“دانييل ليفي أراد بيع هاري كين لليستر سيتي مقابل 600 ألف جنيه استرليني وأنا رفضت ذلك، لا يوجد مدرب أعجب به طوال فترة إعاراته، ومن يقول غير ذلك كاذب“، هذه كلمات تيم شيروود مدرب توتنام السابق في يونيو 2023.
هل تعتقد أن نجاح كين كان بالصدفة؟ هو كذلك بسبب إيمان شخص واحد به في البداية، لكن كيف يمكن أن يكون نجاح لاعب ما راجع إلى المتابعة الدقيقة خاصة من هم في الإعارات؟.
يستعرض FilGoal.com اتجاه أندية الدوري الإنجليزي إلى تعيين مدربين متخصصين في مراقبة اللاعبين المعارين ودورهم بالتفصيل.
عدم الاقتناع بموهبة كين
هل تعرف كم مرة انتقل هاري كين على سبيل الإعارة من أجل ما يسمى “اكتساب الخبرات“؟ أربع مرات، ولم يعرف توتنام أبدا مدى تطور أو تأخر معدل نمو المهاجم الإنجليزي.
خرج كين معارا لأندية ليتون أورينت وميلوول ونورويتش وليستر سيتي بالترتيب.
في عام 2012 نجح كين في أن يفوز بجائزة أفضل لاعب صاعد في ميلوول، ولكن ذلك لم يلفت أنظار النادي، فبعد العودة خرج لإعارة مرة أخرى لنورويتش ومن ثم ليستر دون فائدة، ليتدخل شيروود ويضع حدا للأمر.
شيروود المؤمن الوحيد بكين
كتب شيروود عمود له في صحيفة “ديلي ميل” الإنجليزية “لا يوجد مدرب أعجب بكين طوال فترة إعاراته، ومن يقول غير ذلك كاذب، لكن لم أحكم عليه أبدا وهو بعيد عن توتنام، رأيت أن الأفضل لتطوره اللعب في فريق تنافسي وقررت مشاهدته في ميلوول“.
وأضاف “لعب كين في ميلوول في أجواء مكثفة، لكن ظل يلعب بشكل أساسي عندما لم يسجل أهدافا، وفي النهاية كان أفضل لاعب صاعد في السنة مع الفريق، بالتالي لديه الشخصية القوية“.
كان شيروود مساعدا لأندريا فيلاش بواش عندما عاد كين إلى الديوك اللندنية بعد تجربة شيروود، ولكن لم يوافق المدرب البرتغالي على الاعتماد عليه، ولكن نصيحة شيروود لكين كانت رفض أي عروض إعارة والاستمرار في توتنام.
إقالة أفادت كين كثيرا
عمل كين بنصيحة شيروود واستمر بالرغم من عدم اقتناع النادي به، لكن تمت إقالة فيلاش بواش بسبب سوء النتائج ومن ثم يبتسم القدر لكين ويتولى شيروود تدريب الفريق وهو أكثر من اقتنع به.
وكتب شيروود في عموده “فرانكو بالديني كان المدير الرياضي وقال لي كين ليس جيدا كفاية للعب في الدوري الإنجليزي، كان هناك عروضا له، ليستر سيتي أراده مقابل 600 ألف جنيه استرليني وأراد ليفي وبالديني بيعه، لكني رفضت وكانت رغبة النادي التخلص منه“.
وتابع “كنت أقول لهما اللاعب جيد بشكل كافي، وكان ردهما أني منحاز للاعبين الشباب، لكن لست كذلك، أريد فقط الفوز وكين هو الأفضل ليحقق ذلك لي“.
وأتم “بدأ أول ست مباريات في موسم 2013-2014 في الدوري، والجماهير كانت قاسية عليه إذا لم يسجل، الآن يتغنون كونه واحدا من لاعبيهم، ليس من السهل نجاح لاعب من أكاديمية النادي“.
وما تبقى بعد ذلك يعتبر تاريخ لكين وما حققه مع توتنام وفي تاريح الدوري الإنجليزي.
ومن هنا بدأت أندية الدوري الإنجليزي في الاهتمام كثيرا باللاعبين المعارين للخارج وخاصة الشباب، والابتعاد عن العشوائية، ليتم إنشاء مركز جديد في الإدارات وهو مدرب اللاعبين المعارين.
أجرت شبكة “سكاي سبورتس” حوارا مع دين هاموند مدرب اللاعبين المعارين الأسبق في ليستر سيتي ليشرح تفصيلا الدور الذي يعتبر جديدا ولم ينتشر خارج إنجلترا.
معاناة هاموند في البداية
كان هاموند لاعبا في برايتون وخرج معارا لألدرشوت وليتون أورينت ويحكي معاناته قائلا: “عندما كنت أخرج معارا كان لا يوجد تواصل مع النادي الذي يملك عقدي، المدربون مشغولون في مهامهم الأساسية مع الفريق الأول وبالتالي يشعر أي لاعب في أثناء فترة الإعارة بالوحدة والعزلة، ويأتي السؤال هل أخرجني النادي معارا لأكون ضمن خططهم في المستقبل أم العكس؟”.
وأضاف “أن يكون لدى النادي مدرب إعارات يشاهدون المباريات ويتواصلون مع مدرب الفريق الذي انتقل له اللاعب على سبيل الإعارة فذلك في غاية الأهمية“.
اختيار النادي المناسب
أكمل هاموند “يوجد عمل خلف الكواليس عندما يريد نادي ما أن يستعير لاعبا ونوافق على العرض، هناك أسباب للموافقة، نحلل طريقة لعب الفريق ونتعرف على شخصية مدربهم لأن بعض اللاعبين لن يتأقلموا مع شخصية ما“.
تابع “أتحدث مع أي شخص أعرفه من ذلك النادي لأعرف طبيعة النادي والثقافة المتبعة والجو العام هناك واللاعبين هناك، كل ذلك يساعد على معرفة نجاح من فشل لاعبنا، هناك الكثير من التحليلات اللازمة“.
وشدد “في بعض الأحيان يكون من الصعب معرفة سبب عدم نجاح لاعب في نادي ما، ممكن أن يكون صداما بين اللاعب والمدرب أو شخصيات لاعبين غير جيدة في غرفة تغيير الملابس، نحاول أن نتجنب كل ذلك، عندما ينتقل اللاعب نكون متاحين دائما له وعلى تواصل مع مدربه، النادي الأم والمعار له يريدان أن يبلي بلاء حسنا“.
تقديم الدعم للاعب
يرى هاموند أن تقديم اللاعب أثناء فترة إعارته بالخارج مهمة جدا وأن يكون لديه مستشار.
أوضح هاموند “بأن يكون للاعب الشاب مستشار يعطيه بعض النصائح وأن يكون متواجدا عندما يحتاج ذلك اللاعب فذلك شيء مهم جدا، إذا شعر اللاعب بالاسترخاء والراحة في الملعب سيؤدي بشكل جيد، لذلك أنت في حاجة إلى شبكة التواصل هذه إذا أردت أن يؤدي اللاعب جيدا“.
تواجد اللاعب يعتبر تفصيلة هامة جدا فيقول: “أين يتواجد اللاعب في منزل أم فندق؟ هذا مهم جدا، هل يرون عائلتهم بشكل كافي؟ هل لديهم رفيقة أم لا؟ وهل لديهم أطفال وزوجة أم لا؟ هذه الأشياء البسيطة تساعدهم في الملعب“.
وليس ذلك فقط بل يوجد دعم فني إذ كشف هاموند “وظيفتي تتضمن مشاهدة مباراة لاعبي المعاريين ومن ثم أقص مقاطع خاصة بهم وأرسلها لهم وأتحدث معهم وأعطيهم نصيحتي وأكتب تقريرا له وناديه يستطيع أن يقرأ ذلك التقرير، أقضي أوقات كثيرة في ملاعب التدريب لأنجز ذلك“.
لكن ماذا عن رفض النادي ذلك؟ يقول هاموند “لا أنصح أبدا لاعبي ضد ما يريده مدربه منه، إذا يلعب المدرب بطريقة معينة ويريد من اللاعب اتباع تلك الخطة، كل ما أفعله هو أن اتصل باللاعب والمدرب وأعرف متطلبات دوره“.
مثال جيد لهاموند
أعطى هاموند مثالا جيدا مع هارفي بارنز في ليستر سيتي حيث عمل معه هاموند وبرز في إعاراته.
وقال هاموند: “يعد بارنز مثالا عظيما في كيفية عمل نظام الإعارة للنادي وللاعب، كل نادي لعب دورا في تحسين مستواه، لأن المستوى ارتفع تدريجيا في ليج وان مع أم كي دونز ومن ثم بارنسلي في الدرحة الأولى الإنجليزية، وفي النهاية النادي القوي في البطولة ذاتها وست بروميتش ألبيون“.
وأنهى حديثه قائلا: “عملت مع بارنز تلك الفترة وكان رائعا ولديه موهبة مدهشة ويملك طموحات كبيرة، كان يريد أن يكون لاعبا في ليستر ولكنه علم أن يجب عليه الخروج معارا ليثبت نفسه ويفهم نظام العمل، كنت أكتب تقارير إيجابية للنادي، تستطيع أن ترى كيف استفاد ليستر من ذلك كثيرا“.
بارنز تم بيعه إلى نيوكاسل في فترة الانتقالات الصيفية الماضية مقابل 44 مليون يورو.
اتجهت جميع الأندية في إنجلترا لهذا الدور وأبرز تلك الأندية هو تشيلسي، لماذا؟
لأن تشيلسي استفاد كثيرا من تعيين كلود ماكيليلي في هذا المركز لمدة أربعة أعوام قبل أن يستقيل مؤخرا، تمكن البلوز من إخراج رييس جيمس وماسون ماونت وتامي أبراهام وبيلي جيلمور وكالوم هودسون أودوي وأرماندو برويا ومارك جويهي ولوفتس شيك.
وعين تشيلسي ماكيليلي في عام 2019 كمدرب للمعارين بجانب دور آخر وهو مدرب متخصص في فريق تحت 18 عاما، وشارك في الإنجازات التي سيتم ذكرها.
استفاد تشيلسي فنيا وكرويا
استفاد اشيلسي فنيا إذ تمكن من التتويج بدوري أبطال أوروبا 2021 بعد الفوز ضد مانشستر سيتي بهدف، وخاض المباراة ريس جيمس وتواجد جيلمور وأودوي على مقاعد البدلاء، وتواجد أبراهام في القائمة طوال البطولة ما عدا المباراة النهائية، بالإضافة إلى السوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية.
والآن جيمس هو قائد الفريق وأكثر من يحبهم جمهور تشيلسي، فتذكر كلمات شيروود أن ليس من السهل نجاح لاعب من أكاديمية النادي والضغوط التي يتعرض لها من قبل جماهير فريقه مثلما واجه كين ذلك.
نشر معهد “CIES” الإنجليزي المتخصص في الأرقام والإحصائيات تقريرا في 2022 عن أكثر الأندية التي ربحت أموالا من الأكاديمية الخاصة بهم منذ عام 2015.
واحتل تشيلسي المركز الأول في الدوري الإنجليزي والثامن في أوروبا في عوائد بيع اللاعبين من الأكاديميات إذ بلغت الإيرادات 210 مليون جنيه استرليني.
والمميز أن الأرباح التي تأتي من بيع لاعبين الأكاديمية تكون كاملة للنادي أمام قانون اللعب المالي النظيف، وبالتالي الفرصة تكبر في الإنفاق على سوق الانتقالات وضم لاعبين أصحاب جودة كبيرة.
بينما عندما يتعاقد نادي ما مع أي لاعب من فريق آخر ومن ثم يبيعه مرة أخرى فستكون الأرباح منقسمة بعد ذلك في دفع الجزء المتبقي من العملية الأولى مع الأخذ في الاعتبار أن النادي باع اللاعب بمقابل مادي أعلى مما اشتراه أم لا، لكن لاعب الأكاديمية تكون كل الإيرادات للنادي مباشرة كما تم إيضاحه.
في النهاية كل مرة يتم إثبات أن العشوائية لا تصنع الإنجازات مطلقا ولكن يجب عن طريق العلم والخطوات المدروسة.