أعلنت قوى سياسية وحزبية وأكاديمية عن مبادرات عدة لحلحلة الأزمة، والعبور من حالة الجمود التي أصابت البلاد منذ قرارات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في أكتوبر الماضي.
وفي 25 أكتوبر، أصدر البرهان قرارات قال إنها لتصحيح “مسار الثورة”، أبرزها حل مجلسي السيادة والوزراء، وفرض حالة الطوارئ، ولاحقًا، شكّل مجلس سيادة من مدنيين وعسكريين.
ومع رفض القوى السياسية والشعبية بالبلاد عبر مظاهرات أسبوعية، وقّع البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك اتفاقا سياسيا في 21 نوفمبر الماضي، عاد بموجبه الأخير إلى منصبه رئيسا للوزراء بعد نحو شهر من عزله واعتقاله.
لكن قوى مدنية وسياسية ترفض الاتفاق وتطالب بنقل السلطة بالكامل إلى المدنيين، رافضة الشراكة الحالية في الحكم مع المكون العسكري.
ومع حالة التأزم التي تشهدها البلاد، طرحت مجموعة من القوى السياسية المنضوية تحت لواء قوى الحرية والتغيير، ميثاقا سياسيا يشمل 13 بندا لتكملة الفترة الانتقالية، أبرزها الاحتفاظ بشراكة العسكريين والمدنيين، وإعادة تشكيل مجلس السيادة.
وخفض عدد أعضائه، ودمج قوات الدعم السريع والحركات المسلحة في الجيش، وتحديد موعد لنقل السلطة للمدنيين.
وقوبل المقترح بحالة برفض من القوى السياسية التي أطاحت بنظام عمر البشير، مؤكدة أن الحاضنة السياسية الجديدة.
يجب أن تكون من قواعد الثورة؛ حتى تمر المرحلة الانتقالية بشكل سليم.
وأشاروا إلى أن الإعلان السياسي المرتقب يشكل عملية ولادة حاضنة جديدة لما يصفونه بـ”انقلاب” 25 أكتوبر الماضي.
وطرح مديرو جامعات سودانية ما وصفوه بـ”وثيقة برنامج وطني”؛ للخروج من الأزمة التي تواجه عملية الانتقال الديمقراطي.
وفي بيان مشترك، قال عدد من مديري الجامعات السودانية إن الوثيقة المطروحة مستقاة من رؤى وأطروحات ومبادرات مكونات ثورية، وتعبر عن طموحات وآمال الشعب في تحقيق مهام الانتقال، وصولا لعهد ديمقراطي مستدام.
وأشار البيان إلى أن الوثيقة مقدمة لكل القوى الثورية، زمن شأنها التوصل إلى توافق وطني؛ لإنفاذ مهام المرحلة الانتقالية، مؤكدين أن اتفاق البرهان-حمدوك “أفرز واقعا سياسيا معقدا يتطلب الحكمة والنظر بمسؤولية لمستقبل البلاد؛ لتحقيق تطلعات وطموحات شعبنا العظيم”.
ومساء الجمعة، التقى حمدوك بمقر إقامته، وفدًا من حزب الأمة القومي بقيادة رئيس الحزب اللواء فضل الله برمة ناصر.
وحسب بيان لمجلس الوزراء، فإن اللقاء يأتي في إطار محاولات الحزب البحث عن إيجاد حلول للأزمة السياسية الراهنة.
وأوضح أن لقاءات الحزب بدأت مع الشركاء من القوى السياسية، وستتواصل حتى خروج السودان من هذه الأزمة، فيما أكد رئيس الوزراء أن لقاءاته ستتواصل مع بقية القوى السياسية والمدنية والشبابية الثورية.
وعقب اللقاء، كشفت مصادر في حزب الأمة القومي عن طرح مبادرة لتوحيد قوى الثورة، ومحاولة لإعادة عملية التحول المدني بالسودان سيتم الإعلان عنها عقب بلورتها.
ومنذ الإعلان عن قرارات البرهان في 25 أكتوبر الماضي، لا يكاد يمر أسبوع دون احتجاجات واسعة، كان أحدثها السبت 25 ديسمبر لرمزيته؛ لأنه كان محطة مهمة في مسار الثورة السودانية التي أنهت حكم البشير في 2019، حيث انتقلت فيه الاحتجاجات إلى الخرطوم للمرة الأولى بدعوة من تجمع المهنيين السودانيين، بعد أن اندلعت في عطبرة ومدن أخرى.
وبالفعل، تظاهر آلاف السودانيين، السبت، في عدة مدن بينها العاصمة الخرطوم، رفضا للاتفاق السياسي بين البرهان وحمدوك والقرارات التي أعلنها قائد الجيش سابقا.
الكاتب والمحلل السياسي السوداني، محمد فزاري، قال إن ما حدث في 25 أكتوبر هو امتحان عسير للديمقراطية والانتقال المدني للحكم في البلاد، ولكن السودانيين حتما بعزيمتهم وقوة إرادتهم قادرون على العبور من هذه المرحلة بالتأكيد.
وأضاف فزاري في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن ما يرفع من شعارات بالشارع “لا تفاوض ولا شراكة ولا شرعية” هي محاولات لرفع السقف التفاوضي، لكن في نهاية المطاف، المظاهرات ليست وحدها كافية، بل لابد من الجلوس والوصول إلى اتفاق سياسي ينهي الأزمة التي تعيشها البلاد.
وأوضح أن هناك حراكا محمودا ومبادرات من القوى السياسية منذ مليونية 13 نوفمبر، بغية التوصل إلى خريطة طريق متفق عليها، ورغم وجود رفض من لجان المقاومة وبعض الأجسام الثورية لكن في تقديري أن الساحة السياسية مقبلة على انفراجة وشيكة.
وتابع: “ربما ندخل 2022 برؤية واضحة، السودانيون لديهم تطلعات عريضة بتشكيل حكومة مدنية كاملة، نعم هناك تحد بشأن إمكانية تسليم السلطة من قبل العسكريين”.
وأضاف: “لكن الضغط الذي نراه في الشارع الآن يرجح كفة الشارع بعد وصول المتظاهرين إلى بوابة القصر الجمهوري في 19 ديسمبر، واليوم أيضا، ما يمهد لحتمية الوصول، ومقدرة المدنيين على العبور نحو مراحل متقدمة، وكذلك امتلاك زمام المبادرة السياسية”.