Site icon الكيان الاقتصادى – Alkaian

فورين بوليسي: عودة ترامب للبيت الأبيض لن تغير كثيرا في السياسة الخارجية للولايات المتحدة

فورين-بوليسي:-عودة-ترامب-للبيت-الأبيض-لن-تغير-كثيرا-في-السياسة-الخارجية-للولايات-المتحدة

تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق

باستثناء بعض التحولات غير المتوقعة في الأحداث، ستكون الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024 بمثابة مباراة العودة بين الرئيس الحالي جو بايدن، والرئيس السابق دونالد ترامب. 

وذكرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية أنه على الرغم من أن معظم الأمريكيين سيكونون أكثر سعادة إذا لم يترشح أي منهما، إلا أن هذا ليس هو الخيار المرجح أن يواجهوه في انتخابات نوفمبر، التي تعتبر حدثا فاصلا من شأنه أن يخلف تأثيرات بعيدة المدى على الديمقراطية الأمريكية، ونهج واشنطن في التعامل مع بقية العالم.

وترى المجلة الأمريكية أنه فيما يتعلق بالمسألة الأولى (الديمقراطية)، فإن الشواهد من فترة رئاسة ترامب السابقة تشير إلى أن التزامه بالمبادئ الديمقراطية وسيادة القانون غير موجود، إضافة إلى أن هناك دلائل مثيرة للقلق بأن ترامب والحزب الجمهوري يعتزمان استخدام فترة الولاية الثانية لمعاقبة المعارضين السياسيين ودفع الولايات المتحدة نحو الاستبداد، وتقليص حقوق المرأة بشكل أكبر، والتخلي عن الجهود الرامية إلى مكافحة تغير المناخ، مع منح الأثرياء والشركات حرية أكبر في خدمة مصالحهم الأنانية دون أي اعتبار للعواقب الاجتماعية والسياسية الأوسع.

وأشارت المجلة الأمريكية إلى أنه “مهما كان رأيك في بايدن أو سياساته، فمن غير المرجح أن يفعل أيا من هذه الأشياء المذكورة أعلاه”، مبينة أنه “إذا انتقلنا إلى السياسة الخارجية، فإن الاختلافات ليست صارخة إلى هذا الحد. فعلى الرغم من أن العديد من الناس يخشون الآن أن يكون لولاية ترامب الثانية تأثيرات هائلة على السياسة الخارجية للولايات المتحدة، إلا أن الاختلافات ستكون أقل أهمية مما قد يتصور البعض”.

ووفقا للمجلة، سيكون ترمب غريب الأطوار، ومتقلبا، وفظا، خاصة تجاه حلفاء أمريكا في حلف شمال الأطلسي (ناتو) تماما كما كان خلال فترة ولايته الأولى. لكن من نواح أخرى، قد لا تختلف ولاية ترمب الثانية كثيرا عما قد يفعله بايدن إذا فاز بأربع سنوات أخرى في المنصب. ولكي نرى هذا بشكل أوضح، فما علينا إلا أن نفكر في الكيفية التي من المرجح أن يتعامل بها كل رجل (بايدن أو ترامب) مع المحاور الثلاثة الأكثر أهمية على أجندة السياسة الخارجية اليوم، وهي: أوكرانيا، والصين، والشرق الأوسط.

فبالنسبة لأوكرانيا؛ كانت إدارة بايدن ملتزمة بالكامل بدعم أوكرانيا منذ بدء الحرب، على الرغم من معارضة بعض أعضاء الحزب الجمهوري والتشاؤم المتزايد بشأن قدرة كييف على الفوز في الحرب أو استعادة أراضيها المفقودة. 

ويشعر الأوكرانيون ومؤيدوهم الغربيون بالقلق من أن ترامب سيوقف الدعم الأمريكي ويترك أوكرانيا تعتمد على أي مساعدة يمكن أن تحصل عليها من أوروبا وتحت رحمة الجيش الروسي. 

وذكرت “فورين بوليسي” أن ترمب بكلامه المنمق المعتاد، تفاخر بأنه قادر على حل الحرب “في يوم واحد”، ثم تردد عندما سئل عما إذا كان يريد فوز أوكرانيا. وبناء على ذلك، قد تعتقد أن انتخاب ترمب من شأنه أن يحدث تغييرا جذريا في سياسة الولايات المتحدة تجاه أوكرانيا.

ولكن تكمن المشكلة في أن بايدن من المرجح أن يتبع مسارا مماثلا إذا فاز بولاية أخرى، حتى لو سعى لتحقيق ذلك بطريقة مختلفة. وقد تجلى ذلك في طريقة دعمه الحرب خلال عام 2023، حيث على الرغم من أن مؤيدي أوكرانيا يواصلون تقديم مخططات متفائلة لعكس حظوظها وتحرير الأراضي التي غزتها روسيا وضمتها بشكل غير قانوني، إلا أن آمالهم تكاد تكون وهمية بالتأكيد، وربما تعرف وزارة الدفاع (البنتاجون) ذلك. 

تجدر الإشارة هنا إلى أن بايدن ورفاقه لن يعترفوا بهذه الحقيقة قبل الانتخابات، لأن ذلك سيلقي بظلال من الشك على طريقة تعاملهم مع الحرب. ولكن إذا عادوا إلى مناصبهم، فمن المرجح أن يضغطوا على كييف لحملها على تبني أهدافا أكثر واقعية والتحرك نحو التسوية.

لذا، ربما سيفعل بايدن ذلك بطريقة محسوبة، وسيحاول مساعدة كييف في التوصل إلى أفضل صفقة ممكنة.. وعلى النقيض من ذلك، ربما يظهر ترمب نفس المهارات الدبلوماسية التي أظهرها في صداقته الودية مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون (دون تقديم أي شيء على الإطلاق)، وسيكون أكثر ميلا إلى التراجع والهرب. ومع ذلك، فإن النقطة الأوسع هي أن كلا الإدارتين ستحاولان التفاوض على إنهاء الحرب بعد يناير 2025، ومن المرجح أن يكون الاتفاق المرجح أقرب بكثير إلى أهداف الحرب المعلنة لروسيا من أهداف كييف.

أما في ما يتعلق بالصين؛ فخلال فترة ولايته الأولى، انفصل ترمب بشكل حاسم عن السياسات الأمريكية السابقة المتعلقة بالتعامل الاقتصادي مع الصين، وأطلق حربا تجارية سيئة التصميم أضرت بالاقتصاد الأمريكي ولم يكن لها تأثير يذكر على العجز التجاري الثنائي الذي كان من المفترض تصحيحه.

وأعاد بايدن صياغة هذا النهج وشدده، حيث فرض ضوابط تصدير صارمة على نحو متزايد تهدف إلى عرقلة الجهود الصينية لإتقان العديد من المجالات الرئيسية للتكنولوجيا المتقدمة. 

وفي سياق رفضهم لنزعة الحماية العلنية، دافع مسؤولو الإدارة الأمريكية عن رفض هذا النهج باعتباره يركز بشكل ضيق على المخاوف المتعلقة بالأمن القومي. ومع ذلك، فإن اتباع نهج أكثر تصادمية تجاه الصين إحدى القضايا القليلة التي تتمتع بإجماع قوي من الحزبين.. ولهذا السبب، فإن سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين لن تتغير كثيرا بغض النظر عن نتيجة الانتخابات في نوفمبر المقبل.

وقد حددت التصريحات الرسمية الصادرة عن إدارة بايدن وإدارة ترمب السابقة، الصين باعتبارها أحد المنافسين الرئيسيين لسيادة الولايات المتحدة العالمية، ورغم أن ترمب قد يتبنى موقفا أكثر تصادمية إلى حد ما تجاه حلفاء أمريكا الآسيويين (الذين اتهمهم مرارا وتكرارا بالاعتماد المفرط على الحماية الأمريكية)، لكنه لا يستطيع التخلي عنهم إذا كان جادا في الوقوف في وجه بكين.

لذا، عندما يتعلق الأمر بالعلاقات مع الصين، فإن كل من بايدن وترمب سيتبعان نفس النهج في ولايتهما الثانية.

وفي ما يخص منطقة الشرق الأوسط؛ فإنه بالنظر إلى سياسة الولايات المتحدة الحالية في منطقة الشرق الأوسط، قد تعتقد أن كلا من بايدن وترمب سيكونان حريصين على تغيير المسار في عام 2025. وللأسف، لا يوجد سبب لتوقع أن يتصرف أي من الرئيسين بشكل مختلف في المستقبل عما كانا عليه في الماضي. والأمر الأكثر إثارة للدهشة في الواقع هو مدى التشابه الذي تصرف به هذان الرئيسان المختلفان للغاية عند التعامل مع هذه المنطقة المضطربة.

فعندما أصبح رئيسا، تخلى ترمب عن الاتفاق النووي الذي وضع حدا لبرنامج إيران النووي، ونقل سفارة الولايات المتحدة في إسرائيل إلى القدس، وأغلق المكتب القنصلي الأمريكي للقضايا الفلسطينية في واشنطن. كما قام ترمب بتعيين محام مؤيد بشدة للمستوطنين سفيرا للولايات المتحدة لدى إسرائيل. 

كما استهزأت خطته للسلام بالهدف الأمريكي طويل الأمد المتمثل في حل الدولتين، في حين دعمت خطة الدبلوماسي الهاوي (وصهره) جاريد كوشنر – وفقا لفورين بوليسي – للتطبيع العربي الإسرائيلي. وأنشأت اتفاقيات أبراهام (اتفاقيات إبراهيم) علاقات دبلوماسية بين إسرائيل ودول عربية، فيما لم تفعل الإدارة الأمريكية شيئا لمعالجة محنة ملايين الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الحكم الإسرائيلي القاسي في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وتساءلت المجلة الأمريكية عن: ماذا فعل بايدن عندما ورث هذا الوضع؟ لقد جعل الأمر أسوأ. فعلى الرغم من تعهده خلال حملته الانتخابية بالعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، إلا أنه تردد حتى جلبت الانتخابات في إيران المتشددين إلى السلطة وجعلت العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) أكثر صعوبة. والنتيجة، أصبحت إيران الآن أقرب إلى القنبلة النووية من أي وقت مضى. 

كما تعامل بايدن ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، مع الفلسطينيين بنفس الطريقة التي تعامل بها ترمب، حيث خصص المسئولان القليل من الجهد لاستئناف عملية السلام، وغضا الطرف عن أعمال العنف المتزايدة التي يرتكبها المستوطنون الإسرائيليون في الضفة الغربية، علما بأنه لن يتم التسامح مع هذه التصرفات إن لم تكن مدعومة علنا من قبل الحكومة اليمينية الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل.

وترى المجلة الأمريكية أن هذه الأخطاء – بدءا بترمب واستمرارا لبايدن – تسببت في حدوث نتائج عكسية “في جميع أنحاء العالم”. فعلى سبيل المثال، شن مقاتلو حماس في 7 أكتوبر هجوما على المجتمعات الحدودية.. لكن رد إسرائيل الشرس وغير المتناسب، والذي يمكن وصفه بالإبادة الجماعية، يشكل وصمة عار أكثر خطورة على صورة إسرائيل، وسمعة أمريكا، والضمير العالمي.

كما تساءلت المجلة عن كيفية استجابة الولايات المتحدة، التي قال وزير خارجيتها ذات يوم إن حقوق الإنسان ستكون “في مركز السياسة الخارجية الأمريكية”، لهذه الكارثة الدبلوماسية والإنسانية؟

وأشارت المجلة إلى أن الاستجابة كانت من خلال الإسراع في تقديم مساعدات عسكرية بقيمة مليارات الدولارات إلى البلد (إسرائيل) الذي تسببت قنابله في مقتل أكثر من 23 ألف فلسطيني في غزة، ومن خلال استخدام حق النقض ضد قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي تدعو إلى وقف إطلاق النار، ووصفها الطلب الموثق على نطاق واسع الذي تقدمت به جنوب إفريقيا إلى محكمة العدل الدولية، والذي تتهم فيه إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية، بأنه “لا أساس له من الصحة”. 

وبحسب ما يتردد، فقد طلب مسئولو الإدارة الأمريكية من إسرائيل التخفيف من تصرفاتها، لكنهم لم يهددوا بتقليص الدعم الأمريكي. وكما هو متوقع، تجاهلت حكومة بنيامين نتنياهو الطلبات الأمريكية.

لذا، لا يوجد سبب لتوقع أي شيء مختلف بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات المقبلة، حيث يعتبر كل من بايدن وبلينكن صهيونيين، وفقا لفورين بوليسي، ومن غير المرجح أن يمارس أي منهما أي ضغوطا ذات مغزى على إسرائيل لتغيير مسارها. ويبدو أن ترمب لم يهتم قط بأي من الجانبين كثيرا، لكنه يفهم توازن النفوذ السياسي في أمريكا، كما أن تحيزه المناهض للمسلمين موثق بشكل جيد، على حد قول المجلة الأمريكية. 

وقد تشهد ولاية بايدن الثانية محاولة لإحياء نوع ما من عملية السلام، ولكن لا ينبغي لأحد أن ينخدع بالاعتقاد بأنها ستحقق أكثر مما حققته الجهود الأمريكية السابقة. ففي نهاية المطاف، فإن الرجل (بايدن) الذي يقال إنه قوض جهود الرئيس السابق باراك أوباما، لتحقيق حل الدولتين، من غير المرجح أن يحقق هذا الحل حتى لو حصل على ولاية أخرى. كما أنه من المرجح أن يتبع ترمب المال، تماما كما فعل صهره. 

وأكدت فورين بوليسي، أنه رغم ما سبق، فلا يمكن القول إن هذه الانتخابات لن يكون لها أي تأثير على السياسة الخارجية للولايات المتحدة. فقد يحاول ترمب إخراج الولايات المتحدة من الناتو، على سبيل المثال، رغم أن مثل هذه الخطوة ستواجه بلا شك مقاومة هائلة من مؤسسة السياسة الخارجية والدفاعية. وقد يركز في المقام الأول على أجندته الداخلية – ومشاكله القانونية العالقة – والتي من شأنها أن تقلل من اهتمامه المحدود بالفعل بالشئون الخارجية، والميل نحو تعزيز الوضع الراهن.

بلا شك، ستكون هناك اختلافات طفيفة بين بايدن 2 (فترة الرئاسة الثانية) وترمب 2، لكن حدوث تحول جذري أمر مستبعد الحدوث، وإن تأثير الانتخابات المقبلة سيكون أكبر بكثير على السياسة الداخلية للولايات المتحدة مقارنة بالقضايا الرئيسة للسياسة الخارجية.

المصدر

Exit mobile version