الرئيسيةالشرق الأوسط

الشارع السوداني على محك الوثيقة الدستورية !

قد تكون صورة لـ ‏‏‏شخص واحد‏، ‏‏وقوف‏، ‏ملابس خارجية‏‏‏ و‏سماء‏‏

تحليل إخباري تكتبه | إيمان الشافعي

  تابعنا عن كثب ما تمر به السودان من تحولات عاصفة وعنيفة بين التيار المدني متمثلا في حمدوك والتيار العسكري متمثلا في الفريق عبدالفتاح البرهان .

و بينما يعول السياسيون على الشارع السوداني في الفصل بين الصراع الدائم بينهما منذ توليهما المجلس الانتقالي.

تفاجأنا باعتقال رئيس الوزراء وزوجته من جانب التيار الآخر وباتت البلاد على مشارف فوضى عارمة وسط ترقب دولي و مخاوف متنامية

ما حقيقة ما يحدث ؟

هل ما يدور مرجعيته للشارع فعلا ؟

هل اعتقال حمدوك كان دستوريا؟

ما حقيقة الوثيقة الدستورية التي يتزرع بها الطرفان فيما آلت إليه البلاد ؟

الجنجويد وسيناريو الفوضى في السودان !

أسئلة سنجيبها من خلال هذا التحليل:

بعد انتفاضة ديسمبر 2019 و الإطاحة بالبشير حدد الإعلان الدستوري الموقع في أعقاب الانتفاضة موعدا لتسليم قيادة مجلس السيادة في مايو 2021 غير أن اتفاق سلام تم توقيعه في أكتوبر عدل المواعيد بشأن تسليم السلطة دون تحديد تاريخ جديد .

ومن هنا بدأ الصراع يحتدم بين الطرفين العسكري و المدني حيث لا أجل محدد لتسليم السلطة و عقد انتخابات ديموقراطية كما نصت الوثيقة الدستورية .

ما أعلنه الجناح العسكري

عندما سأل الجناح العسكري عن أسباب اعتقاله لرئيس الوزراء ومدى دستوريته كانت الإجابة أن تعنت حمدوك كان الدافع وراء اعتقاله وبالطبع في القانون هذا يسمى “إجراءً ظني” لا سند قانوني له ولا تهمة موجهه بعينها اتخذ على إثرها قرار الإعتقال إن لم يكن هناك أسباب أخرى لم يُفصح عنها بعد!

ومسار الدهشة هنا يأتي من السؤال المطروح بلا إجابة عن تهمة زوجته حمدوك ليتم اعتقالها ؟

أما عن باقي التعليلات من الجناح العسكري هي مخالفة السلطة المدنية للوثيقة الدستورية التي يعولوا هم عليها أنفسهم لتسليم السلطة لهم كما تنص عليه الوثيقة.

وتتمثل المخالفة في أن السلطة تركها حمدوك لأربع أحزاب سودانية فقط وناشطيها السياسيين وهي أحزاب ضعيفة لا تمثل العمق السوداني بينما يتكون السودان من 14 حزباً كان عليه أن يشملهم جميعا عند تكوين حكومته الانتقالية .

أما عن السلطة المدنية فترى مخالفة الطرف الآخر للوثيقة الدستورية وتمسكهم بالسلطة حيث لم يتم تسليم الحكم في البلاد في الموعد المقرر واستخدام الحراك الشعبي في الشارع الثائر على تردي أوضاعه الاقتصادية ذريعة للانقضاض على تلك الحركة الشعبية مدعين مساندة الجانب العسكري لها والانتصار لإرادة الشعب

وقد جاءت عودة حمدوك وزوجته إلى منزله قبل ساعات ولو تحت حراسة مشددة بمثابة إجابة غير مكتملة على خطأ قرار الإعتقال

الوضع الاقتصادي سبب الانتفاضة:

أما عن الوضع الاقتصادي في البلاد الذي أدى لخروج الشعب بعد قبيل ثلاثة أعوام من انتفاضة ديسمبر فالحكومة الانتقالية عالجت المشكلة الاقتصادية التي مرت بها السودان عن طريق الاقتراض من صندوق النقد الدولي وبالطبع يتبع هذا إجراءات اقتصادية يدفع ثمنها الشعب مما قلل من سعر العملة ورفع الأسعار بشكل أصبح معه المعيشة في البلاد أمراً بالغ الصعوبة وارتفعت نسبة البطالة وارتفع معدل التضخم في البلاد إلى ما يتجاوز 400% .

قوات الدعم السريع غطاءً عسكرياً للجنجويد:

وعن الوضع الأمني في السودان،الأحزاب السودانية الأربعة عشر مسلحة كما نعرف هذا بالإضافة لطبيعة الحياة المحفوفة بالخطر في السودان.

فكما يعرف البعض “الجنجويد” وهي حركة ظهرت في الثمانينات من القرن الماضي وتكونت من الجماعات المسلحة من عرب دارفور وكردفان في غرب السودان مما أدى لانهيار القانون والنظام في تلك المنطقة،

وبدأ سكان دارفور في التسلح، كما بدأت حينها عدة مجموعات عربية وغير عربية في تنظيم ميليشياتها للدفاع عن نفسها،كما ترتبط ميليشيا الجنجويد ارتباطاً وثيقاً بالأحداث الجارية لأن الرئيس السابق عمر البشير، كان قد جمع ميليشيا الجنجويد رسمياً قبل ستة أعوام في مجموعةٍ واحدة أطلق عليها اسم قوات الدعم السريع .

لذا فالسيناريو المتوقع في السودان كارثياً في ظل تعنت الجناح العسكري والاستعانة بالجنجويد وتسليح معظم طوائف الشعب لحماية أنفسهم ضد السرقة والنهب لأراضيهم ومواشيهم .

شعار الشعب يحدد مصيره!

أما عن شعار “الشعب يحدد مصيره” الذي يعول على الشارع فهذا سيناريو درامتيكي ليس حقيقياً لأن الصراع الحقيقي صراع على مقدرات السودان وثرواتها وبالطبع مخاوف الدول التي قد يهاجر إليها السودانيون هرباً مما سيحل بالبلاد من فوضى قد تؤدي إلى مجاعات جديدة غير تهديد حياتهم بالسلاح والاعتقال والعنف خوف حقيقي وعليهم أن يقدموا المساعدات الإنسانية والدعم لشعب السودان للمكوث في أوطانهم قبل أن يلجأوا للهجرة وقد قامت فرنسا بالفعل بالغاء ديون السودان لديها البالغة “خمسة مليارات دولار” في مايو الماضي ومازالت السودان تحتاج للكثير من الدعم الدولي دون التدخل المباشر بالطبع.

الحل السياسي والخروج من النفق المظلم :

أما عن الحل السياسي فهو الخيار الوحيد للخروج من النفق المظلم إن كان ثمة قوة تستطيع جعل جمع الأطياف السياسية تجلس على طاولة واحدة وتحسم هذا الوضع الراهن ولكن ثمة سيناريو أقرب حال تشبث كل الأطراف بمواقفها ينبئ بفوضى أمنية كبيرة ومزيداً من التردي في الوضع الاقتصادي وسحب امتيازات دولية حصلت عليها السودان في الفترة القصيرة الماضية إبان انتفاضة ديسمبر .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى