مصر

محمد رأفت الباحث في مقارنة الأديان :   التكفير ناتج عن فهم خاطئ للنصوص والجماعات المتطرفة تفسرها حسب أهواءها لتحقيق أهدافها

 
 >> الله لم يعط مفاتيح الجنة والنار لأحد ورحمته وسعت كل شئ
>> الغلو في الدين يتنافي مع كل مباديء الإسلام السمحة وينشأ بسبب قلة العلم وضعف التفقه في أمور الدين
>> المؤسسات الدينية في مصر وفي مقدمتها الأزهر تقوم بدور كبير في تفنيد الأفكار المتطرفة

أكد محمد رأفت فرج الباحث في مقارنة الأديان، الجماعات المتطرفة تحاول تفسير النصوص حسب هواها وتفكيرها المنحرف، لخدمة أهدافها ومصالحها؛ من أجل الوصول إلى مآربهم، وأن الغلو في الدين من أهم أسباب التكفير، وهو أمر يتنافي مع كل مباديء الإسلام السمحة، وينشأ عادة من قلة العلم وضعف التفقه في أمور الدين، موضحًا أن جهود المؤسسات الدينية في مصر وفي مقدمتها الأزهر الشريف تتكامل من أجل مواجهة أصحاب الأفكار الظلامية، الذين يلوثون أفكار الشباب ويحاولون اختطافهم في براثن التطرف.

بداية وانت من الباحثين في مقارنة الأديان كيف ترى تكامل هذه الأديان؟


الله سبحانه وتعالى خلق الكون كله متكاملًا، والاختلاف سنة كونية جعلها الله سبحانه وتعالى آية من آياته، فاختلاف اللسان واللهجات والألوان كلها دلائل لقدرة الله تعالى كما قال عز وجل” ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم”، والله سبحانه وتعالى جعل الاختلاف والتنوع بين البشر كما قلنا سنة كونية، فلو شاء الله عزوجل لجعلهم أمة واحدة، حيث يقول تعالى ” ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ولتسألن عما كنتم تعملون”، وقال جل شأنه ” ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم”، والأديان كله متكاملة وكلها جاءت بتوحيد الله عزوجل ثم الأمر بالفضائل ومحاسن الأخلاق، لكن الله تعالى قد جعل لكل شرعته ومنهجه الذي يسير عليه.
إذا كانت الأديان متكاملة فلماذا نري من يشككون في اتباعها؟
الله سبحانه وتعالى أمر المسلمين أن يؤمنوا بكل الأنبياء، وكذلك كل الكتب السماوية، فالله عز وجل يقول ” آمن الرسول بما أنـزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير” وإيمان المؤمن لا يكتمل إلا إذا آمن بجميع الرسل وجميع الكتب السماوية، فلما جاء سيدنا جبريل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث المعروف سأل الرسول عن الإيمان فأجابه أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، حتى الأنبياء أنفسهم، حيث صدق سيدنا عيسي عليه السلام التوراة وبشر بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حيث يقول الله تعالى ” وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني اسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقًا لما بين يدي من التوراة ومبشرًا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد”، وبالتالى فلا مجال للتشكيك، ولا مجال لتبادل الاتهامات.
إذن ما رأيك في قضية التكفير، والتى ينتهجها أصحاب الأفكار المتطرفة؟
قضية التكفير قضية كبيرة، فالله سبحانه وتعالى نهى عنها في القرآن الكريم، وهذا الفكر أول من تبناه في الإسلام هم الخوارج الذين قاموا بتكفير الإمام علي كرم الله وجهه، وهو أمر ينتج عن الفهم الخاطئ للنصوص القرآنية أو النبوية، حيث تحاول هذه الجماعات تفسير النصوص حسب ما يخدم أهدافها ومصالحها؛ من أجل الوصول إلى مآربهم، وقد حذر القرآن من ذلك حيث يقول الله تعالى ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ۚ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا”، وكذلك ما حدث من الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قتل سيدنا أسامة الرجل الذي قال لا إله إلا الله حيث قال له الرسول صلى الله عليه وسلم أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله فقال له سيدنا أسامة لقد قالها خوفًا من السلاح فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم أفلا شققت عن قلبه، إذن فرمي الناس بالكفر زورًا وبهتانًا منهي عنه شرعًا بنص القرآن وبنص حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم ” من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما، وكذلك حديث سيدنا أبي ذر الغفاري قال سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: “ومن دعا رجًا بالكفر أو قال عدو الله، وليس كذلك إلا حار عليه” أي رجعت عليه، وبالتالي فإن الغلو في الدين من أهم أسباب التكفير، ومما لا شك فيه أن الغلو في الدين يتنافي مع كل مباديء الإسلام السمحة، وهو ينشأ عادة من قلة العلم والتفقه في أمور الدين.


ولكن بعض الجماعات المتطرفة تحاول الاستشهاد بحديث “أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله”، فهل هذا الحديث يبيح الاعتداء وقتل غير المسلمين بدعوى الجهاد؟
كما قلت لك الجماعات المتطرفة تحاول تفسير النصوص حسب هواها وتفكيرها المنحرف، فالحديث يقول “أمرت أن أقاتل” ولم يقل ” أمرت أن أقتل”، والفارق بين التعبيرين كبير فأقاتل جاءت من المغالبة ورد العدوان، فالله سبحانه وتعالى نهى عن البدء بالعدوان، ولو كان اختلاف الدين، أو الخلاف في الرأي هو الدافع على القتال فلماذا عاهد الرسول صلى الله عليه وسلم اليهود في المدينة، ولما تصالح الرسول مع قريش في الحديبية، لقد الله سبحانه وتعالى للإنسان حرية العبادة وحرية العقيدة، وجعل الحساب له وحده، فقال تعالى ” لا إكراه في الدين”، والدعوة إلى الإسلام تكون بعيدة عن القتال، الدعوة عندنا لها عوامل وهي التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في قوله ” ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن”، والله سبحانه وتعالى قال ” أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين”، فالجماعات المتطرفة لا ترى مثل هذه الآيات في دعوتها لكنها تحاول جذب التفسيرات المغلوطة في محاولة منها لتحقيق أهدافها.
ولكننا نرى الآن من يقومون بادعاء أن فلان في الجنة أو فلان في النار؟
الله وحده هو الذي يملك قرار الجنة والنار، أما من يتألى على الله بسبب الفهم الخاطئ للنصوص فهؤلاء حسابهم شديد عن الله عزوجل، حيث أعطى لنفسه الحق أن يحكم على عباد الله في ملك اله بغير ما يريد الله، ثم إني اتعجب من أولائك الذين يراقبون حياة غيرهم، وأعمالهم ليحكموا عليهم بالعذاب والنار، مع أن الله سبحانه وتعالى قال ” يا أيها الذين ءامنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعًا فينبئكم بما كنتم تعملون”، فالمرجع لله وهو الذي يحاسب وهو الذي يحكم، كذلك يضيقون ما وسعه الله عز وجل فالله سبحانه وتعالى قال” ورحمتي وسعت كل شئ”، فالجنة والنار في أمر الله، ولم يوكل عنه أحد لكي يقوم بتوزيع الأماكن فيها، ولم يعط أحدًا مفاتيحها.
ولكن أين دور المؤسسات الدينية في مواجهة الأفكار المتطرفة؟


المؤسسات الدينية في مصر وفي مقدمتها الأزهر الشريف، تقوم بدور كبير في تفنيد شبهات المتطرفين والرد عليها، حيث قام الأزهر بتأسيس المرصد العالمي والذي يقوم بالرد على شبهات المتطرفين وأفكارهم بكثير من اللغات، وكذلك من خلال المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، والتي أصدرت العديد من المؤلفات يأتي على رأسها سلسلة تفنيد الفكر المتطرف، والتى تناقش كل القضايا التى يثيرها أصحاب الأفكار المتطرفة، بالإضافة إلى أكاديمية الأزهر للتدريب، كما أن دار الإفتاء أيضًا تبذل مجهودًا كبيرًا من خلال مرصدها، والمؤلفات التى صدرت عنها، وكذلك ما قامت به وزارة الأوقاف بعدم السماح لغير الأزهريين بصعود المنبر، فالجهود جميعها تتكامل من أجل مواجهة أصحاب الأفكار الظلامية، الذين يلوثون أفكار الشباب ويحاولون اختطافهم في براثن التطرف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى