دم بارد وكابوس للأظهرة.. ماذا ينتظر الأهلي من رضا سليم
أعلن الأهلي عن صفقته الثانية في الصيف الحالي، وهو المغربي رضا سليم جناح الجيش الملكي بطل الدوري.
اللاعب البالغ من العمر 23 عاما سينضم إلى ترسانة أجنحة الأهلي التي فازت بكل شيء في الموسم الماضي حتى الآن.
في مواجهة بيرسي تاو وحسين الشحات وطاهر محمد طاهر وأحمد عبد القادر وغيرهم، ماذا يؤهل سليم لحجز مقعده في خطط السويسري مارسيل كولر؟
من هو رضا سليم؟
ولد النجم المغربي في 25 أكتوبر 1999، وسيحتفل بعيد مولده الرابع والعشرين خلال أقل من 3 أشهر.
قضى سليم بضع سنوات بين ناشئي الرجاء البيضاوي، الذي تخلى عنه في 2017 لصالح الجيش الملكي.
شهد العام 2019 تصعيد الجناح الواعد إلى الفريق الأول للجيش الملكي.
منذ ذلك الوقت لعب رضا سليم 115 مباراة بقميص الجيش الملكي في مختلف المسابقات، وسجل 32 هدفا وصنع 26.
وساهم سليم بدور كبير وواضح في تتويج الجيش الملكي بلقب الدوري المغربي الـ 13 في تاريخه.
هذا التتويج فض الاشتباك بينه وبين ناديه السابق الرجاء، الذي تراجع إلى المركز الثالث في ترتيب الأبطال التاريخيين برصيد 12 لقبا.
كما كان لقب الدوري الأول في خزائن الجيش الملكي منذ 2007-2008.
دم بارد
المشهد الأخير في تتويج الجيش الملكي يخبرك بالكثير عن لاعب الأهلي الجديد..
الفارق نقطة واحدة، والصراع على أشده مع الوداد المغربي، والمباراة الأخيرة أمام اتحاد طنجة تنطلق باحتساب ركلة جزاء للجيش الملكي.
يتقدم رضا سليم المسدد الأول لركلات الجزاء ويسجل الهدف الأول في الدقيقة 8 بهدوء شديد على يمين الحارس.
يتعادل طنجة لاحقا بركلة جزاء أخرى، ثم يسترد الجيش تقدمه، قبل أن يتعادل طنجة للمرة الثانية في الدقيقة 75.
النتيجة الحالية تشير إلى تتويج الوداد بلقب الدوري، وفي الرمق الأخير تُحتسب ركلة جزاء ثانية للجيش الملكي..
الدقيقة 93، والحارس ذاته قد شهد ركلة جزاء سابقة من نفس اللاعب في نفس المباراة. الضغط على الجانبين ولكنه لا مقارنة، ففشل الحارس من عدمه لن يغير الكثير، بينما فشل رضا سليم يعني ضياع لقب الدوري.
نعم، إنها واحدة من تلك الحالات التي تنتظر فيها دخول اللاعب في أقصى توتره، ليركل الكرة في زاوية محددة بأقصى قوته، فتمر من الحارس إلى الشباك حتى لو ارتمى ناحيتها، أو تمر إلى خارج الملعب تماما..
لا شيء من ذلك قد حدث.. فقد دخل رضا سليم بخطوات ثابتة وهادئة لا تحمل أي سرعة، بقرار متخذ سلفا، وبوضعية جسد لا تعكس بالضرورة ما سيفعله، ليسددها بهدوء على يمين الحارس مرة أخرى.. وهكذا توج الجيش الملكي.
مارسيل كولر دائما ما وجد صيغته المهذبة لوصف ضغط العمل في النادي الأهلي: “نفوز ببطولة فتطالبنا الجماهير بالأخرى”.. هذا المستوى من الضغط في أكثر الفرق تتويجا بتاريخ القارة السمراء، كثيرا ما تسبب بفشل صفقات لم تنقصها المهارة أو الموهبة، كل ما كانت تحتاج إليه هو التأقلم مع مستوى الضغط والمنافسة الداخلية.
الحالة التي أمامنا الآن لا يبدو عليها أي تأثر بأي ضغوط، وفيما يبدو أيضا، فهو يملك مؤهلات واضحة لخوض المنافسة الداخلية، وحظوظ مرتفعة للانتصار.
أكثر من ضربات ثابتة
21 ركلة جزاء سددها رضا سليم مع الجيش الملكي المغربي. 19 منها سكنت الشباك. الرجل لم يهدر سوى ركلتين.
هذه ليست المشكلة الوحيدة، فهو يجيد لعب كل أشكال الكرات الثابتة، بما يشمل الركنيات والركلات الحرة.
بكلمات أخرى، ليست أجنحة الأهلي فقط هي المهددة بانضمام المغربي إلى المنافسة، بل يمتد الخطر ليشمل الظهير الأيسر علي معلول، الذي قد يشهد اقتطاع جزء لا بأس به من صلاحياته داخل الملعب.
مراقبة رضا سليم على الخط ستكون عملا مزعجا للغاية بالنسبة للظهير المكلف بهذه المهمة، لأن الأمر لا يتوقف عند الركلات الثابتة فقط.
(خريطة رضا سليم الحرارية في مباريات كأس الكونفدرالية الإفريقية – سوفا سكور)
أسد الأطلس الرابض على الخط يمكنه أن يشكل الإزعاج بكل الطرق الممكنة قبل أن يصل إلى منطقة الجزاء، فهو يملك سرعة كبيرة تمكنه من التفوق في السباقات الفردية بدون كرة أو وراء الكرة.
وإن نجح المُراقِب في تفادي مواقف السباق أصلا بانتظاره في نقطة متأخرة تمنعه من الاندفاع للأمام، سيكون على بقية زملائه ضمان عدم انسلال المهاجم من بينهم إلى أي نقطة خطيرة محتملة، فرضا سليم لا يمانع إرسال العرضية من أي موقع بمحاذاة الخط.
باختصار: مهاجم متحرك يجيد الرأسيات + رضا سليم على الخط = كابوس مطلق لخطوط الدفاع.
ما وراء الخط
بمتابعة أهدافه في الموسم الماضي وباستبعاد ركلات الجزاء من المعادلة، ستجد ترسانة متنوعة للغاية من الحلول.
مثلا هدفه في شباك الوداد يسلط الضوء على جمعه بين السرعة وجودة التحرك وحسن اتخاذ القرارات أيضا، فقد انطلقت التمريرة وهو خلف المدافع المراقب له، لينتهي الأمر بوصوله إلى الكرة قبل خصمه في وضعية ستجعل الحارس أوفر حظا في إنقاذ الهدف إن سدد في الزاوية البعيدة، فغافله بكرة متقنة في الزاوية الضيقة.
السرعة الفائقة أحيانا لا تترك حلا للمدافع المُطارِد سوى المخالفة. بكلمات أخرى، الرجل لا يجيد فقط تسجيل ركلات الجزاء، بل يملك ما يؤهله للحصول عليها بنفسه.
لنواصل معا، ستجد أن رضا سليم يمكنه التسجيل من لمسة واحدة أثناء الركض، ومن لمسة واحدة خارج منطقة الجزاء، وهذه الأخيرة تحديدا ستكون حلا هاما بالنسبة للأهلي، لأنه كما أوضح مدربه في حواره الأخير مع الصحافة السويسرية: “عدد قليل من الفرق لا يتراجع إلى الوراء في مواجهة الأهلي”.
على طاولة كولر
تعاقد الأهلي بالفعل مع إمام عاشور وها هي الصفقة الثانية، فماذا يحتاج كولر الآن؟ بالضبط.. المهاجم الذي ينتظره منذ يناير الماضي.
الصفقة الثالثة المنتظرة تملك أهميتها بطبيعة الحال، ولكن هذه الأهمية تتضاعف الآن بغرض الاستفادة الكاملة من ترسانة أسلحة رضا سليم، وتحديدا أهم هذه الأسلحة في صناعة اللعب: عرضياته القاتلة.
ولكن أين يمكن لرضا اللعب؟ ومن سيكون المهدد الأول من الثنائي بيرسي تاو وحسين الشحات؟
هنا تبدأ المعضلة، رضا سليم يجيد اللعب على الجناحين وفي العمق أيضا، وبالتالي يمكن لكولر أن يستغله كيفما شاء.
ولكن بوضوح شديد للغاية من متابعة أبرز لقطات موسمه الماضي مع الجيش الملكي، أغلب لقطاته الخطرة أتت من جهة اليمين التي لعب بها والتي يشغلها بيرسي تاو، ولا يوجد ضمان للحصول على نفس الكفاءة إن انتقل للجانب الأيسر.
كما يملك بيرسي تاو أدواره الهامة في عملية تحريك الكرة وبالتالي الفريق بأكمله إلى الأمام، وبالتالي لن يتسلم رضا سليم دورا مشابها لدوره في الجيش الملكي مباشرة إلا إذا رحل تاو.
احتمالية رحيل حسين الشحات الجناح الأيسر حاليا مستبعدة تماما بعد تجديد عقده على كل حال، وبالتالي إن أراد كولر استغلال رضا سليم في اللعب المباشر من اليسار باعتباره أيمن القدم، سيكون هو المهدد بفقدان موقعه.
ولكن من قال أن أحد الجناحين -بالضرورة- يجب أن يكون ضحية الصفقة الجديدة؟
هناك حل ثالث ولكنه الأقل احتمالية بالطبع، فاللاعب المغربي مميز في العرضيات والكرات الطويلة بصورة عامة، كما أنه يملك مميزات بدنية واضحة وقدرة على الاختراق بالتحركات السليمة، ودقة في إرسال الكرات المطلوبة، وبالتالي ليس من المستبعد تماما أن يطوعه كولر في خط الوسط كصانع ألعاب متأخر.
بهذه الطريقة سيتمكن رضا سليم من تغذية الخط الأمامي بكراته الطويلة، سواء المهاجم الذي يمكن أن يدفعه للأمام أو يتحول لمحطة لاستقبال هذه الكرات ثم تهيئتها لأحد الجناحين، أو لأحد الجناحين مباشرة في مساحة خالية، وهذه اللعبة ستكون فتاكة في التحولات. كذلك يمكنه في أي لحظة الاندفاع من الخلف للأمام عبر العمق ليوفر قدما إضافية داخل المنطقة أو على حدودها، ولا يبدو أن لاعب الأهلي الجديد يملك مشكلة بعينها مع تسديد الكرة في المرمى.