مصر

افتتاح منتدى كايسيد للحوار العالمي في لشبونة.. القوة التحويلية للحوار في مواجهة التحديات العالمية

فتتح مركز الحوار العالمي (كايسيد) منتدى الحوار العالمي في لشبونة أمس (الثلاثاء 14) من مايو، الذي سيستكشف القوة التحويلية للحوار في معالجة بعض التحديات الأكثر إلحاحًا في العالم، إذ يستمر المنتدى لمدة يومين، وشارك فيه 150 مشاركًا، من بينهم قيادات دينية ورؤساء دول حاليُّون وسابقون وقادة الأمم المتحدة وممثلو المجتمع المدني ووفود شبابية.

وأكد الأمين العام لمركز الحوار العالمي كايسيد ورئيس منتدى كايسيد العالمي للحوار الدكتور زهير الحارثي “إن التحديات المعقدة تتطلب جهوداً مشتركة، ونحن نعلم أن تعاوننا يحدث فارقاً أكبر، وان هذا المنتدى دعوة للعمل والتعاون، ونجاحه يعتمد علينا جميعاً”.
واضاف الدكتور الحارثي إن كايسيد ملتزم بمستقبل يقوم على التصدي لجميع أشكال العنف والكراهية مع التأكيد على تعزيز التسامح والوحده واحترام التنوع بين جميع المجتمعات.

الحوار ضرورة وليس برفاهية
استمع المشاركون في الجلسة العامة الافتتاحية للمنتدى إلى الخطابات التي أكدت أن العالم يواجه تحديات تتجاوز بكثير قدرة أي دولة على إدارتها وتتخطى حدود الآليات التقليدية للتعاون الدولي وأن تحقيق جداول أعمال التنمية العالمية، مثل جدول أعمال الأمم المتحدة لعام 2030، يتطلب الإرادة السياسية والاستثمار المالي وإحداث تحول في قلوب الأفراد وعقولهم والمجتمعات في شتى أنحاء العالم.
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام الدكتور صالح بن حميد في كلمته بالمنتدى: “عبر الحوار وبالحوار نمد أيدينا للتعاون بين كل القوى الفاعلة من أجل تحقيق الأهداف النبيلة، إيماناً بقوة العمل والشراكة الحقيقية على الرغم من تنوعنا الثقافي والديني، لنبني السلام المنشود ونحافظ على كرامة الإنسان في كل بقاع العالم”، لافتاً إلى أن الحوار الحقيقي يمكن أن يبني شراكات وتحالفات متينة، ويوحد أصواتاً متعددة من مختلف أنحاء العالم، ويوجهها نحو التزام مشترك، بتعزيز السلام والتضامن من أجل إعلاء القيم الإنسانية والحق بالعيش الكريم لكل الناس بسلام.
وأضاف أن الحوار أصبح ركيزة أساسية وضرورية لتحقيق السلام العادل والشامل، وترسيخ القيم الأخلاقية في المجتمعات كلها، وتعزيز ثقافة الحوار ومبادئه يعد خطوة أساسية نحو تحصينها من التطرف والكراهية، مشيراً إلى أن الدين الإسلامي يقوم على مبدأ العدل والمساواة بين الناس، ويدعو إلى التسامح والاعتدال والتفاهم بين الشعوب والدول.
وسلط السيد هاينز فيشر، الرئيس النمساوي السابق، في كلمته الافتتاحية الضوء على أهمية الحوار في سياق متحول على خلفية النزاعات العنيفة الحالية، ومنها الحروب في أوكرانيا وغزة. وقال فيشر: “يكتسي الحوار في سياق متحول أهمية خاصة في وقت نشهد فيه مواقف مأساوية ومفجعة في جميع أنحاء العالم. ولهذا، ينبغي لنا أن نتحد جميعًا -سياسيين وقيادات دينية وأشخاص عاديين- في العمل من أجل السلام وحقوق الإنسان والمساواة».
وشدد السيد أوغستو سانتوس سيلفا، وزير خارجية البرتغال السابق والرئيس الخامس عشر لجمعية الجمهورية، في كلمته أيضًا على الدور الحاسم للحوار في الشؤون العالمية الحالية. وقال سيلفا: «في أوقات الاضطرابات الاجتماعية والاستقطاب السياسي والصراعات المسلحة في أجزاء كثيرة من العالم، علينا أن نبذل قصارى جهدنا لإعادة بناء الثقة وتعزيز التواصل والحوار بين مختلف المناطق والثقافات والحضارات، وينبغي أن يكون أساس هذا الحوار هو الالتزام الواضح بحقيقة أن اختلافاتنا تثري العالم، والعالم هو مسؤوليتنا المشتركة».
قمع المد المتصاعد للصراعات العنيفة
يتطرق المنتدى إلى المد المتصاعد للتطرف والصراعات العنيفة، والحاجة إلى دعم حقوق الإنسان وكرامته، والدور المهم الذي يضطلع به الحوار بين أتباع الأديان في التصدي لهذه التحديات، إذ يُنظر إلى القيادات الدينية، المعترف بها لسلطتها وللثقة بها داخل المجتمعات، على أنها شخصيات رئيسة في سد الفجوات التي تغذي مثل هذه الصراعات.
وفي الجلسة العامة الافتتاحية أيضًا، تحدث فضيلة الدكتور شوقي إبراهيم عبد الكريم علَّام، مفتي الديار المصرية، عن حتمية الحوار في المجتمع المعاصر. وقال علَّام: «إن مسؤوليتنا عن تعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات ليست مجرد التزام أخلاقي، بل إنها ضرورة ملحة لضمان وحدة نسيج المجتمع الإنساني وإنقاذ الأجيال المقبلة من الوقوع في براثن التطرف والكراهية والعنف والتعصب».

القوة التحويلية للحوار

وأشار المتحدثون إلى أن التحالفات التي تحققت بشق الأنفس والتي ترمي إلى دعم السلام تتعرض لضغوط كبيرة، إذ يكافح الشركاء العلمانيون والدينيون على حد سواء من أجل إبقاء القيادات العالمية ملتزمة بمبادئ حقوق الإنسان المتفق عليها.
واستمع المشاركون في المنتدى إلى الكلمات التي بيَّنت أن الحوار يمكن أن يخفف من حدة العديد من التهديدات للسلام الدائم، ومن ضمنها المظالم التي لم تُحل بعدُ والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان، وبخاصة تلك التي تتعرض لها الأقليات. وإلى جانب التوسط في النزاعات، يساعد الحوار أيضًا المجتمعات المتضررة من انعدام الثقة والاستقطاب على مواجهة تحديات مثل تغير المناخ وانعدام الأمن الغذائي وعدم المساواة المجتمعية وإدماج اللاجئين في المجتمعات المضيفة.
المتوقع من المنتدى
تشمل نتائج المنتدى العالمي خطة شاملة لمعالجة قضايا السلام العالمي والتماسك الاجتماعي ووضع خطط عمل لإعطاء الأولوية للحوار من أجل التنمية الشاملة ووضع برامج مشتركة ترمي إلى تعزيز تنفيذ مبادرات الحوار حيثما تمس الحاجة إليها.
وإلى جانب ذلك، سيُطلب إلى المشاركين دعم حتمية الحوار في سياق متحول، وهو التزام أخلاقي واسع النطاق يرمي إلى تعزيز الحوار وتوسيعه بالسياسات والممارسات في جميع أنحاء العالم. وستشمل الالتزامات تنمية القدرات والمساعدة التقنية والموارد الأخرى لصقل مهارات الحوار داخل المنظمات، وستشمل مجالات التركيز التعليم وبناء السلام بقيادة المرأة وحماية البيئة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى