كُتاب الكيان

السيد الطحان يكتب :فقدنا القيمة فأصبحنا كالأنعام!

يمكنك ان تطرح كل علامات الاستفهام أمام أحداث هذا العصر ، يمكنك ان تتعجب والا تراوح الدهشة عقلك أمام أفعال وتصرفات البشر ، يمكنك ان تبكى .. ان تصرخ .. ان تندب حظك .. ان تحاول استدعاء الماضي الجميل .. يمكنك ان تندم ، ان تتحسر وان لا تستطيع تجاوز مرحلة تأجج وتخبط الأفكار في رأسك أمام ما تراه وأنت لا تتمكن من ان تكف بصرك أو تكبح جماحه أو تصم أذنيك أو تلجم لسانك في حضرة القتل والثأر واستباحة الدماء والسرقة والنهب والسب والقذف والتشنيع والتشهير وكل الموبقات والمشينات التي نهانا عنها الله تجرى أمامك متجاوزة كل حدود ما يمكن ان يصدقه عقل بشرى أمده الله بحدود حتى لجرائمه التي تخطت كل الحدود دون رادع من دين أو ضمير أو صفات إنسانية انزلها الله مع عباده عندما خلقهم ليعمروا الأرض ويعبدوه ويسبحوه بكرة وأصيلا كما أمرهم وانزل فيهم كتبه ورسله ، وليس كما أمرتهم أهواؤهم وكما صورت لهم رذائلهم ليسمعونا ما نكره وليرونا مالا طاقة لنا به على ارض واقع نرفضه وترفضه كل الأديان وتعاليمها وعاداتنا وتقاليدنا وقيمنا الشماء المستتنبطة منها في ظل سيطرة ــ اللا قيمة ــ على كل شيء له وجود على سطح البسيطة
وفى ظل ان الاستثناء أصبح قاعدة ، وقاعدة اصلب من الفولاذ في مقولتين تفرضان النرجسية الكاملة في معناهما ــ انا ومن بعدى الطوفان .. , و.. ان جاءك الطوفان ضع ابنك تحت قدميك ) يطرح ، بل يفرض السؤال نفسه ( هل فقدنا القيمة ) والمقصود بفقدانها هنا ليس حكرا على شيء بعينه بل لكل شيء ..؟؟
ــ ماهى القيمة أولا ..؟؟
القيمة هي ( قَدْرُ ) الشيء وأهميته ، مثال ان يدرك الادمى قيمة وجوده وان تكون الأمة مستقيمة معتدلة في كل أشيائها كما ورد في التنزيل العزيز ( ذلك دين القيمة ) وان عديم القِيمة هو من لا خير فيه أو لا أهمية له ، والشيء الذي فقد الميزة التي منحها الله له فقد قيمته ، وحتى لا يلتبس الأمر على البعض فهذا ليس معناه أن نختزل قيمة الإنسان فيما يملك وإلا أصبح من لا يملك بلا قيمة . وللأسف الشديد أصبحنا لا ندرك قيمة الأشياء الا بعد ضياعها لتتأكد مقولة الفيلسوف الالمانى آرثر شوبنهاور ( فقدان الشيء يعلمنا قيمته ) .
وتطبيقا على واقعنا المخجل وأحداثه المؤسفة وحوادثه المحزنة وتفاصيله الأكثر إيلاما من الموت أيقنا تماما ان كل ما هو هام في حياتنا فقد قيمته فأصبح ما هو اكبر عند الله من هدم الكعبة ( دم المسلم ) يراق في الشوارع دون رادع من دين أو ضمير ، وبات السب واللعن وقذف المحصنات مجالا للتباهي والعلم بما خفي وبمكنونات الصدور ، وبقينا نتحرك الهوينا لننطق بهتانا وافتراء وكذبا .. لقد فقد الإنسان قيمته وبالتبعية كل ماله صلة به فقد قيمته ،فقدت الأخلاق قيمتها فانهارت المجتمعات ،وأصبح البلطجي سيد قومه ، فقد العلم قيمته فلم يعد للمعلم قيمة وأصبح الجاهل الغنى مثالا وقدوة ، وفقد المثقف قيمته فلم يعد للمفكر قيمة وأصبح المتلونون أصحاب العصمة ، وفقد الإبداع قيمته فضاعت قيمة المبدع وأصبحنا منحطي الثقافة وبالأحرى منعدميها فبات كل شيء في حياتنا تافها لا قيمة له ولا اعتبار ليجارى التكوين الفكرى لمؤسسيه ، الإنسان بكل ما كرمه الله به ومنحه من مزايا أصبح بلا أهمية اى أنه بلا قيمة ، الأهل والأصدقاء والجيران وما نملك وما لا نملك ، وما نعرف وما نجهل ، الأدب والأخلاق والعادات والتقاليد والأعراف ، الكلمة ومعناها والشيم والميزات وطعم الحياة الحقيقي المنزه عن الأغراض والأهواء ، حتى الغناء والمدح واستثنينا
( القدح ) دستورا .
فقد كل شيء قيمته فاستبدلنا الحلال بالحرام ، لم تعد الأشياء على الفطرة النقية الطاهرة التي خلقها الله عليها كلها دنستها أفعال البشر المقيتة الموتورة لتعطينا تصرفات الغالبية العظمى منهم الانطباع التام واليقيني ان الحياة ذاتها وبما بها أصبحت بلا قيمة ،حقا وصدقا فقدنا القيمة فأصبحنا كالأنعام التي لم يُكَرّمها الله بعقل فباتت لا تميز بين الخبيث والطيب .. وــ نحن ــ الا من رحم ربى .

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى