هكذا ستحول زيادة توزيعات “أرامكو” عجز الميزانية السعودية إلى فائض
من المتوقع أن تنعكس توزيعات الأداء التي أعلنت عنها شركة أرامكو السعودية إيجابا على أداء الميزانية السعودية.
ورفعت شركة “أرامكو” مدفوعاتها للمستثمرين بأكثر من النصف، في خطوة من شأنها أن تساعد في دعم الميزانية التي كان من المتوقع أن تسجل عجزا هذا العام.
وسيكون إجمالي المدفوعات 29.4 مليار دولار، بما في ذلك الجزء المرتبط بالأداء، ارتفاعاً من توزيعات الأرباح العادية البالغة 18.8 مليار دولار قبل عام، وفقاً لبيان صادر عن الشركة. وجاءت زيادة توزيعات الأرباح على الرغم من انخفاض الأرباح بأكثر من الثلث إلى حوالي 30 مليار دولار نتيجة لانخفاض أسعار النفط.
وتبلغ قيمة الزيادة في المدفوعات 10.6 مليار دولار، منها 9.56 مليار دولار ستؤول إلى الخزينة السعودية مقابل حصتها البالغة 90.186%، وفقاً لحسابات “العربية.نت”، وبيانات “تداول السعودية”.
وقال الخبير الاقتصادي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى “BNP Paribas”، محمد عبد المجيد، الشهر الماضي، إن تحقيق فائض الميزانية السعودية في العام الحالي سيكون صعبا في ظل التخفيض الطوعي لإنتاج النفط.
وأضاف عبد المجيد، في مقابلة مع “العربية”، أن العجز لن يكون كبيرا هذا العام، في ظل توزيعات الأرباح الأساسية من “أرامكو” ثابتة وتمثل ثلث الدخل البترولي للحكومة السعودية، مما يعطي نوعا من الاستقرار النسبي لمستويات الدخل في الميزانية.
وذكر أن عجز الميزانية السعودية في العام الحالي سيكون ضئيلا، بفضل التوزيعات الإضافية التي أقرتها “أرامكو”.
ميزانية النصف الأول
وعلى مستوى النصف الأول من 2023، بلغ إجمالي الإيرادات في الميزانية السعودية نحو 595.8 مليار ريال، مقابل إجمالي مصروفات نحو 603.95 مليار ريال، لتسجل الميزانية عجزاً نحو 8.18 مليار ريال في النصف الأول من العام الجاري.
وبلغ إجمالي الإيرادات النفطية 358.3 مليار ريال في النصف الأول من 2023، مقابل نحو 434.06 مليار ريال في النصف الأول من 2022، بانخفاض 17%.
فيما ارتفع إجمالي الإيرادات غير النفطية بنسبة 11% إلى نحو 237.42 مليار ريال في النصف الأول من 2023، مقابل 214.26 مليار ريال في النصف الأول من 2022.
وارتفع إجمالي المصروفات في النصف الأول من العام الجاري بنسبة 18% إلى نحو 603.95 مليار ريال مقابل نحو 512.93 مليار ريال في النصف الأول من 2022.
وتعد “أرامكو” مصدرا مهما لتمويل الحكومة السعودية التي أعلنت الأسبوع الماضي أن عجز ميزانيتها اتسع في الربع الثاني بعد زيادة الإنفاق على المنافع الاجتماعية ومشاريع بمليارات الدولارات تهدف إلى تنويع الاقتصاد.
وتستهدف وزارة المالية السعودية تحقيق فائض بقيمة 16 مليار ريال بنهاية عام 2023، ومع زيادة توزيعات “أرامكو” فقد يصبح تحقيق هذا المستهدف في المتناول.
ويأتي قرار “أرامكو” متماشياً مع منتجي النفط الدوليين الآخرين والذين قرروا زيادة المدفوعات للمساهمين حتى مع انخفاض الأرباح. حيث شهدت شركات النفط الكبرى انخفاضاً في الأرباح حيث تراجعت أسعار النفط الخام عن أعلى مستوياتها في العام الماضي عندما اهتزت أسواق السلع الأساسية بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقال الرئيس التنفيذي أمين ناصر في اتصال هاتفي مع الصحافيين: “تميز الربع الثاني من عام 2023 باستمرار عدم اليقين الاقتصادي العالمي وتقلبات السوق. ومن الواضح أن هذا قد أثر على أسعار الطاقة، إلا أن أرامكو حققت أرباحاً قوية بفضل إنتاجنا منخفض التكلفة وموثوقية العرض العالية والطلب القوي على منتجاتنا”.
تخفيضات “أوبك +”
وبقيادتها لمجموعة منتجي “أوبك +” إلى جانب روسيا، دفعت السعودية إلى إقرار تمديد تخفيضات الإنتاج لبقية العام. وتضخ أرامكو أقل كمية من النفط الخام منذ تفشي جائحة فيروس كورونا بعد أن بدأت المملكة في تنفيذ خفض طوعي قدره مليون برميل يومياً الشهر الماضي. وارتفعت أسعار النفط بعد إعلان الأسبوع الماضي بتمديد ذلك التخفيض حتى سبتمبر ويمكن لما بعده إذا لزم الأمر.
وساعدت الجهود السعودية لتحقيق الاستقرار في أسواق الخام على دفع خام برنت إلى نحو 85 دولاراً للبرميل. ويسلط ذلك بالإضافة إلى مدفوعات أرامكو المتزايدة الضوء على حاجة الدولة إلى السيولة لتمويل خطط النمو الهائلة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الوقت الذي يتطلع فيه إلى تحويل الاقتصاد إلى قوة طاغية في مجال التكنولوجيا والسياحة والترفيه.
بعد الإعلان عن طرح التوزيعات الجديدة على أساس الأداء في مايو، قالت “أرامكو” إنها قدمت الدفعات الأولى لتكون أسرع من المتوقع نتيجة للأرباح القياسية التي حققتها في عام 2022.
على الجانب الآخر، قال الناصر في المكالمة إنه من المقرر أن يصل الطلب إلى 103 ملايين إلى 104 ملايين برميل يوميا في وقت لاحق من هذا العام.
في حين أن معظم التجار والمنتجين ينتظرون الطلب في الصين للتعافي وإلقاء اللوم على الأداء الضعيف للنفط في النصف الأول على النمو البطيء في ذلك البلد، قال ناصر إنه يرى الطلب أعلى من المتوقع في أكبر مستهلك لها. وقال الناصر إن أرامكو لديها معروض كاف، حتى بعد تخفيضات الإنتاج، للوفاء بالتزاماتها تجاه عملائها.