الشرق الأوسط

الأزمة الإنسانية تتفاقم.. سكان الخرطوم عالقون بسبب إغلاق الجسور

لا تزال التحديات تواجه المدنيين جراء الصراع الدائر بالسودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، حيث تتقطع بهم السبل جراء إغلاق الجسور بالبلاد.

وكمثال للصعوبات البالغة التي يواجهونها، تروي السيدة السودانية زينب المهدي معاناة عائلتها التي لم تجد خيارا عند مغادرة بيتها في حي الدروشاب بشمال مدينة الخرطوم بحري إلى أم درمان المجاورة سوى المرور عبر مدينة شندي بولاية نهر النيل في شمال السودان.

وتقول زينب المهدي إن الحي الذي تسكنه أصبح في مرمى النيران، وتدور المعارك بالقرب من بيتها، لذا قررت المغادرة إلى منزل الأسرة الكبيرة بأم درمان، لكنها أوضحت أن الجيش السوداني أغلق جسر الحلفايا الرابط بين مدينتي بحري وأم درمان بالكتل الترابية من جهة أم درمان، وهو أقرب جسر لمنطقتها، إذ يستغرق المرور عبره حوالي ربع الساعة.

أما جسر شمبات الذي يربط مدينتها بأم درمان، فيقع في قلب الاشتباكات التي تدور بصورة شبه يومية، وهو دائما هدف للمدفعية الثقيلة والطائرات الحربية نظرا لوقوع معسكر المظلات التابع لقوات الدعم السريع أسفل الجسر من جهة بحري.

وأدى إغلاق معظم جسور العاصمة الخرطوم إلى صعوبات كبيرة في تنقل السكان والمركبات العامة في مدنها الثلاث، كما يواجه البعض صعوبات في السفر إلى الولايات المجاورة للخرطوم بالطرق المعتادة.

“من يعبر ينهب”

وقالت زينب المهدي لوكالة أنباء العالم العربي “بات من الصعب المرور بجسر شمبات” حيث يرتكز في المباني أسفل الجسر من الجهتين قناصة يطلقون النار عشوائيا على كل من يشتبهون به، وأضافت أن أحد أقربائها أصيب بطلقة قناصة في كتفه الأيمن قبل نحو شهر خلال عبور الجسر، مؤكدة أن “من يتمكن من العبور يتعرض لنهب كل ما يحمله.. حتى السيارة ينهبونها”.

وفضّلت العائلة المرور عبر مدينة شندي بولاية نهر النيل في شمال السودان ثم العودة إلى أم درمان بالطريق الغربي لنهر النيل تفاديا للنهب أو الإصابة.

إما اشتباكات وإما نهب

يلجأ كثير من السكان المغادرين إلى ولايتي الجزيرة والنيل الأبيض بوسط السودان المجاورتين للعاصمة في الجزء الجنوبي والجنوبي الغربي إلى العبور بالطريق الغربي إلى شندي شمالا ثم عطبرة إلى أن يستقر بهم المقام في رحلة تستغرق يومين إلى ثلاثة أيام، بينما لم تكن لتستغرق أكثر من أربع ساعات لو أن الجسور مفتوحة.

ويتخوف أغلب الذين يسلكون طريق جسر شمبات للتنقل أو للخروج من المنطقة إلى ولايات الوسط – وهو خط الإمداد الرئيسي لقوات الدعم السريع من غرب البلاد إلى مدينتي بحري والخرطوم – من وقوع اشتباكات أو نهب السيارات من قبل قوات عسكرية تنتشر على طول الطرق الرئيسية التي تربط ولايات شمال كردفان والنيل الأبيض والجزيرة.

ويقول عبد الرحمن ضو البيت، وهو سائق حافلة في الخطوط الداخلية للمواصلات العامة بولاية الخرطوم، إن التنقل بين مدن العاصمة الثلاث عبر الجسور بات ضربا من ضروب المستحيل بسبب إغلاق معظمها وانتشار عمليات النهب لدى التنقل، خاصة المركبات.

ومع صعوبة المرور عبر الجسور، بدأ ضو البيت في القيام برحلاته من أم درمان إلى مدينة ود مدني بولاية الجزيرة في وسط السودان عن طريق شندي تفاديا لعمليات النهب، وهو الطريق الذي يفضله معظم المسافرين كونه أكثر أمانا رغم وعورته وبُعد المسافة.

ويضطر المسافرون إلى المبيت في إحدى المدن التي يمرون عبرها والتحرك في اليوم التالي.

وذكر ضو البيت في حديث لوكالة أنباء العالم العربي أن الجيش أغلق من جهة واحدة جسري النيل الأبيض والإنقاذ اللذين يربطان الخرطوم بأم درمان ويؤديان إلى مستشفى السلاح الطبي العسكري ومنطقة سلاح المهندسين العسكرية، إلى جانب جسر الحلفايا من جهة أم درمان.

وفي ذات الوقت فإن جميع الجسور التي تربط الخرطوم بمدينة بحري مغلقة تماما ولا يستطيع أحد الاقتراب منها وفقا لضو البيت الذي أكد أن مدن العاصمة الثلاث باتت شبه منفصلة.

القوارب ملاذ

وتربط مدن العاصمة الثلاث تسعة جسور رئيسية هي (الحلفايا) و(شمبات) بين بحري وأم درمان، و(النيل الأبيض) و(الإنقاذ) بين الخرطوم وأم درمان، و(المك نمر) و(النيل الأزرق) و(كوبر) بين بحري والخرطوم و(المنشية) و(سوبا) بين الخرطوم وشرق النيل.

ويستقل بعض السكان قوارب خاصة من الخرطوم إلى أم درمان بسبب إغلاق الجسرين اللذين يربطانهما إغلاقا تاما. ويقول ضو البيت “هذه الطريقة ربما تعرضهم لمخاطر، لكنهم مجبرون”.

أما مصعب شريف الذي ترك بيته بحي شمبات العريق بمدينة بحري مع بداية الاشتباكات بسبب انقطاع المياه ولجأ إلى شقيقه بأم درمان، فلم يتمكن من الوصول إلى بيته للاطمئنان على مقتنياته.

وقال إنه حاول العبور أكثر من مرة عبر جسر الحلفايا، لكن أفرادا من الجيش أبلغوه بأن الجسر مغلق وعليه الذهاب عن طريق جسر شمبات.

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى