شهر واحد فصل بين انقلابي النيجر والغابون، إلا أن مقاربة الغرب لهما أتت “مختلفة” إلى حد ما.
فقد كانت لهجة الإدانة أكثر قسوة على عسكر النيجر منها على الغابونيين.
ففي نيامي وصلت إلى حد التلويح بالتدخل العسكري من قبل المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس).
وقد أكد تلك المقاربة صراحة الرئيس الفرنسي إيماويل ماكرون أمس، إذ قال ” الوضعان في النيجر والغابون مختلفان للغاية.”
فما سبب الاختلاف يا ترى؟
في الغابون، أعلن الجيش أنّه نفّذ انقلابه فجر الأربعاء لأنّ النتائج التي أعلنت فوز علي بونغو بولاية رئاسية ثالثة، زُوّرت ولأنّ النظام نخره الفساد واتّسم “بحكم غير مسؤول ولا يمكن التكهّن به”.
وهذا ما ألمح إليه أيضا الاتحاد الأوروبي. إذ أقر جوزيف بوريل، مسؤول السياسة الخارجية، أن الانتخابات شابتها العديد من الانتهاكات، والفساد.
بدورها أكدت المعارضة في الغابون أن مرشّحها ألبير أوندو أوسا فاز في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 26 أغسطس، إلا أنها طالبت بالتالي تسليمها السلطة حالاً.
وإلى جانب التزوير، اتهم العسكر رجالات الرئيس المعزول بالفساد، وهدّد زعيم الانقلابيين، الجنرال بريس أوليغي قائد الحرس الجمهوري، باتّخاذ إجراءات قانونية بحقّ عدد من كبار رجال الأعمال الذين شاركوا في الفساد في أعلى هرم السلطة عبر عمليات ممنهجة أحياناً لـ”تضخيم فواتير”.
واتهم هؤلاء بنفخ فواتير العقود المبرمة بين الشركات التابعة لهم والإدارات التابعة للدولة، ورشوة عدد من كبار المسؤولين في الدولة.
حقائب تحتوي على المليارات”
بل إن قنوات التلفزيون الرسمية بثت مشاهد ظهر فيها نور الدين بونغو فالنتين، أحد أبناء الرئيس المعزول، وشبّان آخرون مقرّبون منه ومن “السيّدة الأولى”، وجميعهم مسؤولون كبار في حكومة بونغو تمّ توقيفهم في اليوم الأول من الانقلاب في 11 تشرين الأول/أكتوبر، وأمامهم صناديق وحقائب مليئة برزم من الأوراق النقدية، قيمتها “مليارات الفرنكات الأفريقية” (ملايين اليوروهات).
واتهموا بـ”اختلاس أموال عامة على نطاق واسع” و”تزوير توقيع” رئيس الدولة.
قائد الانقلاب في الغابون
لاسيما أن نور الدين ووالدته سيلفيا أصبحا في السنوات الأخيرة ن هدفاً لاتّهامات توجّهها إليهما بانتظام المعارضة والمجتمع المدني ووسائل إعلام محلية.
وبحسب هذه الاتّهامات فإنّ زوجة الرئيس وابنه “يتلاعبان به” منذ إصابته بسكتة دماغية خطيرة في 2018 أصبح بعدها ضعيفاً جدا.
حجة الأمن
أما في النيجر فالحجج والذرائع لتنفيذ الانقلاب على الرئيس محمد بازوم، فلم تكن الفساد، بل الأمن.
إذ تذرّع العسكريون الذين به في 26 تموز/يوليو بـ”تدهور الوضع الأمني” لتبرير انقلابهم، في إشارة إلى الهجمات التي تنفذها مجموعات إرهابية في البلاد.
إلا أن هذا الانقلاب لم يحل دون استمرار تلك الهجمات. ففي 15 أغسطس قُتل 17 عسكريا في هجوم قرب الحدود مع بوركينا فاسو!
فضلا عن أن بازوم انتخب ديمقراطياً عام 2021، ولم يمص عقود في سدة الرئاسة.