ملتقى الإبداع

بسمة قابيل تكتب: الخمسينية العجوز

صاحبة الحكاية الصغيرة ” أمنا الغولة ” وصوتها وهي تقول: ” شعري كبير نزل في بير ” ومن بعدها ” الشاطر حسن ” ثم تنهي حكاياتها دائمآ وأبدآ بقصة سيدنا إبراهيم وقصة رسول الله صلي الله عليه وسلم … حتي يغلبني النعاس ويداها تتخلخل شعري … ويشهد قمر الليل علي الذكر والتسبيح علي لسانها بعد ذلك أتذكر جيدآ أني حفظت أيه الكرسي من تكرارها لها أثناء الليل … صاحبة طبق البطاطس المختلط بالجبنة الحادقة والطماطم عند رجوعي من المدرسة في غياب أمي .. صاحبة الطبخة الغريبة “رز بصلصة ” ، لأن أبي كان يشتيها فكانت تعدها له .. صاحبة تلاوة القرآن لنا علي أخر السلم المؤدي للسطح ، وتشهد الشمس عليها صاحبة الدعوات والذكر والتسبيح والصلاة ” جدتي الحبيبة ” كانت رفيقة غرفتي منذ عمر الخامسة …. لتفاهة سني أطلقت عليها لقب ” الشاويش عطية ” و ” المخبر ” كانت إذا خرج أبي وأمي تتسلط لشقاوتي المستفذة وعند رجوعهم تخبرهم بكل شئ ، وفي تلك الليالي أنلت من أبي ماأستحقه بسبب شقاوتي أغضبت حينها وإستحلفت لها في هذة الليلة لم تحكي لي حكايتها المعتادة ونالت أرجلها الضعيفة الركلات من قدمي الصغيرة ، ومن طيبتها الجميلة أظنت أنني نائمة وصارت تدعي لي بالهداية وتبعد أرجلها عني ، لكي كل الأسف عن هذة الليلة .. ومرورآ بكل الليالي ، والذكريات التي لم يستطيع عقلي تجميعها إلا بشكل مشوش إلي أن جاءت ليلة عرسي … علمت أنها لن تستطيع الحضور وأنها ستظل في المنزل ، فصممت أن تكون هي أول من يراني ، ذهبت إليها وإحتضنتها ، صارت تدعو لي تكرارآ وتكرارآ …. مر الوقت ، وأشرقت لي رؤي بنورها ، فظلت تحية جدتي لي ” صبح صباحنا ، رز ولبن طبخنا ، لما جتلنا رؤي كلنا وإنشراحنا ” يانور عيني ياستو … كانت إذا لقت عيناها عيناي تقول ” بسبوسة المبسبسة ” وتتتابع ” بتيجي يابت تملي البيت خير ونور يابسبوسة ” لم تعلم جدتي أنه خيرها وبركة دعاها لنا… وعند مغادرتي تردد ” هتمشي بخيرك يابنتي خليكي كانت لا تمل التسبيح والتذكير والدعاء ( للأحياء والأموات ) جميعآ .. وجميعآ ليست كلمة مجازآ ولكنها حقيقة بالحرف للأباء والأبناء والأحفاد … الأحياء منهم والأموات … لم أري أحد قبل في أيامه الأخيره وكنت أسمع كثيرآ عن حسن الخاتمة ، ولكني رأيتها بعيني مع جدتي الحبيبة …. كانت لم تدرك في الدنيا الشئ ، غير الصلاة والتذكير والتسبيح… كانت إذا نادها أحد لم ترد النداء ولكن إذا طلب منها الذكر والتسبيح رددت بكل قوة ووضوح … كانت نائمة ولسانها مازال يردد ويردد … وتنادي ” أصلي إيه دلوقتي ” كانت لم تستطيع فعل شئ ولكنها كانت بكل قوة تستطيع الطهارة والوضوء لكل فرض .. كنت تظنها وقتها أن ليس بها شئ ، فسبحان الله والحمدلله علي حسن الخاتمة لها .. أما عن العمر الخمسيني فهذا هو العمر المجازي الذي كان يخبرني به أبي عن عمر جدتي فأنا لم أعرف كم كانت تبلغ من العمر ، ولكنه كان عمر شيخوخي ببراءة الصبية الجميلة ذات الوجه الدائري الأبيض فرحمة الله عليكي ياصاحبة العمر الخمسيني الجميل الملئ بالصلاة والذكر والتسبيح والدعوات الجميلة التي أنارت وستنير الطريق أمامنا… 🤍 وبارك الله فيك ياأبي ، أكرمتها ، أنعمتها ، كنت عطوف عليها ، طويل البال ، تحت قدميها وبين يديها ، بارُ بها ، أنالك الله نصيب من كل دعواتها لك ورضاها عليك … وزرع برك وحنانك في قلبي أنا لأعوده إليك وبشكل أعظم 💕

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى