حوادث و قضايا

هناء ثروت تكتب: وبالناس المسرة ترنمت الملائكة في السماء ابتهاجًا بميلاد الطفل يسوع

البوابة القبطية

هناء ثروت
هناء ثروت

تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
google news

لم تكن هذه التسبحة محض صدفة أو وليدة اللحظة ولكن كل كلمة كانت تعنى دستور ومسيرة حياة. فالتسبحة تبدأ بتمجيد الله الخالق العالي، ثم سلام الله على الأرض وتنتهي بالناس ودورهم في حياة بعضهم أن يكونوا “مسرة” فلو تأملنا مسيرة المسيح منذ ولادته حتى بدأ خدمته كانت مرتبطة بالناس. فهو جاء ليصنع الفرق في حياة الناس ويجعلهم يغيرون حياة بعضهم بعض للأفضل، فلا يقدر الإنسان أن يحيا بمفرده دون أشخاص من حوله لذلك اقترن اسم الناس بالمسرة فهذه أحد الرسائل التى نتعلمها من الميلاد المجيد، فكوننا خلقنا على هذه الأرض فقد خلقنا لتكون هذه التسبحة نبراسًا لحياتنا لنمجد الخالق ونصنع السلام ونكون مسرة للناس، أي نكون سندًا وداعمين ومشجعين ومشاركين لبعضنا البعض، فنحن نحتاج لهذا جدًا، فكثيرًا منا قد يقع في أزمة ما سواء مادية أو معنوية او اجتماعية، لأكثر ما يحتاجه هذا الشخص وقتها هو وجود شخص أو أشخاص بجواره يدعمونه ويخففون من وطأ هذه الأزمة عليه، وفي الأفراح يدعو صاحب العُرس أصدقائه وأحبابه حتى يجد حوله دعما ويجد وجوهًا وقلوبًا تفرح معه لفرحه، نعم، هذا دورنا في حياة بعضنا البعض، فكم من مرة كنا نتوقع وجود أصدقائنا حولنا في أمور عديدة ولم نجد أحدًا، كم من مرة توقعنا أن يرد أصدقائنا غيبتنا ولم يحدث، كم من مرة خاب رجاؤنا فيمن حولنا، في كل مرة يحدث هذا نشعر وكأننا وحدنا على الأرض لا رفيق لنا ولا صديق، لا يوجد من يأخذ بأيدينا في وقت ضعفنا وانهزامنا، قديمًا كان يقول أجدادنا شارك في الحزن أهم ما تشارك في الفرح، وأنا أؤكد على هذه المقولة، المشاركة وقت الضعف والحزن والانكسار تقوي قلوبنا وتعطيها أمل في أننا لسنا بمفردنا وبذلك يتبدل الحزن بمسرة ونكمل التسبحة.

إن تشجيعنا لمن حولنا لا ينقص منّا شيء ولا يقلل من شأننا شيء، بل على العكس تمامًا، تشجيعنا قد يجعل من حولنا يشعرون بقيمتهم وانسانيتهم، ولو أخذنا أمثلة ممن حاولوا الانتحار أو الرسائل التي تركها المنتحرون نجد أغلبهم قد عانى من تجاهل من حوله وعدم تشجيعهم له وعدم وجودهم بجواره وقت انكساره، واستهتارهم بمشاعره ومخاوفه، ولم يكونوا دوائر أمان لهؤلاء مما دفعهم الى انهاء حياتهم بهذه الطريقة ليتركوا هذه الصرخة لنا.

وجود المسيح على الأرض كان له أعظم الأثر في مسيرة أناس كثيرين، فالرعاة عندما رأوه مضجعًا في مزود فرحوا بالمولود والمجوس حينما قدموا هداياهم امتلئوا بالفرح وعن مريم العذراء ويوسف النجار كست وجوههم الفرحة بعد العناء الذي لاقوه في رحلتهم أو حتى في قبول هذه المهمة الصعبة، وكل القرى والبلدان التي زارها المسيح ووطأ بقدميه عليها بدل حزنها بفرح ورمادها بجمال.

إن ميلاد المسيح يوصينا أن نكون للناس مسرة لا حزن وانكسار وانتقام أن نكون للناس بداية جديدة كالميلاد.. أن نكون لهم مصدر للسعادة والأمان.. فبرغم من المشاكل التى نعيش فيها والضغوط المحيطة بنا تُذكرنا تسبحة الملائكة أننا “مسرة” أننا فرح ونستطيع أن نتغلب على كل قوى الحزن والانكسار.. نستطيع ان نقف بجوار أحبائنا وندعمهم في كل ظروف حياتنا.

في نهاية عام وبداية عام جديد وفي أجواء الميلاد دعونا نقترب من أحبائنا.. نقدم لهم الدعم والمساندة.. دعوا طفل المغارة يولد من جديد ويملأ الدنيا فرح من حولكم.. دعونا نجنب خلافاتنا أو نمحوها وننساها فمعظم خلافاتنا لا تستحق أن تمحو لحظات الفرح والسلام بيننا.

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى