إسراء محارب تكتب: الوحدة
إن دقت أبوابك قوافل الوحدة، كن عزيزاً كريمًا يحسن استقبالها ، أجعلها الرُّفقةُ التي تجتمع بغرض الترحال للكسب، توقع أن تخرج من ضيافتها وأنت الفائز، وعندما تمنحها كل الكرم دعها ترحل، وأمنعها من أن تُعَشِّش في قلبك.
راقبها وتعلم من أحمالها، وخزائنها، فقد جاءت إليك بعد أن طافت على أقوام عدة، كن حذراً من التعلق بها فأن الله خلقها للعبرة وليس للصُحبة.
فقد تحتاج أرواحنا إلى الوحدة، كرغبة أنفسنا في النظر للمرايا ، فربما تعكس الوحدة هشاشة أرواحنا ، وتبرز نتوءات الجروح بداخلها، التي تتسبب في تأكلها، لذا لا تفجعنا وحدتنا كثيرا فهي تساعدنا على جمع وجبر كسور أرواحنا.
فهي تهُب علينا كالرياح الحنون التي تنفض أغصان أرواحنا من أغبِرة الزمن، فأن رأيت سماء وحدتك مُلْبَداً بالغيوم، تَأَهَّبَ لها ودعها تمطر لعل قطراتها تحي أرض أهلكها كثرة الحرث ونثر البذور دون ماء.
فقد تأتي الوحدة متعطشة للاكتشافات كعالم أثار خدعته الحفريات لسنوات، مجهزة بمعاول الهدم والحفر والتنقيب، لا تكن أكثر من رقيب، ولا تخشي معاول الهدم لأنها فقط، تعري وتهدم الجدران الذي وضعتها مخاوفك وأحداثك وإيامك الثقال بينك وبين مدينتك الذهبية .
عندما تدخل محراب وحدتك راغباً أو رافضاً، أسرع وتوضأ من الكراهية، ولا تحمل بداخله إلا نفساً تسعى إلى استعادة الحب والرضا، لأن دوران فلكك حول نيزك الكراهية ينضب النبع ويقتل الزرع بداخلك.
إن طمست الوحدة نورك ، وحولت دنياك ليلاً بَهِيم، كن ناسكاً يهيم شغفاً في أمر السماء يرسم أكواخاً في دروب النجوم للعبادة، حتي تتسع أسارير الابتسامة، ويشق وهجها الظلام، و يجذب صفاء الفجر، ويتجرع كأس الأمل والتفاؤل من يد الصباح.
الوحدة ليست للعزلة و البُعد عن الآخرين، ولكنها شرنقة تلتف فيها لتَنِمُو و تَزَهَّرَ.