كُتاب الكيان

محمود البرلسي يكتب: الاعتراف ليس سيد الأدلة

تتبادر الي اسماعنا الجمله الشهيرة «الاعتراف سيد الأدلة»ا كما تتناولها أفلام كثيرة نشاهدها، فبمجرد قولها تنتهي القضية ، إلا أن حقيقة الأمر ليس كما يظن الكثير أن هذا سهلا وليس كل اعتراف يكون بالضرورة سيدا للأدلة في قضيته.

الاعتراف هو إقرار المتهم على نفسه بصحة ارتكابه للتهمه المنسوبة إليه، فيعتبر من  الأدلة  القويه وأولها والأقوى تأثيرًا في عقيدة  القاضي، ويشمل إقرار المتهم بارتكابه الفعل المجرم وذكر الوقائع المنسوبة إليه وظروفها، وينظر القاضي لمطابقتها مع الواقعة أم على خلافها، فالقاضي لا يأخذ باعتراف المتهم في كل الحالات.

شروط الإعتراف

  إن ارتكان هيئة المحكمة على الاعتراف كدليل في الاتهام، يتوقف علي اقتناعها التام في المقام الأول، فيمكنها ألا تأخذ بها إذا لم تقتنع به  كما يمكنها أن تحكم على المتهم دون الحاجة إلى أدلة أخرى، في كافة الجرائم التي يحكم فيها بالإعدام، ولذلك فإن هناك عدة شروط للأخذ باعتراف المتهم طبقا لأحكام محكمة النقض.

وهنا يجب ألا يكون  هناك تناقض بين اعتراف المتهم وباقي الأدلة، كما أن على المحكمة التحرى في صحة ما يدعيه المتهم فقد يكون الاعتراف وليد الإكراه، فلها أن تمحص ذلك كما لا يجوز أن يحتمل الاعتراف علي  التأويل ويجب أن يكون صريحا وواضحا، كما يجب أن يكون المتهم أدلى به وهو في كامل وعيه وإرادته.

امكانية المحكمة عدم الاخذ به

  هناك حالات لايكون للاعتراف قيمة في الدعوي وهذا في حالة تناقض الدليل القولي «الاعتراف» مع الدليل الفني «تقريرالمعمل الجنائي، الأدلة الجنائية، الطب الشرعي»، وكذلك إذا  توافر إجماع من شهود الواقعة علي أنها مغايرة لأقوال المتهم المعترف، فالمحكمة هنا لها المقام الأول البحث أدلة البراءة قبل أن تبحث أدلة الادانة، عندها إما أن يأخذ به أو يلقي جانباَ، على خلاف عدم جواز ذلك بالنسبة للإقرار المدني.

: «يجوز للقاضي أيضا أن يأخذ منه ما يطمئن له، ويعتبرهو صحيحًا، ويلقي ما يراه منها إذا كان غير صحيح، فالاعتراف من المسائل الموضوعية، التي تملك محكمة الموضوع  الحرية الكاملة في تقدير الإعتراف

 كما أن هناك حالات من الاعتراف يكون الهدف منها حماية شخص وثيق الصلة بالمتهم، ويسعي أن يتحمل عقوبة الجرم بدلا منه  مثل اعتراف الأم ، لصرف  نظر المحكمة عن ابنها وهو المتهم الحقيقي، وفي هذه الحالة يحق للمحكمة عدم الالتفات الي اعتراف الام بل  وإلقاء القبض على الابن وتوجيه الاتهام له، وتبرئة الأم متى تيقن لدى هيئة المحكمة ذلك.

حالات لا تأخذ المحكمة فيها باعتراف المتهم

انا عن الحالات التي لا يمكن الأخذ بالاعتراف فيها وهي:

·        الاعتراف بالجريمة لقاء منفعة مادية..وذلك لتبرئة المتهم الحقيقي مقترف الجرم لي هو عواقب الجريمة بدلا عنه مقابل المال أو منفعه ماديه

·        اعتراف اليائس.. ويقصد به اعتراف متهم محكوم عليه بالإعدام بحكم بات بجريمة أو عدد من الجرائم لم يرتكبها من أجل أن  ينقذ متهمين آخرين لم يحاكموا بعد.

·       الاعتراف لبساطة الجريمة..

 إذ يعترف مرتكب جرائم الخطأ غالبا كمن يدهس شخص بسيارته

·        الاعتراف من اجل الانتقام.. فقد يعترف المتهم بارتكاب ااجريمة  من أجل الإضرار بأشخاص ابرياء آخرين حينما يزعم تحريضهم له أو اشتراكهم معه في إرتكاب الجريمه.

·        الاعتراف بطريق الخطأ.. وهنا يعتقد المتهم بأنه ارتكب الجريمة اعتقاداً خاطئا فيعترف بها، رغم أنه لم يرتكبها، كالمتهم الذي يدهس إنسانا في الظلام  ويجده تحت سيارته، ولكن في الحقيقة أنه بتبين لاحقا بأن المدهوس كان قد توفي بالسم مثلاً قبل دهسه وألقيت الجثة بالطريق الذي يسير فيه المتهم بسيارته.

·        الاعتراف بناء على خديعة.. وهنا يخدع المتهم كأن يعترف المتهم بانه قتل المجني عليه حينما استيقظ فوجد نفسه قرب جثته وبيده مسدس، رغم أنه يثبت أن الأمر لا يعدو  سوى تعاطيه المسكرات مع آخرين.

·        الاعتراف بجريمة لإخفاء حقيقة ما.. كالعاشق الذي يعترف بارتكابه لجريمة السرقة حينما ضبط في منزل عشيقته، حفاظا على سر علاقتهما وحتي لا يسئ إلى سمعتها وشرفها.

·        الاعتراف فرارا من جرم أكبر.. كأن يعترف المتهم بأنه كان يواعد زوجة الشاكي ، أو ابنته، أو أنه يحاول التحرش بأحدهما، حينما ضبط في منزله، في حين أنه كان  ينوي  محاولة سرقته .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى