مصر

قراءة في مع “المجموعة القصصية”موعدٌ للفراق” للكاتب حسام أبوالعلا

 جيلان زيدان

مع البدء في قراءة المجموعة القصصية”موعدٌ للفراق” للكاتب حسام أبوالعلا ، استفزني العنوان ، مع حرصي على معرفة ما هذا الفراق المرتب، المقابل من أجله، تناولت الورقة التهاما، على خطواتِ سحابٍ رشيق كان موزّعًا بشكل متساوٍ في الرقة والبياض والهدوء والرذاذ على خمسة وعشرين قصة قصيرة لها يد تسلّم على قارئها في بداية تعارفها به، فما يلبث القارئ أن يمدّ يده حتى تختطفك القصة إلى عمقها فلا تستطيع إلا أن تغرق حتى النهاية.
بقلبٍ مصريٍّ إنسانيّ يلتقط القاص حسام أبو العلا قصصه من ألبوم الحياة اليومي، العادي، المعروف المشقوق من كدحٍ وصبر وجدّ. تدخل معرضه القصصي لتجد جميع أبطال الحياة الحقيقين محنّطين في قصص، تتحرك بمجرد وقوع عينك بها، لتندمج معهم وكأنك فيهم، وتتفاعل وربما تبكي، أو تقشعر، وهذا لأنها مروية بفم الزمن المتعبر، وكاتبٍ أصيلٍ.
المبدع في هذه المجموعة القصصية “موعدٌ للفراق” أنّ الكاتب لم يكن يدخل للقصة من مدخلها، بل كان يلبسها ثوب حكاية إنسانية آسرة، وفجأة يندرج منها لحكاية آسرة أكثر منها لتكون هي صلب القصة. هذه القفرات الهائلة المشهدية، أو المنعطفية بين حكايتين، يظن بها القارئ أنه سيروي عن هذه الحكاية ليفاجأ أنه بين أكثر من حكاية وأكثر من عرض لعوالم في سطور قليلة. وهذا أكثر ما جعلني أشكر الكاتب عليه.
من جهة أخرى جاءت اللغة ماطرة مثل صيف نقي، ينتقل من الثقل إلى التخفيف، تشعر أن اللغة أرادت أن تتخلص من صوف الكلمات، فلبست حللا فضفاضة، جعلتها تركض سريعا فوق السطور، لتجعلك أيضا تلاحق المشهد بخفّة وروح هادئةومزاج رائق وتحليق.
وإن جاءت النهاية حزينة. فالنهايات الحزينة تحمل لك دوما العبرة والعظة، وتطرق قلبك بشدة عندما تأخذك فجأة بأن الخاتمة جاءت على هذا النحو، ولكنه لا يتسنى لها أن تكون على غير ذلك في قصصِ عالمٍ حقيقيّ يشهد أن نهاياته كذلك أيضًا، تقضم المجتمعات كل لطيف منها.
ما بين عناوين قريبة، وأخرى دارجة، تجعلك أنت المقيم صاحبًا للمجموعة، والكاتب ضيفًا. تجعلك غرسا حقيقيا في شارع القصة أو مجتمع ذكوري، أو بين خيانة أو فقد، أو فقر، فلن تستطيع التخلص من الأحداث بسهولة ما إن خرجت من القصة، لأن أجزاءً منك ستكون ما زالت ترقّ وتئن أو تفكر.
في النهاية، عندما أهبط درجا في صباحٍ ما، فهذا لأني لا أجد درجا يوصلني للسماء لمتنفّسٍ صبحٍ. هذه المجموعة لها درج يشبه عروج الحسّ، يشبه تشتت الضوء عبر منشور الحكاية.
تشبه ثقوب الأمل التي لم تدركها أعيننا عبر السماء، ولكننا موقنون بأن أرواحنا لكي تستمر فعليها أن تتنفس الأمل من هذه الثقوب في دورة الشعور، هذه الثقوب هي الكتابة. وكانت بين يدي الأستاذ المبدع حسام أبو العلا. فكل امتناني وتحيتي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى