منوعات

“وثيقة الأخوة الإنسانية نحو تعايش سلمي وعالم خالٍ من الصراعات”.. إصدار جديد لـ جمال سند السويدي

في إطار إثراء المكتبة العربية ودعم جهود دولة الامارات العربية المتحدة، في ترسيخ التسامح والتعايش السلمي بين الأديان، أصدر الدكتور جمال سند السويدي، نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، كتابه الجديد بعنوان: “وثيقة الأخوة الإنسانية نحو تعايش سلمي وعالم خالٍ من الصراعات”.
تكمن أهمية الكتاب في ثلاثة أمور أساسية، أولها أن هدف وثيقة الأخوة الإنسانية هو حلم العالم كله في حياة مستدامة خالية من الحروب والصراعات وخالية من جماعات التطرف والإرهاب وحركات المتاجرة بالدين، وثانيها أنها تعزز في المقام الأول والأخير قيم التسامح والتعايش السلمي والتواصل الحضاري بين الأمم والشعوب، وثالثها حاجة المكتبات العربية والأجنبية لمثل هذه الكتب والمؤلفات التي تسعى لتغيير حياة الأمم والشعوب إلى الأفضل على المستويات الرسمية والشعبية. يُشار إلى أن “وثيقة الأخوة الإنسانية” تبنتها الإمارات وبذلت جهوداً كبيرة من أجل توقيعها، في 4 فبراير 2019 ولعب الأزهر الشريف دوراً محورياً في هذا الشأن.
يتناول الكتاب التجارب والتحديات التي تواجه فرص التعايش والحوار بين الأديان، ويسهم بأفكار ومقترحات وآليات لمواجهتها وتهيئة الأرضية المناسبة لتعزيز قيم التسامح والأخوة الإنسانية في قلوب بني البشر كافة، ويسرد بمنهجي الرصد والتحليل كافة الترتيبات والفعاليات والتحركات والمبادرات الإماراتية في مجال التسامح والتعايش السلمي التي أسهمت في تحقيق هدف توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية في 4 فبراير 2019، والتي تسهم بالتتابع في تنفيذ بنودها في العالم كله.
يتكون الكتاب من مقدمة شارحة للأهداف النبيلة المبتغاة من نشره، ويشتمل الكتاب على ستة فصول، تقدم قراءة تحليلية واعية لبنود نص الوثيقة، وتسرد معلومات موثقة بشأن جميع الترتيبات التي مهدت لتوقيع الوثيقة من جانب الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والبابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، ويستعرض الكتاب تجارب حوار الأديان ويقارن بينها وبين الوثيقة، ويبرز الدور المحوري والريادي لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية وإعلان هيئة الأمم المتحدة يوم 4 فبراير من كل عام، عاماً عالمياً للأخوة الإنسانية، كما يبرز الكتاب علاقة الوثيقة الوطيدة بـ “إرث زايد” في التسامح والأخوة الإنسانية، ويشرح كيف أنه نهج مستدام منذ تأسيس دولة الاتحاد عام 1971 إلى الآن.
يحلل الكتاب، بنود وثيقة الاخوة الإنسانية، و يؤكد أن الوثيقة تُعد نداءً لوضع حد للحروب، وإدانة ويلات الإرهاب والعنف، وخاصة تلك التي ترتكب بدوافع دينية. ويشير الكتاب إلى أن نص الوثيقة يتضمن معاني ومبادئ سامية تُعيد للديانات والرسالات السماوية جوهرها ورسالتها التي جاءت من أجلها، وهي نشر السلام والتعايش بين البشر بديلاً عن التصورات الجامدة والمتشددة والمتطرفة التي بدلت من جوهر الديانات ورسالتها، وحولتها من رسالة لإفشاء السلام بين البشر ترسي أسس التعايش والتعاون والإخاء فيما بينهم إلى ركيزة لدعاوى التعصب والكراهية والتنابذ والصراع والحروب. ويسلط الكتاب الضوء على المبادئ الأساسية التي تضمنها نص الوثيق بشكل مُدمج ومكثف، كما عمل على إظهار البعد العملي والتطبيقي لهذه المبادئ وكيف يمكن أن تصبح الوثيقة إحدى الركائز المهمة في الحوار العالمي من أجل التعايش والسلام.
يقدم الكاتب في كتابه المهم آليات مقترحة لتنفيذ بنود وثيقة الأخوة الإنسانية، بعضها محلي والآخر إقليمي ودولي، ويتضمن الكتاب رؤية شاملة مبنية على قراءات مستفيضة للقيم النبيلة في الأديان السماوية، يمكن إذا ما تم تطبيقها على أرض الواقع أن تنتهي الممارسات الدموية التي يسعى لتكريسها المتطرفون والمتعصبون من كل الأديان، وهذا ما يضفي على الكتاب صفة الكتاب الاستراتيجي.
يستعرض الكتاب مبادرة بيت العائلة الإبراهيمية من الألف إلى الياء ، باعتبارها مبادرة غير مسبوقة في مجال التسامح والتعايش السلمي والأخوة الإنسانية، ويوضح دوره المحوري المخطط له، لدعم التآخي الإنساني وتجذير قيمة قبول الآخر في قلوب الناس من كل الأديان، ويؤكد أن بيت العائلة الإبراهيمية يمثل قوة دفع كبيرة لتنفيذ بنود وثيقة الأخوة الإنسانية ودعم مسيرة انتقالها من النظرية إلى التطبيق.
ينفض الكتاب عن هذه المبادرة، غبار الانتقادات الكاذبة التي طالتها، ومنها الزعم بأنها دعوة لدين جديد يدمج الأديان السماوية الثلاثة في دين جديد أطلقوا عليه “الدين الإبراهيمي”، ويرد على هذه الانتقادات بالحجج المنطقية والمعلومات الموثقة ويصف الانتقادات بأنها افتراء زائف كاذب لا يمت للحقيقة بأي صلة، بدليل أن البيت يضم كنيسة قائمة بذاتها ومسجداً قائماً بذاته، وكنيساً قائماً بذاته، بحيث يكون لكل فرد الحرية في ممارسة عبادته وطقوسه الدينية، مما يؤكد أن بيت العائلة الإبراهيمية يدعو لتعايش الأديان وليس انصهارها ويكرس لحرية الاعتقاد لا دمج المعتقدات.
يتضمن الكتاب رؤية شاملة لتعزيز تنفيذ وثيقة الأخوة الإنسانية، تتناسب مع كونها تعالج أموراً حساسة تصطدم بأفكار وسلوكيات قديمة موروثة، بسبب أفكار الجماعات الدينية والسياسية المتطرفة، ويوضح أن تغيير هذه الأفكار ينطوي على تحديات عدة، ويحتاج إلى فترة زمنية طويلة، ويؤكد الكتاب على ضرورة التأني في تنفيذ الاستراتيجية، عن طريق تقسيم الأهداف إلى عاجلة وقصيرة المدى وبعيدة المدى، ووضع الخطط والبرامج على هذا الأساس، سواء كانت دولية أو إقليمية، وذلك لتحقيق الهدف بعيد المدى على النحو الذي تضمنته الوثيقة، المتمثل في تجذير ثقافة وقيم الأخوة الإنسانية، في الوعي الجمعي لشعوب العالم، وفي وجدان الإنسان في كل مكان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى