أحمد يونس يكتب.. نور في كازان الفيدرالية
• قبل سنوات عدة، اعتدت على اصطحاب اختى الكبرى وهي في شهرها التاسع من الحمل في جولات متكررة على أطراف بلدتنا، بتوصية من الطبيب المعالج، كان ذلك قبل أن تأتي «نور» Nour Bahaa لتملأ حياتنا نورًا.
• منذ مولدها ولا يغيب عن ذهني جمالها «الأخاذ»، ولا ابتسامتها التي تسعد «الكون» و«المجرات»، لم تكن طفلة بقدر ما كانت، وما زالت «روح جميلة» أنقى من الثوب الأبيض وأصفى من سماء فصل الربيع في مصر.
• مرّت السنوات، ثمانية عشر سنة، ولا يفارقني هذا الحنين تجاه صاحبة «البركات» و«النسمات»، صديقتي وسرّي، المحام العام المتطوع طوال الوقت لفض النزاعات بيني وبين اختي الوحيدة والأم الثانية الحانية Mamt Mohamed Bahaa.
• عندما فارقنا والدها د. بهاء (إلى جنات وعيون بإذن الله)، دخلت نور «الجميلة» في حالة من الحزن، عانت كثيرا من «وساوس الفقد»، باتت تستخدم هاتفها لتطلب من والدتها العودة إلى المنزل بعد ثوان من مغادرته، تتصل ١٠ مرات في الدقيقة لتطمئن على من خرج بسيارته لقضاء بعض «المشاوير»، إلى أن تجاوزت تلك الفترة الصعبة، كانت ولازالت تشع حنانا يفوح ألما، وحبًا لنا يفوق الخيال،
• باتت قناعتي بأن صاحبة تلك الصفات سيكون لها حظ وافر في الحياة ، لا أتحدث عن الأدب الجم، ولا الأخلاق التي يضرب بها الأمثال فقط أتحدث هنا عن «فيض من حنانها».
• ربما لم توفق «ابنتنا» في «نظر البعض» في الحصول على الدرجة العلمية التي تؤهلها لدخول كليات الطب الحكومية بفارق كبير، ولم يحالفها الحظ في نظر آخرين في دخول ( كليات الطب في التعليم الخاص) بفارق بسيط جدًا، وهذا درس لها وهي في مقتبل حياتها العلمية، ولكنها لم تخيب ظني بعد أن تخطت بإصرار مُلفت – لا يحدوه الاستسلام – فتخطت أصعب ٣ اختبارات علمية، أهلتها لدراسة الطب في واحدة من أعرق المؤسسات التعليمية في روسيا 🇷🇺 ، ليتم قبولها لدراسة الطب في جامعة «كازان الفيدرالية» ، وهي جامعة عمرها ٢١٠ أعوام…
• يارب ما كل هذا الجمال والعوض، إنه الجمال الذي يليق بأمثالها من الجميلات، وببنات الذوات … وستكون نور على قدر المسؤولية، ستبهرنا كعادتها، وستعود وفي يدها شهادة الطب في أدق التخصصات، ومن ثم شهادتي الماجستير والدكتوراة.
• يومًا ما سنقف أمام قبر والدها ليرى أبناءه آية Ayaa Bahaa طبية الأسنان، ونور الطبيبة البشرية، ترتدين البالطو الأبيض، وفي حقائبهن السماعات الطبية.
• سنقف يومًا على قبرك الطاهر Dr-Bahaa Eldin Sabra لنحفر عليه تلك الكلمات: «كان شخصًا ملهمًا»، و«كان طبيبًا للفقراء»، ترك خلفه من سيبنون له في المستقبل «مركزًا طبيًا يحمل اسمه» لعلاج أهالينا بالمجان..ويومًا ما ستتحقق الأحلام الكبيرة…