مئوية أنيس منصور
آراء حرة
ذات يومٍ تساءل أحدُ القرَّاء: لماذا أنيس منصور؟! لماذا يكتب في هذه الصحيفة؟! أو ما حاجتنا إليه؟!.. فأجابه: “معه حق ومعي حق أيضًا، فأنا يا سيدي كاتب مصري تخرَّجت في كلية الآداب، وتخصَّصت في الفلسفة، وأصدرت 215 كتابًا، وتَرجمت ثلاثين مسرحية، وألَّفت عشر مسرحيات، ولي عشرون مسلسلًا، وأكتب بابًا يوميًّا اسمه «مواقف» في صحيفة الأخبار، ثم في الأهرام، ورأستُ تحرير عدد كبير من المجلات، ورأست مجلس إدارة دار المعارف، والآن رئيس تحرير مجلة الكاتب المصري التي كان يرأسها طه حسين، وأنا عضو بمجلس الشورى من ثلاثة وعشرين عامًا، وعضو المجلس الأعلى للثقافة، والمجلس الأعلى للصحافة، ومجلس إدارة الهيئة المصرية للكتاب، وأخيرًا مستشار الأمم المتحدة للتنمية الاجتماعية، وحصلت على العديد من الجوائز، وحججتُ سبع مراتٍ، وكانت أطول رحلاتي «حول العالم في 200 يوم»، وأعرف مجموعة من اللُّغات… ولا أدَّعي يا سيدي أن كلماتي قد نَظَر إليها الأعمى، ولا قد أسْمَعَت من به صَمَم كما يقول المتنبي.. هذا أنا.. وأعوذ بالله من يوم لا أقول فيه أنا”. كان هذا الرد في الطبعة الخامسة من كتابه الشهير «تكلم حتى آراك»، وتزايد إنتاجه الفكري والفلسفي، وتواصلت مقالاته منذ ذلك الوقت ولمدة 11 عامًا في صحيفة الأهرام العريقة..
لقد تكلَّم أنيس منصور عنه نفسه، وحان وقت أن تتحدث عنه المؤسسات والهيئات الصحفية والثقافية، ففي العام المقبل سنحتفل بمئوية الكاتب والفيلسوف، وهو حَدث لو تعلمون عظيم.
هل تبادر وزارة الثقافة، بإطلاق اسم «أنيس منصور» على الدورة المقبلة من مَعرِض الكتاب؟!. هل تُطبَع كتبه وتُطرَح في الأسواق للأجيال الشابة بأسعار مخفضة؟! لن نتحدث عن دوره الثقافي والاجتماعي والسياسي أو حتى الصحفي، لكن نحن أمام مفكر حصل على أغلب الجوائز بداية من الجائزة التشجيعية من مجلس رعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية عام 1963، حتى جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1981، وجوائز مختلفة في الآداب والإبداع الصحفي والإعلامي سواء في الداخل أو الخارج.
لم يكن أنيس منصور كاتبًا صحفيًّا كبيرًا فحسب، بل كان موسوعة بشرية مُتنقِّلة، كان ظاهرة وحالة فكرية وأدبية خاصة في الكتابة والصحافة في مصر والوطن العربي، بل كان فيلسوفًا ومفكرًا مُبدعًا ومتعدِّد المواهب، وله العديد من المؤلفات التي تَحوَّل بعضُها إلى مسلسلات، منها: من الذي لا يحب فاطمة؟ وحقنة بنج، واتنين..اتنين، وعريس فاطمة، وغاضبون وغاضبات، وهي وغيرها، وهي وعشاقها، والعبقري، والقلب بدأ يدق، ويعود الماضي يعود، وتَحوَّل بعضها إلى أفلام، منها: آسف للإزعاج.
إن الحياة الثرية التي عاشها أنيس منصور في دنيا الكتابة والتأليف بالعربية قادته أيضًا إلى عالم الترجمة؛ حيث ترجم العديد من الكتب والأعمال الأدبية إلى العربية، كما ترجم أكثر من 9 مسرحيات بلغات مختلفة ونحو 5 روايات مترجمة، ونحو 12 كتابًا لفلاسفة أوروبيين، كما ألَّف أكثر من 13 مسرحية باللغة العربية، وسيرة ذاتية طويلة لكاتب وفيلسوف كانت حياته هي الحدث والحديث، مشوار متعدد المواهب والمجالات.
الحديث عن سيرة أنيس منصور يطول، وسيستمر أكثر في الفترة المقبلة بالتزامن مع الاحتفال بعيد ميلاده الـ 99 ومع بداية أول أيام المئوية.