حوار كولر – الفارق بين الأهلي وبازل.. قصة “صلاة البدلاء” والغاز المسيل في السودان
حقق السويسري مارسيل كولر مدرب الأهلي 5 بطولات خلال عامه الأول مع الشياطين الحمر، واختبر الكثير مما لم يسبق له مثيل في حياته التدريبية.
المدرب الفائز بالدوري المصري ودوري أبطال إفريقيا وكأس مصر وكأس السوبر مرتين، تحدث في حوار مع موقع “Aargauer Zeitung” السويسري، وإليكم نص الحوار كاملا.
هل هناك شرفة للاحتفال بالألقاب في القاهرة؟
لا، الاحتفالات في مصر مختلفة تماما عن أوروبا. نحن لم نحتفل بدوري أبطال إفريقيا إطلاقا. بعد النهائي في المغرب سافر الجهاز الفني إلى سويسرا، وانضم اللاعبون الدوليون الـ 15 إلى المباريات الدولية وعادت بقية القائمة إلى المنزل. لقد أخذوا الكأس معهم واحتفلوا قليلا، ولكن بدون مواكب جماهيرية كبرى كتلك التي نعرفها في أوروبا.
هل كان هناك حفل بالفندق في تلك الأمسية؟
كان هناك بعض الجماهير في الردهة. أردنا الاحتفال والجلوس معا كجهاز فني، ولكن “البار” في الطابق العلوي كان مغلقا بالفعل، والمطعم الرئيسي كان مهجورا، فذهبنا للنوم واستيقظنا مبكرا في الصباح التالي للذهاب إلى المطار.
وماذا عن الفوز بالدوري؟
حُسم هذا قبل أن نلعب بأنفسنا. كنت أتناول الطعام مع المترجم خالد الجوادي حين خسر منافسنا بيراميدز. فوجئنا في المطعم وبعض الجماهير قدموا لنا التهنئة بصورة عفوية والتقطنا بعض الصور، ثم كان هناك احتفالا في غرفة الملابس ثم في المدرجات مع الجماهير التي تسلقت السور، ولكن في الصباح التالي بدأنا التدرب مجددا. إنه الدوري رقم 43 للنادي. جماهير الأهلي ولاعبوه معتادون على الألقاب.
هل يزعجك أن الألقاب التي تعتبر هامة بالنسبة لك بالكاد يتم الاحتفال بها؟
إنه بلد آخر وبالتالي لديه عادات أخرى. نحن نتأقلم، وهذا لا يمثل مشكلة.
وفقا للتقارير هناك 60 مليون مشجع للأهلي في مصر، هل يمكنك حتى السير في القاهرة ببساطة؟
(ضاحكا) لا، يتم التعرف عليَّ في كل مكان ويأتي عدد لا حصر له من الجماهير يريد الصور أو التوقيعات. يجب أن أتنكر إذا أردت السير في أرجاء المدينة دون إزعاج، بقناع وقبعة مثلا. لهذا أبقى عادة في المنزل أو أركب السيارة إلى المطعم، حيث يمكنني الأكل والجلوس دون إزعاج لأننا أبلغنا مسبقا: فقط الطهاة والموظفين سيحصلون على الصور.
فزت بكل شيء متاح عدا كأس العالم للأندية، ماذا فعلت مع الفريق الذي لم يفز بالدوري منذ 2020؟
الضغط كان هائلا خصوصا على اللاعبين، لأن الجماهير تريد الفوز فقط. كل لقب يجب الفوز به، ولكني لم أفعل شيئا مختلفا عما كنت أفعله بفرقي السابقة. مع هارالد جامبيرلي زميلي السابق في جراسهوبرز كمدرب مساعد، والمدرب المساعد المصري سامي قمصان، ومحلل الفيديو التونسي ياسين ميكاري لاعب جراسهوبرز السابق، ومدرب الحراس البلجيكي ميشيل ياناكون، والمعد البدني تيزيان ندوي الذي أعرفه من بازل، هذا طاقم فني خارق.
كل الأمور تسير بشكل جيد وكنا قادرين على تطوير الفريق عدة مرات بفضل دراسات الفيديو بشكل رئيسي، لأننا نلعب مباراة كل 3 أو 4 أيام، والفريق تقبل ذلك جيدا وطبقه.
هل أرسيت فلسفة اللعب السويسرية المعروفة: أولا دافع جيدا ثم هاجم؟
هذا ما قلته أنت. ما أقوله أنا دائما: يجب أن تسجل الأهداف وتهاجم من الأمام، ولكن على الكل أن يساعد في الدفاع.
ضد الأهلي يتراجع كل الفرق للخلف عدا القليل، ولهذا كان الأمر يتمحور كثيرا حول إيجاد الحلول الهجومية.
كيف تتواصل مع اللاعبين؟
بعضهم يتحدث الإنجليزية، ولكن الأغلبية أتواصل معها من خلال المترجم. إنه شخص عظيم ومشجع للأهلي وعاش في ألمانيا 18 عاما، والمهم أيضا أنه يعرف كيف ينتقل بين اللغتين (العربية والألمانية) ولغة لاعب كرة القدم.
هل أخذت دروسا في اللغة العربية؟
لا، إنها معقدة للغاية. تيزيان وياسين حاولا ولكنهما استسلما.
كيف انتهى بك الأمر متواجدا بمصر في سبتمبر 2022؟ لقد تركت تدريب منتخب بولندا بسبب جراحة الركبة في ربيع العام ذاته.
لم أتمكن من قيادة بولندا لأني لم أكن قادرا على الحركة. الطيران كان صعبا وأردت أيضا أن أكون قادرا على الحركة في الملعب.
في الصيف أتاني استفسار من مصر ثم علمت بشأن النادي ووجدت المهمة مثيرة للاهتمام.
ما الذي أقنعك؟
الأهلي أكبر أندية إفريقيا ولديه عدد مهول من المشجعين الشغوفين للغاية. هذا لمسني خاصة وأني كنت أعيش وسط مدرجات خالية في سويسرا بسبب جائحة كورونا، ولكن بسبب إجراءات الحكومة التي تبعت حادثة بورسعيد في 2012، الجماهير المصرية نادرا ما أتت إلى الملعب.
للأسف في الدوري يبدو 3 آلاف مشجع تائهين في ملعب عملاق يتسع لـ 50 ألفا. حين لاحظت ذلك كنت محبطا لأني لم أكن أعرف ذلك الأمر، ولكن نهائيات الكؤوس والمباريات الإقصائية في دوري أبطال إفريقيا عوضتني عن ذلك، فقد امتلأت المدرجات وكان هذا لا يصدق.
متى اختبرت شعورا كهذا؟
ربما حين كنت لاعبا في جراسهوبرز في رحلتنا إلى كييف (عاصمة أوكرانيا). لقد أطلق 100 ألف مشجع الصافرات ضدنا مع كل لمسة للكرة، هذا قريب لتلك التجربة، إذ يمكنك كمدرب أن تصرخ قدر ما شئت، فلن يسمعك أحد. هذه الأجواء اشتعلت تحديدا في شمال إفريقيا.
هل أعجبك ذلك؟
شعرت بالقشعريرة، ولكن في الوقت ذاته كان يجب أن أتأكد من عدم ارتطام زجاجة بي. حارسي الشخصي دائما ما ضُربت رأسه بزجاجات المياه.
ماذا قالت زوجتك حين قلت لها إنك ذاهب إلى القاهرة؟
إنها تدعمني دائما، ولكن يجب دائما أن أعرف ما الذي أفعله (ضاحكا).
أي قصص جنونية اختبرتها في العام الماضي؟
أمام الهلال في السودان، في منتصف التدريب الأخير قبل مباراة مجموعات دوري الأبطال، طارت مفرقعة نارية من خارج الملعب إلى داخله، ثم اندلع الصراخ وبدأنا نشعر بالحكة في أعيننا. جماهير الهلال أطلقت علينا الغاز المسيل للدموع.
عدد قليل من لاعبينا سبق له اختبار شيئا كهذا ومنعوني من فرك عيني وأخبروني أن أغسلها عوضا عن ذلك، واضطررنا لإيقاف المران حتى يتمكن الجميع من الرؤية بشكل سليم مجددا. خسرنا المباراة بعد ذلك أحد رجال أمن الملعب ضرب أحد لاعبينا على رأسه. لقد كانت رحلة خارقة للعادة، ولكن فيما يبدو الوضع يتصاعد لتلك الدرجة من حين لآخر في الهلال.
المهم أنكم تمكنتم من التفوق على الهلال في آخر مباريات المجموعات.
هذا لأن الهلال أهدر ركلة جزاء في المباراة قبل الأخيرة (أمام صنداونز) وإلا لتم إقصاؤنا. يمكننا القول إنها “الكارما”.
وماذا جربت خارج الملعب؟ هناك بعض السياحة في الجيزة أو على نهر النيل؟
كلاعب دولي تواجدت في القاهرة مع منتخب سويسرا من قبل وزرت الأهرام في ذلك الوقت. الآن ذهبت إليها مرتين مع زوار من بلادي. المترجم خالد الجوادي أخذنا أيضا لتناول الكشري، الطبق الوطني. ولكني نادرا ما أخرج في رحلات كتلك بسبب كل هذا العمل.
هل الأهلي أكبر من بازل؟ القيمة التسويقية للفريقين تتقارب عند 30 مليون يورو
الأهلي يملك عدد موظفين أكبر كثيرا لأنه ليس ناديا لكرة القدم فقط بل لديه عدة ألعاب مختلفة، ولكن على صعيد العاملين في كرة القدم، يمكن مقارنته بفرق أوروبية.
ماذا عن كرة القدم؟
العقلية مختلفة. اللعبة أكثر عاطفية. هناك أيضا شهر رمضان و5 صلوات يومية يجب وضعها في الحسبان.
هل حددت موعد اجتماع ولم يحضر أحد لأن الجميع يصلي؟
لا. نحن نتحلى بالمرونة في تخطيطنا الأسبوعي ونحدد مواعيد الاجتماعات والتدريبات بناء على وضع الشمس، ولكني ذهلت خلال كأس العالم في المغرب. بين الشوطين جعلت الخطاب قصيرا حتى يتمكن اللاعبون من الصلاة بعده، ولكن حين نظرت إلى مقاعد البدلاء بعد نهاية الراحة، وجدت لاعبا واحدا فقط. البقية كانوا يصلون في الداخل وعادوا بعد 10 دقائق. لحسن الحظ لم يتعرض أي أحد للإصابة في ذلك الوقت، وإلا ما كنت لأجد بديلا أشركه.
ماذا الآن؟ يجب عليك الاعتزال فعليا، فلن تفوز بأكثر من 5 بطولات في عام واحد، ولكن لا يزال لديك عام في عقدك.
الأمور تصبح أفضل هكذا. يمكننا الفوز بكأس العالم للأندية فهذا ما ينقصنا (ضاحكا). بعيدا عن المزاح، أنا أتحدث مع رئيس النادي، وهو يود تمديد العقد، ولكننا بالتأكيد نحتاج لعطلات أيضا.