في ذكرى ميلادها.. تسريبات العلاقة بين الملك فاروق والممثلة كاميليا
البوابة لايت
يقول أمير البحار الأميرالاي جلال علوبة في كتابه “مذكرات أمير البحر حضرة صاحب العزة جلال بك علوبة” تحت عنوان ”كاميليا ملكة الجمال .. وبوللي يؤدى العمرة” بداية من الصفحة رقم “64 إلى الصفحة رقم 68” ما يلي :
” كنت أقوم بعملي العادي في اليخت “فخر البحار” حينما وصلتني الساعة الواحدة بعد الظهر إشارة استدعاء عاجلة للتوجه إلى اليخت “المحروسة”، ولم تزد الإشارة عن ذلك”.
وبعد وصول اليخت إلى “فاماجوستا” حدث ما توقعته ، فقد حضر إلى اليخت الملكي أحد الضباط الذي كان يعمل ساورا للأدميرال الإنجليزي يحمل دعوة للعشاء للملك فاروق ويلتمس تحديد عدد المرافقين لجلالته، وبعد قليل تبعه أحد كبار موظفي المراسم في قصر الحاكم الإنجليزي يلتمس تحديد موعد مفتوح سواء للغذاء أو العشاء، في الوقت الذي يراه الملك ملائما، وقبل الملك دعوة الأدميرال على العشاء في نفس يوم الوصول، ودعوة الحاكم على الغذاء في اليوم التالي، كما قام بدعوتهما معا لتناول الغذاء معه على ظهر اليخت في اليوم الثالث وقد دعاني الملك في معيته لحضور الدعوات الثلاث
لاحظت نشاطا ملحوظا للحاشية فور الوصول إلى ميناء “فاماجوستا” وكان أكثرهم حركة هو “أنطوان بولي ” وذلك للإسراع في شراء الفيلا التي كانت محور الحديث على سطح اليخت، وأبلغني “الصديق المشترك” الذي كان همزة الوصل بيني وبين ما يحدث – أن الفيلا المشتراة هي للممثلة “كاميليا”، ودعاني باسم الملك لحضور حفل اختيار ملكة الجمال في أحد النوادي الليلية وان ارتدى الملابس المدنية.
دهشت لما سمعت وسألته “وما دخل الملك بهذه الممثلة الناشئة التي ارتبط اسمها باسم زئر نساء يعمل في الحقل السينمائي، كما اقترن اسمه باسم كل من إحدى الراقصات المشهورات ومطربة كانت تعد الثانية بعد أم كلثوم في ذلك الحين… كما يشاع أن كاميليا هذه يهودية الأصل وان اسمها هو ليليان كوهين؟”، فأبتسم ابتسامة عريضة وقال “نوع من الوفاء يااخى، ألا تعلم أن جدتها كانت متزوجة من الفريق كبير سياوران الخديوي السابق؟… ثم إنها كاثوليكية وليست يهودية، ولا داعي لتكرار التشنيع الذي تكتبه الصحافة ضدها، أنها بنت غليانه جدا”.
توجهنا بصحبة الملك مساء يوم الوصول إلى النادي الليلي الذي سيقام به حفل اختيار ملكة الجمال، وفوجئت بأن جلالته على رأس لجنة التحكيم، وقامت الفتيات المتنافسات باستعراض أنفسهن واحدة أثر الأخرى أمام اللجنة وهن بزي البحر، ثم وقفن في طابور، حيث أعلنت النتيجة، وكانت الفائزة بلقب ملكة الجمال هي “كاميليا” فحصلت بذلك على جائزة مالية ضخمة، علاوة على دعاية كبيرة لها، لا بد وأنها ستساعدها في اقتحام سريع لمجال الفن.
الصحافة الأجنبية في الجزيرة شعرت بما يحدث، ونشر الكثير عن العلاقة بين الملك فاروق والممثلة الناشئة، في نفس الوقت الذي اشتدت فيه ألازمه السياسية في مصر.
وكان يرأس الوزراء حينئذ إسماعيل صدقي الذي ألف وزارته من أشخاص ليست لهم مكانة سياسية، فقد امتنع عن الاشتراك بها جميع الأحزاب، عدا حزب الأحرار الدستوريين وبعض المستقلين، ثم واجهت الوزارة بعد فترة بعض القلاقل السياسية التي اضطرت إسماعيل صدقي باشا في التفكير في إجراء تعديلات في وزارته، خاصة وأنه كان قد دخل في مفاوضات مع حكومة العمال التي تولت الحكم في بريطانيا بعد الحرب – للتوصل إلى جلاء الإنجليز عن مصر، وكانت مفاوضات صعبة انتهت بالفشل.
في خضم تلك الأحداث تسربت إلى مصر أنباء العلاقة بين الملك فاروق والممثلة كاميليا، وأثارت سخطا عاما لدى الشعب، وأثارت غيظا شديدا لرئيس الوزراء، الذي تجاهل هذا التصويب، وأرسل عدة رسائل إلى الملك يرجوه فيها العودة إلى مصر حفاظا على سمعته، وليكون قريبا من الأحداث السياسية في بلاده خاصة وأن علاقته السيئة بالملكة فريدة أصبحت على كل لسان.
صدرت الأوامر فجأة لأعداد اليخت لمغارة ميناء “فاماجوستا” فاعتقدت جازما أن الإسكندرية هي ميناء الوصول، ولكن ما أن تم مغادرة اليخت للميناء حتى صدرت الأوامر للتوجه إلى ميناء “مرسين” بتركيا دون إبلاغ سابق لي قبل المغادرة، ويبدو أن هذا التوجه من الملك كان ذرا للرماد عن علاقته بكاميليا وتهدئة رئيس وزرائه.
يستكمل الأميرالاي جلال علوبة كلامه قائلا: استأذن أحد الياوران للدخول إلى مكتبي وسلمني ورقه بها تعليمات بالتحرك العاجل من ميناء “مرسين” فلم يستطع كلانا – ضابط أول اليخت وأنا – من أن نخفى علامات الدهشة التي بدت على وجهينا.
غادر اليخت “فخر البحار” ميناء “ميرسون” وصدرت الأوامر بالعودة مرة أخرى إلى ميناء “فاماجوستا” بجزيرة قبرص، ويبدو أن هذه الرحلة كانت بالنسبة لي ولطاقم اليخت رحلة المفاجآت، فبينما كنت في برج القيادة وإذا “بالصديق المشترك” يستأذن في الدخول وعلى وجهه نفس الابتسامة الماكرة، فأدركت فورا أنه يحمل لي معه من الأخبار ما جهله، وتحمل في طياتها أيضا تفسيرا لتلك الألغاز التي تكتنف تحركاتنا، طلب منى “الصديق المشترك” أن نتوجه إلى جناح برج القيادة “WING”.
وهناك أسر لي بقوله تصور يا جلال أن المجنونة قد أبرقت إلى الملك تهدد بالانتحار إن لم يعد إليها فورا، نزل على الخبر كالصاعقة، وللحظات خاطفة تذكرت ما قالته لي زوجتي عن عيد ميلاد الملكة فريدة وما وصلت إليه علاقتها مع الملك، ولكني طرحت جانبا فكرة أن تكون الملكة هي التي هددت بالانتحار لعلمي بمدى كبرياء الملكة ومحافظتها على كرامتها، فسألته باستنكار واضح “ومن هي هذه المجنونة؟”، فأجابني بسخرية، ملكة الجمال يا أخى كاميليا ياسيدى، ورغم ما شعرت به من صدمة إلا اننى لزمت الصمت التزاما بالحدود المرعية التى وضعتها لنفسى، فلا اتحدث مع الأخرين فيما يتعلق بعلاقات الملك الخاصة.