كُتاب الكيان

أيمن عطية يكتب| خطيئة حواري مع شارون

خطيئة لم ترتكب ، في العام ٢٠٠٥، كانت أول انتخابات رئاسية فلسطينية بعد رحيل الزعيم ياسر عرفات.

حينها أوفدتني إذاعتي “صوت العرب”، لتغطية الانتخابات في قطاع غزة.

هناك علمت أنه لا حرية حركة ، خاصة في الطريق من القدس المحتلة ، إلى القطاع إلا بعد استخراج تصريح رئاسة حكومة الاحتلال ولهذا أسباب أمنية لديهم، وهو عرف يعلمه أهل الأمن والإعلام.

المهم عند تسلمي بطاقة المرور هذه ، إذا بمسؤولة من مكتب رئيس حكومة الاحتلال حينها ارئيل شارون تسألني ، ألا ترغب في إجراء حوار مع شارون؟.

ساعتها ظننت أنه عرض عابر ، أو أن الأمر مجرد إبداء رغبة من موظفة بمكتبه، إلا أنها كررت الطلب، وحين أخبرتها أنني هنا لمتابعة الانتخابات الرئاسية الفلسطينية، قالت فلتسجل ثم تذيع الحوار لاحقا .

عند هذه العبارة تحديدا شعرت أن الأمر جدي وأن الرغبة متوفرة بالفعل من أجل مثل هذا الحوار.

للحقيقة لم أدرك حينها أبعاد الطلب ، فقد كان همي هز الوصول إلى قطاع غزة، وتجاوز عائقي الأمطار الغزيرة وكمائن وحواجز الاحتلال ، وكان يكفيني مغادرة المكان برقم هاتف رولا التي طلبت مني إجراء الحوار .

لم أرد على الهاتف ، وبمجرد تراجع حدة الأمطار، توكلت على الله قاصدا قطاع غزة.

بعد نحو اسبوع كانت عودتي إلى القاهرة ، حيث اتضحت الصورة كاملة لدي خلال لقائي مع مرجعيتنا الراحل العملاق صبري صبيحة و الذي كان مديراً عاماً للبرامج السياسية في صوت العرب، بعد نحو خمسة عشر عاماً من عمله مستشاراً لنائب رئيس الحكومة العمانية.

امتدح رفضي إجراء مثل هذا الحوار، وكان رأيه أن التسوية السياسية والتفاوض شئ وفتح نافذة لمن تلطخت ايديهم بدمائنا العربية أمر آخر، وأن صورة فوتوغرافية واحدة لأحد أبناء صوت العرب مع شخص كارئيل شارون مكسب ودعاية كبيرة له، فيما لا تعني شيئا لصوت العرب أو لمصر .

فهذه هي الإذاعة التي حملت القضية الفلسطينية على أثيرها وطالما كانت منبر إيضاح الحقائق عن المحتل وقياداته ومنهم شارون، ومتى تم حوار كهذا ففي الأمر رمزية بأن هؤلاء هم من كانوا رأس حربة إعلامية ضدنا، ها هم قد تراجعوا الآن..

أبعاد لم تكن بخلدي حين رفضت إتمام هذا الحوار، وكان الغالب علي أنه ليس من اللياقة أن أقوم بحوار كهذا، ثم إنني كنت رافضاً بالأساس مثل هذه الرحلة لأنني غير راغب في التعامل مع سلطات الاحتلال، فهل لي أن أقبل بحوار مع رئيسهم؟!

وهو من هو في مسار العدوان الدموي على الأشقاء الفلسطينيين، وهو جزء من معادلة العداء والعنف ضد كل ما هو عربي ؟!

بالقطع لن أجري حوارا كهذا .. وكان القرار ، وبفضل الله نجونا من مثل هذه الخطيئة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى