الرئيسيةكُتاب الكيان

ماذا تعرف عن دولة الحشاشين!

يرويها؛عماد زعيتر

لعلك تعجب من تسميتهم، أو تعتقد بأنهم طائفة من أصحاب الكيف ولكنهم طائفة من الشيعة الإسماعيلية، إتخذت من بلاد فارس أرضاً خصبه لدعوتهم، ولا علاقة للإسم بما يدور فى ذهنك.

 ظل التاريخ يذكر لهم حضوراً قوياً على مسرح الأحداث طيلة ما يقرب من ثلاثة قرون ، تحديداً من القرن الحادي عشر الميلادي حتي القرن الثالث عشر .

إختلفت الرويات التاريخيه في سبب تسميتهم بالحشاشين لوّح البعض لتعاطيهم مخدر الحشيش ويبدو أن هذه الراويه بعيده عن الصحة ،  والبعض أرجع التسميه لاختبائهم في الحشائش وقتل خصومهم  ، والبعض قال ان أصل التسميه العساسين لسيرهم بالليل وتنفيذ جرائمهم .

كانت البدية عندما انشق مؤسس دولتهم حسن الصباح عن الدولة الفاطمية ، وذهب إلى منطقة جبليه جنوب بحر قزوين.

 أظهر الزهد والتنسك فأحبه سكان المنطقة ، وفي وكر العقاب وجد غايته قلعة حصينه تقع فوق صخره كبيره على ارتفاع ٢١٠٠ متر  ، بناها أحد ملوك الديلم القدامى وسماها آلموت.

  كانت القلعة محصنه بالصخور وليس لها إلا طريق واحد منحدر صخري ضيق من يصعده يخاطر بحياته.

  أرسل حسن الصباح أتباعه للقلعة ثم دخلها متخفياً وأحكم سيطرته عليها .

 وطرد مالكها بعد أن أعطاه ماله ومنحه ٣٠٠٠ دينار ذهب .

 وبدأ ينشر أتباعه ويرسل دعاته في الاقطار لينشر مذهبه الجديد ، كان يتجنب المدن ويتخذ من المناطق الجبليه والصحراويه ميداناً ليصدح بدعوته ، متجنباً الصدام مع السلاجقه أصحاب المذهب السني الذين يحكمون قبضتهم على طول البلاد وعرضها .

 

المؤسس حسن الصباح

أسس حسن الصباح فرقه مكونه من اكثر المخلصين لمذهبه ، وسماهم الفدائيين لحرصهم على الموت في سبيل تنفيذ أهدافهم ، واستخدهم كسلاح يفتك بخصومه السياسين.

وكان يختار من بين أتباعه الشباب الأكثر حماسه والأقوى جسداً ، غرس فيهم العقيده وتولى مع غيره تدريبهم العسكري ،

وكانت لهم حيل بارعة في التنكر والتخفي وكان أحدهم لا يتردد في الانتحار لو ظن أنه سيقع أسيراً في يد مطارديه.

 فظلت هذه الفرقه محاطه بالسريه ونجحت مخططاتهم في كثير من الأحيان ، مع انها كانت تدار في وضح النهار بين الناس ليقع الخوف في قلوب الجميع .

 وكان أول ضحاياهم نظام الملك الطوسي أشهر وزراء السلاجقه الذي أصدر قرار بسجن حسن الصباح عندما بدأ ينشر دعوته.

 ولكنه نجح في الفرار من قبضة سجانه فاضمر في نفسه الشر وأراد أن ينتقم ،  فأوعز لأحد رجاله الفدائيين فأتى قصره متنكراً في زي رجل صوفي واقترب من موكبه فقتله .

دولة السلاجقة

ويذكر لنا التاريخ أن دولة السلاجقه بعد قتل وزيرهم الهمام تصدعت وتهاوى بنيانهم شىء فشىء . ذاع صيت حسن الصباح واثار الرعب في نفوس الملوك والامراء ، وفرض الجباية على بعضهم خاصة بعدما نجح رجاله في إغتيال خلفاء بني العباس الراشد والمسترشد.

 إستولى أتباع الحسن على الكثير من القلاع واتخذوها حصونا منيعة على قمم الجبال.

وكان الحشاشون يحرصون على بناء مخازن كبيره للماء والطعام تحسباً لأي حصار طويل ، وقد صمدت دولتهم قروناً بسبب هذه القلاع المنيعة.

 وتوسعت رويداً رقعة دولتهم  في بلاد فارس ، وكان لتنظيمهم السري وجرائم الاغتيال الممنهج دور بارز في تعزيز ذاك الأمر .

أرسل حسن الصباح أحد أتباعه الى بلاد الشام الذي تقرب من حاكمها وسمح له بنشر مذهبه ، فأنشأ داراً للدعوه وكثر أتباعه .

استشعر السلاجقه الخطر القادم من قلعة آلموت ، فارسل ملك شاه حملته العسكريه المدججه للقضاء عليهم وإستئصال شأفتهم ، وكادت الأمور أن تسير لصالحهم .

 وصل خبر وفاة ملك شاه فتفرق الجنود فى الجبال وعاد بعضهم إلى ثكناته . امتدت يدهم الغادره لتنال من الخليفة الفاطمى الآمر بأحكام الله وقتلوا كبير الوزراء في مصر الافضل بن بدر الجمالي .

 ظل حسن الصباح يدير أمر دولته طيلة ٣٥ سنه قضاها في القلعة ، يوالي ويعادى ويناصر ويضع خطط الغدر والخيانة لفرقته الدمويه ،  ليدعم بقاء دولته ويخدم بذلك دعوته حتى وافته المنيه عام ١١٢٤ م ، توفى شيخ الجبل الفيلسوف عاشق القراءة الذي توهجت مشاعل فرقته بحسن تدبيره وتخطيطه ، وحمل غيره الرايه وظلت دولة الحشاشين صامده .

تشارك بقوه في الصراعات السياسيه والعسكريه التي تشهدها المنطقه . تصدى نور الدين زنكي لمدهم الشيعي ولكنه لم ينجح في القضاء عليهم . صعد نجم الملك الناصر صلاح الدين عاليا بعدما قضي على الدوله الفاطميه في القاهره ، فاضمروا له الشر وحاولوا قتله اكثر من مره ، ولكنهم فشلوا فحاصرهم دون جدوى .

 دارت رحى الحرب بينهم وبين الصليبين أكثر من مره ، حتي تنكر بعض رجالهم في زى رهبان واغتالوا كونراد ملك بيت المقدس ، فثار النصارى لمقتل مليكهم وقتلوا الكثير من المسلمين .

لقب الحشاشين

إختلفت الرويات التاريخيه في سبب تسميتهم بالحشاشين لوّح البعض لتعاطيهم مخدر الحشيش ويبدو أن هذه الراويه بعيده عن الصحة ،  والبعض أرجع التسميه لاختبائهم في الحشائش وقتل خصومهم  ، والبعض قال ان أصل التسميه العساسين لسيرهم بالليل وتنفيذ جرائمهم .

ظلت دعوتهم باقية ودولتهم صامده ولم تُقهر  ، حتى إجتاح العالم الاسلامي جيش هولاكو فحاولوا التقرب منه ليأمنوا بطشه ، فقد كانت المنفعة التي تحكمهم دون النظر لأي إعتبارات أخرى ، حتى انهم ناشدوا هولاكو بالقضاء على الخوارزميين أحفاد السلاجقه ، توجست نفوسهم الخوف الشديد من بربرية المغول وقوتهم الغاشمة فحاولوا التحالف مع الصليبين .

 ولكن هولاكو قد بسط نفوذه على بلاد فارس عام ١٢٥٦ م ، فارسل الى ملكهم خورشاه فاتاه خاضع فلا طاقة له به ، فاصدر هولاكو امراً بقتلهم جميعاً فصعد جنوده القلعه وأوهموا من فيها انهم فقط سيقومون بحصارهم،  فقتلوهم عن بكرة أبيهم وأحرقوا القلعه والمكتبه الثريه ، التي كانت تحوي الآف الكتب .

 عاشوا على الغدر فاحترقوا بناره وبسطور من الدم كانت نهايتهم ، في البلاد التي شهدت مجدهم ودانت لسطوتهم ، وبقيت لهم شمعة مضيئه على إستحياء في بلاد الشام ، فطمس نورها الظاهر بيبرس بدهائه وكسر شوكتهم ، وأخرجهم من معادلة السياسه الاقليميه وتولى تعيين قادتهم ،  ونجح في تأليب بعضهم على بعض ، وفي عام ١٢٧٣ م حاصر قلاعهم المنيعة وإستولى عليها فذهبت إلى غير رجعه دولتهم .  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى