د.خالد عاشور يكتب.. أنوار من القرآن
منذ ثلاثة وعشرين عامًا وفي شهر رمضان عام 1998 قمت بإعداد وتقديم برنامج رمضاني (ثلاثين حلقة) بعنوان :”أنوار من القرآن” كانت فكرته تتلخص في “آية” يختارها ضيف كل حلقة وتكون لها ارتباط ما بحياته الشخصية أو المهنية .
ولم أكن أتوقع رد فعل الضيوف الذين حدثتهم بشأن استضافتهم، فبمجرد الحديث معهم – عبر الهاتف -عن فكرة البرنامج، كان لسان الضيف ينطلق مُرحبًا ليخبرني أنه جاهز للتسجيل فورًا. لم أكن أتوقع رد الفعل ذاك، بالنظر إلى مستوى هؤلاء الضيوف في ذلك الوقت؛ فكلهم تقريبًا من نجوم الصف الأول، كما يقال إعلاميًا، وكثير منهم كان نادر الظهور في وسائل الإعلام.
فمثلًا كان من ضيوف هذا البرنامج : المستشار طارق البشري نائب رئيس مجلس الدولة المفكر المعروف، والإمام الأكبر د.محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر، والكاتب الإسلامي أحمد بهجت، والكاتبة د. نعمات أحمد فؤاد، والشاعر فاروق شوشة رئيس الإذاعة السابق نائب رئيس مجمع اللغة العربية، ود.أحمد هيكل وزير الثقافة السابق، والكاتب د.علاء الأسواني، والفنان التشكيلي د.يحيى عبده، ورئيس الجمعية العالمية للطب النفسي د.جمال ماضي أبو العزايم، والشاعرة علية الجعار، وغيرهم.
لم أكن أعرف فعلًا أن لهذه الشخصيات ارتباطًا بهذا العمق مع القرآن الكريم على صعيد حياتهم الشخصية والمهنية والعملية، والذي اكتشفته أن القرآن الكريم يتغلغل في حياة كل العباقرة والمبدعين بشكل أو بآخر. فلكل منهم مع القرآن وآياته قصة.
فمثلًا حكت لي الشاعرة علية الجعار – وعينها تدمع – أنها وهي في رحاب الكعبة قرأت هذه الآية الكريمة، مكتوبة على أستار الكعبة المشرفة : “وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحًا ثم اهتدى”، فقرأتها وكأنها تقرؤها لأول مرة ثم أمسكت بالورقة والقلم وكتبت هذه القصيدة الجميلة بعنوان “غفار” وهي قصيدة التي لم أعثر عليها في أي من دواوين الشاعرة الراحلة رحمها الله:
إلهي أنت الخير والنور والهدى/ وإنك غفار لمن تاب واهتدى
إلهي هذا الطين قد ضل ظاهرًا/ ولكن في الأعماق قلبًا موحدًا
هو العاشق الولهان في كل نبضة/ يؤكد حبًا خالصًا متـــجردًا
لوجهك يا الله قد أخلص الهوى/ فطوف في الآفاق بالحب منشدًا
أتيت بذنب الأمس أبكي توسلًا/ ودمعي فوق الخد ينساب مجهدًا
سألتك باسم الحب يا سيدي رضًا/ ينور أمسًا كان بالذنب أسودًا
فأنت كريم الوجه لم يأت سائلٌ/ إليك وكان الباب دونك موصدًا
مددت إليك الكف أدعو وأرتجي/ رضاك يا الله فامدد لي اليدا
فملء يدي حبي ودمعي وتوبتي/ وملء يديك العفو والصفح والندى
ولي أمل في العفو منك فإنني/ قصدت حبيبًا غافر الذنب سيدًا
تعودت منك الجود مولاي والهدى/ وللمرء من مولاه ما قد تعودا
رابط الحلقة على يوتيوب
https://www.youtube.com/watch?v=-2PYu5xKgng&t=254s