العالم
احتفل مسلمو فرنسا اليوم الأربعاء بأول أيام عيد الأضحى، بعد أن اجتمع المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية مع الهيئات الرئيسية للإسلام في فرنسا، بمسجد باريس الكبير مثل كل عام، وذلك على غرار احتفالات المسلمين في العديد من الدول الغربية.
وأصدر عميد مسجد باريس شمس الدين حافظ بيانًا أعلن فيه أن يوم الأربعاء 28 يونيو هو أول أيام عيد الأضحى المبارك في فرنسا وبالتالي احتفل مسلمو فرنسا بالعيد هذا العام أيضا مع مصر والمملكة السعودية.
ويبقى للعيد حلّة خاصة ومن أجمل الفترات عند المسلمين. والاحتفال بعيد الأضحى، حيث يتبادل المسلمون فيه التهاني والهدايا والاكلات الخاصة ببلادهم لتقاسم لحوم العيد حيث يوجد في فرنسا مسلمون من 160 بلدا موزعة في قارات الخمس وليس فقط من الدول العربية.
ووفقا للبيان، فإنه تقرر أداء صلاة عيد الأضحى المبارك صباح اليوم في كل مساجد فرنسا على مرتين لتفادي الزحام الشديد وتكدس المصلين في الشوارع في مناظر لم تكن حميدة في طرق وشوارع فرنسا.
لذا أقيمت الصلاة الأولى الساعة 7:30 صباحًا. بينما الصلاة الثانية الساعة 8:15 صباحًا وفق ما قرره مسجد باريس الكبير، الذي طلب من جميع المسلمين في فرنسا الامتثال للقوانين المعمول بها فيما يتعلق بطقوس التضحية بالأغنام، والتي يجب أن يؤديها في الأماكن المناسبة للذبح.
كما دأب المسؤولون الفرنسيون على تهنئة المسلمين الفرنسيين بهذه المناسبة، وتولي الصحف الفرنسية كلها تقريبا على غرار”لوموند” و”الفيجارو”و”ليبراسيون” أهميّة لعيد الأضحى في فرنسا وتكتب عن احتفالات المسلمين الفرنسيين والمهاجرين به، كما تخصص المجلات والقنوات التلفزيونية والإذاعات حيزا منها للتعريف بأعياد المسلمين وللحديث عن عادات وتقاليد المهاجرين للإحتفال به.
تغيرت طقوس عيد الأضحى كثيرا مقارنة بما كانت عليه قبل 30 عامًا، حيث كانت مظاهر الاحتفالات قبل ذلك محدودة بأحياء محددة يتجمع بها المهاجرون أما الآن فإن مدنًا فرنسية كاملة قد تتحول أحياؤها لما يشبه أحياء بلداننا بالعيد. مثل مدينة إيفري ومدينة كرمان بيستر ومونتروي وأحياءا بأكملها مثل حي باربيس الشعبي الشهير.
بات الفرنسيون غير المسلمين يعرفون عيد الأضحى جيدًا لكن تحت اسم “عيد الخروف” وهم يبادرون لتهنئة أصدقائهم وزملائهم المسلمين به.
العدد الأكبر من المسلمين في فرنسا هم من مهاجري أفريقيا وآسيا،و أغلبهم هم من المغرب العربي كالجزائر والمغرب وتونس وموريتانيا، وهم في شهر رمضان والأعياد الإسلامية تجمعهم فرحة العيد ويسعون لإبراز هويّتهم العربية الإسلاميّة، وتنمو لديهم مشاعر الحنين المتدفقة فيسعون إلى الاحتفال بالعيد تماما كما يفعل الآباء والأجداد في بلدانهم، ويحرصون على التزاور في سعي لاستعادة أجواء العيد في الأوطان الأم للتعويض عن البعد عن الأهل والوطن. وعموما فان احتفال المسلمين بالعيد في باريس وبقية المدن الفرنسية وتمسكهم الشديد ببعض عاداته يعكس تشبثهم بجذورهم ووفائهم لأصالتهم.
فيما تتألق مطاعم العربية في باريس وضواحيها بأفضل أكلتها في شهر رمضان وفي عيد الفطر والأضحى كل بلد يبرز أكلته المفضلة وتأتي في المقدمة المطعم اللبناني( نورا) والمطاعم المغاربية ( الجزائر وتونس والمغرب) بينما لاتوجد سوى ثلاثة مطاعم مصرية في باريس ( كشري القلب) و(الكرنك) ( السندباد)
حيث لا تتجاوز الجالية المصرية 100 ألف نسمة لكنهم جميعا يحنون إلى الأكلات المصرية اللذيذة لاسيما الفتة ولحمة الراس والكشري والكباب والمحشي إلخ والتي أصبحت لها زبائن من الشباب والشابات الفرنسيين
محبّة وإخاء
توجه صباح اليوم عدد كبير من المسلمين المقيمين في باريس وضواحيها كبارا واطفالا ونساء الى “المسجد الأكبر بباريس” وبقية المساجد الأخرى في المدينة لأداء صلاة العيد، وبعد الصلاة يجتمعون حول موائد تمتلئ بالحلويات والمشروبات التي أتى بها المصلون في مشهد عائلي مفعم بالمحبة والإخاء ويحرصون على تبادل الحلويات التقليدية المعروفة لديهم والتي تتولى بعض النساء اعدادها بانفسهن في البيت أو يتم شراؤها من محلات كثيرة متخصصة في إعدادها.
و في باريس وحدها يوجد حوالي 80 مسجدا أهمها وأقدمها مسجد باريس الكبير بالحي الخامس، الذي يسع لنحو ثلاثة آلاف مصلي وبه مئذنة طولها 33 مترا،وهي تكاد تكون نسخة طبق الأصل من مئذنة مسجد الزيتونة في تونس، الذي تم بناؤه منذ عام 1926 تكريما لاكثر من 300 الف مسلم حاربوا ضمن الجيش الفرنسي وماتوا دفاعا عن فرنسا في الحرب العالمية الاولى.
لا إجازة في العيد
رغم ان فرنسا لا تمنح المسلمين إجازات، لأن الأعياد الإسلامية ليست مدرجة ضمن قائمة أيام الإجازات الرّسميّة في فرنسا، لكن المدارس كانت في ربع القرن الماضي تغض الطرف عن غيابات التلاميذ المسلمين يوم العيد، لكن هذا العام فتحت الداخلية الفرنسية عيونها على هذا الموضوع وطالبت من مدراء المدارس ارسال قائمة بالغيابات لحصر عددهم مما أثار جدلا في البرلمان الفرنسي سرعان ما قدمت الداخلية إعتذارها عن هذا الإجراء. أما الموظفين فغالبا ما يطلبون أجازتهم السنوية في شهر رمضان ليقضونه وسط محيط العائلة أو للسفر إلى ذويهم في دولهم الأصلية.
متى يحصل المسلمون على عطلة العيد؟
لايزال مطلب المسلمين معلقًا للحصول على يوم إجازة حكومي في أول أيام العيد، على غرار الأعياد الفرنسية الإحدى عشر التي تعطل فيها الجهات الحكومية في فرنسا، إلا أن تلبية هذا المطلب الشرعي لن يتم إلا عبر اتفاق بين دول إسلامية وفرنسا بعدما زاد عدد المسلمين بشكل كبير في البلاد وأصبحوا يشكلون أكبر جالية في أوروبا بنحو 20 مليون نسمة نصفهم فرنسيين أصليين. حيث أصبح الإسلام يشكل رسميا الدين الثاني في فرنسا بعد الكاثوليكية وقبل اليهودية التي لا تتجاوز عدد أبنائها نصف مليون نسمة.