سيد حجاب في عيون الشعراء.. صائد الكلمات وفيلسوف الغنوة
يتلألأ اسم سيد حجاب كنجم ساطع في سماء الإبداع والموهبة، فهو شاعر تحوّل إلى أيقونة في عالم الشعر والأغنية المصرية، ورائد في ميدان الدراما، سيد حجاب، هذا الإنسان الذي أضاف جمالية لفظية جديدة للغة الشعر وكتب لأحلام وألم الناس، استطاع أن ينقلنا بأشعاره وأغانيه إلى عوالم مشبعة بالعاطفة والمشاعر الإنسانية.
أجرت «البوابة» عددًا من اللقاءات مع خمسة من أبرز الشعراء من اتجاهات شعرية مختلفة ومراحل عمرية متنوعة للحديث عن الشاعر والفنان الكبير سيد حجاب وإبداعه الفني والأدبي. تم مناقشة مختلف جوانب إرثه وأثره على الثقافة العربية والمصرية بصفة خاصة، قدم الشعراء وجهات نظرهم وآرائهم حول هذا الفنان الرائع وشعره الذي كتبه للشعب ومصر بأكملها، تناول الحوار أيضًا مفردات سيد حجاب وقاموسه الخاص الذي تميز به في أعماله الأدبية والغنائية، حيث تميز بسهولة التعبير والعمق في نفس الوقت، وكيف أن كلماته أصبحت مصدر إلهام للكثيرين.
مسعود شومان: سيد حجاب صياد حوريات الشعر
“أنا ابن بحر.. ابن بحر.. ابن بحر.. ابن النسيم اللي رضع.. من السما.. رضع حليب النجمة.. حنيـة وفجر” بهذه الكلمات استهل الشاعر الكبير مسعود شومان رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية حديثه عن سيد حجاب ثم استطرد قائلاً: هكذا كان اعتراف الشاعر الكبير سيد حجاب المولود على ضفاف بحيرة المنزلة بمدينة المطرية ـ محافظة الدقهلية فى 23 سبتمبر 1940 فكانت البداية، ورهانه على الإمساك بتفاصيل الذات فى المكان، بل القبض على الشعر فى روح الكادحين، وبداية الإطلالة على العالم “بصيت من الشباك هناك.. لقيتهم فى الطريق متشنقين.. حوالين رقابيهم شِبَاك..وبرضه ماشيين ميتين “كانت معاينته لناسه وللشعر مبكرة، لعله اختاره ليقول “فى بلدنا اللى بتنعس م المغرب حواريها.. وتصـرخ ريح أحزان الناس فيها .. نعست فوانيس الجاز تحت المركب”، لكن المركب كان قادرا على مواصلة الرحلة، يواجه الموج، يتأمله، يتلمس تجاعيده، مواجها الشقاء وال، يرسل إليه الرسائل لترتد شعرا وغناء، حيث كان أحد المستلهمين الكبار للتراث والمأثور الشعبى، وقد بدأ من ألعاب الجماعة الشعبية مع اللغة حيث تشع على بقية المفردات، ويتسع العالم حيث نداءات الباعة وأصوات الكائنات، فالكلمات عنده محصورة بين ضفتين كأنها النهر الذى يموج بالحركة فى اتساعها وعنفوان أصواتها حين تصيد الدلالات مستلهمة أشكالا موالية، فضلا عن العناصر الاعتقادية المتعلقة بعالم الجماعة الشعبية خاصة مجتمع الصيادين، إضافة إلى قصائده المحتفية بثقافة المكان، وقدرته الفائقة على صيد المفارقة بأنواعها المختلفة والتجنيس والارتطام الصوتى الذى يشتبك فيه الحرف بالحرف فتتفجر الدلالات فائضة بأصواتها على المستمع.
ويقول «شومان» إن شعر سيد حجاب يأتى هادرا كالبحر، فتخرج كلماته معلنة عن صدق إنسانى يدعونا إلى إعادة النظر من جديد فيما نعرف، لأن الشاعر الكبير سيد حجاب لم يكن مجرد شاعر، لكنه كان مثقفا عضويا ملتحما بقضايا وطنه، فائضا بإنسانية وشعره على أجيال ما تزال تحمل وقدة روحه وجذوة شعره الخالد.
_________________________________
إيهاب البشبيشي: شعره نسيج وحده لا يشبه شعرًا آخر.. ولكنه كان يشبه الناس
يقول الشاعر الكبير إيهاب البشبيشي، إن سيد حجاب لم يكن شاعرا فقط بل كان إنسانا جميلا حانيا محبا قبل ذلك وكان مفكرا كبيرا مهموما بهموم أمته الصغرى مصر والكبرى الوطن العربي كله، وشعر سيد حجاب كان نسيج وحده لا يشبه شعرا آخر ولكنه كان يشبه الناس، فقد كان لشعر سيد حجاب خصائص كثيرة أهمها قدرته على الغوص في الناس والتعبير عن أحلامهم وهمومهم، كما كانت له القدرة أيضا على تشعير ما يبدو دارجا وعاديا من الكلام، وأيضا يتسم شعر حجاب بهذه المعادلة الفذة بين البساطة والسمو السهل الممتنع والقدرة على استخلاص الحكمة والحكم من خلال الوقائع المختلفة.
ويحكي «البشبيشي» موقفا بينه وبين حجاب حيث قال له مرة إنه حريص على استخلاص الواقعي من الوقائع، وطبعا هذه الموسيقى الطاغية عنده تعطيه جمالا صافيا يخصه، وهناك الكثير من الخصائص التي تحتاج دراسات متخصصة للوقوف عليها ويضيق المقام عنها الآن.
ويعتقد البشبيشي أن سر نجاح شعر سيد حجاب الغنائي هو جملة أسرار منها الموسيقى ومنها الإيجاز فكتابة الأغنية تحتاج قدرة كبيرة على الإيجاز واللغة البسيطة العميقة المعبرة، وكل ذلك يظهر في أعمال حجاب أما عن الأعمال الدرامية مثل تترات المسلسلات فقد كانت قدرة حجاب على استخلاص الحكمة من العمل وتطويعها شعرا هي السمة الأبرز والأهم إلى جانب الغنائية.
ويرى البشبيشي أن كل شاعر جيد لا بد له من شيئين أولا تأثره بمن سبقوه ثانيا ابتكاره وابتداعه لأساليبه الخاصة وأن سيد حجاب امتلك الناصيتين لكن مبتكراته أطغى في أعماله، ويفسر ذلك قائلا “انظر مثلا لاستخدامه كلمة الحلوات في تتر مسلسل بوابة الحلواني، وانظر كيف ابتدأ من المثل الشائع اللى بنى مصر كان في الأصل حلواني وهي بداية تؤكد المشترك الدلالي بينه وبين المتلقي ليشده نحوه ثم أقام باقي النص انطلاقا من هذا المشترك وذلك يجيب على سؤالك عن روافد شعره وهي عديدة منها الفلكلوري والتاريخي والأسطوري والإنساني.
_________________________________________
أمينة عبدالله: وصل بكلماته لكل بيت في مصر
ترى الشاعرة أمينة عبدالله أن لكل شاعر أسلوبه ومفرداته وقاموسه، فلا تعتقد أن هناك مكانة ما يحتلها شاعر دون آخر، المهم أن يكون مبدع حقيقي، بعيدا عن التصنيفات النوعية، هذا شاعر غنائي وهذا شاعر فصحى والأخر عامية، كل هذه الأنواع مطلوبة وتتجاور لا تتنافر ولها جمهورها، بالإضافة إلى أن لكل شاعر سياقاته الاجتماعية والثقافية والاقتصادية أيضا، ويعتبر سيد حجاب واحد من بين الشعراء والمثقفين المهمين الذين انشغلوا بأوطانهم، بشكل حقيقي، فلم يكن جوقة لجماعة أو فصيل بل كان همه الوطن والناس، عاش للبسطاء والكادحين، كتب لهم أغنياتهم، ومس إحساسهم وآلامهم وأفراحهم، غنى معهم وما زالوا يغنون معه.
