حوادث و قضايا

الحياة داخل «صندوق زبالة» بحثا عن لقمة العيش.. «مليجى» تخلت عنه زوجته وطردته فى الشارع وتزوجت أقرب أصدقائه.. «جهاد»: أتمنى عملا شريفا للإنفاق على بناتى

تقارير وتحقيقات

انتشار خيام من الأقمشة
انتشار خيام من الأقمشة البالية بجوار صناديق القمامة

تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
google news

فى محافظة الإسماعيلية انتشرت ظاهرة غريبة لم يعتد عليها المجتمع الإسماعيلاوى وهى خيام من الأقمشة البالية بجوار صناديق القمامة لتكون ملجأ لكل من ضاقت به ظروف الحياة يتخذها سكنا له، ذلك المشهد القاسى عندما تجد شابا اصطحب أسرته وأطفاله للنوم فى الشارع بجوار صناديق القمامة وتحاصرهم الكلاب الضالة، قصص وحكايات لا نهاية لها.

بجوار نادى الكهرباء صندوق كبير لجمع القمامة وفرته المحافظة لأهالى المنطقة لإلقاء المخلفات ثم جمعها من خلال سيارات الحى، هذا هو النمط المنطقى الذى يتوقعه أى شخص، لكن الحقيقة أن صندوق القمامة الذى تكلفت الدولة من أجله الأموال لتنظيف الحى يقوم أحد البلطجية باستغلاله من خلال تأجيره للنباشين والمشردين لفرز القمامة منه وبيعها لحسابهم ومن ثم دفع يومية تتراوح من 100 إلى 300 جنيه.

قرر جهاد تثبيت خيمة من بقايا القماش البالية بمساحة لا تتعدى 3 أمتار خلف صندوق القمامة لينام فيها مع زوجته وأطفاله الخمسة، يصعد جهاد فوق صندوق القمامة يفتش بداخله عن الكرتون والزجاجات والبلاستيك وبقايا الأكل لإطعام أطفاله لعله يجد منها ما يشبع.

“جهاد” يقول منذ 3 أشهر لم أجد مأوى لأسرتى غير الشارع، تنقلت من مكان لآخر لكننى فى النهاية أستقر مع أطفالى خلف صناديق القمامة، موضحا بدأت أزمتى تتفاقم مع بدء انتشار فيروس كورونا، تلقيت خبر إصابة زوجتى وطفلى “محمد” فى انقلاب توكتوك وأصيب الطفل بنزيف فى المخ وقطع اللسان، ثم تلقت ابنتى الكبرى “دنيا” إصابة فى العين بسبب مسدس خرز كان أطفال الشارع يلعبون به وخضعت لجراحة زرع قرنية تكلفت 70 ألف جنيه.

وتابع: أما محمد ابنى فتوفى فى عمر عام عقب إصابته بالكورونا، ولم أستطع علاجه ولم يكتف أخواتى بما حدث لى بين ليلة وضحاها لكن قاموا ببيع البيت الذى ورثته عن والدى وبعد أن وقعت على التنازل طلبت نصيبى فى البيع لكنهم رفضوا وقالوا إن حقى تم صرفه فى علاج أولادى لأنهم كانوا يساعدوننى على مصاريف العلاج لكن لم أتوقع أن ينتهى بهم الأمر بالتخلى عنى فى الشارع.

وأضاف “جهاد” أنه استأجر شقة صغيرة فى مدينة المستقبل بمبلغ 500 جنيه، وحاول البحث عن فرصة عمل للإنفاق على أبنائه لكنه لم يجد إلا بيع مخلفات القمامة مشيرا إلى أنه كان يعمل فى وقت سابق مساعدا فى أعمال البناء لكن ما حدث أثناء أزمة كورونا تسبب فى وقف جميع الأعمال واضطر المقاول الذى يعمل لديه تسريح العمالة المعاونة له.

وقال : لجأت إلى الشارع ورغم المجهول الذى كان ينتظرنى مع أطفالى فى الشارع لكنه كان الملاذ الأخير تنقلت من مقلب قمامة إلى آخر حتى وصلت إلى شارع نادى الكهرباء وتعرفت على الشخص المسئول عن صندوق القمامة.

وأضاف ساخرا: “حتى الشارع له قوانين والقمامة لها أصحاب” استأجرت منه المكان ليتركنى أبحث فى مخلفات القمامة مقابل 150 جنيها كل يومين، وبعيون تحبس الدمع يتساءل  “أنا مش عارف عايشين ليه وإزاى؟”.

تجلس زوجته حنان على أطراف الخيمة تحمل طفلتها التى لا يتجاوز عمرها الـ 3 أشهر يطير فوق رأسها الذباب وتنتشر تحت قدميها الحشرات وتفترش القطط جنبا إلى جنب أطفالها أثناء نومهم داخل الخيمة على مرتبة لا يتعدى طولها مترا ونصف المتر.

فى منطقة أخرى خلف أحد صناديق القمامة نجد «مليجى» افترش بعض الملابس القديمة ينام عليها بعد أن تخلت عنه زوجته بسبب تدهور الظروف المادية أثناء أزمة انتشار فيروس كورونا 

اختار مليجى صندوق قمامة بجوار سور نادى المنتزه فى نطاق حى ثالث وأسس خيمة صغيرة خلف الصندوق ينام بداخلها.

وعن تفاصيل الحكاية يوضح مليجى كنت أعمل فى توزيع الخضار والفاكهة لكننى تعرضت لسرقة التروسيكل الذى اقترضت لدفع مقدم شرائه وفقدت بضاعة بمبلغ كبير.

وأضاف: «ساءت الحالة المادية ولجأت للمقربين منى لمساعدتى لكن من كان يتطوع للمساعدة مرة لا يكررها خاصة أننى بلا عمل والديون ثقيلة ولدى بيت وزوجة وبنتان مسئولين منى لم تتحمل زوجتى ما حدث وطلبت الطلاق بعد زواج مستقر دام 11 عاما وتمكنت من الشقة، طردتنى فى الشارع ومنعتنى من رؤية بناتى وللحقيقة أنا أيضا لا أملك من الشجاعة التى تجعلنى أنظر إليهم ويسألوننى عن عملى أو يطلبون منى بعضا من الحلوى التى لا أملك ثمنها».

واستكمل «مليجي» بعد انفصالى عن زوجتى فوجئت بزواجها من أقرب صديق لى كنت ألجأ إليه لأشكو همى ومتاعب الحياة وفى لحظة أجده مكانى فى البيت يربى ابنتى بدلا منى وتذكر مليجى صديقه الذى وعده بالوقوف إلى جواره للصلح بينه وبين زوجته قائلا “عرف عن حياتى كل حاجة” وذهب إلى أهل زوجتى وطلبها للزواج.

يقول : استأجرت صندوق القمامة من أحد النباشين بمبلغ 100 جنيه يوميا، وأستخرج منه البلاستيك والكارتون والزجاج وأقوم ببيع ناتج ما تم جمعه لأحد التجار فى أبو صوير وهناك تعرفت على صديقى الذى غدر بى وتزوج من طليقتى حيث كان يشترى البلاستيك والزجاج.

واستطرد مليجى أنا مجبر على العمل وسط صناديق القمامة وأتمنى أن أجد فرصة حياة وعمل شريف أستطيع من خلاله الإنفاق على بناتى فالنظرة لهم تساوى عندى الدنيا وما فيها وأوضح أنه يجمع من القمامة الكرتون والبلاستيك والزجاج، أقوم ببيع الكرتون مقابل 25 جنيها للكيلو وعبوات الصفيح 40 جنيها للكيلو والبلاستيك مقابل 5 جنيهات وعندما أجمع كميات تصل لـ 200 جنيه أذهب لبيعها إلى تجار الخردة وأشترى من الطعام ما يكفينى بعد دفع قيمة تأجير صندوق القمامة والتى تبلغ 100 جنيه يوميا.

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى