رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي اليوم الأربعاء أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس كما كان متوقَّعاً، في وقت يواصل فيه مسؤولو السياسة النقدية التركيز على أرقام التضخم وأزمة المصارف ومخاوف النمو في الاقتصاد الأميركي.
مع هذا الرفع الجديد الذي يعتبر الثالث على التوالي بمقدار 25 نقطة أساس منذ بداية فبراير؛ يصل سعر الفائدة القياسي إلى نطاق من 5% إلى 5.25%، وهو أعلى مستوى منذ عام 2007، أي قبل الأزمة المالية العالمية.
قال “الاحتياطي الفيدرالي” في بيان بنهاية اجتماع لجنة السياسة النقدية الذي استمر يومين، إنَّ اللجنة ما تزال مهتمة للغاية بمخاطر التضخم الذي
ما يزال مرتفعاً، مشيراً إلى أنَّ النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة توسّع بوتيرة متواضعة في الربع الأول، في حين كانت زيادة الوظائف قوية في الأشهر الأخيرة، وظل معدل البطالة منخفضاً.
جاء في البيان أنَّه في إطار تقييم الموقف المناسب للسياسة النقدية، ستواصل اللجنة مراقبة انعكاسات البيانات الواردة على التوقُّعات الاقتصادية، وستكون مستعدة لتعديل موقف السياسة النقدية بالشكل المناسب إذا ظهرت مخاطر قد تعرقل تحقيق أهدافها بإعادة التضخم إلى المستوى المستهدف عند 2% الذي تلتزم فيه بشدة. وستأخذ تقييمات اللجنة في الاعتبار مجموعة واسعة من البيانات، بما في ذلك قراءات حول ظروف سوق العمل، وضغوط وتوقُّعات التضخم، فضلاً عن التطورات المالية والدولية.
اقرأ أيضا: باول: الطريق لا يزال طويلاً أمام جهود خفض التضخم
جدّد الاحتياطي الفيدرالي التأكيد أيضاً على أنَّ النظام المصرفي في الولايات المتحدة “سليم ومرن”، مشيراً إلى أنَّه من المرجح أن تؤثر شروط الائتمان الأكثر تشدداً بالنسبة إلى الأسر والشركات على النشاط الاقتصادي، والتوظيف، والتضخم، غير أنَّه من غير الواضح بعد، حجم ومدى تلك التأثيرات.
ضغوط التضخم متواصلة
تحرُّك الاحتياطي الفيدرالي اليوم، يعدّ استكمالاً لجولة تشديد السياسة النقدية التي بدأها العام الماضي، التي شملت في 2022 سبع زيادات متتالية (أربع منها بمقدار 75 نقطة أساس، واثنتان في مايو وديسمبر بنصف نقطة مئوية، وواحدة بربع نقطة مئوية في مارس)، في وقت تواصلت فيه ضغوط التضخم خلال الأشهر الأخيرة.
فقد أظهرت أحدث البيانات التي أصدرتها وزارة التجارة الأميركية نهاية الأسبوع الماضي أنَّ مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة، وهو المقياس المفضل لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لمعدل التضخم الأساسي، ارتفع بنسبة 0.3% في مارس مقارنة بالشهر السابق، وبنسبة 4.6% مقارنة بما كان عليه قبل عام.
وفي سوق العمل التي يراقبها الاحتياطي الفيدرالي عن كثب؛ كشف تقرير معهد أبحاث “ايه دبي بي” (ADP)، الذي صدر اليوم الأربعاء، أنَّ عمليات التوظيف في الشركات الأميركية خلال أبريل المنصرم نمت بضعف ما كان متوقَّعاً، بالتزامن مع بعض التراجع في الأجور.
بشكل عام؛ فإنَّ مخاطر أسعار الفائدة المرتفعة كانت قد بدأت تظهر في الاقتصاد الأميركي، لا سيما في القطاع المصرفي الذي شهد انهيار عدد من البنوك الإقليمية خلال الشهرين الأخيرين، في وقت تباطأ به أيضاً نمو الاقتصاد ككل، حيث أوضحت بيانات وزارة التجارة أنَّ الناتج المحلي الإجمالي نما بمعدل 1.1% فقط على أساس سنوي خلال الربع الأول من العام الجاري.
رد فعل الأسواق
تفاعلت سوق الأسهم الأميركية سلباً مع قرار الاحتياطي الفيدرالي وتصريحات رئيسه جيروم باول التي أعقبت اجتماع لجنة السياسة النقدية، إذ انخفض مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” بنحو 0.3%، كما تراجع مؤشر “ناسداك” الذي تغلب عليه أسهم شركات التكنولوجيا بنحو 0.25%، ومؤشر “داوجونز الصناعي” 0.4% عند الساعة 3:30 بعد الظهر بتوقيت نيويورك.
كذلك، تراجع الدولار في أسواق العملات، حيث ارتفع اليورو 0.5% إلى 1.1047 دولار، فيما ارتفع الجنيه الإسترليني 0.7% إلى 1.2547 دولار، وانخفضت العملة اليابانية مقابل الين الياباني 1.4% إلى 135.17 ين.