وتأكد عبدالله أن سيد حجاب لم يتنكر يوما ما لمن سبقوه، بل كان دائم الاحتفاء بهم، فلم يقم بقطيعة ما، مع التراث الشعري سواء لبيرم أو حداد أو غيرهما، لكنه تطور مع تطور وتيرة الحياة وانتج ابداعا يلائم سياقه الثقافي والاجتماعي، فكان نفسه ولم يكن شبيه أحد ومن هنا يأتي تفرد سيد حجاب، وقد أحدث طفرة نوعية في الدراما التليفزيونية، وجعل من «تترات» المسلسلات الوسيلة الأقوى تأثيراً في القلوب، ومن خلال مفرداته الفريدة، السهلة والبسيطة والعميقة في نفس الوقت والتي كانت في كثير من الأحيان تعادل قوة العمل الدرامي حقق انتشاره ودخل قلوب الناس في مصر والعالم العربي، ومازلنا حتى الأن نسترجع ما كتبه سواء بالقراءة أو سماعه مغنى، ولا يزال حاضر في حياة المصريين من خلال جملة شهيرة، أو مشهد، أو أغنية معبرة.
وتقول إن هناك فارقا مهما، لا بد من الحديث عنه، وهو أن الكتابة للدراما كتابة من نوع خاص، فهناك عمل درامي “حدوتة” مطلوب ترجمتها في قصيدة، أو تحويلها لأغنية، الموضوع هنا مختلف عن الانفعال الطبيعي بإحساس ما أو موقف ما ويكتب عنه الشاعر، تميز سيد حجاب في كتابة التتر لعدد كبير من المسلسلات التي شكلت وجدان الشعب المصري في مرحلة ما، واستطاع أن يصل بكلماته الى كل بيت ليس في مصر فقط بل في العالم العربي، لصدق كلماته وارتباطها بآلام الناس ومعاناتهم، فاستطاع سيد حجاب رسم خط فاصل بين قوة الكلمة ودلالتها، وأبدع في اختيار كلمات بسيطة، تناسب جميع طبقات الشعب المصري، ويستمتع الجميع بسحرها، من المثقفين والرواد، إلى الطبقات الشعبية داخل الأحياء التراثية والفقيرة.
_____________________________________________________
محمد خالد الشرقاوي: غنوة بجماليات القصيدة العربية
يقول الشاعر محمد خالد الشرقاوي، سيد حجاب كتب قصيدة شعر العامية وكتب قالب الأغنية، في رأيي الشخصي أن أفضل وأنضج ما كتب سيد حجاب هو الأغنية، إذ بدأ كتابة القصيدة متأثرا بصلاح جاهين، أما الأغنية فقد استفاد في كتابتها من جماليات القصيدة ونقلها إلى الأغنية فحررها من السطحية والاستسهال، فمعه أخدت الأغنية المصرية مسارا ونسقا مختلفا عن الغناء السائد من ناحية البناء الفني والشكل الجمالي لكلمات الأغاني حيث كانت الأغنية قبله يأتي في كلمات بسيطة وخفيفة دون اللجوء إلى الصور الشعرية مع بساطة التركيب اللغوي بدون بناء محكم حتى أن معظم الأغاني تجد أنها عبارة عن كوبليه واحد فقط وباقي الكوبليهات وكأنها إعادة صياغة، ولكن سيد حجاب استطاع أن يمزج بين جماليات الغنوة وجماليات القصيدة حتى صنع أغنية محكمة في بنائها وفكرتها وصياغة جُملها دون استسهال مثل باقي الأغاني.
وأضاف الشرقاوي، هناك الكثير من الأغنيات عندما تقرأ كلماتها بعيدا عن اللحن وصوت المطرب تجد أنك أمام كلمات سطحية ساذجة يمكن أن تتقبلها بصوت مطرب لكن لن تحب قراءة الكلمات لأجل الاستمتاع بها وما زلت هذه الحالة موجودة إلى الآن في كثير من الأغاني المصرية والعربية بوجه عام، ولكن سيد حجاب كان مخلصا للكتابة الشعرية والكتابة الغنائية التي يرى الكثير أن هناك العديد من الفروق بينهما ولكن سيد حجاب استطاع بمهارة شديدة أن يهدم الفرق بين الأغنية والقصيدة فصنع أغنية يمكن أن يقرأها المتلقي أو يستمع إليها بصوت مطرب دون أن تفقد قيمتها الجمالية مع ذهاب اللحن والتوزيع الموسيقي للآلات.
وتابع رغم أن سيد حجاب لا ينتمي إلى صعيد مصر ولكن من كلمات أغانيه تشعر أنه صعيدي حيث استفاد من الحُلى الجمالية في الغناء الشعبي المصري في صعيد مصر مثل قالب المربع والموال المقفول والمعروفين باستخدام تقنيات الجناس التام حيث يقول: (شوق حش روحنا وحشانا / يا وشوش يا غالية وحشانا / حشاكى تنسى وحشانا /ده أنا لا شين ولا وحش أنا) هذه الألعاب البلاغة لم تكن موجودة في الغناء المصري في وجه بحري قبل سيد حجاب إلا مع نماذج قليلة جدا من الشعراء نذكر منهم على سبيل المثال مرسي جميل عزيز إذ يقول (ناوي على عندي/ ومعزتك عندي/ في العين دي والعين دي) ويظهر ذلك البناء الجمالي في الشعر الشعبي في صعيد مصر مثل قول أحمد برين على سبيل المثال أيضا (علامة السبع يستحمل قسى الأيام/ يمشي مع الوقت ولا يشكي من الأيام / ويجابل الضيف بالوجه البشوش أيام / ويكرم الضيف شتا مع صيف ميملش / و أتته كلمة ومن غير بال ميملش / يكلها بالملح والفرفات ميملش / السبع ميملش ولو حكمت عليه الأيام).
وأشار الشرقاوي إلى أن عبقرية لم تقف سيد حجاب عند القدرة على بناء تشكيل جمالي محكم ودقيق فقط للأغنية، بل كان المعنى حاضرا والفكرة والرؤية كل ذلك يقف خلف الشكل الجمالي الخارجي، ويظهر ذلك في الأغاني التي جاءت خلال المسلسلات التلفزيونية فكانت الدراما والأحداث جزءً أصيلًا في بناء الأغنية حيث استطاع أن يفهم الدراما والأحداث والفكرة الأساسية والرسالة التي يريد أن يقدمها المخرج والمؤلف ويقدم ذلك خلال الأغنية مع إضافة رؤيته الخاصة للأحداث التي تضيف إلى الحدث الدرامي ولا تكن حدثا هامشيا، ونحن هنا أمام تحدٍ فقد يفسد الشاعر الأحداث و”يحرق المسلسل” أو يعيد صياغة مشهد سابق في الأغنية فتصبح الأغنية بلا فائدة في سياق الحدث الدرامي وقد صنع ذلك ببراعة شديدة ونذكر مثال (يا صرخة خايخة حزينة/ مالية السرايا وحوشها/ مسكينة والله يا زينة/ مين ينجدك من وحوشها) هذا المقطع الذي غناه علي الحجار في مسلسل “حدائق الشيطان” جاء تعبيرا عن حالة شخصية “زينة” التي خطفها “مندور أبوالدهب” وحبسها في منزله فجاءت الأغنية في قالب المربع الصعيدي تعبر عن حال الفتاة الضعيفة ببراعة شديدة تكمل الحدث الدرامي دون كشف أو حرق وفي الوقت ذاته كانت الأغنية فاصلا يجعل المشاهد متشوقا لمتابعة باقي الأحداث.
——————-
محمد هانى: عمنا سيد حجاب من علامات شعر العامية في مصر وسيبقى وتبقى أغانيه وقصائده محفورة فى القلوب
يرى الشاعر محمد هاني أن سيد حجاب استطاع حجز مكانه في مصاف كبار المبدعين في شعر العاميه المصريه وإن كنا نستطيع عمل تقييم كما في شعر الفصحى فيعتبر سيد حجاب من الطبقة الأولى لشعراء العامية مثله كمثل بيرم التونسي وفؤاد حداد وعبدالرحمن الأبنودي وصلاح جاهين وغيرهم من المبدعين الذي يتميز كل منهما بصوته وبصمته الخاصة لا سيما أن سيد حجاب يتميز بفلسفته الخاصة عن طريق كلماته ومعجمه القريب جدا من الشارع المصري الشعبي، فهو لم يكن شاعرا وكاتبا أغاني وتترات المسلسلات الذي تفوق فيها فقط بل كان مصريا أيضاً قام بالمظاهرات وتعرض للسجن وكان منغمسا في الحياة الاجتماعية المصرية بصورة كبيرة مما جعله واحدا من مؤسسي تيارا العامية الشعبية القريبة من جوف الناس وشعورهم في تناغم يبهر الكثيرين.
ويصف هاني شعر سيد حجاب بأنه استلهم فلسفة فؤاد حداد مع إيقاع بيرم التونسي السريع أيضاً مما جعله متفردا بمكانته التي لا يحتلها غيره فمن الصعب إيجاد هذا التناغم بدون هدوء وقوه عقل الرائع الاستاذ سيد حجاب وللحديث عن مظاهر التجديد يأتي دائما في بالي كلماته ” وينفلت من بين أيدينا الزمان، كأنه سحبة قوس فى أوتار كمان، وتنفرط الأيام عود كهرمان، يتفرفط النور والحنان والأمان، كلمات الشاعر الكبير سيد حجاب فى الأغنية الشهيرة لتتر مسلسل أرابيسك التى تمكن خلالها مع أغانٍ أخرى من التعبير عن الهوية والروح المصرية بكل تقلباتها من فرح وحزن وانكسار وقوة وضعف وشموخ، إذ تفرّد «حجاب» فى شعره بحس لغوى خاص وتنوع وإيقاع جاذب.
وتابع حديثه قائلا، عند قراءة قصائد سيد حجاب قبل كلمات الأغاني التي كتبها لا تشعر وأن هذا مهيئا للدراما المصرية ولكن في هذا ظلم كبير لشخص الشاعر فربما تكون كتابة قصائد الشعر مختلفة تماما عن كتابة الأغنية وعن أسلوب السرد والتفنيد هنا وهناك لكن عندما دخل سيد حجاب لكلمات الأغاني سواء في الدراما التليفزيونية أو الأعمال السينمائية أكاد أجزم أنه قاد طفرة كبيرة في عالم تترات المسلسلات وأغاني الأفلام فهو مدرسة بذاته لا يجاريه فيها أحد من حيث الألفاظ والمعاني بل والحروف التي تكاد تتراقص من شدة اقترابها وابتعادها اعتقد من وجهة نظري أنه الأفضل في هذا المجال ولا أعتقد أن يجود الزمان بشاعر مثله في كتابة الأغاني المعبرة حقيقة عن العمل ككل.
وأردف هاني، سيد حجاب يشكل الوجدان هي قدرته المدهشة على نحت التعبيرات العامية والتوظيف الدلالي للاشتقاق اللفظي واستخدامه الجناس بأنواعه في نصوصه وأشعاره فيمارس الشاعر حركاته مدهشة مع الإيقاع ليجعله في خدمة المعنى ( أحلامى تصلب لى ضهري/ ويروق ويصفى لى دهري/ ويلالى زهري وجواهري/ لكل ناسي وليّا/ يا دنيا مهما تُغري/ غيري مسيرك تُمري/ وبعد مُرّى.. تُسرّى/ نفسى العفيفة الغنية )
مما يجعل الإيقاع هنا تابعا للمعنى فى نصوص سيد حجاب الشعرية والغنائية، مثلما كانت الصورة الشعرية تحمل طاقة تخييل طازجة، عبر جدل الحقيقة والخيال، حيث تضع قدما فى المتخيل، وأخرى فى الواقع، ففى شارة النهاية لمسلسل الشهد والدموع كتب سيد حجاب: (نفس الشموس بتبوس على روسنا/ نفس التراب يحضن خطاوينا/ طب ليه بنجرى ونهرى فى نفوسنا/ وليه نعيش ناكل فى بعضينا/ آدى الحقوق وآدى اللى طالبينها/ والحق تاه فى الباطل البطال/ وقلوبنا تاهت عن محبينها/ ونجومنا عالية بعيدة ما تنطال).
واختتم حديثه، قائلاً: عمنا سيد حجاب أرى أنه من علامات شعر العامية في مصر وسيبقى وتبقى أغانيه وقصائده محفورة في القلوب حتى مهما يذهب الزمان سيبقى شاعرا مصريا وسياسياً ثوريا ونموذج في الأخلاق وإن كنت أستطيع أن أكتب كلمة على قبر فسوف أكتب هكذا يكون المثقف المصري النبيل.