللاعبين فصرّح قائلا: “لا ينبغي على المدربين التعامل مع كل لاعب بنفس الطريقة، لا يستطيع بعض اللاعبين التعامل مع النقد أمام الفريق بأكمله، لماذا لعبت هذه التمريرة؟ لماذا فعلت هذا القرار. سيقول الكثير من اللاعبين لأنفسهم في المرة المقبلة سأمرر إلى حارس المرمى بدلا من المخاطرة والإفصاح عن الأمر أمام بقية الفريق غدا“.
خاض لام حينها ما يزيد عن 60 مباراة مع منتخب ألمانيا وهو قائد بايرن ميونيخ، وعندما قرر التحدث علنا فعل ذلك من أجل إيقاظ الفريق وحل مشاكل الضعف، عوقب بغرامة قياسية في النادي من كارل هاينز رومينيجيه وأولي هونيس مديرا النادي في ذلك الوقت.
لكن ذلك الحديث أتي بثماره، إذ بدأ الفريق يحقق الانتصارات بعد نتائج مخيبة، وأصبح لام مثال للقائد الذي يريده الجميع، فأثبت ذلك أن لاعبي كرة القدم قادرين على رؤية الصورة الأكبر في بعض الأوقات.
لكن السؤال هنا: إلى أي مدى يتقبل المسؤولون النقد ولا يردون عليه؟ لام أصدر كتابا في خريف 2011 نُشر فيه بعض التعليقات غير المحبذة لمدربيه السابقين ما سبب نوبة غضب ضده وخرج اللاعب معتذرا في العلن.
مثال آخر، إيفان إرجيتش لاعب صربي أسترالي قضى 9 مواسم مع بازل وخلال تلك الفترة حقق لقب الدوري السويسري 8 مرات وسبق أن قال من قبل أن اللاعبين يتعمدون الظهور بشكل غبي.
فقال في حوار مع Neue Zürcher Zeitung: “من يريد لاعبا يطرح العديد من الأسئلة؟ كم مدربا يحب ذلك؟ العامل الاحترافي مطلوب منك لكن هذا يستوجب الكثير من الطاقة، لن يكون من الرائع أن تدخل مكتب المدرب لتخبره بشئ لا يود سماعه“.
مثل لام كان إيجريتش قائد للفريق الذي يقوده كريستيان جروس وعندما شعر أنه لا يستطيع إيصال “التواصل الاحترافي” أعلن وجود اختلافات مع مدربه وتنازل عن شارة القيادة.
فقال “ببساطة وصلت لنقطة حيث لا يمكنني أن أعض لساني أكثر من ذلك، العديد ظنوا أنني الذراع اليمنى للمدرب لكنني لست كذلك، وهو يتحكم بكل شيء وأنا اتحمل مسؤولية أشياء ليس لي بها تأثير“.
الرقابة اللصيقة
هذا الجزء مخصص لطريقة مراقبة المديرين والمدربين للاعبين.
جي رو المدير الفني الذي قاد أوكسير الفرنسي لأكثر من 40 عاما من الدرجة الأولى وحتى لقب الدوري عام 1996 اشتهر بفحصه الدوري للأميال المقطوعة في سيارات اللاعبين المتوقفة بجوار مقر التدريبات.
غريزته قادته للشك في أن اللاعبين ينفقون الكثير في السفر لحانة في إحدى القرى المجاورة.
قيل أيضا إن السير أليكس فيرجسون المدير الفني التاريخي لمانشستر يونايتد كان يزور الحانات ليُذكّر لاعبيه بضرورة الالتزام بأسلوب الحياة المناسب.
لكن في بعض الأحيان تنقلب الأوضاع، كريستيان قسطنطين رئيس سيون السويسري أحد أكثر الشخصيات الجدلية في اللعبة، اتهم لاعبا له من قبل بالتلاعب في نتائج المباريات وأسُقطت القضية لعدم كفاية الأدلة.
كما سبق له خصم 2000 فرنك سويسري من لاعب بسبب احتساء مشروب شوكولا ساخنة بدلا من القهوة قبل بداية المباراة.
لا مجال للفرديات
قال من قبل عالم: “على اللاعب أن يمتلك في قدمه ما يفتقده بين أذنيه“، وهو ما يعيدنا للمثال اليوناني القديم: العقل السليم في الجسم السليم.
السؤال هنا هل يتعمد اللاعبون الغباء مثلما قال إريجيتش؟
ليور إيتير بعمر 20 عاما وبعد خوض عدة مباريات مع لوزيرن السويسري وجد أن اللعبة تتسم بالسطحية والنفاق واعتزل وقال “هذه الحياة لا تعنيني“.
“كنت احتاج مساحة لضعفي، لكن هذا لم يكن موجودا في مستوى عالٍ، الناس تشعر بالغضب من اللاعبين المتغطرسين لكن من الصعب ألا تكون متعجرفا عندما تضطر لأن تُظهر بشكل دائم قوتك وإيمانك بنفسك، وتتعامل كأنك كلب، لأنك إذا لم تفعل ستنحدر، في غرفة الملابس وبالأخص في أرض الملعب“.
مدرب إيتر لم يعلق على قرار اللاعب، والنادي أعلن أن قرار اللاعب كان مؤسفا ثم انتقده لافتقاره للطموح.
كريستوف فيلمان صحفي في صحيفة “Tages-Anzeiger” السويسرية يرى أن الشخص المثقف ليس قادرا على إيجاد مساحة في هذه اللعبة واضطر إلى ترك اللعبة.
في ألمانيا، سيباستيان ديسلر لاعب سابق في بايرن ميونيخ لم يشعر بالرضا فمرض بالاكتئاب وعلق حذائه بعمر 27 عاما ووصف تجربته بأن “كرة القدم عالم قاسي” في سيرته الذاتية.
وكتب قائلا: “يتمحور كل شيء حول الفوز وإذا أظهرت مشاعر سيتم وصفك بصفات الإناث”. كما تعرض للإهانة من زملائه واعترف أنه كان خائفا من عدم مطابقة التوقعات منه.
ويواصل فيلمان: “لا مكان للشك في كرة القدم، الفنانون يشككون في أنفسهم والعالم من حولهم، ولديهم القدرة على النظر لأنفسهم وعملهم، لكن في كرة القدم المشككون محكوم عليهم بالفشل“.
أخيرا يقول فابيان لوستنبرجر الذي لعب لهيرتا برلين: “كلاعب كرة قدم تعلمت أن أقول شيئا بدون قول أي شيء“.
إذا فعلت ذلك لفترة كافية، يصبح كل حوار سريع لا معنى له. خذ العبارات المبتذلة والتي أصبحت “كليشيه” يرددها اللاعبون مباشرة بعد صافرة النهاية كمثال: “بغض النظر عمن يسجل الأهداف، الهدف الرئيسي هو فوز الفريق“.
أكبر خطأ هو الخوف من الخطأ
فريتز هايدر عالم النفس النمساوي ومنشئ نظرية إسناد العمليات التي يشرح منها الناس أسباب سلوكهم وسلوك الأخرين.
يمكن أن يكون للحدث إسناد داخلي (بسبب تصرفات المرء) أو خارجي (بسبب الأفكار وأفعال الآخرين).
فيشرح بمثال إذا فشل اللاعب في تسجيل ركلة جزاء.
في حالة إسناد داخلي: سيقول اللاعب تسديدتي كانت بعيدة أو لم أتدرب بشكل كاف أو ليس لدي موهبة، كان خطأي.
لكن هذا ليس جيد من أجل الثقة بالنفس فيلجأ الإسناد الخارجي فيقول: تحرك الحارس في وقت مبكر جدا، أو أن الحظوظ غير متكافئة.
هنا تجد أن الجميع يحاول إيجاد سببا خارجيا لإلقاء اللوم عليه مثل أن الحكم ترك اللاعب يلعب رمية جانبية من مكان خاطئ، أو المهاجم أهدر فرصة للتسجيل أو العشب طويل أو حذاء جديد أو قديم.
هل تتذكر ما قاله لام؟ ” لماذا لعبت هذه التمريرة؟ لماذا فعلت هذا القرار. سيقول الكثير من اللاعبين لأنفسهم في المرة المقبلة سأمرر إلى حارس المرمى بدلا من المخاطرة والإفصاح عن الأمر أمام بقية الفريق غدا”.
فقد اللاعبون الثقة في استقلاليتهم لأنهم يشعرون بأنهم تحت المراقبة المستمرة ويترددون في القيام بأي شيء خوفا من النقد.
باولو روبرتو فالكاو لاعب برازيلي سابق ومعلق لـقناة O Globo البرازيلية، صرّح من قبل: “معظم اللاعبين يفضلون الحصول على مدرب على خط التماس يخبرهم باستمرار ما يجب عليهم فعله“.
في بداية القرن الحالي قال جيرار أولييه المدير التقني للاتحاد الفرنسي أن اللاعب المستقبلي سيمتلك الصفات التالية: “الإبداع والعفوية والمرونة والقدرة على التكيف. ووصف هذا اللاعب كونه فاعلا مستقلا، في مركز يسمح له بإجراء الأفعال، واثق وذكي“.
لا يمكن للمدرب الاعتماد على لاعب لا يستطيع الاعتماد على نفسه في اللحظات الحاسمة. لذلك يتعين على المدرب تهيئة الظروف التي يكون فيها اللاعب يمكن أن يطور صفاته كشخصية مستقلة.
عرف عن أوتمار هيتسفيلد وأرسين فينجر وجيوفاني تراباتوني وفيسينتي ديل بوسكي لقب “السادة” وذلك بسبب طريقتهم في التعامل والاحترام لمن حولهم وهو ما يؤتي ثماره من حيث النتائج.
في المقابل قال لوكا توني بعد الرحيل عن بايرن ميونيخ بعد أشهر قليلة من العمل مع فان جال: “إنه يعامل اللاعبين مثل الأشياء التي يجب استبدالها. كرة القدم دخلت حقبة جديدة. اللاعبون يريدون حوارا مع مدربهم. أنت لا تفهم ذلك مع فان جال“.
هنا يجب على بعض المدربين تغيير أسلوبهم، فسبق أن صرّح أحد المدربين ردا على إمكانية إعادة تقييم أسلوبه قائلا: “شك؟ لا، ليس هناك مجال لذلك. إذا بدأت التشكيك في الأشياء، تفقد الجودة، عندما أستيقظ في الصباح، أعلم ماذا اريد. ليس من الجيد الشك في الأشياء. عندما يكون لديك شك، تكشف عن عدم اليقين الخاص بك“.
إلى أي مدى يجب أن نفكر في كرة القدم؟
“لماذا يذهب الناس إلى كرة القدم؟ لأنهم لا يعرفون كيف ستنتهي المباراة.” – سيب هيربيرجر لاعب ألماني سابق.
تعتبر كرة القدم أفضل رياضة في العالم، لكن ما سر نجاحها؟ عدم وجود يقين من النتيجة.
تمتلك اللعبة ثروة لا حدود لها من الاحتمالات. كرة القدم معقدة وغير موثوقة مثل طقس. يعتقد الجميع أنهم يعرفون كل شيء. لكن لا أحد يعرف العوامل التي تقرر من سيفوز.
جاك تيبرت، المالك السابق لمجلة فرانس فوتبول قالت ذات مرة إن كرة القدم أبسط من نظرية أينشتاين ولكنها أكثر تعقيدا من معادلة 2 + 2 = 4.
خورخي فالدانو نجم ريال مدريد السابق صرّح من قبل قائلا: “ما هي كرة القدم؟” بالنسبة لي، على الرغم من كل الالتباس، إنها أولا وقبل كل شيء لعبة. لذلك فهو أمر خطير، يعتقد بعض الناس أن كرة القدم هي مسألة حياة أو موت. أستطيع أن أؤكد لكم أن الأمر أخطر بكثير “.
في مقال بموقع Tages-Anzeiger قيل “لم يحل أي عمل فني آخر مشكلة الملل بكفاءة مثل كرة القدم. في الكتب والأوبرا والدراما النتيجة معروفة منذ البداية. نحن نعلم أن هاملت سوف يهزم بولونيوس في الدقيقة 60 ويحقق هدفه في الـ 90. نحن نعلم ما يحدث في النهاية، لذلك يتعين على الفنانين تقديم عرض منمق لجذب الجمهور لأنه حتى أبطأ مباراة يمكن أن تضيء فجأة عند أي لحظة بشيء رائع، هناك دائما احتمالية حدوث معجزة أو كارثة“.
أرقام ومعرفة لا مشاعر وآراء
في 2008 وخلال مؤتمر صحفي عقده الاتحاد الألماني في دوسلدورف قال أوتو ريهاجل المدرب الذي قاد اليونان للقب يورو 2004: “نقول إننا تحسننا بشكل كبير، واللعبة لا تزال كما هي دائما. لا شيء جديد يحدث في كرة القدم. مساحة الملعب 60 مترا × 100 متر. تُلعب الركنيات من علامة الزاوية وركلات الجزاء من علامة الجزاء هناك ركلات حرة ورميات تماس“.
فرد عليه يورجن كلوب الذي يصغر ريهاجل بـ 29 عاما قائلا: “اللعبة تغيرت، هناك الكثير يحدث. يجب على المدربين مواصلة التعلم“.
أصبحت كرة القدم منذ فترة طويلة علما، ويهتم المدربون بالتحليلات والإحصاءات الرقمية، ويبحثون عن الصيغة التي يمكنهم استخدامها لنجاح البرنامج.
يعود أصل هذا إلى الستينيات، عندما ظهرت اكتشافات علمية جديدة تسمح بالتطوير المنهجي لنظرية تدريس التدريب الرياضي (نظرية التدريب).
تطورت مبادئه التي سرعان ما ترسخت في الرياضات الجماعية أيضا.
المدربين الجدد هذه الأيام يعتمدون على مجموعة كاملة من الموارد التكنولوجية لتقييم اللاعبين وفقا للأحدث وتوجيههم إلى أعلى مستوى أداء باستخدام أدوات علمية.
الإيطالي والتر دي سالفو، خبير عمل مع بعض الأندية الأوروبية الكبرى، أنشأ مركز تدريب حاسوبي في ريال مدريد وقيل إن “المركز يتفوق على مركز تدريب رواد فضاء ناسا”.
فأوضح في حواره مع صحيفة ماركا الإسبانية: “كل ما نقوم به يتم قياسه وتقديره وتقييمه في أرقام. قبل بضع سنوات، لم نملك الوسائل للقيام بذلك. اليوم يمكننا استخدام نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) لتتبع عمليات عمل اللاعبين. لدينا أجهزة مراقبة معدل ضربات القلب التي تقيس التردد الكهربائي لقلب اللاعب. تحليل الفيديو باستخدام مئات الكاميرات مثبتة حول الملعب التي توفر مجموعة واسعة من الأرقام لكل لاعب، بما في ذلك المسافة التي قطعها وبأي سرعة“.
ولذلك فأن أندية إنجلترا وإسبانيا تنفق على نظام الإحصائي أكثر من مليون يورو لكل نقطة فازت بها في مباراة، فقيل: “أرخص طريقة لكسب المزيد من النقاط هي توظيف الإحصائيين“.
العلم والخرافة
بالاسيوس هويرتا أستاذ في الاقتصاد الإداري والاستراتيجية في مدرسة لندن اقتصاديات ولاعب سابق في دوري الدرجة الثالثة الإسباني، أجرى بحثا عن إمكانية التنبؤ بأماكن تنفيذ ركلات الجزاء من خلال تحليل 9000 ألف ركلة.
واكتشف في النهاية أن العديد من منفذي ضربات الجزاء يختارون في كثير من الأحيان التسديد في الزاوية العكسية للزاوية التي اختاروها في المرة الأخيرة.
آخرون يميلون إلى الذهاب لنفس الجانب إذا سجلوا الهدف السابق وربما يغير الاتجاه إذا أهدر.
وقدم بالاسيوس نصيحته للعالم لمنفذي ضربات الجزاء: “أفضل شيء هو ألا تُظهر الطريقة التي ستسدد بها“.
رولاند لوي عالم رياضة ألماني حاصل على درجة الدكتوراة من جامعة دويسبورج إيسن عام 2005 أجرى تحليلا لحوالي 3000 مباراة.
قادته النتائج التي توصل إليها إلى رفض الشائع من المفاهيم الخاطئة ومن بينها:
1- يحقق الفريق نجاحا أكثر من خلال اللعب في العمق – جاء ذلك بعد تحليل 3044 هجمة في المباريات في الدوري الألماني والإيطالي، واكتشف أن الفرق تسجل نفس العدد من العمق مثلما تسجل من الأطراف.
2- الفريق الذي يفوز بأكبر عدد من التدخلات يفوز بالمباراة – بعد تحليل 1404 مباراة في الدوري الألماني، استنتج أن 50% من الأهداف جاءت عن طريق الصدفة.
فقال: “ نحن على بُعد سنوات ضوئية من معرفة كيفية عمل كرة القدم. نحن على بُعد المجرات من معرفة كيفية تحقيق النجاح. لست متأكدا من أننا سنجد في أي وقت مفتاح النجاح في كرة القدم”.
إدمان البيانات
أصبح المدربين مدمني بيانات وإحصاءات، ينشؤون مخططات لتحديد عدد التمريرات ويشاهدون مقاطع الفيديو وتتحول لإحصائيات، ويضيعون في كتلة من البيانات، التي تصبح غير واضحة بشكل متزايد كلما زاد عددها.
مارسيلو بيلسا مدرب تشيلي في كأس العالم 2010 سافر لجنوب إفريقيا ومعه 7000 مقطع فيديو وقال الأرجنتيني: “أعلم أن النجاح والحظ ليسا مترادفين“.
فوصف التشيلي خافيير كاسيريس ذات مرة بيلسيا بـ “سيزيف” –أسطورة رومانية تسقط وتحاول العودة مجددا من أجل الوصول لسفح الجبل-، وودعت تشيلي من ثمن النهائي ضد البرازيل بعد الخسارة بنتيجة 3-0.
كريستوف بيرمان في كتابه المثير للاهتمام”Die FussballMatrix” مصفوفة كرة القدم قال: “كلما تطورت التكنولوجيا، تطورت كذلك الرغبة في التحليل“.
بالعودة لكأس العالم 1998 رفض منتخب فرنسا مشاهدة أي مباراة للمنافسين على التلفاز أو القراءة عنها في الصحف.
ورغم أن بيلسا لم يستفد من فيديوهاته، إلا أن أرسين فينجر مدرب أرسنال السابق كان أبرز المستفيدين من جهته فقال عن الإحصائيات: “يجب أن أعترف أنه في اليوم التالي للمباراة، فأنا مثل شخص يحتاج إلى حل آخر، هذا مهم حقا“.
فينجر دائما ما دعا لزيادة مشاركة العلم في الرياضة وهوسه بالتفاصيل أكسبه لقب “الأستاذ”.
الفرنسي طور أسلوب لعب أرسنال، وأصلح الأنظمة الغذائية للاعبيه، وخلص النادي من ثقافة الشرب والأطعمة غير المرغوب فيها، كان له رأي في تصميم الملعب الإمارات الجديد بل أشرف على كل التفاصيل الصغيرة، وصولا إلى شكل طاولة المائدة في مقر التدريبات.
ميلان في 2002 افتتح منشأة ميلانيلو والتي كانت مهتمة للحفاظ على قدرة اللاعب على الأداء بالمستوى الأمثل باستخدام النتائج من علوم الأعصاب والكيمياء الحيوية والميكانيكا الحيوية وعلم التحكم الآلي وعلم النفس، لكن بعد مرور السنوات لم يستغلها.
الصدفة!
في 2007 وصل نورنبيرج لنصف نهائي كأس ألمانيا لأول مرة منذ 25 عاما بالفوز على هانوفر بركلات الترجيح بنتيجة 4-2.
هانز ماير المدير الفني للفريق أجرى تغييرا في الدقيقة 119 بمشاركة الحارس دانيال كليور بدلا من رافائيل شيفر، حيث تصدى لركلتي جزاء وقاد فريقه للفوز.
قبلها تصدى كليور لـ 4 ركلات ترجيح في مباراة ربع النهائي.
بعد المباراة صرّح ماير عن تكرار الأمر قائلا: “متى يمكنك أن تكون متأكدا أكثر من أي وقت مضى بأي شيء في كرة القدم؟ ماذا سيحدث إذا سارت الأمور بشكل مختلف وكان عليّ أن أجري ثلاثة تغييرات قبل الدقيقة 70؟”.
يوهان كرويف أسطورة أياكس وبرشلونة سبق أن صرّح: “كرة القدم تتكون من عنصرين. أولا، عندما تمتلك الكرة، يجب أن تكون قادرا على لعب تمريرة نظيفة. ثانيا إذا مرر شخص ما الكرة إليك، يجب أن تكون قادرا على التحكم في الكرة. هذا كل شيء. يجب أن يكون اللاعب قادرا على لعب تمريرة جيدة وبعد ذلك علَمه أي شيء آخر“.
هذا يلخص أساس أسلوب تيكي تاكا الذي اشتهر به برشلونة لاحقا مع بيب جوارديولا.
لكن في كأس العالم 2010 حقق منتخب سويسرا المفاجأة وفاز على إسبانيا المرشحة للتتويج في بداية المشوار بكأس العالم فعلق الألماني مميت شول خلال تحليل اللقاء قائلا: “كان الجميع يقولون إن سويسرا ليس لديها أي فرصة، لكن أظهرت أنه يمكنك الفوز في أي مباراة. يفهم الفريق كيف يقرأ المباراة ثم يتدخل. هو دائما يعرف بالضبط ما يجب أن يفعله تماما“.
في المباراة التالية سقطت سويسرا ضد تشيلي بهدف نظيف بعدما اضطررت لاستكمال 60 دقيقة من اللقاء بسب طرد فالون بهرامي بعد عرقلة أرتورو فيدال.
مباراة كرة القدم تظل صراعا بين طرفين متعارضين، يسعى كل منهما للحفاظ عليه الاستقرار والنظام من جانبه، بينما يحاول التعطيل توازن المنافس الآخر وتشكيل الفوضى.
التنبؤ
أراد مجموعة من الباحثين المهووسين بكرة القدم من قسم نظرية المجال الكمي الموجهة بالحاسوب في معهد جامعة لايبزج للفيزياء النظرية معرفة كيف ومتى وأين يتم تسجيل الأهداف ووجود أي أنماط يمكن تمييزها؟
ومن أجل الوصول لنتيجة غذوا جهازا بـ 20000 تطابق وبدأوا في البحث عن النظام، لكن فشلوا في تحديد نمط محدد وحاولوا بطريقة أخرى وفشلوا أيضا.
“كرة القدم دينج، دانج، دونج. إنها ليست مجرد دينج“. جيوفاني تراباتوني مدرب إيطالي سابق.
الإبداع في كرة القدم
ما هو الإبداع في كرة القدم؟ من وجهة نظر الأنظمة الديناميكية، لا يشير الإبداع إلى مهارة واحدة أو مجموع كل الصفات الفرعية، بل بالأحرى مجموعة واسعة من المهارات الحركية المتعلقة بالرياضة التي يمكن تحسينها فقط في مجملها وفي سياق تفاعلهم.
“البرازيليون يرقصون السامبا، والألمان يرقصون مثل الثلاجات“. – المدرب الألماني بيرتي فوجتس ردا على لماذا لا يلعب الألمان مثل البرازيليين.
إدواردو جونسالفيس نجم البرازيل السابق صرّح من قبل: “يجب السماح للاعبي كرة القدم الشباب باللعب بحرية دون تأثر. حرية الشباب هو ما تبرز سمات لاعب مبدع. عليك تطوير الإبداع أولا وبعد ذلك السمات الأخرى“.
لكن في 2010 قرر دونجا المدير الفني للبرازيل ألا يعتمد على المهارات بل على التطبيق والانضباط فودع أمام هولندا في ربع النهائي.
لم تُظهر البرازيل أي لمحة جمالية في المونديال الإفريقي وعوضا عن ذلك كانت ثاني أكثر فريق إكمالا للتمريرات الصحيحة بعد إسبانيا البطلة.
هانسرويدي هاسلر المدير الفني في الاتحاد السويسري سأل من قبل: “ما هو الإبداع في كرة القدم؟ تمريرة جيدة؟ خدمة جيدة؟ مراوغة جيدة؟ معروف لنا منذ فترة طويلة أننا بحاجة إلى العمل بجدية أكبر في هذا المجال، ولكن يستغرق الأمر خمس أو ست سنوات قبل أن يبدأ تأثيره في المستوى الأعلى“.
“أعد لنا لعبتنا!”
في 2007 أطلقت حملة إنجليزية عبر “فيسبوك” تحت مسمى “أعد لنا لعبتنا!” والهدف منها تحرير لاعبي كرة القدم الشباب من قيود التنظيم المفرط في التدريبات ومنحهم الفرصة للتعبير عن مواهبهم وتطوير مهاراتهم الفنية في اللعب المفتوح.
فقال ريك فينوجليو أحد مؤسسي الحملة: “في عالم لم يعد بإمكان الأطفال فيه اللعب في الخارج بدونه الإشراف، لقد تولى الآباء والمدربون المسؤولية، الآباء كريهون والمدربين المهووسين أفسدوا متعة الأطفال. والدافع التنافسي يعني أن الشباب لا يقعون في حب كرة القدم واللعب من أجل المتعة وتطوير مهاراتهم“.
العودة للعب في الشارع؟
نحن نعلم أن جميع الأنظمة تتبع نفس الشيء: تطوير اللاعبين القادرين على استلام الكرة والاحتفاظ بالاستحواذ بأعلى إيقاع تحت ضغط شديد من الخصم وفي أضيق الحدود بهدف التكيف مع الموقف في أقصر وقت ممكن والتوصل إلى الحل الأكثر إبداعا لـ المشاكل التي تواجهها.
أولي هونيس اشتكى منذ سنوات من أن بايرن ميونيخ ليس لديه خيار سوى ذلك قائلا: “نتعامل مع الشباب الذين أنتجهم المجتمع، وعلى عكسنا فعلوا، لم يلعبوا في ملعب المدرسة كل يوم حتى يرسل لنا المسؤول قائمة بأسمائهم“.
بول ساهلي
اشتهر السويسري بـ “تنطيط” الكرة لمدة تصل لـ 14 ساعة و17 دقيقة و40 ثانية وحقق 64 رقم قياسي ودخل موسوعة جينيس، ورغم مهارته لم يلعب كرة القدم بشكل احترافي أبدا.
فقال “مع كل هذا التدريب، لماذا لم أستطع أبدا اللعب لفريق كبير؟”.
وتذكر ساهلي: “لطالما استقبلني فرانز بيكنباور بحفاوة وفي كل مرة يراني يقول: بول أنت فنان لكن هل يمكنك أن تلعب كرة القدم؟ الفن على الكرة لا يصنع بطلا“.
في وقتنا الحالي ينتشر جريمي لينش على منصات التواصل الاجتماعي بمهاراته وتحدياته الرائعة لكنه حاله كحال ساهلي.
لينش كان لاعبا في فريق الشباب في أرسنال بعمر 15 عاما، ولكن سرعان ما اضطر إلى التخلي عن حلمه وفي عام 2008 ظهر في برنامج “جوت تالنت” البريطاني ووصل لنصف النهائي وأصبح مشهورا مثل تيري هنري وسيسك فابريجاس في ذلك الوقت، لكن لم يلعب لأي فريق كبير.
الممارسة هي التكرار
“وراء كل ركلة للكرة، يجب أن يكون هناك تفكير”. دينيس بيركامب نجم أرسنال وهولندا السابق.
تمرير أم تسديد أم مراوغة؟ يتعين على لاعبي كرة القدم أن يقرروا دائما متى وكيف يختارون القرارات. عليهم اتخاذ القرار الصحيح في اللحظة المناسبة.
أوليفر هونر عالم النفس الرياضي الألماني أجرى دراسة في مسألة صنع القرار في كرة القدم قائلا: ” هي القدرة على تمكين اللاعبين من الاستفادة المثلى من مهاراتهم الفردية والقدرات الجسدية والحركية والعقلية في لعبة معينة”.
ما الذي يدور في أذهاننا عندما نلعب كرة القدم؟ كيف يتصرف اللاعبون ولماذا يتصرفون بطريقة معينة؟ كيف يعالجون المعلومات التي تؤثر على قراراتهم؟ هل يمكنهم تطوير كفاءتهم في صنع القرار وماذا الشروط التي يجب على المدرب أن يخلقها في عملية التدريب لتعزيز ودعم هذا التطور على المدى الطويل؟
بنك ذاكرة كرة القدم
تبدأ نماذج صنع القرار التقليدية من الافتراض أن لاعبي كرة القدم يبنيون أفعالهم على التجارب السابقة يتم تخزينها في منطقة من الدماغ، ذاكرة كرة القدم إذا جاز التعبير، هي مشابة لمحرك الأقراص الثابتة بجهاز الكمبيوتر الذي توجد عليه البيانات والمعلومات مخزن.
يرتب النموذج الكلاسيكي السلوك فردي في ثلاث مراحل: تصور – تحليل حالة اللعبة – تصميم حل عقلي لإجراء الحل.
في هذه العملية، يجب على اللاعبين تخزين أكبر قدر ممكن من المعلومات ممكن على “القرص الصلب” أو “ذاكرة كرة القدم”. فيمكنهم بعد ذلك الاعتماد عليه لاتخاذ قرارات متوازنة.
المدرب هو المسؤول عن تغذية المعلومات الموجودة على القرص الصلب. إنه يفهم متطلبات اللعبة ويعرف البرنامج التدريبي الذي يحتاجه اللاعبون.
ولذلك فإن الأولوية الرئيسية للاعبين الشباب هي الاستفادة من الخبرات طويلة الأمد.
مشكلة السعة التخزينية
السؤال هنا إذا كان لاعبو كرة القدم يعرفون كل شيء ولديهم كل الوقت في العالم، كيف سيتصرفون؟
علينا أن نتصالح مع حقيقة كل يوم أن ذاكرتنا غير قادرة على تسجيل المعلومات مثلما يفعل الكمبيوتر. ضاعت بعض الأشياء، ووقعت ضحية لما هو على الأرجح أكثر خصائص الدماغ إنسانيا.
النسيان. هذا ليس خلل في الدماغ، على العكس. سيصل الدماغ قريبا إلى حدود قدرته إذا قمنا بتسجيل المعلومات بشكل عشوائي مثل الكمبيوتر.
لذلك يستخدم البشر استراتيجيات التقريب. قراراتنا لا تستند إلى الحسابات الرياضية المثلى وأفضل خيار من الخيارات المتاحة. نختار الأكثر إرضاءً.
التفكير جيد.. ولكن
“إما أن أمر من على اليسار، أو إلى اليمين.” – لودفيج كوجل لاعب سابق.
سبق أن كشف جارينشيا كيف يراوغ خصومه: “الأمر سهل للغاية. إنهم لا ينتبهون وأتجاوزهم!”.
أوليفر هونر قال في دراسته: “اللاعبون غالبا ما يقضون وقتا طويلا في التفكير فيما يجب عليهم فعله، وينتهي بهم الأمر بلا شيء. يُخرج المدافع الكرة قبل أن يتمكنوا من التسديد”.
ويواصل “عندما كنا تحت الضغط، قدرتنا على اختيار الخيار الصحيح من بدائل معينة تنخفض. يواجه لاعبو كرة القدم هذه المشكلة طيلة الوقت. اعتمادا على الموقف، يجب عليهم الوصول إلى اتخاذ قرار بشأن ما يجب القيام به ثم تركيز انتباههم على الحمل. في نفس الوقت، يجب أن يكونوا مرنين بما يكفي للتكيف مع أي تغيير عفوي لاتخاذ خيار بديل، مثل التمرير إلى زميل في الفريق فجأة بدلا من التسديد”.
على سبيل المثال قرر بعض المهاجمين تغيير عقليتهم فأصبحوا بكل بساطة يتمتعون بالأنانية، وعلى سبيل المثال كريستيانو رونالدو الهداف التاريخي لريال مدريد وكرة القدم.
وصفت سارة كاربونيرو صديقة إيكر كاسياس السابق أن كريستيانو رونالدو زميله في ريال مدريد “فردي أناني” في أحد التقارير.
فرد كاسياس قائلا: “كريستيانو شخصية رائعة، هو مهاجم صريح. إنه ليس أنانيا بالمعنى السلبي، إنه فقط يريد الأفضل في كل مرة”.
في المباراة التالية سجل رونالدو الأول وصنع الثاني لجونزالو إيجوايين ثم قال الأرجنتيني بعد المباراة: “سارة كاربونيرو ليس لديها فكرة “.
هنا نصل إلى الحدس، فيقول خورخي فالدانو: “الحدس هو الاختصار الذي يمنعك من البدء في التفكير، وهو ما يعني أن عبقرية حل المشكلات تأتي دون حاجة للذكاء“.
لا ينبغي للمدربين أن يوجهوا تعليمات كثيرة للاعبين بل توفير مساحة لحل المشكلات الفردية، وهو ما يطور تصور اللاعب فرديا للأخطاء وكيفية حلها.
لذلك يقترح أحد الأطباء مشاركة اللاعبين في عملية حل المشكلات وتحمل المسؤولية لاتخاذ القرارات في كثير من الأحيان.
عن هذا قال خورخي فالدانو: “في كرة القدم هناك آلاف الصيغ. يجب على المدرب أن يؤمن بأحدها ويجب أن يغري اللاعبين بها“.
لذلك لخّص بيتر كنبل رئيس التدريب في الاتحاد السويسري قائلا: “يجب أن يكون لدى المدرب فكرة واضحة عن نوع كرة القدم الذي يريد تعليمه للاعبيه“.
على سبيل المثال على موقع الاتحاد السويسري ستجد بعض العبارات مكتوبة وهي: “نحن نلعب كرة قدم ديناميكية “،“نلعب كرة قدم هجومية”، وأصبحت أسس لتنمية كل اللاعبين الشباب في سويسرا.
هناك بعض المدربين الذين يبدو حمقى فعلى سبيل المثال ريمون دومينيك المدير الفني السابق لمنتخب فرنسا لم يبذل اللاعبين جهدا من أجله.
فقال تيري هنري في خطاب للمدرب: “أيها المدرب، نشعر بالملل في جلسات تدريبك! لم أختبر شيئا مثل ذلك أبدا. لا نعلم كيف من المفترض أن نلعب، هل من المفترض أن نركض أو كيف يُفترض بنا أن ننظم أنفسنا! نحن لا نفعل ذلك. تعرف ما يجب علينا فعله! ليس لدينا أسلوب، ولا إرشادات، بلا هوية!”.
في 2008 أصبح يورجن كلينسمان مديرا فنيا لبايرن ميونيخ عقب أداء رائع لمنتخب ألمانيا في كأس العالم.
الهدف كان تحديث أسلوب لعب النادي، لكن مهمته لم تستمر سوى 10 أشهر فقط حيث شكك المسؤولون في النادي أن كلينسمان مدرب جيد من الأساس.
وبعد تعيين يوب هاينكس خلفا له قال أولي هونيس: “الآن أصبح لدينا مدرب”.
نقاط مرجعية
من أجل وضع نموذج لعب يجب أن نسأل الأسئلة التالية: كيف نهاجم؟ كيف ندافع؟ ماذا نفعل عندما نفقد الكرة؟ ماذا نفعل عندما نربح الاستحواذ؟ تحقيقا لهذه الغاية، فإن يجب على المدرب تحديد مجموعة من المبادئ التوجيهية.
المدرب يستخدم المبادئ والمبادئ الفرعية في نموذجه لتعليم لاعبيه مجموعة من النقاط المرجعية الجماعية والفردية التي يستخدمها الفريق ويمكن أن تطور هويته الكروية.
يتم تعيين المبادئ الفرعية لوضع خطة محددة من اللعب ويتم تعليم اللاعبين كيفية تكييف سلوكهم مع المبادئ العامة وكذلك تكييف السلوك الفردي ليس فقط لزملائه بل أيضا أمام الخصوم، والقدرات الخاصة وفقا للوضع.
أنطونيو داماسيو طبيب علم أعصاب يقول: “معظم القرارات في المباراة تقوم على عمليات اللاوعي، اللاعبون لا يسألون أنفسهم: ماذا أفعل الآن؟ إنهم يتصرفون“.
“كرة القدم تعتمد على زملائي في الفريق. مباراتي لن يكون رحلتي شيئا بدون تعاونهم“. تشافي هيرنانديز نجم إسبانيا وبرشلونة السابق.
هنا تظهر المتطلبات الأساسية للسمات الشخصية حيث تعرف نقاط قوتك وضعفك، يجب أن يكون لديك الشجاعة للتعامل مع المواقف الصعبة وتجربة دون خوف. كرياضة جماعية، تتطلب كرة القدم أيضا أن يكون لدى اللاعبين التواضع لإخضاع قدراتهم الخاصة والمصالح لاحتياجات الجماعية.
بيرتي فوجتس مدرب ألمانيا في يورو 1996 والتي فاز بلقبها صرّح من قبل قائلا: “النجم ليس الفريق أبدا، إذا كنت تريد أن تكون ناجحا، عليك أن تفعل ما تريد. لا يمكن تحقيق النجاح إلا بشخصية ناضجة“.
على عكسه قال ماتياس زامر المدير الفني لكرة القدم الرابطة الألمانية: “يجب أن نتوقف عن معاملة الجميع بنفس الطريقة! الأندية تنتج الكثير من اللاعبين الشباب الموهوبين وشبابنا فرق ناجحة للغاية. ومع ذلك ما لا أتوقعه، فإن الشخصيات. عندما تصبح المباريات صعبة، لا يوجد لاعب واحد مع حل في متناول اليد. يجب أن يعرف لاعب كرة القدم الجيد أنه لا شيء بدون الفريق. لكن لاعب كرة قدم جيد يصنع اختلاف. عليه أن يتعلم أن يكون مستقلا. ينظر ظاهريا، الجميع متساوون والنجم هو الفريق. لكن إذا هذه هي الرسالة التي ننقلها، ستكون خرابنا”.
“هذه المهنة تتطلب موهبة طبيعية. لا يمكنك تعلمها علميا “. – إرنست هابيل المدرب النمساوي الفائز بلقب دوري أبطال أوروبا من قبل.
أخيرا، لن ننجح أبدا في السيطرة تماما على عامل الصدفة. بدلا من ذلك نحاول إدخال بعض النظام في الفوضى فيما لا يمكننا التخطيط له. فنحن بحاجة إلى تعلم كيفية التعامل معها.