كُتاب الكيان

أيمن عطية يكتب| شهادتي عن أزمة القذافي وولي العهد السعودي

الكثير منا يذكر المشادة الشهيرة خلال قمة شرم الشيخ العربية عام 2003 بين الزعيم الليبي معمر القذافي وولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز  رحمهما الله.

وحتى لا يسرع أحد في الحكم واستذكار ما يسيء به لأي من الرجلين فإنهما الآن في دار الحق،  وما التلاسن بموضوعنا الآن.

موضوعنا هو حالة الهذيان والهياج الذي أصاب الإعلام والإعلاميين على الجانبين.

  حتى إن فريقا تعامل مع العقيد معمر القذافي كما لو أنه لا يسأل انا يفعل،  فيما ذهب الفريق الآخر إلى حد تحميل الأسرة الحاكمة في المملكة العربية السعودية وزر كل ذنب ارتكب أو حتى فكر أحد في ارتكابه أيا كان موقعه في شرق الأمة العربية أو غربها.

بقي الوضع كذلك، وبقي نجوم الإعلام على هذه الحالة من الهياج، وساعتها كانت قناة الساعة قد انطلقت من هنا من القاهرة، وكنت أحد من التحقوا بالعمل بها .

خلال جولة كان يقوم بها منسق العلاقات المصرية الليبية أحمد قذاف الدم وكنت مكلفا بترتيب مقابلات نشرة أخبار الساعة الثالثة عصرا.

تصورت أنه حين يحل ضيفا على الهاتف فإنه سيقسو على القيادة السعودية، وأنه ربما يكون أشد قسوة من أولئك الإعلاميين،  فقد كان غالبا علي أمران الأول أنه صاحب القول الفصل في هذه القناة ومن ثم منبره، وثانيا بلسان من يتحدث هؤلاء المهاجمون للقيادة السعودية ليل نهار؟

ما حدث كان مفاجأة لي بل أقر أنه كان درسا لي لم أستطع تجاوزه حتى الآن،  فقد قال لي السيد أحمد قذاف الدم بعد انتهاء مداخلته،

وأثناء توجيهي الشكر له على المداخلة،  هل أنت راض عن المداخلة يا أيمن ؟ ساعتها شعرت بالحرج فأنا مجرد فرد في قناة هو مالكها،  فإذا به يسترسل قائلا:

يا أيمن لا أحب أن نكون نحن جهة تصعيد مع الإخوة السعوديين، نريد أن نكون جهة تهدئة، فليس من المصلحة في شئ التصعيد.

– على صعيد الكلمات بقيت أسير المفاجأة، لكن الأكثر تأثيرا ، كان نبرة الصوت التي كان يتحدث بها قذاف الدم، فقد بدا لي وكأنه يتمنى على كل إعلامي ان يلتزم التهدئة وتغليب روح التصالح بدلا من الارتزاق من المزايدة.

الان اذكر هذه الواقعة، وقد رحل من رحل، فيما من بقى لم يعد في موقع الحكم أو السلطة، أي انها شهادة للتاريخ وقد دعاني إلى ذكرها الآن نهج التصعيد الذي التزمه الكثيرون على خلفية موقف سيكون بإذن الله عابرا في علاقات لبنان مع اشقائه في الخليج العربي..

لهؤلاء نقول سيبقى لبنان بلدنا العربي الذي يحظى بالمحبة وتقدير خصوصيته، وستبقى السعودية ومعها الأشقاء في الخليج محل تقدير من لبنان والكل العربي.

أما لمن يتابع هؤلاء المزايدين، فلا تقلقوا، إنهم ملكيون اكثر بكثير من الملك، بل إن الملك غير قابل بمثل هذا الهراء، أو هكذا أفهم من واقع أزمات سابقة مشابهة كنت فيها شاهدا على الفجوة بين موقف الملك وما بهذي به العبيد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى