كيف تُكون أسرة تُصلح فساد المجتمع؟.. خطبة الجمعة
عممت وزارة الأوقاف خطبة الجمعة 19 نوفمبر على مساجد الجمهورية .
تتحدث الخطبة هذا الأسبوع عن صفات الأسرة المسلمة المستقرة ، وأثر صلاحها على المجتمع
وورد نص الخطبة التى أعدها الدكتور خالد بدير على النحو التالى:
الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليه ونستغفرهُ ونؤمنُ به ونتوكلُ عليه ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأنّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، صلى اللهُ عليه وسلم. أما بعدُ:
أولًا: أهميةُ الأسرةِ ومكانتُهَا في الإسلامِ
للأسرةِ أهميةٌ كبيرةٌ في بناءِ المجتمعِ، وقد وصلتْ عنايةُ الإسلامِ بهذا المكونِ الرئيسِ للمجتمعِ إلى درجةٍ كبيرةٍ، حتى إنّ هذه العنايةَ امتدتْ إلى ما قبل تأسيسِها في مُحَاوَلةِ انتقاءِ عناصرِ بنائِهَا بما يحقِّقُ التلاؤُمَ والانسجامَ، ويُقَلِّلُ من دوافع الفشلِ لبنيانِها، فشرعَ الزواجَ وعدَّهُ آيةً .
يقولُ تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}. [الروم:21].
يقولُ الإمامُ البغويُّ: ” جعلَ بين الزوجين المودةَ والرحمةَ فهما يتوادانِ ويتراحمانِ وما شيءٌ أحبُّ إلى أحدهِمَا من الآخر من غيرِ رحمٍ بينهما، إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكرون في عظمةِ اللهِ وقدرتِه”.(معالم التنزيل).
لذلك حثَّ الإسلامُ على حسنِ اختيارِ الزوجةِ؛ لأنها أساسُ بناءِ الأسرةِ، كما أنها مضنةُ الولدِ الصالحِ لتكونَ أمًّا مربيةً تقيةً طاهرةً عفيفةً، تُعينُ أبناءَهَا على التربيةِ الصالحةِ، لقولِ الرسولِ صلى اللهُ عليه وسلم:
” تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ “( متفقٌ عليه)، ومِن هُنا يرى علماءُ التربيةِ أنّ دورَ الأمِّ في تربيةِ الطفلِ يسبقُ دورَ الأبِّ؛ وذلك لكثرةِ ملازمتِها للطفلِ منذُ تكوينِهِ جنينًا في بطنِهَا حتى يَكْبُرَ.
وصدقَ الشاعرُ حافظُ إبراهيم إذ يقولُ: الأمُّ مدرسةٌ إذا أعددتهَا………… أعددتَ شعبًا طيبَ الأعراق
بل إنّ الرسولَ –عليه السلام- دَفَعَ الشبابَ دفعًا إلى تحقيقِ هذه السنةِ فقال: “يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ: مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ؛ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ”.(متفقٌ عليه).
كلُّ ذلك وغيرهُ من النصوصِ كان دافعًا إلى تأسيسِ أسرةٍ قويةِ البنيانِ، متينةِ الأركانِ، قائمةٍ على شريعةِ الرحمنِ.
ولقد فطنَ الغربُ إلى أهميةِ الأسرةِ في بناء المجتمعِ والحضاراتِ، واعتبروا هدمَ الأسرةِ هدمًا للحضارةِ كلِّها.
يقولُ أحدُ المستشرقين: إذا أردتَ أنْ تهدمَ حضارةَ أمةٍ فهناك وسائلٌ ثلاث هي:
1- اهدمُ الأسرةِ
2- اهدمُ التعليمِ
3- أسقطْ القدواتِ.
* لكي تهدمَ الأسرةَ: عليك بتغييبِ دورِ (الأمِّ) اجعلها تخجلُ من وصفِهَا بـ”ربةِ بيتٍ”
* ولكي تهدمَ التعليمَ: عليك بـ (المعلمِ) لا تجعلْ له أهميةً في المجتمعِ وقللْ مِن مكانتهِ حتى يحتقرَهُ طلابُه.
* ولكي تسقطَ القدواتِ: عليك بـ (العلماءِ والآباءِ) اطعنْ فيهم قللْ من شأنهِم، شككْ فيهم حتى لا يسمعَ لهم ولا يَقتدِي بهم أحدٌ. فإذا اختفتْ (الأمُّ الواعيةُ)، واختفى (المعلمُ والأبُّ المخلصُ)، وسقطتْ (القدوةُ)، فمن يُربي النشءَ على القيمِ؟! ومِن هنا كانتْ أهميةُ الأسرةِ ومكانتُهَا في بناءِ المجتمعِ الآمنِ المستقرِّ .
ثانيًا: صفاتُ الأسرةِ المسلمةِ المستقرةِ
هناك صفاتٌ كثيرةٌ للأسرةِ المسلمةِ الآمنةِ السعيدةِ المستقرةِ، وهذه الصفاتُ لا تُذكر من بابِ التعدادِ فقط، وإنما مِن أجلِ التطبيقِ العمليِّ على أسرِنا ومجتمعِنا ؛ ومن هذه الصفاتِ:-
أنْ تكونَ العلاقاتُ بين أفرادِ الأسرةِ قائمةً على الحبِّ: لأنّ صفاتَ الحبِّ والحنانِ والعطفِ والمودةِ والرحمةِ، هي أساسُ قوامُ الحياةِ الزوجيةِ والهدفُ الأسمى منها. قال تعالى:{ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم: 21) .
وكان صلى اللهُ عليه وسلم المثلَ الأعلى في تبادلِ الحبِّ بينه وبين أزواجهِ، وعلى رأسِ القائمةِ أُمّنَا خديجة التي ظلّ حبُّهَا في قلبهِ حتى بعدَ مماتِهَا، فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:” مَا غِرْتُ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا عَلَى خَدِيجَةَ وَإِنِّي لَمْ أُدْرِكْهَا. قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَبَحَ الشَّاةَ فَيَقُولُ: أَرْسِلُوا بِهَا إِلَى أَصْدِقَاءِ خَدِيجَةَ. قَالَتْ: فَأَغْضَبْتُهُ يَوْمًا فَقُلْتُ: خَدِيجَةَ!! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي قَدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا!” ( مسلم ). قال النوويُّ في شرح مسلمٍ:” فيه إشارةٌ إلى أنّ حبَّهَا فضيلةٌ حصلتْ .”
فحينما تقومُ الأسرةُ على الحبِّ والحنانِ، فإنّ السعادةَ تسيطرُ على جميعِ أفرادِ الأسرةِ رجالًا ونساءً وأولادًا.
ومن صفاتِ الأسرةِ المسلمةِ أيضًا: التعاونُ بين أفرادِ الأسرةِ: فيكون جميعُ أفرادِ الأسرةِ متعاونينَ متكاتفينَ متكافلينَ، كلٌ يعملُ قدرَ استطاعتهِ؛ لأنّ الحياةَ تَشَاركٌ وتعاونٌ وتعاضدٌ ، وقد كان صلى الله عليه وسلم خيرَ مثال.
فقد ضربَ لنا أروعَ الأمثلةِ في العملِ والبناءِ والتعميرِ ، فكان يقومُ بمهنةِ أهلهِ، يغسلُ ثوبَهُ، ويحلبُ شاتَهُ، ويرقعُ الثوبَ، ويخصفُ النعلَ، ويعلفُ بعيرَهُ، ويأكلُ مع الخادمِ، ويطحنُ مع زوجتهِ إذا عييتْ ويعجنُ معها، ويحملُ بضاعتَهُ من السوقِ، وشواهدُ ذلك في السنةِ والسيرةِ كثيرةٌ!!
ومنها: رعايةُ الحقوقِ والواجباتِ بين أفرادِ الأسرةِ: فهناك حقوقٌ متبادلةٌ بين الزوجين، فكما أنّ للزوجِ حقوقًا، فكذلك للزوجةِ حقوق، قال اللهُ جلّ جلاله: { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ }. (البقرة: 228).
يقولُ الإمامُ ابنُ كثيرٍ:” أي: ولهُنّ على الرجالِ مِن الحقِّ مثلُ ما للرجال عليهن، فلْيؤدِ كلُّ واحدٍ منهما إلى الآخرِ ما يجبُ عليه بالمعروف”، وقد بيَّنَ –عليه السلامُ- هذه الحقوقَ في خطبتهِ الجامعةِ في حجة الوداعِ حيثُ قال:” اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ؛ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ.”(مسلم).
وكذلك الحقوقُ المتبادلةُ بين الآباءِ والأبناءِ، وقد جمعَهَا ولخصَهَا سيدُنَا عمرُ بنُ الخطابِ – رضي اللهُ عنه – فقد ” جاءَهُ رجلٌ يشكو إليه عقوقَ ابنهِ ، فأحضرَ عمرُ الولدَ وابنَهُ وأنَّبَهُ على عقوقهِ لأبيهِ، ونسيانهِ لحقوقهِ، فقال الولدُ: يا أميرَ المؤمنين أليسَ للولدِ حقوقٌ على أبيهِ؟ قال: بلى، قال: فما هي يا أميرَ المؤمنين؟ قال عمرُ: أنْ ينتقِي أمَّهُ، ويحسنَ اسمَهُ، ويعلمَهُ الكتابَ – أي القرآن -، قال الولدُ: يا أميرَ المؤمنين إنّ أبي لم يفعلْ شيئًا من ذلك، أما أمِّي فإنًّها زنجيةٌ كانت لمجوسيٍّ، وقد سمانِي جُعْلًا – أي خنفساء -، ولم يعلمْني من الكتابِ حرفًا واحدًا . فالتفتَ عمرُ إلى الرجلِ وقال له: جئتَ إليَّ تشكو عقوقَ ابنِكَ، وقد عققتَهُ قبل أنْ يَعُقكَ، وأسأتَ إليه قبل أنْ يُسيءَ إليك؟!”.(تربيةُ الأولادِ في الإسلامِ، عبدالله ناصح علوان).
فلو أنّ كلَّ فردٍ من أفرادِ الأسرةِ أدَّى ما عليه من واجباتٍ دون تقصيرٍ؛ لصلحَ حال الأسرةِ والبلادِ والعبادِ .
ومنها: التحملُ والصبرُ والرضا: فالميثاقُ الغليظُ يقتضِي من الزوجين أنْ يتحملَ كلٌّ منهما هفواتِ الآخر، وأنْ يصبرَ عليه ويرضى بما قسمَ اللهُ تعالى له، ولا يكثرَ من التسخطِ والتشكي ؛ حتى تسيرَ المركبُ .
” روي أنّ رجلاً جاء إلى عمرَ رضي اللهُ عنه يشكو خلقَ زوجتهِ، فوقفَ على بابِ عمرَ ينتظرُ خروجَهُ، فسمعَ امرأةَ عمرَ تستطيلُ عليه بلسانِها وتخاصمُهُ وعمرُ ساكتٌ لا يردُّ عليها، فانصرفَ الرجلُ راجعًا وقال : إنْ كان هذا حال عمرَ مع شدتهِ وصلابتهِ وهو أميرُ المؤمنين فكيف حالي ؟! فخرجَ عمرُ فرآه موليًا عن بابهِ فناداه وقال: ما حاجتُكَ يا رجلُ؟ فقال: يا أميرَ المؤمنين جئتُ أشكو إليك سوءَ خلقِ امرأتي واستطالتهَا عليّ، فسمعتُ زوجتَكَ كذلك فرجعتُ وقلتُ: إذا كان حالُ أميرِ المؤمنين مع زوجتهِ فكيف حالي؟! فقال: عمرُ يا أخي إني احتملتُها لحقوقٍ لها عليّ ، إنّها طبَّاخةٌ لطعامي ، خبَّازةٌ لخبزي ، غسَّالةٌ لثيابي ، مُرْضِعةٌ لولدي وليس ذلك كلّهُ بواجبٍ عليها، ويسكنُ قلبي بها عن الحرامِ فأنا أحتملُها لذلك. فقال الرجلُ: يا أميرَ المؤمنين وكذلك زوجتي قال عمرُ: فاحتملْها يا أخي فإنما هي مدةٌ يسيرةٌ” .( عشرة النساء: للنسائي).
فلو أنّ كِلَا الزوجين وقفَ عند هفواتِ الآخرِ ، ما استمرتْ الحياةُ ، بل صارتْ إلى هدمٍ وزوالٍ، وما صار أحدٌ مع زوجتهِ في المجتمعِ كلِّهِ؛ فلابدَّ لكلٍّ منهما أنْ يتحملَ صاحبَهُ، حتى تستقرَّ الأسرُ والمجتمعُ .
ومنها: تنشئةٌ الأسرةِ على القيمِ والأخلاقِ والآدابِ: وهذه الصفةُ من أهمِّ صفاتِ الأسرةِ المسلمةِ، فصلاحُ أولادِنا أنْ نغرسَ فيهم منهجَ نبيِّنا في جميعِ شئونِ الحياةِ، وذلك بتعليمِهم آدابَ الصلاةِ والصومِ والاستئذانِ ودخولِ البيتِ وخروجهِ، واحترامِ الكبيرِ، وغيرِ ذلك من الآدابِ التي حثَّنا عليها الشارعُ الحكيمُ.
هذه مجموعةٌ من الصفاتِ الواجبِ توافرهَا في الأسرةِ الصالحةِ، والتي لو تحققتْ نكونُ قد حصلنَا على أسرةٍ صالحةٍ، ومن مجموعِ الأسرِ نحصلُ على مجتمعٍ فاضلٍ تسودُهُ المحبةُ والتعاونُ والتآلفُ والتكاتفُ.
ثالثًا: أثرُ صلاحِ الأسرةِ في استقرارِ المجتمعِ
إنّ الأسرةَ القائمةَ على السكنَ والرحمةِ والمودةِ ، لها دورٌ كبيرٌ في أمنِ المجتمعِ واستقرارهِ ؛ لأنّ الأسرةَ لبنةٌ من لبناتِ المجتمعِ، فهي كالقلبِ إذا صلحتْ صلح المجتمعُ كلُّهُ، وإذا فسدتْ فسد المجتمعُ كلُّه!!
فللأسرةِ دورٌ كبيرٌ في رعايةِ الأولادِ -منذُ ولادتِهم- وفي تشكيلِ أخلاقِهم، وما أجملَ عبارة : ” إنّ وراءَ كلّ رجلٍ عظيمٍ أبوين مربيين”، وإهمالُ تربيةِ الأبناءِ جريمةٌ يترتبُ عليها أَوْخَم العواقبِ
على حدّ قول الشاعرِ:
إهمالُ تربية البنين جريمةٌ …………. عادتْ على الآباء بالنكباتِ
وهذه قصةٌ في جانبِ الإهمالِ وعواقبهَا الوخيمة: سرق رجلٌ مالاً كثيرًا، وقُدِّمَ للحدِّ فطلبَ أمَّهُ، ولما جاءتْ دعاها ليقبلهَا، ثم عضَّها عضةً شديدةً، فقِيلَ له ما حملكَ على ما صنعت؟ قال: سرقتُ بيضةً وأنا صغيرٌ، فشجعتنِي وأقرتنِي على الجريمةِ حتى أفضت بي إلى ما أنا عليه الآن!!!
إذن تبدأُ المسؤوليةُ والأهميةُ من الأسرة، فالأسرةُ التي تربي أبناءَها وتغرسُ في نفوسهم حبَّ الناسِ وحبَّ العملِ، والدفاعَ عن الوطنِ من الأعداءِ والحاسدين، إنما هي تقومُ ببناءِ المجتمعِ.. أما تلك الأسرةُ التي لا تهتمّ بأبنائِها وتترك لهم الحبلَ على الغاربِ ولا تنشئهم تنشئةً اجتماعيةً سليمةً، إنما هي تهدمُ المجتمعَ.
فعليكم بإصلاحِ أولادِكم؛ والصبرِ والتصبرِ في تعليمِهم وتعويدِهم على الطاعة، واحفظوهم من الضياع مع الشباب الفاسدِ الطائشِ؛
واعلموا أنكم مسئولون عن أسرِكم وأولادِكم يوم القيامةِ، يقولُ صلى الله عليه وسلم :
” كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ” ( متفق عليه) وقال أيضاً : ” إنَّ اللهَ سائلٌ كلَّ راعٍ عما استرعاهُ ، أحفظَ أم ضيَّعَ ؟ حتى يُسألَ الرجلُ عن أهلِ بيتِه “( الترمذي بسند حسن).
يقول الإمامُ الغزاليُّ – رحمه اللهُ تعالى – في رسالته أنجع الرسائل: «الصبي أمانةٌ عند والديه، وقلبُه الطاهرُ جوهرةٌ ساذجةٌ خاليةٌ من كلِّ نقشٍ وصورةٍ، وهو قابلٌ لكلِّ ما نقش، ومائلٌ إلى كلِّ ما يمال به إليه، فإنْ عُوِّدَ الخيرَ وعلمه؛ نشأَ عليه وسعدَ في الدنيا والآخرةِ أبواه، وكلّ معلمٍ له ومؤدِّبٍ، وإن عوِّدَ الشرَّ وأُهْمِلَ إهمالَ البهائمِ؛ شقي وهلك، وكان الوزرُ في رقبة القيِّم عليه والوالي له».
فأولادُكم أمانةٌ في أيديكم وستسألون عنهم فماذا أنتم قائلون؟!
أسألُ اللهَ أن يحفظَ أولادَنا وبناتِنا وأهلنا وأسرنا ومجتمعنا من كل مكروهٍ وسوءٍ ،،،،،، وأقم الصلاةَ،،،، كتبه : خادم الدعوة الإسلامية